-->

لاماب المستقلة تبحث الازمة الخليجية في حوار مباشر مع المحلل السياسي مهدي العفيفي عضو الحزب الديمقراطي الأميركي


واشنطن 28 يونيو 2017 (وكالة المغرب العربي للانباء المستقلة) ـ من فرح عدنان: 
الأزمة القطرية إلى أين؟، سؤال يتم طرحه كثيرا مع انتهاء شهر رمضان الذي شهد منذ بدايته في الخامس من يونيو/حزيران انفجار الأزمة.
العلاقات القطرية_الخليجية_المصرية مستمرة بالتوتر يوم بعد يوم، تأثير وانعكاسات هذه الأزمة الساخنة، أكبر أزمة دبلوماسية كما يصفها البعض، على المنطقة العربية ككل على المدى القريب والبعيد في ظل حدوث الانفجارات بين الحين والآخر وتواجد الجماعات المتطرفة والمسلحة تحديدا في سيناء شمال شرق مصر، وليبيا، واليمن، وسوريا، والعراق الذي يخوض مراحله الأخيرة من معركة تحرير الموصل من تنظيم داعش، سيقود المنطقة العربية إلى أين؟، مع استمرار تباين مواقف الإدارة الأميركية تجاه هذه الأزمة في ظل دعوات بعض الدول الأجنبية كالمملكة المتحدة، وروسيا، وفرنسا، مع وساطة الكويت إلى الحوار والتهدئة، بالمقابل، نجد أن تركيا وإيران موقفهما واضح بدعم دولة قطر ومعارضة سياسة قطع العلاقات بينما نجد إسرائيل تقف مع مواقف الدول المقاطعة.
قراءة عميقة وأسئلة عدة تثار بشأن هذه الأزمة مع انتهاء شهر رمضان في ظل التلميحات العديدة لبعض الدول المقاطعة لقطر باستمرار الأزمة لسنوات، طرحتها على العضو السابق في الحزب الديمقراطي الأميركي والمحلل السياسي، مهدي العفيفي.
الأزمة القطرية_الخليجية_المصرية
*تاريخيا كانت هنالك علاقات متوترة بين قطر وبعض دول الخليج كالسعودية والإمارات والبحرين وكذلك مصر، ثم تعاود لتهدأ وتتوتر، لكن هذه المرة فجرت أزمة دبلوماسية كبيرة بقطع العلاقات برا وجوا وبحرا مع قطر، بعد كل هذه السنوات الطويلة، تحليلك لماذا الآن وحدثت في شهر رمضان بهذا التوقيت بالذات سياسة قطع العلاقات؟
ما نراه الآن هو تراكمات لسياسة قطر تجاه هذه الدول وذلك على مدى السنوات الماضية من تدخل قطر في الشؤون الداخلية لهذه الدول إضافة إلى دعم ما تسميه قطر بالمعارضة بينما الحقيقة هي عبارة عن مؤسسات وجماعات تستخدم صفة الإرهاب، وقطر هي الداعمة الأولى لبعض هذه الجماعات مثل جماعة الإخوان المسلمين في مصر وبعضالجماعات الأخرى كما في البحرين، لذلك تراكمت هذه الحقائق مع ظهور بعض التسجيلات التي أثبتت محاولة قطر بالتآمر على بعض الأنظمة العربية، ما أدى إلى تعاون بين هذه الدول والتفاهم مع الولايات المتحدة الأميركية بشكل عام، خاصة بعد اجتماع الرياض الأخير في السعودية، فكان رد الفعل بعدها قطع العلاقات على جميع النواحي مع قطر،فكانت النتيجة بهذا التوقيت انفجرت الأزمة.
*هل تعتقد أن شرارة أزمة قطع العلاقات ابتدأت منذ حادثة اختطاف الصيادين القطريين المعروفة في العراق أم بعد انعقاد القمم الثلاث في السعودية وتم تنفيذ سياسة القطع، أم ترى أن سياسة قطع العلاقات مع قطر مدروس منذ زمن بعيد وتم التنفيذ الآن؟
سياسة قطع العلاقات مع قطر كانت مدروسة منذ زمن، هنالك حراك عربي وخاصة من السعودية داخل الإدارة الأميركية حتى قبل تولي الرئيس الأميركي الحالي، دونالدترامب، رئاسة السلطة، لأن السعودية تعلم كيف تتعامل مع الإدارات الأميركية المختلفة، وأود التطرق هنا، أن أحد المشكلات التي تواجه تعامل الدول العربية مع واشنطن، ظن بعض القادة والسياسيين العرب أن التعامل مع الرئيس الأميركي يؤدي إلى حل المشكلات وهذا فهم خاطئ لأن الولايات المتحدة هي بلد مؤسسات، لذلك السعودية ومن خلال قادتها الجدد يعرفون كيفية التعامل داخل أروقة واشنطن والوصول إلى متخذي القرار وإعطائهم الأدلة الكافية للدعم ولو حتى بالرأي، مثلا، أميركا لم تقم بدور قطع العلاقات لكن كون الرئيس الأميركي يبدي رأيه بمسألة قطع العلاقات ويتهم قطر بأنها داعمة للإرهاب، فهذا عمل لم يأت من فراغ وإنما من عمل دؤوب ومدروس داخل أروقة واشنطن ما أدى إلى أقناع الإدارة الأميركية والرئيس الأميركي بأن يقف مثل هذا الموقف حتى لو لم يكن موقف له أثار جانبية أو فعلية لكن مجرد اتهام ترامب قطر بكلماته بهذا الشكل بالتأكيد سيؤدي إلى ما هو الوضع عليه حاليا.
*بعض الدول كاليمن، وحكومة شرق ليبيا، وموريتانيا، ودول غير متوقعة مثل جزر المالديف، وجزر القمر انتهجوا نهج الدول المقاطعة لسياسة قطر، بينما الأردن وجيبوتي أعلنا تخفيض التمثيل الدبلوماسي مع قطر، هل ترى أن هذا النهج هو تأييد حقيقي لمواقف الدول المقاطعة أم لتحقيق مصالح معينة؟
السياسة عادة ليست مسألة عاطفية إنما مسألة حسابات تحسبها كل قيادة دولة وفق ما يعنيها من مصالح، فالدول التي انتهجت سياسة القطع كان لديها تشكك من تدخلات قطر ولديها حسابات أيضا في علاقاتها مع الدول العربية الأخرى مثل السعودية، والبحرين، والإمارات، ومصر، لذلك العلاقات الدولية لها تركيبة أخرى ليست بالبسيطة أن يتم فك شفرتها لكن دائما تكون معتمدة على العلاقات والمصالح التي تربط الدول فيما بينها في الحاضر والمستقبل.
*هل تعتقد أن الأزمة ستستمر أم برأيك ستعاود بالتهدئة مرة أخرى، لاسيما، بعد ما صرح الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، مؤخرا في أحدى مقابلاته الصحفية، أنالأزمة الدبلوماسية مع قطر لا ينبغي أن تتحول إلى حرب وسوف يتم استعادة الهدوء في المنطقة؟
الأزمة مع قطر لن تستمر لأسباب عديدة منها الحراك القطري السياسي على محاور عدة أولها ألمانيا، ثم روسيا مع عدا التحرك الإيراني والتركي، إضافة إلى الزيارات المتعددة لوزير الخارجية القطري إلى دول أوروبية مختلفة وحاليا في الولايات المتحدة لمحاولة تهدئة الوضع، الدول العربية عندما أعلنت المقاطعة لم تشرك المجتمع الدولي، مثلا أن عدم اشتراك المجتمع الدولي في أي أزمة مصرية نجد أن الحلول ستكون حلولا داخلية مصرية وفي بعض الأحيان لا توجد حلول، لذلك يجب أن تكون هنالك نظرة أخرى لهذه المسألة، واعتقد أيضا أن محاولة التهدئة قد بدأت منذ بداية انفجار الأزمة وذلك ما رأيناه من تخبط الرئيس ترامب في اتهامه قطر ثم بعد يومين نجد أنه يبعث تغريدات على حسابه في توتيربأنه مستعد لاستضافة القادة العرب في واشنطن لتهدئة الأزمة بالإضافة إلى الإدارة الأميركية المتخبطة في آرائها نجد وزير الخارجية الأميركي يتكلم بشكل ووزير الدفاع يتكلم بشكل آخر، كذلك لا بد من الإشارة إلى أن أميركا لم تستخدم إلى الآن حق النقض (الفيتو) في هذا الموضوع.
