-->

الرمزية المعلقة بين التأبين العاطفي والتأبين السياسي الوطني؟



إذا أرادت القدرة الخلود لإنسان سخرته لخدمة الجماهير"
هذا ما اجتمع واتفق عليه القائدان الرمزان الولي مصطفى السيد والمحفوظ اعلي بيبا، وهذا ما لقيا عليه ربهما، فقضيا نحبيهما وما بدلوا...
بين الوعد والعهد والنحب شكلت حياة الرجلين صيرورة كفاح ونضال وبذل وعطاء، في تاريخ الشعب الصحراوي الحديث، وعلامة فاصلة بين عهود التيه والعدمية السياسية، وعهد الهوية المتميزة والمميزة وكسب آليات ومنطق العصر، والدخول في معترك إثبات الذات والحقوق وسبل كسبها وترسيخها واستجماع شروط وعوامل العزة والإباء والكبرياء والرسوخ والشموخ والخلود. والخروج الأبدي من عهود السذاجة الوطنية و "أَتْزَوْلِي".
وشكلت لحظات رحيل كل منهما إلى الرفيق الأعلى، كل بمقتضيات لحظته التاريخية علامات فاصلة بين ما قبلها وما بعدها؟ تتوقف على أنماط التعاطي معها وبها؟
فكان رحيل الشهيد الولي المصطفى السيد القائد الرمز المُلْهِمْ، رغم ما شكله من خسارة وطنية وافتقادنا لقيادية الرجل بحكم معطيات ظرفه ليس الوطني والجهوي والدولي فحسب، بل بحكم حداثة التجربة ومحورية قيادية ومناقبية الرجل، لكن قدوته ومثاليته واستشرافية نظرته وتخطيطه وإعداده للرجال في زمن قياسي عوضت وظلت ملهمة وموجهة للرجال، وعبقرية التخطيط ظلت ممسكة بوجهة المسار، ومرَاكِمَةً للمكاسب في اتجاه المصير، وظلت بقوة الدفع الذاتي قاطعة المسافات الكبيرة في اتجاه تحقيق الأهداف الكبرى ومقصرة لعمر المأساة ومخففة لوقعها. شكل استشهاده ضمانة حقيقية في إثبات وتثبيت الوحدة الوطنية.
فكان وبحق تأبين المحفوظ اعلي بيبا له، بقيادته المسيرة ببصيرة وثبات وتماسك ورزانة ورصانة وحنكة وحكمة وتوازن، تأبينه لقائده ورفيق دربه ووعده وعهده وقوله بالفعل لا القول: "هذا دربنا، درب الولي ورفاقه، فانتصروا، أو موتوا على ما مات وماتوا عليه..." هو التأبين الوطني الفيصل حتى سلم الأمانة لمن ائتمنهم الشعب على مساره ومصيره.
فظل الرجل برجاحة عقله وسمو أخلاقه وبصيرته وحكمته وانضباطه والتزامه وكارزماه، المتقدم لصفوف الفعل والبذل والعطاء، المتماس مع الرفاق في القواسم الوطنية، المبتعد المتحفظ باحترافية وذكاء ولياقة عن التقاطعات الشخصانية الذاتية المصلحجية، المنزوي عن الأضواء، الزاهد في المظاهر والمظهرية الحاضن بحكمة وحنكة لأطراف الفعل الوطني من منطلق وحس المسؤولية الوطنية الاستشرافية والقيادة والقيادية المناقبية، لتجد القضية الوطنية نفسها برحيله أمام تحدي رحيل الشهيد الولي مصطفى السيد، مع فارق الاختلاف في الأوضاع العامة للقضية الوطنية، والعوامل المحيطة بها ذات التأثير فيها وعليها؟وهنا يتداعى بالبداهة سؤال جوهري:
هل بكاؤنا على المحفوظ اعلي بيبا هو فقط لفقد القائد الرفيق والعزيز؟ أم لفقد بفقد المحفوظ ما يمثله فينا؟ وبالتالي فقرنا في ما تمثله رمزية ومناقبية المحفوظ وأمثاله؟
وهو ما يضع النخب في جلال المقام أمام التساؤل الكبير:
هل الموقف هو تأبين أم تأنيب؟
ملاحظة : المقال تم نشره في 17 يوليو2010 نعيد نشره بمناسبة مرور ذكرى استشهاد المحفوظ اعلي بيبا.

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *