الشعب الذي عاش مع العواصف الرملية!!
أزعور إبراهيم
العواصف الرملية،أو (القلگة)،هي واحدة من أقسى الملمَّات، التي عانى منها الشعب الصحراوي في اللجوء، وأسهل ما يمكن أن تستعاد ذكراه؛ من سنوات حارقة، و طقس متطرف..
و كانت فترات توقف الريح قليلة، فهي بمثابة مهلة محددة لوقف القتال، لفترة وجيزة، بين متحاربين!!
وما كانت تهدأ عاصفة، حتى تهب أخرى أشد،و أكثر شقاوة، من تجاه مختلف..
وكانت كل عاصفة تمثل نكبة؛ رغم انها تفعل شيء نفسه بالخيم المهترئة، حيث تطرحها أرضا، وهي ممزقة إلى أشلاء يصعب إعادة تجميعها….
ومع أنهم أبناء بادية، ويعرفون الشئ الكثير عن الصحراء، و بإمكانهم التنبؤ بكل أحوالها؛ إلا أنه لا شيء ينفعهم من كل هذا؛ لأن العاصفة كانت تعيد فعل ما تفعله في المرات السابقة بكل يسر،حيث تقتلع الخيام من مكانها، وتذهب بالأمتعة، وتبقى الحصى تنخر عظامهم، وتدمع أعينهم، وتسد أنوفهم، ليوم كامل، وربما لأيام أخر..
و على إثر ذلك. تقوم النساء بإعادة تجميع حطام الخيم، بشدها إلى بعضها،و ترقيعها يدويا على ضوء الشمس إحياء لعادة مجتمعية، تضامنية، تسمى: (أتويزة).
كنا نسمع صفير العاصفة، وهي تقترب،ونستمتع بمنظر الأجسام الطائرة في عين العاصفة، قبل أن تبدأ في ابتلاع الخيم، وسط صراخ النساء، وعويل الأطفال.
أحيانا. كانت تأتي زوبعة في شكل قمع مقلوب، وهي تدور، وتقتلع أي شيء تجده في طريقها.
وبينما يحاصرنا الخوف،نحن الأطفال،كنا نسمع كبار السن يقولون بانها "تطيع ربها"، ويقرأون بعض التعاويذ،مثل:
" جنبي يا الرياح خيمتنا فيها النبي"!!
"سليمان ملك الرياح"!!
و للعاصفة في (حسانيتنا)، المتداولة، أسماء كثيرة
منها: (الگتمة)،(الريح)،(القلگة)،(الگهرة)،(أزعافيگ)
(آلحيحيس)، هذا بحسب قوة و شدة الرياح، أما فيما يخص اتجاه هبوب الرياح، فنقول:
(گبلية)، إذا كانت جنوبية.
(شرگية)،إذا كانت شرقية.
(ساحلية)،إذا كانت غربية.
(تلية)،إذا كانت شمالية.
و بعد كل فاجعة كان (التنظيم)،يؤدي الواجب ذاته،.حيث ترسل الإدارة، لجنة من مجلس الدائرة، لإحصاء الخسائر وتعويض المتضررين في انتظار اقتراب عاصفة جديدة.