-->

الجامعة الصيفية: فضاء للتكوين أم منبر للتلقين

في ضيافة مدينة بومرداس الساحلية الجميلة، غاب البعد الاكاديمي التكويني في جل  المحاضرات وقصفنا في المقابل بالإنشاء والإطناب الممل الخالي من الاستشراف ولغة الأرقام وتحليل المعطيات، ومع نهاية كل يوم ينفض الجمع تحت تصفيقات النساء وشعارات وفد الأرض المحتلة، لا يحمل معه من زاد المعرفة سواء "لجاب هبي من دعاء القنوت".
ثمة مفارقة عجيبة لفتت نظري وأنا أقرء شعار الجامعة الفضفاض والخالي من دلالات التكوين والقيم المضافة " السياسة المغربية في المنطقة: التوسع ترويج المخدرات وعدم الاستقرار" أيعقل في ظل ظرفنا الحالي الصعب والملي بالتحديات وأسئلة مراجعة الذات أن تسقط كل شعارات المرحلة؟، ونقحم في شعار " نحن من اخترناه" لا علاقة له بعناوين خطاب المرحلة وفضاء التكوين المنشود، فمن الطبيعي أن يستهدف العدو المنطقة بمسمومه فهذا ديدنه منذ البداية، لكن الأمر لا يرتقي في تقديري الشخصي لأن يكون اكتشافا أو عنوانا لأجله تشد الرحال، أدري أن من يعيد اكتشاف البديهيات قد يبدو مضحكا أمام نفسه والاخرين.
عندما تستدعي 400 إطار أكثر من نصفهم خريجوا الجامعات والاكاديميات العسكرية ومعاهد التكوين التخصصي، يشرفون الشعب والقضية بإظهار مستوى عالي من الاهتمام والتنظيم تقدرا لتلك الامكانيات التي وضعت تحت تصرفهم، ثم يكتشفون في النهاية أن الجامعة انحرفت عن مسارها في الكثير من حمولتها العلمية والمعرفية وتحولت الى منبر لتلقين الخطب التعبوية التي تثير الحماسة والتصفيق أكثر من ما تستدعي الفهم والتعليق. وكان البارز في لجنتنا المنظمة والتي ضمت هذه السنة "ذهنيات متحجرة"، غياب المرأة الإطار فطيلة أيام الجامعة لم تسير المرأة جلسة واحد رغم حضورها بمعدل النصف تقريبا.
سقط من أجندت المنظمين استدعاء محاضرين صحراوين من الحجم الكبير ولما الممسكين بملفات الأمن والمفاوضات والثروات والمساعدات الانسانية والتجربة الإدارة الوطنية.
وبالنظر لحجم الامكانيات التي تصرف سنويا في الجامعة وجب مراجعتها في المستقبل على ثلاثة مستويات: يجب أن تحتفظ ببعدها الاكادمي التكويني ولا تسقط في فخ الخطاب الحماسي والوعظ الوطني وأن تختار محتوياتها ومحاضروها ومنظموها بعناية، وأن تبقى بمثابة الطاقة التي تشحن بطريات الأطر حتى تظل عيونهم منصوبة على ذلك الضوء الذي يتراء في نهاية النفق الذي أتجنب القول أنه مظلم حتى لا أصنف من كتاب إبادة المعنويات.
بقلم الاعلامي: الناجم لحميد

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *