هكذا تعرفت على "الرجل ..الأسلوب " الرئيس الشهيد محمد عبد العزيز
عرفت الرئيس الشهيد محمد عبد العزيز،قبل ان التقيه،من خلال الحديث عنه باسمه"،حدي" الذي كان شائعا في الاوساط الشعبية. وهو اللقب الذي كان يتردد على السنة الراي العام قبل انتخابه امينا عام لجبهة البوليساريو، صيف 1976 وسط الظروف المتغيرة وقتها بدءا من وضعية اللجوء والتشريد التي خلقها الغزو فنحن لم تمض علينا في المخيمات وقتها سوى شهور، وقتها شبان في مقتبل العمر لم نكن على دراية لا بالقضايا السياسية او الثقافية لانعدام المستويات التي قد تمكن من ادراك كنه ذلك، وكل شاب يرى مثله الاعلى وقدوته في المقاتل الشهم قبل غيره، واظن ان شخصية حدي المقاتل هي مثلنا الاعلا وقدوتنا مثل بقية اترابنا في تلك الظروف المؤسسة للمشروع الوطني الذي قاده الرئيس الشهيد محمد عبد العزيز طيلة اربعة عقود.
ومرت الايام ومعها تطور المستوى الدراسي ، وخلال مقامي بوزارة الاعلام واثناء تربص حضرت ندوة جمعت نخبة من اطر جبهة البوليساريو من بينهم اعضاء في اللجنة التنفيذية والمكتب السياسي وبعض الاطر الاعلامية عقدت مباشرة بعد معاهدة وجدة بين ملك المغرب والقذافي صيف 1984، حيث اشرف الرئيس محمد عبد العزيز على اللقاء الذي كان موضوعه "تداعيات الموقف الجديد على القضية الصحراوية وكيفية مواجهة ارتداداته" على المستويين الدولي والافريقي .
لم يكن يعرفني فسأل عني حيث قدمني له احد الرفاق، فرحب بالضيف الجديد على" الاسرة الاعلامية الدبلوماسية" حيث كان الاعلام والخارجية لجنة واحدة يرأسها عضو من اللجنة التنفيذية لجبهة البوليساريو، حيث سلم علي ثم جلس وتوجه بالاسئلة التي تخص اللقاء لوزير الاعلام الذي كان وقتها المحفوظ اعلي بيبا بصفته كذلك الوزير الاول وقبل ذلك زارنا في ليبيا خلال الثمانينات حيث زار مكتب الجبهة هناك في طرابلس والتقينا صدفة لكن لم يدر بيننا اي حديث فلم يكن المقام يتسع لهكذا حوار ..
ومنذ التسعينيات توطدت العلاقة بالرئيس الشهيد بحكم العمل في الواجهة الاعلامية وحيث انه رحمه الله كان يشرف شخصيا على الكثير من اللقاءات والاجتماعات التي تعقدها الجهات المكلفة ب"تأطير وتوجيه الخطاب" الدبلوماسي الاعلامي ، سواء في برياسة الجمهورية او في وزارة الاعلام،
وحتى في الخارج حيث يعمد إلى الاجتماع المراسلين المرافقين له وفي حالة تعذر ذلك يعد هو بالتعاون مع مرافقه المراسلة او الخبر .
كما كان رحمه الله عليه يتابع ما ينشر عن القضية الوطنية بكل تفاصيل.. واكثر من هذا كان يقدم النصائح والارشادات في كيفية التعبير عن المواقف سواء في مد المعطيات او في تحرير الرسائل والمذكرات التي توجه للشخصيات والمنظمات الدولية حيث كان يسهر على "تدقيق المفاهيم واختيار وانتقاء المصطلحات والتسميات" وفي حتى الترجمة.
له ملاحظات قيمه كان يمدها للقائمين على العمل خاصة كيفية توجيه الراي العام الوطني و مخاطبة الرأي العام الدولي ، وفي التعبير عن المواقف، وأهمية التفريق بين الجمهور المحلي والدولي وفي كذلك حرصه على إيصال المعلومة لأكبر نطاق ، فكان يشرف على الترجمة في بعض الأحيان، خاصة تلك المذكرات الموجهة الشخصيات الدولية ، هذ بجانب اهتمامه الأرشيف والتوثيق واستغلال ذلك في كل مناسبة .
كان يسهر على مد المعطيات والاخبار،خاصة لما يتعلق الامر بقضايا ذات اهمية كبيرة، او تلك التي تنطوي على "التباس" او "انتقائية".. وفي هذا المقام،كان يبادر الى تقديم ملاحظاته. وكان يشرف على اجتماعات دورية القايمين على الرسالة الإعلامية، وأشرف على تأسيس ورعاية وكالة الأنباء الصحراوية بجانب رعايته المستمرة للأسرة الإعلامية وحضور مناسباتها الوطنية .
من الامور المهمة التي تعلمناها من الرئيس الشهيد محمد عبد العزيز ، كيفية التعامل مع القضايا الساخنة، يجب أن يتم فقط عندما تهدأ فالوجبات تطبخ وتغلى لكنها تستهلك فقط عندما تكون هامدة..
فكان المستمع "الجيد" والقارئ "المتميز".
ربما يسألك عن قضية تبدو لك "واهية" لكن ثمك شئ ربما يريد ان يقوله من خلال السؤال فقط، بعض الاحيان يريد توضيح موقف، فيعمد الى الاسئلة قصد استفزاز الذاكرة او معرفة كيفية هضم مسالة معينة او وقعها على الراي العام .
الرجل يملك ذاكرة متميزة ، وهذا الموضوع تكتشفته من اسيلته التي تتم عن معرفة بل بحر من المعلومات والمعطيات، ربما يسألك عن قضية تبدو لك غريبة لشدة بساطتها او قدمها.. !؟ ولكن لكل مقام كان له مقال .
في لقاءاته وتوجيهاته يعتبر الوحدة الوطنية "حجر الزاوية" في مواجهة العدو، وكذلك فإن وحدة القيادة تخلق وحدة التصور والتفكير المنسجم ، وفي غياب المعلومات والمعطيات خاصة بالنسبة للرأي العام يدخل التشكيك وضبابية الرؤية ومن ثمة يمكن أن تضلل الناس .. ولذلك كان حرصه شديدا على أهمية التنظيم السياسي القايد .
الإعلام بالنسبة له وكذلك الثقافة ، ليس فقط انهما سلاح وأداة لتنوير الرأي العام الوطني ولكن أيضا لمواجهة الحرب وآثارها النفسية وتوضيح الصورة خاصة للشعب المغربي .
ففي غياب المعلومة الصحيحة تحل مكانها الإشاعة ، ذلكم ان الطبيعة لا تقبل الفراغ كما يقول المثل .
فكان يحرس على لقاء القايمين على وسايل الاعلام في اجتماعات أسبوعية او الاتصال بهم بشكل مستمر ومدهم بالمعلومات والمعطيات بما فيها الأفكار والتوجيهات ووضع رجل الإعلام في صلب المواقف.
الكاتب والاعلامي : السالك مفتاح