-->

بعد توالي الإعتقالات في المغرب…الريف يشهد أكبر موجة هجرة في تاريخه


وافقت السلطات الهولندية على منح الناشطة المغربية نوال بنعيسى في “حراك الريف” اللجوء السياسي، بعد انتظار مضنٍ دام سبعة أشهر، في أحدث حالات “هروب” ناشطي الريف المغربي إلى أوروبا.
القرار الذي صدر في 7 يناير الماضي، بدّل حياة الناشطة التي كتبت عبر حسابها في فيسبوك، في 8 فبراير: “تلقيت الخبر بعدما جفت مشاعري ودموعي. نعم، شاهدت الفرحة في كل العيون حولي بالخبر… لمحت أملاً في عيون كثيرة في الملجأ الذي أقيم فيه… لمحت فرحاً وغداً لا أدري لونه”.
غير أن الفرحة لم تكن خالصة، إذ أوضحت “اختلطت عليّ مشاعري. لا أدري هل سأطلق ضحكة بعدما سالت دموعي من الظلم أشهراً؟ هل أزغرد كما يفعل الأغلبية لفرحهم بقرار القبول؟ أريد أن أفعل شيئاً، لكنني لا أحس شيئاً. سألت نفسي وسط كل الضجة والتبريكات: هل أنت فَرِحَة؟ هل أنت حزينة؟ لم أجد جواباً سوى رسم ابتسامة أنهكها مشوار انتظار طويل”.
تتحسر بنعيسى على اضطرارها للابتعاد عن أهلها وأصدقائها عبر رسالة مؤثرة إلى والدها ووالدتها: “أمي وأبي… لا أعلم إذا كان والدي المريض سيفرح بهذا الخبر أو سيفتقدني كثيراً. أمي، داخلي حزين جداً، قلبي جمرة. أريد البكاء ولا أستطيع وسط فرحة المحيطين بي. أحبكم ولم أرتكب جرماً، ما فعلته كان فقط حباً بالشعب والوطن وحباً بالحياة العادلة. سامحيني أمي، سامحني والدي، سامحوني يا أهلي لأني عرضتكم لكل هذه المعاناة”.
فرحة ناقصة وندم على معاناة الأهل… السلطات الهولندية تمنح الناشطة السابقة في “حراك الريف” نوال بنعيسى حق اللجوء السياسي بعد هروبها من المغرب خوفاً من الاعتقال
الهرب من الاعتقال
بنعيسى التي برزت وجهاً نسائياً تقود احتجاجات “حراك الريف” بعد اعتقال قادة الحراك الرئيسيين، وعلى رأسهم ناصر الزفزافي، كانت قد غادرت المغرب سراً في 25 نيسان/أبريل 2019 رفقة ابنها يانيس البالغ من العمر 5 سنوات، تاركة خلفها زوجها وثلاثة أبناء في مدينة الحسيمة.
ووفق ما نقله عدد من المقربين منها، فقد اتخذت الناشطة قرارها “لعدم شعورها بالأمان، خصوصاً مع استمرار مضايقتها من قبل الأجهزة الأمنية المغربية بعد إدانتها بالسجن 10 أشهر مع وقف التنفيذ، بتهم ‘إهانة رجال القوات العمومية أثناء أدائهم المهمات والتجمهر في الطرق العمومية، وتنظيم تظاهرات غير مصرح بها، والتحريض على ارتكاب جنح وجنايات‘”.
وشهدت منطقة الريف (شمال المغرب) احتجاجات غير مسبوقة منذ أكتوبر عام 2016، ذكرى مقتل بائع السمك المتجول محسن فكري، سحقاً بشاحنة نفايات بعد احتجاجه على مصادرة بضاعته. عرفت تلك الاحتجاجات بـ”حراك الريف”، واستمرت مطالبة بـ”التنمية ورفع التهميش وإقامة مصالحة حقيقية” مع المنطقة حتى منتصف عام 2017. وشنت السلطات المغربية حملة اعتقالات كبيرة شملت مئات المحتجين، وأصدرت لاحقاً أحكاماً قضائية قاسية بالسجن بين عام واحد و20 عاماً على المعتقلين.
وهي الأحكام التي ثبتها القضاء في مرحلة الاستئناف في أبريل من العام الماضي. ووُجّهت إلى النشطاء تهمٌ عدة، أخطرها “المشاركة في مؤامرة تمس أمن الدولة”.
حقوقيون يؤكدون أن منطقة الريف تشهد “أكبر موجة هجرة” منذ حملة الاعتقالات في صفوف قادة “حراك الريف” عام 2017
لجوء بالجملة
وبنعيسى ليست الناشطة الريفية الوحيدة التي غادرت المغرب خوفاً من الاعتقال، إذ ذكرت تقارير صحافية استندت إلى تقديرات الحقوقيين المهتمين بقضايا الهجرة غير النظامية، أن منطقة الريف شهدت “أكبر موجة هجرة في تاريخه”، بعد بداية حملة الاعتقالات في صفوف نشطاء حراك الريف أواخر شهر أيار/مايو عام 2017.
رصيف22

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *