قانون الإضراب في المغرب: تقييد جديد يجهض الحقوق العمالية
تواصل الحكومة المغربية نهجها في صياغة القوانين وفق أجنداتها الخاصة, متجاهلة المطالب الشعبية, فبدلا من ضمان حق الإضراب كأداة مشروعة للدفاع عن الحقوق, جاءت مصادقة المحكمة الدستورية على قانونه التنظيمي لتكرس مزيدا من التقييد والتجريم, مخيبة آمال النقابات العمالية التي كانت تأمل في إعادته إلى طاولة الحوار.
وفي هذا الصدد, عبرت المنظمة الديمقراطية للشغل, في بيان لها اليوم الاثنين, عن خيبة أملها في عدم إنصاف الطبقة العاملة والنقابات العمالية والمهنية, وفئات واسعة في المجتمع المغربي, التي تلجأ إلى الإضراب كآخر سلاح للاستجابة لمطالبها العادلة والمشروعة.
وأكدت المنظمة أنها تقدمت بطعون مكتوبة إلى المحكمة الدستورية تتضمن ملاحظات جوهرية بشأن قانون الإضراب, رغم أن الإطار القانوني للطعن لم يفعل بعد بسبب تعطيل الحكومة للقانون المتعلق بالدفع بعدم دستورية القوانين, مشددة على أن هذا القانون لن يمنع العمال من ممارسة حقهم الدستوري في الاحتجاج والإضراب ضد تجاوزات الحكومة وأرباب العمل وانتهاك الحقوق والحريات واستمرار الظلم الاجتماعي.
وأشارت إلى أن المحكمة الدستورية لم تتردد في تزكية هذا القانون, مسقطة بذلك آخر رهانات النقابات على إمكانية تعديله أو إعادته إلى طاولة الحوار, وبررت قرارها بحجج شكلية, متجاهلة المضمون القمعي لمواده, ومتناسية أن الدستور نفسه يضمن الحق في الإضراب دون قيود تفرغه من محتواه.
وأضافت المنظمة أن الحكومة لم تكتف بإصدار قانون يقيد حق الإضراب, بل عمدت إلى تعطيل القانون المتعلق بالدفع بعدم دستورية القوانين, ما يحرم المواطنين من الطعن في التشريعات الجائرة, مشيرا إلى أنها استراتيجية متكاملة لإغلاق كل المنافذ أمام أي معارضة قانونية, وتكريس واقع يتم فيه تفصيل القوانين على مقاس السلطة ومصالحها.
ولفتت إلى أنه "رغم هذه الضربة القاسية للحريات النقابية, لن يكون هذا القانون نهاية المطاف, فالتاريخ يثبت أن الحقوق لا تمنح, بل تنتزع بالنضال", مشددة على أن "الشارع المغربي والنقابات العمالية وكل القوى الحية سيظلون في مواجهة مفتوحة ضد هذه السياسات التسلطية, حتى يعاد الاعتبار للحق في الإضراب".
كما أثار قرار المحكمة الدستورية موجة غضب على مواقع التواصل الاجتماعي, حيث اعتبره المواطنون تكريسا للهيمنة الحكومية على الحقوق النقابية ووسيلة لخنق أي احتجاج مشروع ضد السياسات الفاشلة.
وعبر نشطاء عن رفضهم لما وصفوه ب"قوننة القمع", متهمين المخزن بتمرير القوانين وفق مصالحه دون مراعاة الظروف الاجتماعية الصعبة التي يعاني منها العمال.
ولم يقتصر الغضب على الفضاء الرقمي, بل امتد إلى الشارع, حيث عبرت فئات واسعة من العمال والموظفين عن استيائهم مما وصفوه بالانقلاب على مكتسباتهم, في ظل شعور عام بأن الحكومة لا تخدم سوى مصالحها, ضاربة عرض الحائط حقوق الفئات الكادحة.