التدريس القرآني بالصحراء الغربية ماضي له جذور
قدم الأجداد الأوائل في الصحراء الغربية خير ما يملكون في سبيل تعليم أبنائهم من خلال توجيهم إلى أفضل المعلمين خاصة في مجال تعلم القرآن الكريم حفظا وتلاوة .
و ظلت المدرسة القرآنية في الصحراء الغربية وبلاد شنقيط والجزائر وباقي الدول العربية محور لمواجهة الاستعمار وأداة البناء الاجتماعي والثقافي للشعوب المنطقة فكونها مدرسة متنقلة على ظهور العيس كان إشعاعها يجوب مناطق الصحراء الكبرى وشمال إفريقيا في دورات دائرية ودورية .
فالمدرسة القرآنية هي أحدى مؤسسات التنشئة الاجتماعية المهمة في المجتمع الصحراوي
ويمكن للتلاميذ الذين لهم مهام يومية مع أسرهم مثل رعي الماشية أو جلب المياه ان يكتفوا بالدراسة في الفترة الصباحية ويتموا الحفظ في النهار من خلال ما يعرف (باللوح) حيث يحملونه معهم في إسفارهم وفي المساء يعرضون ألواحهم على المدرس للتأكد من حفظهم
.
ويقدم الشاعر الصحراوي بوننة ولد عبد الحي ولد احمد ولد بوسيف صورة لهذه المدرسة من خلال هذه الطلعة :
لخبــار الا بالتــــــــــــــطروح ***واخـبار الشعب ازين لخــــــــــبار
يصبح وعلـــيه اللــيل ايــروح ***ماكَــــال اح الشـــعب الصــبار
ســــابكَ لذان افـثلث اللـــــيل ***التالي تســـمع لجـــبت جــــيل
يكَر سورة من حزب اطــــويل ***بقـــــــباد اعلى مـــتن اعـــــبار
الفجــــر وتســـــمع تراتــــــيل ***القــــــــرآن اعلى ظــــو الـنـــــــار
افوقت ايعود البرد إيـــــــشيل ***مــاهو محمــــول البـرد وحــار
وذاك الوقت الثوب اكَلــــــــيل ***حتى وأكلـــــيل لستــــــــــقرار
غير الا خالكَ جـــيل اصـــيل ****بخـــلاق وابســـــــــمعٌ وامبـــــار
لخبار الا بالتطروح......
وصدق قائل القول المأثور في هذهىالمدرسة :
نحن ركب من الأشراف منتظم *** أجل ذا الخلق قدرا دون أدنانا
قد اتخذنا ظهور العيس مدرسة *** بها نبـين دين الله تبــــيانـــــــا
ومع ظهور الدولة الحديثة انتقل مفهوم التعليم في الغالب الى التعليم النظامي الذي يبنى على مناهج محكمة في مختلف العلوم الدينية والدنيوية وكانت مدارس القرن العشرين أشعاع ثقافي وفكري في الكثير من البلدان العربية وكانت محصلة العقل العربي بامتياز.
ومع ظهور العولمة ووسائل الاتصال الحديثة والصراع الثقافي بين أقطاب النفوذ اكتوى العقل العربي بمتابعة مٌصدري الثقافة خاصة في ميدان الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي وأبيد الإنتاج الفكري من ذاكرة الشباب وفقدت الحاسة السادسة للقراءة وأصبح مصير الكتاب شغل رفوف البيوت وتزينها
وقبر قول الشاعر أبو الطيب المتنبي:
أعز مكان في الدنى سرج سابح ****وخير جليس في الأنام كتاب
وانعكس مفهوم الثقافة والعولمة بنظرته السلبية على جيل كامل في القرن الواحد والعشرين ، فعوض أن نستفيد من وسائل التواصل الاجتماعي وخدمات الانترنت في الجوانب الايجابية أضحى الجانب السلبي هو الشغل الشاغل للكثيرين ،وتراهم في نهارهم وليلهم ومن مختلف الأعمار والجنس ينظرون في شاشات الهواتف الذكية حتى الخبلان أحيانا وهم لا يستطيعون كتابة جملة مفيدة فما بالك بالمطالعة والتحليل
وبهذا الجانب السلبي تظهر مخالب التأثير الثقافي على أن ( الثقافة بداهة خاطئة كلمة تبدو وكأنها كلمة ثابتة ، كلمة حازمة ، والحال أنها كلمة فخ كلمة منومة وملغمة وخائنة) .
بقلم : محمد عالي لمن