-->

تاريخ المنظمة الطليعية لتحرير الصحراء ومسيرة الفقيد سيد ابراهيم بصيري




الصحراء الغربية (وكالة المغرب العربي للانباء المستقلة) شهر يونيو هو شهر بداية الانتفاضة السلمية في الصحراء الغربية سنة 1970 بقيادة المنظمة الطليعية لتحرير الصحراء التي اسسها الفقيد سيد ابراهيم بصير، وفيما يلي تخصص لاماب المستقلة اولى حلقاتها لاستعراض مسيرة الحركة الثورية في الصحراء الغربية في اساليبها السلمية التي تطورت عبر مراحل التاريخ باساليب مختلفة لكنها حافظت على الرسالة والهدف من اجل الحرية وتقرير المصير في الصحراء الغربية ومجابهة الاستعمار وقوى الغزو الخارجية.

وفي ذكرى انتفاضة 17 يونيو 1970 نستحضر الزعيم والبطل سيد ابراهيم بصيري الذي كان يقول:"" أفضل الموت ويكتبني التاريخ شهيدا وتقدسني الأجيال القادمة من أن يكتب عني التاريخ الفرار وتلعنني الأجيال القادمة."
بعد عودته من المشرق العربي اسس جريدة الشموع التي شغل رئيس تحرير والتي منعت من الصدور في المغرب بسبب مقال يدعو فيه الى ان الصحراء للصحراويين
مع نهاية 1967 التي تشكل سنة متميزة في تاريخ المنطقة بادرت اسبانيا إلى طرح مشروع ضم الصحراء الغربية إليها حينها قرر محمد سيد إبراهيم بصيري مغادرة الدار البيضاء المغربية باتجاه الصحراء الغربية وأقام بمدينة السمارة أين تقيم عائلته حيث اشتغل بتدريس العربية وعلوم القرآن.
وشكلت حالة "الفراغ السياسي" التي عاشتها المنطقة في ظل العدمية السياسية والأمية التي كانت تضرب أطنابها في اوساط المجتمع الصحراوي، بفعل السياسات الاستعمارية الرامية الى تجهيل الصحراويين، وتغييب الوعي ومحاربة المعرفة، وهى عوامل ساهمت في بروز الحركة الطليعية لتحرير الصحراء كما أفرزت تحديات ورهانات جديدة كان في مقدمتها كيف تتم المزاوجة بين خطابين متناقضين ،وسط أجيج حرب مشتعلة ومؤامرة دولية كانت خيوطها تنسج على نار هادئة في غياب الصحراويين وبرعاية قوى خفية تلعب على الحبلين تارة بين واشنطن ومدريد وأخرى بين الرباط وباريس وفي هذا السياق يدخل ميلاد المنظمة الطليعية لتحرير الصحراء كتتويج لتضحيات الشعب الصحراوي و اغناء لرصيد مقاومته الباسلة وبرؤية واضحة تنسجم و المعطيات الجديدة لكفاح الشعوب ، فهي لم تكن على الإطلاق ذات طابع ديني ولا من تدبير خارجي، انما كانت تحول نوعي في المقاومة الصحراوية و لبنة اساسية في التاريخ الصحراوي المعاصر.
وفي أكتوبر 1969 ونتيجة سماع خبر من إذاعة البي بي سي البريطانية نقلا عن صحيفة "الابزيرفر" التي كشفت أن اسبانيا قد تقدم على تقسيم المنطقة عقب تخليها وتسليمها لمنطقة "طرفاية" للمغرب "اختمرت" فكرة تأسيس "حركة" لمواجهة تلك "المؤامرة"والتصدي لها في المهد وذلك في اجتماع موسع تواصل طوال الليل وتمخض عنه الاتفاق على تأسيس تنظيم مناهض للاستعمار الاسباني ،أطلقوا عليه اسم "حركة تحرير الساقية الحمراء ووادى الذهب" التي عرفت كذلك باسم الحركة الطليعية لتحرير الصحراء الغربية وفي الاجتماع لم يكن قد أعلن عن رئيس أو مؤسس الحركة ، لكن تم تعيينه في الاجتماعات التالية رغم انه لا يملك وثائق لكن "خبرته وحنكته ودرايته" بالقضايا جعلت أعضاء الحركة ينتخبونه على رأس المنظمة.
وقد اختار بصيري أن يكون عمل الحركة سلميا من خلال تقديم مذكرة تتضمن مطالب الحركة وفي مرحلة ثانية يتم اللجوء للقوة في حال رفض الحلول السلمية لهذا اتصل بصيري بالطلبة الصحراويين خاصة في مدينة العيون متخذا من الخطاب "الديني" وسيلة لمواجهة المستعمر الغربي والمطالبة بنصر المسلمين، بينما الهدف كان سياسي وهو خلق إجماع صحراوي لطرد الاستعمار الاسباني.
اتفق الحاضرون على توجيه مذكرة عنوانها "رسالة مفتوحة من الشعب الصحراوي إلى الحاكم العام الاسباني في الصحراء الغربية" كتبها بصيري في السمارة وسلمها أعضاء من الحركة يوم 17يونيو إلي الحاكم الاسباني في العيون- ديلما - الذي كان ساعتها في اجتماع للإعلان بان الصحراء هي المقاطعة الاسبانية رقم 53
وطالما عبر بصيري في مذكرته عن رغبته الواضحة في حرية الشعب العربي الصحراوي الذي لم يخضع في يوم من الأيام لسلطات شعوب أخرى،- على حد قوله- و يرفض الانضمام لأي دولة مجاورة من الشرق أو من الشمال أو من الجنوب. وطالب من الحاكم الاسباني الاتفاق المشترك مع الشعب الصحراوي على منحه الحق في أن يحكم نفسه بنفسه بشكل تدريجي.
"يظل بصير على ذمة التحقيق وعلى مسؤولية اسبانيا مثل قضية تقرير مصير شعب وارض سلمت على طبق من ذهب للمغرب في صك اتفاقيات مدريد، في خيانة القرن التي ارتكبتها الدولة الاسبانية في حق الصحراويين" كما اوضح احد الكتاب والدارسين لسيرة الرجل
المعلومات لدى اقاربه ومن اتصل به منذ ان بات في قبضة الادارة الاسبانية منذ ليلة ثامن عشر يونيو 1970، تفيد انه اودع السجن المركزي في العيون منفردا تحت حراسة الشرطة والجيش الاسبانيين وقد وجد نفسه مهددا بالتصفية الجسدية وتحت الاستنطاق الشديد والتحقيق العميق حتى انه تمت الاستعانة سبعة محققين كل واحد في قضية مستقلة عن الاخر ،الرابط بينهم ادارة التحقيق وجال الاستخبارات الكبار في الدولة الاسبانية
الحقيقة الاخرى ، ان اسبانيا كانت تدرك انها امام "غنيمة كبيرة" وتحاصر "خطرا داهما" وامام شخصية استثنائية، بحسب الكاتب الاسباني اغيري في كتابه الصحراء : تاريخ خيانة، مضيفا "ان بصيري مر بعدة سجون داخل وخارج المنطقة ( السجن المركزي في العيون , منطقة سيدي بويا بذات المدينة، ثكنة المدفعية جوار السينما بالعيون , الدورة،تيني ريفي بجزر الخالدات).
وتتحدث شهادات دونها الكاتب الاسباني توماس باربولو في كتابه "تاريخ اسبانيا المحظور في الصحراء" ان ضباط الاستخبارت الاسبان كانوا على يقين انهم امام سياسي وشخصية متميزة
وبحسب الذين قادوا التحقيق فان بصيري شخصية قيادية جيد التحضير يتمتع بمستوى راقي ولكن المفارقة انه رغم اعتقاله الا ان صوره وزعت على المراكز في الحدود كمطلوب او هارب من السجن
"وقد تولى قائد المدنية وتحت امرة رئيس المنطقة،متابعة الملف منذ البداية وحتى النهاية في شخص ضباط من الاستخبارت الاسبان منهم من لازال على قيد الحياة ومنهم من ترك شهادات ووثائق جيدة التوثيق" بحسب ذات المصادر
وحيال حقيقة اين هو بصيري، يقول الكاتب الاسباني "انه لم يكن منطقيا ومن غير المستساغ ان يكون بصيري قد هرب اوسلم لجهات خارج اسبانيا، بل المنطقي ان يكون قد لفظ انفاسه تحت التعذيب وبقي مجهولا مطمورا في حديقة من حدائق النظام الديكتاري الاسباني الرهيب،لكن ذلك لايعفي اسبانيا من المسؤولية ليس فقط فيما بخص بصيري بل مصير قضية برمتها"
"انه اقدم مفقود على وجه الارض ، في الصحراء الغربية يبقى قميص بصيري لعنة تلاحق اسبانيا لايعادلها الا تصفية الاستعمار المصادرمنذ ازيد من اربعين سنة" حسبما قال الرئيس محمد عبد العزيز في ذكرى فقدان الرجل الاربعين.

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *