-->

الجزائر: مجلس الامن منح السلطة القائمة بالاحتلال في الصحراء الغربية شيكا على بياض لتضليل المجتمع الدولي ومواصلة سياستها الاستعمارية القائمة على الأمر الواقع

 


قال مندوب الجزائر بالأمم المتحدة السيد نذير العرباوي ان مجلس الامن الدولي منح السلطة القائمة بالاحتلال في الصحراء الغربية شيكا على بياض لتضليل المجتمع الدولي ومواصلة سياستها الاستعمارية القائمة على الأمر الواقع من خلال محاولة فرض أطروحتها المزعومة للحكم الذاتي، التي لا تعني في نهاية المطاف سوى قيام بلد، بشكل غير قانوني، بضم إقليم يقع خارج حدوده المعترف بها دوليا، وببسط الهيمنة على شعبه ذلك الإقليم بالقوة. وهذه الأطروحة أو غيرها من الخيارات التي لا تنص على ممارسة شعب الصحراء الغربية لحقه غير القابل للتصرف في تقرير المصير عن طريق تنظيم استفتاء حر ونزيه مجرد نفي للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، وانتهاك صارخ لمذهب إنهاء الاستعمار وقرارات الأمم المتحدة.
واعتبر الدبلوماسي الجزائري في رسالة الى مجلس الامن الدولي ادعاءات المغرب المتضمنة في رسالة سفيره بالامم المتحدة محاولة يائسة لتحريف واقع الاحتلال في الصحراء الغربية، وتوجيه اللوم للغير عن استمرار بلده في ارتكاب أفعال التخويف والمضايقة، والتهديد بالقتل والتجريم، والتعذيب والاعتداء البدني والجنسي، والتهديد بالاغتصاب وفرض المراقبة على المدافعين الصحراويين عن حقوق الإنسان في إقليم الصحراء الغربية المحتل.
وفيما يلي النص الكامل للرسالة :
رسالة مؤرّخة 9 حزيران/يونيه 2022 موجهة إلى رئيس مجلس الأمن من الممثل الدائم للجزائر لدى الأمم المتحدة
بالإشارة إلى الرسالة المؤرخة 6 حزيران/يونيه 2022 الموجهة إلى رئيس مجلس الأمن والصادرة بوصفها وثيقة من وثائق مجلس الأمن تحت الرمز S/2022/455، وردّاً على تلك الرسالة، يشرفني أن أذكر ما يلي:
إذ يُزعم أن الرسالة المذكورة أعلاه بُعثت ردا على الرسالة التي وجهتها جمهورية جنوب أفريقيا إلى رئيسة مجلس الأمن باسم البوليساريو، الممثل الشرعي والحصري لشعب الصحراء الغربية، والتي صدرت بوصفها وثيقة من وثائق مجلس الأمن تحت الرمز S/2022/414، فإن تلك الرسالة تتضمن على نحو غير ملائم إشارة مباشرة ومضللة إلى بلدي، مصحوبة بادعاءات كاذبة، في إطار خدعة بالية ومألوفة تهدف إلى صرف اهتمام أعضاء مجلس الأمن والمجتمع الدولي عن الاحتلال غير القانوني للصحراء الغربية، القائم منذ عام 1975.
وتلك أيضا محاولة أخرى من محاولات السلطة القائمة بالاحتلال في الصحراء الغربية لتوريط الجزائر في النزاع الدائر بين الطرفين، المغرب والبوليساريو، في حين أن مجلس الأمن اعترف في قراراته ذات الصلة بالجزائر بصفتها جهة مراقبة في هذا النزاع، شأنها في ذلك شأن موريتانيا.
وفي هذا الصدد، أود أن أضع الأمور في نصابها الصحيح بشأن ما ذكره صاحب تلك الرسالة.
فباستخدام أسلوب فاشل جدير بالمستفيد مجاناً من منظومة الأمم المتحدة، وتحت الشعار الزائف المتمثل في تقديم معلومات عن المدافعة الصحراوية عن حقوق الإنسان، سلطانة خيا، لجأ صاحب الرسالة إلى طريقة من طرق التضليل التي عفا عليها الزمن ليطمس الحقيقة ويعرّض للخطر كل ما يمكن من التبادل الـمُجدي بشأن حالة حقوق الإنسان في إقليم الصحراء الغربية المحتل.
وتلك محاولة يائسة لتحريف واقع الاحتلال في الصحراء الغربية، وتوجيه اللوم للغير عن استمرار بلده في ارتكاب أفعال التخويف والمضايقة، والتهديد بالقتل والتجريم، والتعذيب والاعتداء البدني والجنسي، والتهديد بالاغتصاب وفرض المراقبة على المدافعين الصحراويين عن حقوق الإنسان في إقليم الصحراء الغربية المحتل.
وفي سعيه المحموم إلى إيجاد مخرج من المعضلة التي نشأت عن بياناته الدعائية المتناقضة العديدة السابقة بشأن قضية المدافعة الصحراوية عن حقوق الإنسان، السيدة خيا، أثبت صاحب الرسالة بما لا يدع مجالا لأي شك يقبله العقل ذنب بلده الصارخ.
وإن القمع والانتهاك المنهجي للحريات الأساسية وحقوق الإنسان في الصحراء الغربية سياسة وممارسة من سياسات وممارسات السلطة القائمة بالاحتلال، التي تفرض منذ زمن طويل قيودا تعسفية على حقوق شعب الصحراء الغربية في حرية التعبير والتجمع السلمي وتكوين الجمعيات، لا سيما عندما تتعلق ممارسة تلك الحقوق بمركز بلده.
أما الحقيقة التي لا يمكن إنكارها هي أن المدافعة الصحراوية عن حقوق الإنسان، السيدة خيا، استطاعت أخيرا أن تحرر نفسها من الإقامة الجبرية بحكم الواقع التي فرضتها السلطة القائمة بالاحتلال، وتمكنت من السفر إلى الخارج بفضل التضامن الدولي والدعم الشجاع والصادق الذي تلقته من العديد من المدافعين عن حقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم، وخاصة من مواطنة الولايات المتحدة، روث ماكدونو، وفريقها المؤلف من نشطاء في مجال حقوق الإنسان.
وإن الإبلاغ والرصد الدولي الموثق لقضية المدافعة الصحراوية عن حقوق الإنسان، السيدة خيا، اللذين استمرا سنوات عديدة ولا يزالان متاحين في سجلات مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، والتقارير الدورية عن حالة حقوق الإنسان، وتنبيهات العديد من المنظمات غير الحكومية المعنية بحقوق الإنسان، أكدت وأسهبت في تفاصيل الانتهاكات المستمرة والمنهجية المرتكبة ضد المدافعة الصحراوية عن حقوق الإنسان، السيدة خيا، في إقليم الصحراء الغربية المحتل.
ومن الجدير بالذكر أن سلطات الاحتلال، حسبما أفاد العديد من المنظمات غير الحكومية، احتجزت السيدة خيا وعائلتها قيد الإقامة الجبرية التعسفية منذ تشرين الثاني/نوفمبر 2020، حيث أخضعتهم لجولات متعددة من التعذيب وسوء المعاملة، شملت الاعتداء الجنسي والاغتصاب.
وقد قدمت المقررة الخاصة المعنية بحالة المدافعين عن حقوق الإنسان، ماري لولور، تقريرا عن حالة المدافعة الصحراوية عن حقوق الإنسان، السيدة خيا. وليس ”رفض“ القضية الوهمي المزعوم سوى مظهرا من مظاهر الجهل التام، في أحسن الأحوال، وعدم الاحترام الآثم، في أسوأها، لقواعد وممارسات آليات الأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان، وهي قواعد وممارسات معروفة جيدا. ومن الأهمية بمكان أن نذكّر بأن جهات مكلفة بولايات أخرى([1]) أيدت نداء السيدة لولور.
والمدافعة الصحراوية عن حقوق الإنسان، السيدة خيا، هي واحدة من العديد من المناضلين من أجل الحرية في إقليم الصحراء الغربية المحتل، الذين خرجوا لمواجهة القمع الاستعماري. ولم تكن نشأتهم نتيجة العوامل الخارجية وهم لا يستلهمونها، بل إن دوافعهم الوحيدة تتمثل في اقتناعهم الفطري والتزامهم بالدفاع عن قضيتهم العادلة وعن حقوق الإنسان الأساسية الواجبة لهم، ولا سيما حقهم في تقرير المصير.
وهذه حقيقة لن يتمكن العقل الاستعماري أبدا من فهمها. ومن ثم، فإن السلطة القائمة بالاحتلال في الصحراء الغربية تحاول يائسة إسكات أصوات الحرية وإنكار الواقع باستخدام نفس الأساليب التي تتبعها سلطات الاحتلال الأخرى، وهي ”الاستهداف المنهجي والعنيد للمدافعين عن حقوق الإنسان انتقاما منهم على ممارسة حقوقهم في حرية التعبير وتكوين الجمعيات لتعزيز حقوق الإنسان في الصحراء الغربية“، كما ذكرت السيدة لولور.
وفي مواجهة شعب ملتزم تماما بقضيته العادلة وحقه غير القابل للتصرف في الحرية وتقرير المصير، رفعت سلطات الاحتلال مستوى القمع، ولا سيما ضد المدافعين عن حقوق الإنسان في الصحراء الغربية، وكذلك ضد جميع النشطاء الذين يعربون عن تضامنهم مع شعب الصحراء الغربية.
وعلاوة على ذلك، تواصل سلطات الاحتلال تقييد وصول الصحفيين والبرلمانيين والناشطين السلميين والمدافعين عن حقوق الإنسان إلى أراضي الصحراء الغربية المحتلة، وتمنع الأمم المتحدة من رصد حقوق الإنسان ومن الإبلاغ عنها بصورة محايدة ومستقلة، على الرغم من النداءات والطلبات المتكررة الواردة من أصحاب المصلحة المعنيين. وما فتئت تلك السلطات تعارض أيضا أي تمديد لولاية بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية لأغراض رصد حالة حقوق الإنسان في الصحراء الغربية، مثلما تفعل عمليات السلام الأخرى التابعة للأمم المتحدة.
وعلاوة على ذلك، لا بد من التأكيد مجددا على أن الاتهامات الموجهة إلى بلدي لا أساس لها من الصحة على الإطلاق، وأنها تهدف إلى تضليل المجتمع الدولي بشأن الطبيعة الحقيقية للنزاع الدائر في الصحراء الغربية، الذي لا يزال يعد من مسائل إنهاء الاستعمار، على النحو المبين في قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، التي تنص على حق شعب الصحراء الغربية غير القابل للتصرف في تقرير المصير.
ومن الأساسي التذكير بأن الصحراء الغربية هي آخر مستعمرة في أفريقيا، وأنها ظلت مدرجة في قائمة الأقاليم غير المتمتعة بالحكم الذاتي منذ عام 1963، ريثما يتم التنفيذ الكامل لقرار الجمعية العامة 1514 (د-15) التاريخي. وما فتئت عملية إنهاء الاستعمار في الصحراء الغربية تواجه عقبات عديدة منذ ما يقرب من 50 عاما، بما في ذلك محاولات التشكيك في أسسها باعتبارها مسألة إنهاء استعمار يتعين أن تتم تسويتها بتنظيم استفتاء حر ونزيه لتمكين شعب الصحراء الغربية من ممارسة حقه غير القابل للتصرف في تقرير المصير وفقا للقانون الدولي، ولا سيما ميثاق الأمم المتحدة وقراراتها ذات الصلة.
وقد أعيد التأكيد بانتظام وبشكل لا لبس فيه على الطابع القانوني لمسألة الصحراء الغربية في جميع القرارات ذات الصلة الصادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن التابع لها، التي أكدت وأيدت فيها هاتان الهيئتان الحق المشروع لشعب الصحراء الغربية في تقرير المصير وفقا لمذهب الأمم المتحدة فيما يتعلق بإنهاء الاستعمار، الوارد على وجه الخصوص في القرار التاريخي 1541 (د-15)، المؤرخ 15 كانون الأول/ديسمبر 1960، ومبادئه الاثني عشر. وعلى وجه الخصوص، ينص المبدأ السادس على المعايير وجميع الخيارات التي يمكن في إطارها القول أن إقليما غير متمتع بالحكم الذاتي أصبح يتمتع بالحكم الذاتي التام، نتيجة للاختيار الحر والطوعي لشعب الصحراء الغربية.
وقد أكدت محكمة العدل الدولية، في فتواها الصادرة في 16 تشرين الأول/أكتوبر 1975، هذا الحق غير القابل للتصرف بتأكيدها على صحة تطبيق قرار الجمعية العامة 1514 (د-15)، ولا سيما مبدأ تقرير المصير من خلال التعبير الحر والصادق عن إرادة شعب الصحراء الغربية، ولم تتبين لها صلة السيادة الإقليمية بين المغرب والصحراء الغربية.
وعلاوة على ذلك، أكدت محكمة العدل التابعة للاتحاد الأوروبي في الآونة الأخيرة مرارا وتكرارا وبوضوح، في أحكامها المؤرخة 21 كانون الأول/ديسمبر 2016 و 27 شباط/فبراير 2018 و 29 أيلول/ سبتمبر 2021، أن الصحراء الغربية إقليم منفصل ومتميز عن المغرب.
وفي هذا الصدد، فإن الجمود الذي استقر فيه عمل الأمم المتحدة يشكل مصدر قلق عميق لأنه مس بشكل خطير بالثقة بين الطرفين، المغرب والبوليساريو، وأدى إلى تفاقم التوترات في المنطقة. وزادت هذه الحالة من تعميق إحباط شعب الصحراء الغربية، الذي يمر صبره وأمله في أن يتمكن يوما ما من ممارسة حقه في تقرير المصير بحرية بامتحان عسير.
وختاما، فعلى خلاف موقف مجلس الأمن الثابت فيما يتعلق بتنفيذ قراراته بشأن نزاعات أخرى، يتقاعس المجلس حين يتعلق الأمر بالنزاع في الصحراء الغربية، إذ منح السلطة القائمة بالاحتلال شيكا على بياض لتضليل المجتمع الدولي ومواصلة سياستها الاستعمارية القائمة على الأمر الواقع من خلال محاولة فرض أطروحتها المزعومة للحكم الذاتي، التي لا تعني في نهاية المطاف سوى قيام بلد، بشكل غير قانوني، بضم إقليم يقع خارج حدوده المعترف بها دوليا، وببسط الهيمنة على شعبه ذلك الإقليم بالقوة. وهذه الأطروحة أو غيرها من الخيارات التي لا تنص على ممارسة شعب الصحراء الغربية لحقه غير القابل للتصرف في تقرير المصير عن طريق تنظيم استفتاء حر ونزيه مجرد نفي للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، وانتهاك صارخ لمذهب إنهاء الاستعمار وقرارات الأمم المتحدة.
وأرجو ممتنا تعميم هذه الرسالة على أعضاء مجلس الأمن وإصدارها باعتبارها وثيقة من وثائق المجلس.
(توقيع) نذير العرباوي
السفير
الممثل الدائم للجزائر
([1]) انظر الوثيقة UA MAR 5/2021، المؤرخة 10 حزيران/يونيه 2021، وهي متاحة باللغة الفرنسية فقط على الرابط https://spcommreports.ohchr.org/TMResultsBase/DownLoadPublicCommunicationFile?gId=26478.

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *