الجزائر تجدد موقفها الثابت في الدفاع عن القضايا العادلة للشعوب
جددت الجزائر على لسان وزير خارجتها رمطان لعمامرة, اليوم الاثنين, امام الجمعية العامة للأمم المتحدة موقفها الثابت في الدفاع عن القضايا العادلة للشعوب, التي تكافح وتناضل من أجل استرجاع حقوقها الأساسية, وتقرير مصيرها, خاصة في فلسطين والصحراء الغربية.
وأبرز السيد لعمامرة في خطابه خلال نقاش الدورة 76 للجمعية العامة للأمم المتحدة, أن الجزائر, حرصت على الانخراط في العديد من المساعي الإقليمية والدولية الرامية إلى معالجة الأسباب الجذرية لهذه الصراعات و النزاعات و جلب الاستقرار في دائرتها الإقليمية والدولية من خلال إعلاء قيم الحوار والتفاوض والمصالحة الوطنية. وستستمر في الدفاع عن القضايا العادلة للشعوب التي تكافح وتناضل من أجل استرجاع حقوقها الأساسية وتقرير مصيرها.
وفي هذا الاطار, اعربت الجزائر عن "عميق قلقها" أمام انسداد آفاق حل عادل ونهائي للقضية الفلسطينية واستمرار الاحتلال الإسرائيلي في ممارساته القمعية ضد الشعب الفلسطيني الشقيق وتنكره التام للعملية السلمية وقرارات الشرعية الدولية, مجددة نداءها للمجتمع الدولي وخاصة مجلس الأمن لتحمل مسؤولياته التاريخية والقانونية و حمل السلطة القائمة بالاحتلال على إنهاء احتلالها للأراضي الفلسطينية, وتمكين الشعب الفلسطيني من إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف, كما جددت تمسكها و التزامها بمبادرة السلام العربية الرامية إلى تكريس حل الدولتين و تحرير كافة الأراضي العربية المحتلة بما فيها الجولان السوري.
و فيما يتعلق بالقضية الصحراوية, أكدت الجزائر, مجددا على موقفها الداعم لحق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره, داعية الأمم المتحدة, لتحمل مسؤولياتها القانونية تجاه الشعب الصحراوي وضمان حقوقه غير القابلة للتصرف, في تنظيم استفتاء حر ونزيه, لتمكين الشعب الصحراوي من تقرير مصيره وتحديد مستقبله السياسي.
وقال السيد لعمامرة في هذا الصدد, "لا يمكن أن يظل الشعب الصحراوي إلى الأبد رهينة لتعنت دولة محتلة أخفقت مرارا وتكرارا في الوفاء بالتزاماتها الدولية, لاسيما تلك المنبثقة عن خطة التسوية, التي وضعتها الأمم المتحدة بالشراكة مع منظمة الوحدة الافريقية, وكافة قرارا ت مجلس الأمن والجمعية العامة ذات الصلة".
و تجسدت مقاربة الجزائر لحل الخلافات و النزاعات في دول الجوار, من خلال مساهمتها "بشكل إيجابي", لاسيما في ليبيا الشقيقة, في دعم مسار الحوار الوطني بين الأشقاء الليبيين تحت رعاية الأمم المتحدة, مؤكدا استعداد الجزائر, لمواصلة جهودها ودعم الأشقاء الليبيين وتمكينهم من الاستفادة من تجربتها في مجال المصالحة الوطنية, مثلما التزم به مرارا السيد رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون.
أما فيما يخص الوضع في مالي, فتظل الجزائر ملتزمةً بمواصلة القيام بدورها المركزي على رأس لجنة متابعة تنفيذ اتفاق السلم و المصالحة المنبثق عن مسار الجزائر, وعبّر السيد لعمامرة عن ارتياح الجزائر, للتطورات الإيجابية المسجلة في هذا الإطار على الرغم من التحديات والصعوبات الجمة جراء انتشار وتوسع الرقعة الجغرافية للخطر الارهابي الذي يهدد أمن واستقرار البلد وباقي دول الساحل.
ونبه رئيس الدبلوماسية الجزائرية الى أن الوضع في ليبيا و مالي يؤثر ويتأثر بشكل مباشر بحالة اللاإستقرار, التي تعرفها منطقة الساحل والصحراء نتيجة تفاقم التهديد الارهابي فيها بكل تداعياته وارتباطاته الخطيرة.
وأمام هذا الوضع, يقول السيد لعمامرة, بادر رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون مؤخرا, في إطار ممارسة عهدته كمنسق لمكافحة الإرهاب والتطرف العنيف في إفريقيا, بتقديم مقترحات عملية إلى الرئاسة الحالية للاتحاد الإفريقي من أجل تفعيل المؤسسات وتعزيز الآليات, التي وضعها الاتحاد الافريقي في إطار مكافحة هذه الظاهرة الخطيرة العابرة للحدود.
كما أكد لعمامرة على ضرورة الالتزام بوحدة الصف الافريقي, وتفادي كل العوامل التي من شأنها الاخلال أو التأثير سلبًا على هذه الوحدة, التي تظل الشرط الأساسي, لتحقيق مختلف الأهداف الاستراتيجية, التي تسعى دول وشعوب القارة لتجسيدها عبر أجندة 2063.
ورافع رئيس الدبلوماسية الجزائرية, لإصلاح مجلس الامن الدولي من أجل تحقيق مزيد من الشفافية والتمثيل الجغرافي العادل, ووضع حد للإجحاف التاريخي المفروض على القارة الافريقية, قائلا: "مطالبون اليوم بالعمل للدفع بعملية الإصلاح الشامل لمنظومة الأمم المتحدة, لتحسين أداءها وتعزيز كفاءتها في الاضطلاع بالمسؤوليات المنوطة بها بموجب الميثاق مع التركيز على تفعيل الدور المركزي للجمعية العامة وإصلاح مجلس الأمن من أجل تحقيق مزيد من الشفافية والتمثيل الجغرافي العادل ووضع حد للإجحاف التاريخي المفروض على القارة الافريقية".
الجزائر الجديدة تواصل بخطى ثابتة نحو مسار ترسيخ دعائم البناء الديمقراطي
وابرز السيد لعمامرة امام الجمعية العامة للأمم المتحدة, أن الجزائر "تواصل بخطى ثابتة" مسار ترسيخ دعائم البناء الديمقراطي للجزائر الجديدة مع تكريس دولة القانون والعدالة الاجتماعية, بعد التعديل الجوهري للدستور والانتخابات التشريعية, فيما تتأهب حاليا لإجراء انتخابات محلية.
وأوضح السيد لعمامرة, أن مسار التغيير الديمقراطي في الجزائر يجسده مخطط عمل الحكومة, الذي تم اعتماده منذ أيام معدودة بمحاوره الخمسة الأساسية, والتي تتركز حول تعزيز دولة القانون وتكريس الحوكمة, عصرنة العدالة وتعزيز الحريات والحوار والتشاور و إقامة مجتمع مدني حر ومسؤول, بالإضافة الى حرية الاجتماع والتظاهر السلمي وحرية الصحافة, محاربة الفساد وعصرنة الإدارة والوظيفة العمومية, مشددا على أن كل هذه الإصلاحات السياسية "تبلور إرادة الجزائر شعبا و دولة في تعزيز حقوق الإنسان بمعناها الواسع في كل ربوع الوطن" .
وفي حديثه عن الاصلاحات الاقتصادية, أبرز السيد الوزير, أن الحكومة تسعى إلى تعزيز دعائم الإنعاش الاقتصادي وعصرنة النظام المصرفي والمالي وإصلاح القطاع العمومي التجاري, وحوكمة المؤسسات العمومية, ناهيك عن تحسين جاذبية مناخ الاستثمار, وترقية إطار تطوير المؤسسات والمقاولاتية.
وافاد رئيس الدبلوماسية الجزائرية, أنه منذ دخول أهداف التنمية المستدامة حيز التنفيذ, أحرزت الجزائر تقدمًا كبيرًا في تحقيق هذه الأهداف, حيث احتلت المرتبة الأولى على المستويين الأفريقي والعربي في عام 2019 ضمن تصنيف "مؤشر التنمية المستدامة" المتعلق بتنفيذ أهداف التنمية المستدامة السبعة عشر.
أما فيما يتعلق بالمسائل البيئية, ذكر السيد لعمامرة, أن الجزائر تبقى منشغلة بتفاقم المشاكل, التي تمس مختلف الجوانب ذات الصلة, خاصة ظاهرة التصحر, التي تعاني منها البلاد منذ عقود مديدة, و التزايد المستمر للكوارث المناخية كالفيضانات والجفاف وندرة الأمطار, وما ينجم عنها من مخلفات سلبية على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي, وكذا الأضرار الأخرى الناجمة عن الكوارث البيئية وتغير المناخ والتناقص المقلق للتنوع البيولوجي.
وبالرغم من قدراتها المحدودة, أكد لعمامرة, أن الجزائر لم تدخر أي مجهود لمجابهة التحديات المختلفة, التي تفرضها هذه التطورات, مشيرا الى أن المسائل البيئية أصبحت جزءا هاما من السياسات العامة, التي تنتهجها الدولة على مختلف المستويات وفي شتى القطاعات .
و في الختام , شدد الوزير على أن التحديات الوجودية, التي فرضتها جائحة كورونا أثبتت حتمية المصير المشترك للبشرية قاطبة, و أكدت للمجتمع الدولي إلزامية العمل المشترك من أجل ضمان مستقبل أفضل, مضيفا أن البشرية أمام فرصة ثمينة, يتعين علينا اغتنامها لا لأجل تغيير الماضي و لكن لضمان انطلاقة فعلية صوب إحلال حقبة جديدة تسمح لكل واحد العيش الكريم في منأى عن الخوف و الحاجة.
واغتنم لعمامرة المناسبة, للتعبير عن تقدير الجزائر الخالص, للأمين العام للأمم المتحدة, أنطونيو غوتيريش, ودعمها لعمله ومبادراته من أجل تعزيز دور المنظمة الأممية, لاسيما في مجالات السلم والأمن والتنمية المستدامة وكذا حماية وترقية حقوق الانسان.