*بعد ملف قضية الاختراق الالكتروني لوكالة الإنباء القطرية الرسمية، تم إجراء تحقيق بهذا الموضوع وبدعم من مكتب التحقيقات الاتحادي الأميركي والوكالة الوطنيةالبريطانية لمكافحة الجريمة لمعرفة من هم وراء هذا الاختراق، لماذا هذه الدول المقاطعة لم تتمهل قليلا لمعرفة ملابسات هذه القضية ونتائج التحقيق وبدأت فورا باليوم التالي من موضوع حادثة الاختراق بقطع العلاقات وتوجيه الاتهامات إلى قطر بدعمها للإرهاب؟
تلك الدول لم تكن بحاجة إلى أن تصل مرحلة الاختراق وذلك لمعرفتها بتدخلات قطر مع البراهين والأدلة، كانت هنالك مباحثات فيما بينها ومع واشنطن ورأينا ردود الفعل بعد ذلك، بالإضافة إلى أن الدول العربية لم تكن لتصل إلى هذه المرحلة إلا وقد فاض الكيل ولم يكن هنالك أي فرصة لمحاولة الإصلاح لذلك نجد أن الدول المقاطعة تعاونت فيما بينها وتركت الباقي للرأي العام، ويجب التفريق أيضا بين الإدارة الأميركية ومؤسساتها من جهة مثل الكونجرس الأميركي والاستخبارات الأمنية أو الوطنية أو العسكرية، الولايات المتحدة لديها صفة بأن هذه المؤسسات لا تعمل تحت مظلة واحدة وتحت اختيار الرئيس سواء كان جمهوريا أو ديمقراطيا، لذلك نجد في كثير من الأحيان هنالك آراء مختلفة فيما بينها. 
*وبرأيك لماذا الولايات المتحدة وجهت أصابع الاتهام إلى روسيا بشأن حادثة الاختراق الالكتروني ونتائج التحقيق لم تكتمل بعد؟
من المعروف هنالك نوع من التوتر بين الولايات المتحدة وروسيا، خصوصا، قد سبق أن قام أشخاص من روسيا باختراق بعض الأجهزة الحساسة في الولايات المتحدة، لذلك كان من المعروف أن الولايات المتحدة ستقوم بتوجيه أصابع الاتهام إلى روسيا.
*قبل حدوث الأزمة القطرية، كانت هنالك بعض الأطراف السياسية في المنطقة العربية والغربية توجه أصابع الاتهام ومازالت إلى بعض دول الخليج المقاطعة الآن لسياسة قطربدعمهم لبعض المنظمات والجماعات المتطرفة، لماذا لم يأخذ الموضوع على محمل الجد ويتم إجراء تحقيق بشأن هذه المزاعم والاتهامات مثل ما يحدث الآن مع قطر وأصبح الاتهام الأساسي موجه لها وكذلك لإيران؟
كانت هنالك بعض من الدول الغربية ومن داخل الولايات المتحدة الأميركية توجه أصابع الاتهام إلى بعض الدول بدعمها للإرهاب كالسعودية مثلا، لكنها مجرد اتهامات ليست مفعمة بأدلة وحقائق وبراهين، بينما ما حدث مع قطر كانت هنالك أدلة قاطعة وبراهين ومحادثات على تمادي قطر بدعمها للإرهاب.
*هل من الممكن أن يحدث مع إيران التي عليها توسع في العقوبات الأميركية وتركيا، لاسيما، هنالك اتهامات كثيرة موجه لهاتين الدولتين بدعمهم لبعض الجماعات المتطرفةوالمسلحة من قطع العلاقات الدبلوماسية مثل ما يحدث الآن مع قطر؟ ولماذا بعض هذه الدول المقاطعة لسياسة قطر تتهم إيران وتركيا وهي ما زالت تتعامل مع الدولتين على جميع المستويات، ما الغاية من ذلك؟
الوضع في قطر يختلف لأنها تمادت على أعلى المستويات ومن الداخل القطري وبالتعاون مع بعض الجهات الغربية وبعض الأفراد في داخل الكثير من المناطق العربية لدعم جماعات ومنظمات ومؤسسات بشكل مدروس وعالي المستوى تسبب بتدخلات وإرهاب في داخل الكثير من المناطق العربية مستخدمة حتى الأطفال والنساء، ولكن أود أن أقول في المسائل السياسية قد تفهم بالظاهر شيء وفي الداخل شيء آخر لذلك العلاقات تستمر ولكن كل شيء سيستخدم في وقته المحدد.
*لكن، القمم الثلاث كانت واضحة وأغلب أصابع الاتهام وجهت إلى إيران، لماذا نتائج القمم عُكست مباشرة بقطع العلاقات مع قطر وأن كانت تدعم إيران ولم يتم اتخاذ إجراءاتمعينة تجاه إيران ما عدا التوسع في العقوبات الأميركية عليها؟ وهل تعتقد أن الولايات المتحدة ستلجأ على المدى البعيد إلى حرب عسكرية مع إيران؟
طبيعة التعامل مع إيران تختلف قلبا وقالبا عن طبيعة التعامل مع قطر، في السياسة الدولية لابد من الآخذ بعين الاعتبار قوة الدولة، لنكن واقعيين إيران دولة قوية لها علاقات وارتباطات واسعة جدا مع بعض الدول الأوروبية وفي داخل واشنطن مع اتفاقاتها النووية وغيرها من الاتفاقات، لذلك طبيعة العلاقات الإيرانية مع أوروبا والولايات المتحدة تختلف بشكل كبير عن العلاقات القطرية، وإيران لم يثبت إلى الآن تدخلها بشكل مباشر في بعض الأحداث مثل قلب نظام الحكم في البحرين أو معاونة في مسألة معينة داخل مصر أو السعودية، لكن بشكل عام الولايات المتحدة وبعض الدول العربية توجه أصابع الاتهام إلى إيران بدعم جماعات تسبب نزاعات عرقية وطائفية في بعض المناطق العربية،بالنسبة لقطر هنالك أدلة دامغة بتورطها وبالصوت والصورة لذلك التعامل مع قطر سيختلف عن التعامل مع إيران، كما واستبعد كل البعد أن تكون هنالك حرب عسكرية مع إيران خاصة في الوقت الحالي، ليس هنالك رغبة داخل الأروقة الأميركية بخوض حرب مع إيران لأنها ليست بالبلد السهل لخوض حرب معها، لكن ممكن أن تتخذ الولايات المتحدة شكلا آخرا للتأثير عن طريق التعاون مع بعض الحلفاء ضد إيران للتخفيف من وطأة التدخل.
*تعد قطر من الدول المرتفعة الدخل التي تدعمها ثالث أكبر احتياطيات من الغاز الطبيعي في العالم واحتياطيات النفط، كما وتعد من الدول العربية الأكثر تقدماً في مجال التنميةالبشرية، وحدثت مؤخرا صفقات تسليح أميركية_قطرية مع الدعم التركي والإيراني لها، بعد كل ذلك، هل ترى أن سياسة قطع العلاقات ستؤثر على المدى الطويل على دولة محمية وغنية مثل قطر؟

