-->

تهجير اليهود المغاربة لإعمار اسرائيل كانت صفقة مربحة للحسن الثاني


انتشر اليهود مند القدم حول البحر الأبيض المتوسط الذي شكل بؤرة التجارة العالمية, و في هدا الإطار كان المغرب يعتبر من أكبر مراكز تجمعهم اذ إن عددا كبيرا منهم كانوا قد فروا من الأندلس , و حسب الإحصائيات المتوفرة

فالمغرب كان يحتل المرتبة الثالثة كاكبر تجمع لليهود بعد أمريكا (6 ملايين) و أوروبا الوسطي و الغربية قبل الحرب العالمية الثانية (3 ملايين من الأشكناز و هم يهود الغرب) ويأتي بعدها المغرب (700 ألف و معظمهم من السافرديم و هم يهود الشرق). وأكدت وثائق حكومية إسرائيلية أن 271.865 مغربي من المتديّنين باليهودية قد هاجروا من المغرب إلى إسرائيل في المرحلة الممتدة ما بين 1948 و2012.
تهجير اليهود المغاربة كانت ورقة مربحة حقا…
ان تهجير اليهود المغاربة الى ارض فلسطين من اجل بناء كيان اسرائيلي في فجر ستينات القرن الماضي كانت ورقة مربحة ماليا فقد اقترح المفاوضون المغاربة على الإسرائيلين أداء تعويض مالي قدره 250 دولار أمريكي على كل مهاجر يغادر أرض المملكة إضافة لتسبيق إجمالي قدره 500 ألف دولار و قد خص هذا الاتفاق ترحيل ما يناهز 300 ألف يهودي مغربي.
و فعلا وافق الإسرائيليون على الإقتراح إلا أنهم اشترطوا مقابلة الملك الحسن الثاني ليتيقنوا أنه على علم بالصفقة ,ان المبالغ المدفوعة ستصل إلى الجهة و الغاية المرصودة لهما و أن لا تتسرب إلى بعض الجيوب.
و قد أكد روبير أصراف ، رئيس الاتحاد الدولي لليهود المغاربة أن إسرائيل أدت فعلا في البداية 250 دولار على كل يهودي غادر تراب المملكة ، كما أكد أن المؤتمر اليهودي الدولي دفع تسبيق للمغرب قدره 500 ألف دولار.
شبكة ” ميسكيري”
“ميسكيري” هو الاسم الذي أُطلق على شعبة أو شبكة الموساد المكلفة بالسهر على ترحيل اليهود المغربة سرا إلى أرص الميعاد.
لقد جندت الموساد عدة أشخاص للقيام بهذه المهمة بالمغرب و بفرنسا. و من بين هؤلاء “شاهي” و هو من موليد المغرب في ثلاثينات القرن الماضي و ضابط في الجيش الفرنسي. بعد استقطابه سنة 1955 تم إرساله إلى إسرائيل للخضوع لتدريب جماعي في معسكر سري. و شارك معه في ذلك التدريب 50 شخصا تلقوا تكوينا في المواجهة و القتال و الدفاع عن النفس و تدبير العمليات السرية و طرق اتخاذ الاحتياطات و العمل في السرية . و رغم أن التدريب كان جماعيا فلم يتمكن أحد المتدربين على التعرف على الآخرين. و في نهاية التدريب زارهم كل من موشي دايان و رئيس الموساد آنذاك “إيسير هاريل”.
و بعد نهاية التدريب ألتحق “شاهي” بمدينة الدار البيضاء و شرع في حضور اجتماعات بإحدى الشقق كائنة بعمارة الحرية. و قد تكلف بالإشراف على عمليات تهريب اليهود المغاربة عبر البحر انطلاقا من أحد الشواطئ بضواحي المدينة.
كانت بواخر تأتي إلى عين المكان و ترسل مراكب لنقل المهاجرين إليها لتنطلق بهم في اتجاه فرنسا أو جبل طارق. و إحدى الليالي كشف بعض المغاربة العملية ، و كان تلك الليلية رئيس الموساد “هاريل”حاضرا بنفسه بعين المكان لمعاينة العملية و بفضل ” شاهي ” تمكن من الفرار و الالتحاق بالمطار ثم توجه إلى فرنسا و منها إلى إسرائيل.
و بعد أن انكشف أمر شبكة “ميسكيري” تلك الليلة التحق “شاهي” بإسرائيل.
عندما غرقت سفينة تحمل عائلات يهودية بشواطئ الحسيمة
في يوم 11 يناير 1961، كانت الباخرة “إيكوز” على وشك تحقيق السفرية رقم 13 انطلاقا من احد شواطئ الريف في اتجاه جبل طارق. إنها باخرة قديمة أُستعملت في الحرب العالمية الثانية من طرف البحرية الملكية البريطانية ثم آلت بين يدي أشخاص يستعملونها في التهريب. كان ذلك اليوم على مثنها 10عائلات يهودية مغربية و كان مجموع الأفراد 42 من ضمنهم 16 طفل ذكورا و إناثا. و كان طاقم الباخرة يتكون من القبطان الاسباني و 3 بحارة إضافة لعميل الموساد “حاييم سرفاتي” (28 سنة) المكلف بالإشراف على جهاز الراديو و الاتصال.
كانت الباخرة “إيكوز” على وشك الإقلاع من احد شواطئ الريف… و كان على تلك العائلات أن تقطع ما يناهز 600 كلم، من جنوب المغرب إلى شماله للالتحاق بالباخرة.
و حتى لا يثيروا الانتباه، باعتبار أنه أضحى من المعرف أن سكان الملاح في مختلف المدن بدأوا يغيبون عن الأنظار و لم يعد يطهر لهم أثر، أشاعوا أنهم ذاهبون لزيارة قبر وليهم عمران بن ديوان بمدينة وزان ، و بعد الابتعاد عن وزان قيل لهم أن يقولوا لكل من يسألهم عن وجهتهم أنهو ذاهبون إلى ناحية الحسيمة لحضور حفل زفاف عائلي.
كانت الرحلة صعبة و شاقة لا سيما عند عبور جبال الريف المكسوة بالثلوج… و في كبد الليل قاد المجموعة شخصين ، يخفيان وجهيهما و يحملان سلاحا ناريا و كانا من الموساد، إلى شاطئ مهجور بضواحي مدينة الحسيمة… وضعوهم في مراكب أبحرت بهم إلى الباخرة التي كانت راسية بعيدة عن الشاطئ.
انطلقت الباخرة ” إيكوز” في اتجاه جبل طارق و على بعد 10 أميال من نقطة الانطلاق هبت عاصفة هوجاء لم تكن في الحسبان رغم ألأن المشرفين على الرحلة قد سمعوا للنشرة الجوية و قرروا أن الجو مناسبا…لم تقو الباخرة على مقاومة الأمواج … و في الساعة 3 ليلا غرقت و لم يعد يظهر لها أثر… قبل ذلك بقليل استحوذ القبطان و البحارة على مركب الإغاثة الوحيد و لاذوا بالفرار تاركين كل الركاب لحالهم رغم وجود اطفال و نساء و عجزة بينهم… كان عميل الموساد قد تمكن من إرسال برقية النجدة… كما أن القبطان الفار صادف في طريقة مركب صيد حمله فحكى لقبطانه الحكاية و هم كدلك بث برقية نجدة و توجه إلى عين المكان, وصل الخبر إلى “أليكس كاتمون” رئيس شبكة تنظيم “ميسكيري” بالمغرب فأخبر رؤساءه بالموساد… و تحركت عدة جهات لإنقاد الغرقى، تحركت مراكب من اسبانيا و الجزائر و فرنسا و جبل طارق و حتى من المغرب لكن المقدين وصلوا بعد فوات الأوان …غرق الجميع و لم يتم العثور إلا على 22 جثة من ضمنهم 16 طفلا و رغم البحث لم يعترون على 20 المتبقين.
و على إثر هذا الحادث المؤلم وُزعت مناشير بالملاح بمختلف المدن المغربية… و استقبل ولي العهد آنذاك (الملك الحسن الثاني) وفدا مكونا من الدكتور ليون بنزاكن، الوزير السابق للبريد و صديق الملك محمد الخامس( و للإشارة هو جد الاسرائيلية “إيدفا” من أمها و هي التي ادعت أنها بنت الملك الراحل) و دافيد عمار رئيس الجالية اليهودية بالمغرب و، و كذلك كبير الخاخامات دافيد ماساس، و قد طلب هذا الوفد من ولي العهد رخصة إقامة مراسيم جنازة المفقودين 42 أو 43 حسب طقوس الديانة اليهودية، و تم دفن 22 بميعارة الحسيمة. و اعتبر 14 دجنبر يوم حداد ظلت تحتفي به إسرائيل إلى الآن. و في 14 دجنبر 1992 وافق الحسن الثاني على ترحيل رفات المفقودين إلى جبل هيرزل بالقدس.
إسرائيل تكرم الحسن الثاني
نشرت جريدة روسية أجرت حوارا مع الملك محمد السادس أنه صرح لها بقوله أن والده كان صديقا لإسرائيل، و أن إسرائيل هي الدولة الوحيدة التي أصدرت طابعا بريديا لتكريم الملك الحسن الثاني بعد وفاته.
و للإشارة فإن الدولة العبرية أطلقت إسم الحسن الثاني على شوارع في جملة من المدن الإسرائيلية. و يبدو أن إسرائيل نفس الشيء بالنسبة لعاهل الأردن الراحل الملك حسين. و فعلا إن الدولة العبرية هي التي كانت سباقة في العالم لإصدار طابعا بريديا لتكريم الحسن الثاني.
إدريس ولد القابلة

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *