محاكمة ساخنة لنظام المغرب وسانشيز في البرلمان الإسباني
مرة أخرى، يوجه البرلمان الإسباني رسالة تحذيرية لرئيس الحكومة، بيدرو سانشيز، تدعوه إلى مراجعة الموقف الإسباني من القضية الصحراوية والعودة إلى موقف الحياد التاريخي، الذي لا يزال يشكل إجماعا بالنسبة لبقية الفاعلين السياسيين، باستثناء الحزب الاشتراكي العمالي الحاكم.
التحذير تبلور خلال جلسة التصويت على مقترح تقدم به “الحزب الشعبي” المعارض والحائز على الأغلبية في الانتخابات التشريعية التي جرت العام المنصرم، الخميس المنصرم، والذي يطالب فيها الحكومة باستعادة موقف الحياد التاريخي لمدريد من القضية الصحراوية، والذي انتهجته على مدار عقود، منذ خروجها من الأراضي الصحراوية المحتلة في العام 1975، فضلا عن الالتزام بإبقاء المجالين الجوي والبحري للصحراء الغربية، تحت الإدارة الإسبانية، كما هو معترف به من قبل هيئة الأمم المتحدة.
وحصلت المبادرة التي قدمها الحزب الشعبي المعارض على غالبية أصوات البرلمان الإسباني، بواقع 215 صوت بـ”نعم” مقابل 121 بـ”لا” تشكل أصوات الحزب الاشتراكي الحاكم، وامتناع 13 نائبا عن التصويت، في انتكاسة جديدة لحكومة بيدرو سانشيز، تعد الثالثة من نوعها منذ أن قررت مدريد التخلي عن موقفها الحيادي من هذه القضية في ربيع 2022.
وتنص المبادرة التي نالت موافقة البرلمان على إبلاغ النظام المغربي بمضمونها، في موقف يؤكد على أن بيدرو سانشيز عندما قرر تغيير موقف بلاده من القضية الصحراوية، لم يتشاور مع شركائه السياسيين، وخرج عن الإجماع السياسي في إسبانيا بخصوص هذه القضية التي يتحمل فيها الطرف الإسباني مسؤولية تاريخية كبيرة، بسبب تواطئه مع النظام المغربي عشية إعلان انسحابه من الأراضي الصحراوية المحتلة.
وكانت الجلسة فرصة لمناقشة العديد من القضايا التي أزعجت الطرف الإسباني وكان النظام المغربي متسببا فيها في الآونة الأخيرة، وعلى رأسها فضيحة التجسس “بيغاسوس”، التي طالت الهواتف النقالة لكل من رئيس الحكومة، ووزيري الداخلية والدفاع والزراعة، وتورطت فيها المخابرات المغربية، وذلك استنادا إلى تحقيقات ذات مصداقية أنجزتها منظمات حقوقية غير حكومية وصحف ذات صيت عالمي.
كما تمت مناقشة تواطؤ الحكومة الإسبانية في المجزرة التي راح ضحيتها المئات من القتلى والآلاف من الجرحى من المهاجرين غير الشرعيين من الأفارقة ما وراء الصحراء، في وادي مليلية في جوان 2022، بعد محاولتهم الفاشلة العبور إلى البر الإسباني، وهي المجزرة التي لا يزال المتورطون فيها من الشركة والدرك المغربيين طلقاء، ولا حتى إدانة من هيئة الأمم المتحدة.
وشكلت الجلسة محاكمة لتواطؤ حكومة بيدرو سانشيز مع الرباط، وانتقاد حاد للنظام المغربي بسبب الفضائح التي تورط فيها، على غرار شراء ذمم النواب الأوروبيين مقابل الصمت على الفظائع التي ارتكبها بحق الشعبين المغربي والصحراوي، وكذا “المضايقات التي يتعرض لها الصحفيون والناشطون”، بسبب انتقادهم لسياسات النظام العلوي، علما أن هناك صحفيين مدانين بالسجن في صورة كل من توفيق بوعشرين الذي حكم عليه بـ15 سنة، وعمر الراضي بـ6 سنوات، وسليمان الريسوني بـ5 سنوات، فضلا عن المحامي والحقوقي، محمد زيان، الذين يقبع في السجن وقد تجاوز الثمانين من عمره.
ومن بين النواب الذين هاجموا بشدة حكومة سانشيز والنظام المغربي، جون إيناريتو، الذي رفض وصف المملكة العلوية بالدولة الصديقة، وقال إن ” الدول الحليفة لا تتجسس أو تضغط على الأصدقاء”، مستغربا إدراج حزب سانشيز في برنامجه لعام 2019 موضوع تقرير مصير الصحراء الغربية، قبل أن يتراجع في 2022، فيما اعتبر نائب آخر، نيستور ريغو، الموافقة على خطة الحكم الذاتي بـ “الإهانة “، واعتبر ذلك دعما لنظام “لا يحترم حقوق الإنسان”.
أما النائب طيش سيدي من تكتل “سومار”، فقدر بأن “الشعوب الإفريقية لا تعتبر النظام المغربي جارا ممتازا”، “لأنه يتجسس ويبتز ولا يروج لأي شيء داخل الاتحاد الإفريقي. إنه يخلق العوائق فقط”. وأضاف: “لهذا السبب لا يمكن أن تكون شريكا لديمقراطية ممتازة مثل النظام الإسباني”، كما وضع النائب نظام محمد السادس والكيان الصهيوني في سلة واحدة، من حيث جرائمهما بحق الشعبين الصحراوي والفلسطيني.
محمد مسلم ( الشروق أونلاين)