قطر قامت بعمل دؤوب بمجرد أن بدأت المقاطعة عن طريق التواصل مع الدول الأوروبية خاصة ألمانيا، ثم فرنسا، وبريطانيا، وروسيا، والآن مع الولايات المتحدة لتحسين صورتها، وهذا ما رأيناه مؤخرا، الآراء مختلفة داخل الإدارة الأميركية هنالك اختلاف بين رأي الرئيس الأميركي وبين بقية المؤسسات، هنالك مطالبات مختلفة بشأن الوضع القطري ممكن أن يخرج الكونغرس الأميركي بمطالبات وقرارات تختلف عن قرارات الرئيس الأميركي، خاصة أن ترامب يختلف عن بقية الرؤساء لأنه جاء بخلفية غير سياسية ويستمتع بإثارة القلاقل في تغريداته بحسابه على توتير وتؤدي في النهاية إلى الإثارة فقط، لكن الإدارة الأميركية وعن طريق خارجيتها طلبت من الدول العربية أن توضح للمجتمع الدولي والرأي العام أسباب هذه المقاطعة بالتفاصيل لذلك ما يميز الولايات المتحدة عن دول أخرى هي المطالبة بعرض الحقائق وأن يتم الموافقة عليها عن طريق القانون الأميركي حتى يتم تطبيقها كنوع من العقوبات ولا أعتقد أن هذه العقوبات ستستمر وتؤيدها الولايات المتحدة بأي شكل من الإشكال لأنها لم تصل إلى مدى ثقة الكونغرس الأميركي والمؤسسات الأميركية الكبرى. 

*ما هو تعليقك بشأن ما أثير مؤخرا وما مدى صحته، أنه لم يتم منع الغاز القطري من الوصول إلى الإمارات بالمقابل تم منع كل شيء من جميع النواحي مع قطر؟

قد تكون هنالك اتفاقات مباشرة بين قطر والإمارات بشأن الغاز بحيث لا تستطع الإمارات قطع الغاز القطري عنها، وقد حدث ذلك مع بلدان كثيرة لها علاقات مع أوروبا وإسرائيل وبمصر في مسألة الغاز، لأن هنالك تعاقدات لا يمكن تدخل السياسة فيها وإلا ستؤدي إلى عقوبات كثيرة.



*برأيك، ماذا سيحدث بالبيت الخليجي المتمثل بمجلس التعاون الخليجي بعد هذه الأزمة الساخنة؟

اعتقد سيكون هنالك إصلاحات داخل البيت الخليجي المتمثل بمجلس التعاون الخليجي عن طريق عمل وطرح محاولات كثيرة لتغيير نظام الحكم داخل قطر.

*هل تعتقد أن قطر ستمتثل بالنهاية إلى الأمر الواقع وقبول الشروط المفروضة عليها منها وقف دعم بعض الشخصيات التي صنفت ضمن قائمة الإرهاب، كيوسف القرضاويمثلا، المرجع الروحي لجماعة الإخوان المسلمين؟

قطر لن تمتثل لضغوط وطلبات الدول العربية، لأنها استطاعت أن تقنع المجتمع الدولي وتشكك في إمكانية تطبيق العقوبات من الدول الأوروبية والولايات المتحدة، الدول العربية تستطيع مقاطعة قطر لفترة ما ولكن من دون دعم دولي بعد فترة وجيزة ستنتهي هذه المقاطعة خاصة هنالك دعم مباشر من إيران وتركيا لقطر ولا يمكن الاستهانة بتلك الدولتين، إضافة أنه لم نرى أي من البلدان الأوروبية الكبرى وحتى الولايات المتحدة تدعم سياسة قطع العلاقات بل هي مجرد أقوال وآراء، لذلك لا اعتقد تأثير المقاطعة سيصل إلى حد امتثال قطر للشروط، كما أن تسليم شخصية مثل يوسف القرضاوي سيكون غير متوقعا لأنها تحاول أن تستخدم المجتمع الدولي عن طريق حق التعبير في أن تحمي شخصيات مثلالقرضاوي لأن هؤلاء لم يكونوا من مثيري الشغب والإرهاب وإنما كانوا يعبرون عن آراء مخالفة للبلدان التي ينتمون إليها كنوع من أنواع المعارضة، لذلك على الدول العربية أن كانت تريد التأثير الجاد على قطر أن تثبت أدلتها بشكل أكبر إلى مجتمع الدولي. 
تباين المواقف الأميركية
*موقف الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، كان واضحا بوقوفه ضد سياسة قطر، بالمقابل هنالك دعوات أميركية أخرى بحل الأزمة عن طريق الحوار، فكانت النتيجة صفقات تسليح مع قطر والبقاء على القاعدة الجوية الأميركية فيها، والتمسك ببناء علاقات متينة معها، كيف تقرأ هذا التباين الواضح والمعروف عن الإدارة الأميركية، خصوصا، مواقف ترامب المتقلبة وفق مصلحة عقليته الاقتصادية البحتة؟
لا بد من فصل تصريحات وآراء الرئيس ترامب عن السياسات الأميركية لأن السياسات الأميركية تضع في النهاية من الكونغرس الأميركي وأي رأي أو قرار للرئيس الأميركي مثل ما رأينا بخصوص الهجرة يمكن إيقافه بالقضاء وفعلا رأينا القضاء الأميركي أوقف قرار ترامب بمنع المهاجرين، وأيضا حتى في المسائل الداخلية أذا استطاع الكونغرس الأميركي أن يصوت بأغلبية تصل إلى أكثر من 60 %، يتم رفض حتى حق النقض أو (الفيتو) من الرئيس الأميركي، لذلك القرار النهائي في الولايات المتحدة الأميركية هو للكونغرس الأميركي والمؤسسات الأخرى التابعة لها، ولأن ترامب لم يأت من خلفية سياسية لذلك يأتي بآراء شخصية ولابد أن نضع خطين تحت (آراء شخصية)، هذه الآراء لا تعبر عن سياسات عامة وإنما تعبر عن رأي ترامب الشخصي الذي قد يختلف معه حتى الأعضاء الخاصين تحت إدارته كما رأينا من آراء مختلفة من وزيري الخارجية والدفاع بخصوص الأزمة القطرية. 

*ترامب تحدث بالضد عن سياسة قطر واتهمها بتمويل الجماعات المتطرفة من بينهم جماعات من الإخوان والسلفيين المطلوبين دوليا، بالمقابل، نرى أن الإدارة الأميركية حتى المملكة المتحدة إلى الآن ترفض تصنيف جماعة الإخوان المسلمين ضمن الجماعات الإرهابية مثل ما هي مصنفة عند بعض الدول، لماذا؟

هنالك مؤسسات أميركية أخرى ترى أنه لا يمكن أخذ كل ما تقدمه الدول العربية، بعض هذه الدول متمسك بأنه على الولايات المتحدة وبريطانيا أن تصنف جماعة الإخوان المسلمين أو مؤسسات أخرى كجماعات إرهابية، وهذا مخالف ومفتقد للواقع الأميركي، لأنه على أي أساس سيتم التصنيف من دون وجود أساس قانوني يتم عرضه على الكونغرس الأميركي، لذلك لا يتم تصنيف أي جماعة كجماعة إرهابية لمجرد أنه رأي من مصر أو السعودية أو أي دولة عربية أخرى هنالك أساليب قانونية متبعة، وحتى عندما أثيرت ضجة تصنيف جماعة الإخوان المسلمين كجماعة إرهابية في عهد ترامب فهي ليست المرة الأولى سبق وقدم مشروع قانون لتصنيف الإخوان كجماعة إرهابية بحدود ثلاث مرات في عهد أوباما وفي عهد رؤساء آخرين لكن لم يتم التصنيف، لأنه لم يقع تحت طائلة القانون الأميركي، فالتصنيف يتم على أساس التعامل أو مد يد التعاون مع مؤسسات إرهابية والقيام بعمليات إرهابية وما يطبق عليه القانون الأميركي فيما يخص الإرهاب، لذلك لا أعتقد في المستقبل القريب أو البعيد أن يتم تصنيف هذه الجماعات كجماعات إرهابية إلا أذا استطاعت أن تقدم بعض الدول العربية البراهين والمستندات المقبولة لدى المؤسسات الأميركية القانونية بأن تلك الجماعات قامت بأعمال إرهابية يمكن على أساسها تصنيفها في قائمة الإرهاب، والآن هنالك مشروع قانون داخل الكونغرس الأميركي في وضع الدراسة هو ليس للتصنيف لكنه موجه إلى ثلاث جهات وهي وزارة المالية، والخارجية، والدفاع الأميركية، هذا المشروع يطلب من هؤلاء إعطاء البيانات المطلوبة التي تدعم قرار أن فكر الكونغرس الأميركي بتصنيف تلك الجماعات كجماعات إرهابية وبناء على المستندات الداعمة والمقبولة داخل الولايات المتحدة سواء كانت مالية أو لوجستية أو عسكرية أو ما يتم وضعه تحت طائلة القانون الأميركي، ولكن أعود وأقول لا يمكن التصنيف على هوى أو اقتراح أي دولة عربية.
*خرج ترامب من زيارته الأخيرة إلى السعودية بعد القمم الثلاث، بصفقات تسليح هائلة تعد الصفقات الأكبر في تاريخ العالم، وبعد حدوث الأزمة القطرية قامت الإدارة الأميركية أيضا بصفقات تسليح مع قطر ما عدا قاعدتها الجوية المتواجدة هناك، كيف تقرأ ذلك؟
الولايات المتحدة تسعى بالنظر إلى مصالحها أولا، لو تابعنا تصريحات ترامب بعد عودته من القمة الأخيرة في الرياض نجد أنه أثار إلى الشعب الأميركي بتحقيقه انتصار ومكتسبات كبيرة ولا ننسى وعوده الانتخابية أيضا، ترامب استطاع أن يجلب إلى الولايات المتحدة صفقات تصل إلى أكثر من 400 بليون دولار من صفقات عسكرية وغيرها، والإشارة بأنه أستطاع أن يجمع في مكان واحد أكثر من خمسين قائدا عربيا ومسلما، ومبادرته بالتعاون مع قادة الدول العربية لمكافحة الإرهاب، هذه طبيعة الرئيس ترامب بالذات فهو يحاول أن ينسب الكثير من الأعمال لنفسه، والغرض من ذلك هو أقناع الناس في الولايات المتحدة بأنه حقق نجاحات وهنالك فطرة لم يراعها السياسي العربي بأن ترامب لم يحقق نجاحات داخلية فعرض ما قام به خارج الولايات المتحدة على أنها نجاحات تحسب له إلى الشعب الأميركي. 

*وما هو تعليقك على أن الولايات المتحدة بهذه الصفقات تخطط لخطوات بعيدة المدى لحدوث حرب عسكرية بين هاتين الدولتين المتقاطعتين، لاسيما، بعد انتشار قوات تركية ودعم إيراني في قطر لحماية القصر الأميري، وواشنطن ستقف وقفة المتفرج في حال حدوث هذه الحرب؟

لا أعتقد مسألة التسليح ستؤدي إلى حرب لأن نشوبها في تلك المنطقة سيؤدي إلى دمار اقتصادي كبير، العالم متشابك الآن ولديه علاقات مع المنطقة الخليجية لذلك حدوث حربمعناه سيؤثر على ارتفاع وانخفاض الطاقة بشكل عام وستؤثر على الاقتصاد العالمي، سباق التسلح الذي حدث كان متوقعا منذ زمن في المنطقة العربية خاصة هنالك آراء داخل الإدارة الأميركية والإدارات السابقة أنه لا بد أن يكون هنالك صراع عربي_عربي أو إسلامي_إسلامي حتى تبتعد الدول العربية عن الصراع مع إسرائيل وأيضا هنالك البعبع الإيراني، اعتقد أن كلا الطرفين العربي والإيراني وقعا داخل مصيدة وأصبحا في صراعات طائفية بحتة والمجتمع الأميركي يقف ويتفرج على تطاحن العرب والمسلمين فيما بينهم، لذلك نجد أكبر نقد من الأميركيين والأوربيين للعرب صراعاتهم الطائفية فيما بينهم، وأعود وأقول الصفقات الأميركية_السعودية على سبيل المثال لابد فصلها عن السياسة فهي صفقات تجارية ومن يدفع أكثر يحصل عليها، لذلك استبعد كل البعد أن صفقات التسليح هي لنشوب حرب حتى وأن كانت هنالك قاعدة أميركية في قطر هنالك اتفاقات صارمة بخصوص هذا الموضوع لا يمكنه المساس بهذه القاعدة بأي شكل من الأشكال حتى وأن كانت قطر لديها الدعم الإيراني والتركي لحمايتها.

*برأيك أن لم تحدث حرب عسكرية في المنطقة الخليجية، هل ستستمر بحرب إعلامية بحتة طويلة المدى بين الأطراف المتنازعة، ونحن نعلم أن الإعلام كلمته أقوى من السلاح في الحرب؟
لن تحدث حرب عسكرية لكن الحرب الإعلامية موجودة وهي أقوى بكثير من الحرب العسكرية، رأينا أحد المطالبات العربية بإغلاق قناة الجزيرة القطرية مثلا، هذه القناة استطاعت أن تشوه الكثير من الحقائق وتغير الرأي العام وكما نعلم أن الإعلام القوي يستطيع أن يغير ويفعل كل شيء. 

*وهل فعلا مثل ما يقول بعض الخبراء والمراقبين للساحة السياسية بأن المستفيد الوحيد من هذه الأزمة كلها هو ترامب لأن عليه ديون اقتصادية كبيرة من بعض البنوك وهذه الصفقات جاءت لتحل المشكلة المالية وكانت الحجة الإرهاب، ما تعليقك؟

أتفق مع هذا الرأي لأن ترامب جاء وكان مبدأه (أميركا أولا)، ولا بد أن يعي المواطن العربي أن ترامب تم انتخابه من المواطن الأميركي لدعم السياسات والاقتصاد الأميركي وقد وعد وتعهد الرئيس الأميركي بالكثير من الوعود، ترامب مسؤوليته الأولى هو نمو الاقتصاد الأميركي مع الأمن والآمان وليست أشياء أخرى ونجد حتى النبرة التي استخدمهاترامب في فترته الانتخابية، وقد حذرت من هذا الكلام، عندما قال إنه على العرب أن يدفعوا مقابل حماية الولايات المتحدة لها لذلك لا بد من التذكير أن هذه السياسات لا تذهب بالمجاملات والابتسامة والرقص مع الأخوة العرب، فالواقع أن الإدارة الأميركية وترامب بالذات يحاول أن يلعب دورا في المنطقة العربية بما ينفع سياسته الخاصة وإعادة انتخابهمرة أخرى.
*وما هو تعليقك أيضا على بعض ردود الفعل خاصة من بعض الأعضاء في مجلس الشيوخ الأميركي تحديدا الديمقراطي، للصفقة الأميركية_السعودية، لاتهامهم الأخيرة بفعل انتهاكات لحقوق الإنسان في الداخل والخارج ودعم بعض المنظمات المتطرفة، بحسب قولهم؟
هذا الرد متوقع من الديمقراطيين أو حتى الجمهوريين لأن الولايات المتحدة هي عالم مفتوح والآراء من الديمقراطي أو الجمهوري تتوفر بحسب ما لديه من معلومات، كانت هنالكاتهامات ضد السعودية وحتى قضايا فيما يتعلق بحوادث الحادي عشر من سبتمبر/أيلول، ولم يستطع الرئيس الأميركي السابق، باراك أوباما، وقف ذلك في الكونغرس حتى معاستخدامه لحق النقض (الفيتو)، لكن أعود وأقول ما زلنا في الشرق الأوسط نعول على الرئيس الأميركي وعلى شخصيات معينة ولا يمكن للعرب أن يستمروا بهذه السياسات لأن الإدارات المختلفة داخل الإدارة الأميركية والمؤسسات الأخرى ممكن أن تأخذ قرارات أخرى ويتم تطبيقها، فالتعويل أن الرئيس الأميركي قام بعمل أووعد بشيء ما، قد نجد أحد أفراد إدارته يتعارض معه ونرى أن الكونغرس الأميركي يقوم بفرض عقوبات أو إصدار قوانين مثلا مسألة حقوق الإنسان في السعودية وليس في المملكة فقط حتى بعد زيارة الرئيس المصري إلى الولايات المتحدة قام البعض بالانتقاد، وبعدها بأيام قليلة رأينا هنالك مناقشات داخل الكونغرس الأميركي عن حقوق الإنسان في مصر لذلك لابد من التفريق بين السياسة الأميركية والرئيس الأميركي.
قاعدة "العديد" (نبذة مختصرة)
من الجدير بالذكر، أن قطر بنهاية حرب الخليج الثانية 1991 أبرمت مع الولايات المتحدة اتفاقا للتعاون العسكري بين البلدين، نتيجتها بناء قاعدة "العديد" أو ما يعرف بمطار "أبونخلة" عام 1996 بكلفة مليار دولار، واستخدمتها الولايات المتحدة بشكل سري عام 2001 في الحرب على أفغانستان وبعد ذلك بعام تم الإعلان بشكل رسمي عن تمركزالقوات الأميركية في القاعدة، هذا وجرى توسيع القاعدة مع مرور الوقت وباتت تضم عددا كبيرا من الأسلحة والوقود والطائرات المتطورة وذات التقنية العالية، وتنطلق منها أيضاالطائرات لشن غارات جوية ضد مواقع تنظيم داعش في سوريا والعراق، وإلى جانب قاعدة "العديد" تستخدم الولايات المتحدة قاعدة "السيلية" القريبة من العاصمة الدوحة حيثتتمركز القيادة المركزية للقوات الأميركية، وتخزن الولايات المتحدة في هذه القاعدة والتي تم افتتاحها عام 2000 أسلحة وآليات وذخائر لتجهيز لواء مدرع.
(السؤال)*في خضم الأزمة الخليجية الراهنة، أعربت الإمارات عن استعدادها لبحث إمكانية انتقال قاعدة "العديد" الأميركية في دولة قطر إليها في حال رغبة الولايات المتحدة بذلك، لكنتصريحات المسؤولين الأميركيين وخاصة العسكريين استبعدت ذلك وأكدوا أن القاعدة تلعب دوراً محورياً في العمليات العسكرية التي تقوم بها طائرات التحالف في سورياوالعراق، كيف تقرأ هذا الموقف؟
القواعد العسكرية الأميركية تختلف عن أي قاعدة أخرى، هي عبارة عن بلد كاملة فيها جميع الخدمات والاتصالات والطرق الخاصة بها وكذلك القادة العسكريين لا يتدخلوا عادة في المسائل السياسية، كما أن نقل قاعدة عسكرية من مكان إلى آخر يتطلب مصاريف باهظة واستعدادات وتجهيزات ليس من السهل تطبيقها حتى لو عرضت الإمارات أو السعودية على الولايات المتحدة والقادة العسكريين بنقل القاعدة فلن تحدث موافقة أو حتى قبول بهذا النقل، ووجود القاعدة في قطر مهما تحدث من أحداث لن يؤثر على القاعدة ورأينا أن الجيش الأميركي لم يتدخل حتى عندما استدعت قطر القوات التركية والدعم الإيراني فلم نرى القوات الأميركية تدخلت أو حتى اعترضت على التدخل، فالقاعدة الأميركية تعد جزءا من الولايات المتحدة ومحمي بقوانين أميركية حتى لو كان بأي مكان في العالم.

مواقف الدول
*كيف تقرأ قراءة سريعة مواقف كل من بريطانيا وروسيا وفرنسا والصين واسبانيا بشأن الأزمة القطرية_الخليجية_المصرية ودعواتهم للحوار؟ وما هو قراءتك وتعليقك عنمواقف الدعم من ألمانيا لقطر؟
من المتوقع، أن يكون هنالك تباين في مواقف الدول المختلفة وذلك تبعا لعلاقات قطر مع تلك الدول، على سبيل المثال، في ألمانيا هنالك مشاركة كبيرة لقطر في شركتين كبرايتين وهما (في دبليو فلكس فاجن) و(سيمنز)، وقد بدأت قطر بألمانيا لأن طبيعة علاقتها بهذه الدولة تستدعي ذلك وأن لم يكن الدعم بشكل جاد، كان مجرد تصريحا وليس دعما بشكل من الأشكال، أما بالنسبة للدول التي وقفت على الحياد أو تحاول بقدر الإمكان تشجيع الدول العربية على الحوار مثل بريطانيا والآن الولايات المتحدة ودول أخرى، أنها ترى في المشكلة القطرية_العربية مشكلة داخلية وقد تؤدي إلى اشتعال حرب كلامية أو اقتصادية فيما بينهم ما قد يؤثر على الاقتصاد العالمي لذلك نرى تلك الدول قد وقفت على الحياد.
*وما هي قراءتك السريعة أيضا لمواقف الحياد من دول المغرب العربي، كالجزائر وتونس ومساعدات المغرب الغذائية لقطر، ومواقف الحياد أيضا لكل من السودان وباكستان والصومال؟
بالنسبة لمواقف دول المغرب العربي ككل ولنأخذ مثلا منها دعم المغرب لقطر بالغذاء وغيره من المؤكد أن لها مصلحة اقتصادية قطرية لأن قطر لها استثمارات خارجية بالبلايين في بلدان كثيرة واستطاعت في الأعوام الماضية أن تبني سياسة مرنة مع عدة بلدان لذلك لا يمكن أن نهمل هذا الموضوع، ورأينا منذ اشتعال الأزمة الرحلات المكوكية التي قام بهاأفراد كثيرين من العائلة الحاكمة القطرية والخارجية لاستقطاب دعم وتغيير وجه النظر العالمية واستخدام مؤسسات قانونية حتى في الولايات المتحدة الأميركية تم استئجار مؤسسةكبرى في مجال الدفاع وكان رئيسها النائب العام الأميركي السابق للدفاع وتحسين صورة قطر، لذلك هنالك نوع من الحراك القطري أدى إلى تباين هذه الآراء كما رأينا.
*وماذا عن موقف فلسطين المحايد، بينما إسرائيل وقفت ضد قطر وكانت مع سياسة قطع العلاقات، كيف تقرأ ذلك؟
الموقف الفلسطيني_الإسرائيلي موقف متفهم، أرى أن إسرائيل وجدت مصلحتها بالوقوف مع الدول العربية الأخرى، الآن لابد أن نتكلم عن الواقع، إسرائيل أصبحت حليفة لبعض الدول العربية وقد رأت من مصلحتها أن تقف ضد قطر ودعمها للإرهاب ولأن ذلك أيضا يدعم موقفها مع الولايات المتحدة، أما بالنسبة لفلسطين رأت أنه من المصلحة والأفضل أن يكون رأيها مقارب لبعض الدول العربية التي وقفت على الحياد.

*برأيك، هل الأزمة القطرية ستكون ذات فائدة على العلاقات الفلسطينية_الإسرائيلية، بتهدئة الأوضاع بين الطرفين، أم هذه الأزمة ستؤجج العلاقات بينهما أكثر؟
لا أعتقد هذه الأزمة ستؤثر على العلاقات الفلسطينية_الإسرائيلية لأنها معقدة أصلا وقد رأينا أن الرئيس الأميركي لم يستطع أن يحل أي من الموضوعات التي تخص هذه العلاقات واستطاع السياسي الإسرائيلي المحنك أن يشير بأصابع الاتهام إلى الفلسطيني عن طريق الخلافات الفلسطينية_الفلسطينية ويصور دائما أن إسرائيل لا تستطيع أن تتحدث مع ممثل حقيقي عن الشعب الفلسطيني وتم استخدام هذه الألعوبة وللأسف الواقع الفلسطيني الآن مرير يجعل الإسرائيلي يتصرف بهذا الشكل.

*وماذا عن الدعم التركي_الإيراني لقطر برأيك هل سيستمر؟

هنالك مصالح مشتركة بين قطر وهاتين الدولتين، خصوصا، تركيا هنالك اتفاقات عديدة بينهما لذلك المصالح واحدة والدعم مستمر، وبالنسبة للدعم الإيراني هو محاولة قطرية لاستقطاب إيران داخل المنطقة العربية حتى تكون شوكة في رقبة السعودية مثلا ودول عربية أخرى، لذلك استقطبت الحرس الثوري الإيراني لحماية العائلة الحاكمة القطرية وكنوع من التهديد والضغط على السعودية ودول أخرى فيها تدخلات إيرانية مثل البحرين والأمارات لأنه كما نعلم هنالك تدخلات إيرانية في تلك المناطق.
*وبالنسبة لتركيا وموقفها الواضح والداعم لقطر، لماذا تصرح، في ذات الوقت، أن ذلك لا يعني قطع علاقة تركيا بأي دولة خليجية وأنها ستأخذ دور الوسيط لحل الأزمة وكانتهنالك زيارات متبادلة لها مع قطر والسعودية
تركيا استغلت هذا الوضع لصالحها، لأنها ترى أن تدخلها وفقا لعلاقتها وتعاونها مع مجلس التعاون الخليجي وقد سمعنا ذلك من الجانب التركي أيضا بأن تدخله في قطر بناءا علىاتفاقات مبرمة بالحماية مع مجلس التعاون الخليجي وأيضا تركيا رأت حتى الكويت لها دور بحل المسألة بشكل سياسي، كما نعلم تركيا تحاول أن تكون بمثل القائد في المنطقة العربية والإسلامية وهي تخاف أيضا أن يتم توجيه أصابع الاتهام إليها بدعم الإرهاب، لذلك من البديهي أن يكون هنالك تعاون قطري_تركي خاصة أن قطر لها استثمارات كبرى في تركيا بالإضافة إلى دعم الدولتين لجماعة الإخوان المسلمين لذلك هنالك أمور مشتركة بين تركيا وقطر ما أدى إلى ما عليه الآن. 
مواقف كل من العراق وسوريا والكويت
*العراق يخوض حالة حرب مع داعش وهنالك تصريحات عسكرية وأمنية كثيرة تؤكد أن معركة الموصل شارفت على الانتهاء، كما ومؤخرا كانت هنالك زيارة لرئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، إلى كل من السعودية وإيران والكويت، برأيك هل هذه الأزمة الساخنة ستؤثر على العراق بالسلب أم بالإيجاب في المستقبل البعيد بشكل أو بآخر؟
العراق لن يتأثر بهذه الأزمة ولأن البلاد حاولت أن تأخذ مواقف متباينة ومحايدة، في ذات الوقت، مع الدول العربية، العراق لديه مشكلات داخلية ما ينأى بنفسه من التدخل في هذا الموضوع، إضافة إلى أن الحرب القائمة في الموصل هي الأولى الاهتمام بها لأنها تخوض حربا على الإرهاب، لذلك لا أعتقد أن العراق سيتأثر بالأزمة القطرية.
*وما هو تعليقك وقرأتك عن ما قاله العبادي، إن موقف العراق من هذه الأزمة موقف الحياد، لأن العراق يتبنى سياسة الانفتاح والتعامل مع جميع الدول وهو ليس ساحة للصراع والحرب بين الدول المتصارعة فيما بينها؟
أرى أن هذا التصريح هو تصريح سياسي محنك لا يريد أن يزج ببلده بهذه الصراعات، خاصة أن العراق في مفترق الطرق بين محاربة الإرهاب والعلاقة مع إيران وبقية الجيران العرب، فاعتقد أن هذا التصريح هو فكر صحيح سياسيا لإبعاد بلده عن هذه الأزمات والصراعات التي قد تنتهي وستنتهي، في وقت قريب، ولكي لا يؤخذ على العراق أيضا بأنه كان مع طرف ضد طرف آخر لذلك أنا أحيي هذا الموقف.
*وبرأيك هل عدم قطع العراق علاقاته مع قطر سيؤثر بالسلب على علاقات العراق مع بقية دول الخليج؟
لا أعتقد ذلك، لأن العراق تصرف تصرفا صحيحا بأن ينأى بنفسه عن العلاقات الخليجية ولأني أرى أيضا أن حل هذه الأزمة سيكون بشكل قريب، ولأن يكون العراق، خاصة في وضعه الحالي، مع طرف ضد طرف أخر ليس من المصلحة والدول العربية ستتفهم هذا الموقف وسيكون لصالح العراق في الآخر.
الأكراد
*هل تعتقد أن الأزمة القطرية ستؤثر أيضا على ما ترمي به بعض الأطراف الكردية بقيام دولة كردية مستقلة، إقليم كردستان أعلن تحديد يوم 25 سبتمبر/ أيلول موعداً لإجراءاستفتاء الاستقلال عن العراق، والعبادي يصف الإجراء بغير القانوني، فهل يمكن استغلال هذه الأزمة لصالح الأكراد، وذلك بحسب ما تناوله بعض المراقبين للشأن الكردي بأن السعودية ممكن أن تدعم قيام الدولة الكردية كناية بالدول المدافعة عن قطر مثل تركيا، ما تعليقك وقرأتك لهذا الموضوع؟
أعتقد أن الأكراد في إقليم كردستان يحاولون دائما استخدام المواقف حولهم مع علاقاتهم الجيدة بالدول الغربية والولايات المتحدة لصالحهم، وهنالك رأي يرى أنه من حق الأكراد أن يستقلوا بالإقليم خاصة بعد المشكلات الكبيرة مع تركيا وبعض التشابكات مع بغداد هناك من يدعم هذا الرأي، ولا أعتقد أيضا أن السعودية ستدعم الأكراد كناية بالدول الأخرى، بل سيكون هنالك نوع من الحكمة والحنكة في تأييد هذا الموضوع، كما ورأينا أن العبادي وصفه بغير القانوني ورأينا أيضا الأكراد قالوا إنه فقط استفتاء ولن نستقل لذلك لا بد من الانتظار إلى أن ينتهي هذا الاستفتاء وما سيقوم به الأكراد مع الأخذ بعين الاعتبار هنالك من يدعم رأي حق الأكراد بأن يكون لهم دولتهم المستقلة.
*كيف تقرأ تأثير الأزمة على سوريا، والموقف السوري من هذا الموضوع؟
الموقف السوري لن يتأثر بأي شكل من الإشكال، هنالك مشكلات كبيرة في سوريا مع الأطراف المختلفة سواء كان خلافها مع السعودية وبعض دول الجوار، كما أن النظام السوري ليس في ثبات حتى يمكن الأخذ على رأيه.
*وما هو تعليقك ورأيك أيضا بالموقف الكويتي في ظل خضم هذه الأزمة الساخنة؟
رأت الكويت أن تأخذ موقف من يحاول إصلاح ذات البين وعلى أساس عدم تفكك مجلس التعاون الخليجي، والبعض يرى هذا الموقف بالجيد ليكون هنالك مخرج لهذه الأزمة، بينما يرى البعض لأن الكويت لم تتعرض إلى مؤامرات مباشرة من قطر اتخذت هذا الموقف، ولكن في النهاية الكويت تحاول أن تكون لها موقفا إنسانيا في التعامل مع المواطنين القطريين والعالقين في دول أخرى إضافة إلى أن تكون طرفا مشتركا يتعامل مع السعودية والبحرين والإمارات للتحاور مع قطر، لذلك بشكل عام موقف الكويت موقف جيد للدعوة إلى الحوار والتهدئة.
تيران وصنافير
*ما هو ردك بشأن ما أثير من تصريحات، بأن ملف قضية تبعية الجزيرتين تيران وصنافير لها علاقة بموضوع الأزمة القطرية_الخليجية_المصرية، وهذا الملف هو لتحديد مدى المصالح والتقارب بين السعودية ومصر؟
الملف ليس له علاقة بالأزمة لأن قضية تبعية جزيرتي تيران وصنافير طرحت قبل أن تحتدم الصراعات مع قطر، فالاتهامات الموجه إلى قطر سواء من السعودية ومصر وبلدان أخرى تختلف قلبا وقالبا، لكن البعض يحاول إلصاق المشكلتين بعضهم ببعض لكنهما منفصلتين كليا.
المنطقة العربية إلى أين؟
*في النهاية، المنطقة العربية ككل في ظل هذه الأزمات الساخنة وسيطرة داعش وبعض الجماعات المسلحة على بعض الدول، إلى أين ذاهبة، نحو التفكك أم الدخول في حربغير متوقعة أم ربما دخول جماعات أخرى مشابه لداعش أو سنشهد ثورات ربيعية أخرى أم الاستقرار؟
أعتقد أن المنطقة العربية ذاهبة إلى ما تريد أن تذهب إليه، لأنها سياسات يتبعها العرب أنفسهم، كنا دائما نتساءل كيف استطاعت دول أوروبية أن تتحد وتكون الاتحاد الأوروبي وهي مختلفة في العرق واللغة والثقافة وحتى الدين ما بال العرب نفس اللغة والديانة تقريبا ونفس الثقافة ولا تستطيع أن تتحد، والاتحاد ليس معناه إلغاء شخصيات كل دولة، لكن ما نراه الآن هو بسبب الجهل وعدم الفهم والسماح للغرب بالدخول، الدول العربية بمجرد أن يحدث خلاف تلجأ إلى الغرب من ثم تأتي وتشتكي ونرى الخلافات الطائفية الطاحنة داخل الدول العربية نفسها والتي أدت إلى أن يستهتر الغرب بالدول العربية جميعها، لذلك أرى فيما لو لم ينصلح حال الدول العربية في داخلها وتتعاون للحفاظ على مصالحها ولا تسمح لكل من هب ودب سواء كانت روسيا أو الولايات المتحدة وغيرها بالتدخل في شؤونها، سيتم تفكيكها والتلاعب بها وهدم كل ما تم بناؤه، أتمنى من الله أن يكون لدى الدول العربية القيادات الواعية بهذه الأزمة لأنها لو تطورت ستؤدي إلى دمار كبير وأشياء غير محسوبة عليها، هنالك آراء ثابتة داخل أروقة السياسة الأميركية ومراكز الرأي، أن مصلحة إسرائيل والولايات المتحدة العليا، والتي يرى البعض أنها تحققت، بوجود خلاف عربي_عربي ينأى بالعرب بخلافهم عن إسرائيل هذا الخلاف العرقي والمذهبي ويصل حتى إلى الدماء ولا يمكن إصلاحه، لذلك لا بد أن تعي الدول العربية ولا بد من القيادات سواء السياسية أو الدينية أن تفهم بأن قتل العربي لأخيه العربي أو المسلم لأخيه المسلم وأيا كانت ثقافته أو خلفيته ليست هي الحل وإنما ستؤدي إلى صراع دائم.

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *