-->

ايكيا والصحراء الغربية

قد يبدو من الصعب إجراء مقارنة بين شركة تجارية مثل ايكيا وقضية سياسية مثل
قضية الصحراء الغربية، لكن بعد إعلان الحكومة المغربية عن اغلاق فرع شركة ايكيا في المغرب، بسبب المخاوف من اعتراف السويد بالصحراء الغربية اصبح من الواجب توضيح العلاقة بين ايكيا وقضية الصحراء الغربية. تعتبر ايكيا هي أكبر شركة منتجة للأثاث في العالم وتشتهر منتجاتها عالميا بسهولة تركيبها ونقلها وتفكيكها، ويبدو ان العنصر الاخير هو القاسم المشترك بين ايكيا وتاريخ الصحراء الغربية، فالصحراء الغربية تم تفكيكها في اتفاقية مدريد عام 1975 بين اسبانيا وموريتانيا والمغرب، حيث أخذ المغرب الجزء الشمالي من الصحراء الغربية وأخذت موريتانيا الجزء الجنوبي، وتعاملت الدولتان مع الشعب الصحراوي وكأنه قطعة من الاثاث ورثوها عن اسبانيا وتم تقرير مصيره دون استشارته، حيث تم نفي نصفه الى مخيمات بالاراضي الجزائرية واخضع نصفه الأخر الى سلطة عسكرية مغربية. تمتاز منتجات ايكيا عالميا بجودتها العالية، بينما تميز الاحتلال المغربي بأنه الاسوأ عالميا، حيث لاتتوفر الصحراء الغربية على اي جامعة ولاحتى سكة قطار، ويمنع على سكان المنطقة الاستفادة من عائدات ثرواتهم السمكية والزراعية التي تباع في الاسواق الاوروبية وتذهب عائداتها الى الخزينة المغربية في الوقت الذي ترزح فيه عائلات صحراوية كثيرة تحت خط الفقر. لزبائن ايكيا حرية كبيرة في اختيار قطع الاثاث التي يريدون، ويشاركون حتى في تركيبها واختيار المكان المناسب لها في المنزل ولهم الحرية حتى في اعادتها واستبدالها، بينما يمنع على سكان الصحراء الغربية من التعبير عن رأيهم بكل حرية، حيث لايسمح القانون المغربي بتأسيس اي مجلة مناصرة لقضية استقلال الصحراء الغربية ويمنع السكان من التظاهر السلمي للتعبير عن حقوقهم، ولايسمح لهم حتى ببناء مخيمات صيفية على الشواطيء او في بوادي الصحراء الغربية خوفا من تحولها الى تظاهرة احتجاجية على واقع الاحتلال المغربي. بعد اكثر من 70 سنة من تاسيس شركة ايكيا عام 1943 صادق البرلمان السويدي على قرار الاعتراف بالدولة الصحراوية يوم 5 ديسمبر عام 2012 وهو القرار الذي تم اقتراحه من قبل الحزب الاشتراكي الديمقراطي قبل ان يصل الى الحكومة، ولشعب الصحراء الغربية نظرة سلبية لمواقف بعض لاحزاب الاشتراكية الاوروبية خاصة الاسبانية التي تعلن عن مساندتها لقضية الصحراء الغربية عندما تكون في المعارضة وتتجاهلها عندما تصل الى الحكومة، ويأمل الكثير من الصحراويين ان لاتتعامل الحكومة السويدية الحالية بنفس المنطق مع قضية الصحراء الغربية، لان الأمل الذي يعلقه الشعب الصحراوي على اعتراف السويد كاول بلد اوروبي يعترف بالدولة الصحراوية لايمكن ان يقارن بالخسائر الاقتصادية الناجمة عن اغلاق فرع ايكيا بالمملكة المغربية.
بقلم : سعيد زروال

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *