هل أمير قاعدة الساحل موريتاني؟
موريتانيا(وكالة المغرب العربي للانباء المستقلة) وصف مختص في الساحل ،إعلان قائد كتيبة “الملثمون”، الجزائري مختار بلمختار، المعروف بلقبه “بلعور”،
عن تنحيه وحل تنظيمه وانصهاره مع جماعة “التوحيد والجهاد في غرب إفريقيا”، التي يقودها الأزوادي “أحمد ولد عامر” المكنى “أحمد التلمسي”، في تنظيم جديد يسمى “المرابطون”، بالمراجعة العسكرية وليس الفكرية، مما يعني أن أمراء الحركات الجهادية المعروفين آثروا التواري عن الأنظار لصالح قيادات جديدة غير معروفة في المنطقة، والتموقع في مناطق "جهادية" غير التي عرفوا فيها، في إطار هيكلة جديدة تستلزمها المتغيرات التي تعرفها المنطقة الصحراوية الرابطة بين حدود مالي، النيجر،تونس،الجزائر ،ليبيا، بعد التدخل الفرنسي، والمعلومات الدقيقة التي أصبحت تتوفر عليها الأجهزة السرية الإقليمية والفرنسية عن أمراء القاعدة وتحركاتهم، بفضل معلومات قدمها من لهم صلات بهم والأجهزة الالكترونية والوثائق التي تم العثور عليها، وتجنيد أعداد كبيرة من الأعوان " اغلبهم من طوارق وعرب المنطقة"لملاحقتهم.
الوصول الى مخبأ أمير القاعدة أبوزيد في شمال مالي ،من ثم قتله تم بعد استجواب مصالح الأمن الجزائرية لثلاثة أشخاص ، وتم نقل نتائج البحث الى الفرنسيين مما مكّنهم من الوصول إلى عبد الحميد ابوزيد، ويلاحظ اهتمام القوات الفرنسية في شمال مالي بمخلفات الجماعات الجهادية، خاصة ما يتعلق بأجهزة الاتصال الفضائي.
وتهتم عدة أجهزة مخابراتية بتعقب أمراء القاعدة في المنطقة، بل ان هناك صراع من اجل الوصول الى " الكنز" ، وهي المخابرات الجزائرية والفرنسية والأمريكية بالتعاون مع البريطانيين وتحرص هذه الجهات على الوصول للهدف حيا، وتفيد مصادر مطلعة في شمال مالي بأن خلافا نشب بين الفرنسيين والتشاديين بسبب مقتل ابوزيد، كان الفرنسيون بحاجة الى اعتقاله وليس قتله وهو ما لم يفهمه التشاديون.
وساهم مخبرون من المتعاونين مع القاعدة في تسهيل عملية تعقب الفرنسيين لأبوزيد، والآن مختار بلمختار في حملتهم على شمال مالي .
وتحقق مصالح الأمن الجزائرية في تورّط جزائريين في تعقب أمراء القاعدة لصالح القوات الفرنسية بالتعاون مع ليبيين، وتشير المعلومات الى أن الفرنسيين جنّدوا المتعاونين معهم عن طريق وسطاء ليبيين، أثناء عقد صفقات سلاح لصالح القاعدة قبل عامين .
تنازل زعيما التنظيمين المنشقين عن القاعدة، مختار بلمختار وأحمد ولد عامر، عن قيادة التنظيم الجديد " المرابطون" وإسناد تلك المهمة إلى شخصية لم يكشف عن هويتها"يرجح أن تكون موريتانيا"، تفرضه تعدد جبهات القتال، جبال الشعانبي في تونس ، وفي ليبيا، بالإضافة إلى معركة شمال مالي التي يبدو ان الحركات الجهادية تعد لها العدة، إن لم تكن مستمرة، حيث اتهم مصدر في الحركات الجهادية في ازواد، القوات الفرنسية بالتكتم على خسائرها في مواجهات وقعت يوم 17 أغسطس الجاري مع عناصر من جماعتي التوحيد والجهاد والملثمون .
وقال المصدر في اتصال هاتفي مع وكالة للأنباء إن سرية مؤلفة من سيارتين اشتبكت مع دورية من القوات الفرنسية عند بلدة "اجنينات اتواجي" قرب "تيمدغين" في وسط أزواد، مضيفا أنهم تمكنوا من تدمير وإعطاب بعض الآليات الفرنسة وقتل وإصابة عدد من الجنود . واعترف المصدر بمقتل أربعة من المسلحين الإسلاميين خلال تلك المواجهات، ينحدرون من منطقة أزواد، مضيفا أن فرنسا تكتمت على الحادث ولم تعلن عنه، رغم سقوط قتلى وجرحى في صفوفها.
كما تشير معطيات أمنية ، أن بلمختار وعبد السلام طرمون قائد "حركة أبناء الصحراء الكبرى من أجل العدالة" يخوضان المعارك إلى جانب جهاديي تونس في جبال الشعانبي ، وتفيد المصادر أن هناك علاقة جيدة بين حركة الموقعون بالدم وأبناء الصحراء والعناصر الجهادية التونسية، وتستدل على ذلك بمشاركة عدد كبير من التونسيين في الاعتداء على القاعدة الغازيّة في تيڤنتورين شهر يناير الماضي، كما أن جماعتي طرمون وبلعور عملتا على تزويد المتحصنين في الشعانبي بالسلاح والمواد المتفجرة لتنفيذ عمليات إرهابية في تونس والجزائر، عبر المعابر والمسالك المحاذية للحدود بين الجزائر وتونس، انطلاقا من الأراضي الليبية التي أصبحت ملاذا لهما بعدما أرغمتهما فرنسا على الهروب من مالي، مشيرة إلى أن اغتيال الجنود التونسيين الثمانية بالتنسيق مع بلمختار، وبأسلحة ليبية مهربة .
إعادة الهيكلة والتموقع ،تفرضه أيضا الإجراءات الأمنية والعسكرية الجديدة في عموم المناطق الحدودية، حيث نشرت السلطات الفرنسية والجزائرية العشرات من الأعوان في المنطقة ، بحثا عن الرهائن الفرنسيين وأعضاء القنصلية الجزائرية بغاوا المختطفين، بالإضافة إلى التعاون الوثيق بين الجيش الفرنسي والحركات الطوارقية، الحركة الوطنية لتحرير ازواد، والمجلس الموحد لأزواد، القريب من بعض الجهات الجزائرية ، وفي وقت أطلقت فيه السلطات المالية، بدورها عملية كبيرة لإعادة مخبريها وموظفيها إلى شمال مالي، عبر عملية "تحفيز" بتمويل فرنسي، يحصل بمقتضاها كل موظف يعود او يوقع على تسلم عمله في الشمال ، على مبلغ 200 دولار شهريا، ومنحة لكل لاجئ عائد تقدر ب300 دولار.
التدخل الفرنسي والتنسيق الإستخباراتي الدولي" قاعدة أمريكية لطائرة بدون طيار في شمال النيجر، تنسيق مخابراتي مغاربي بقيادة فرنسية"، الذي صاحب العملية في الشمال المالي،صعب على التنظيمين ، حرية التحرك كما كان خلال السنوات الماضية بفضل الأموال المتحصل عليها من فدى وعمليات تهريب، وعقد علاقات تعاون مع أطراف محلية تربطهم بهما مصالح مالية :حركات الطوارق و قيادات من الجيش المالي ومن أركان نظام الرئيس المالي السابق توماني توري، لكن ذلك قل بعد الحرب الأخيرة وان كانت صلات الوصل لا زالت قائمة، إما طمعا في استئناف عمليات التهريب، والتي تدر أموالا طائلة على الطرفين معا،او الخوف من الا تثمر العملية التفاوضية في شمال مالي عن نتائج مرضية بالنسبة للإطراف الازوادية، تقنعهم بالاستمرار في قطع العلاقات ومحاصرة العناصر الجهادية على الأقل في محيط المدن الكبرى.
تسعى الحركات الجهادية في الساحل إلى إعادة هيكلة نفسها، ولملمت أعضائها الذين تواروا عن الأنظار بمجرد التدخل الفرنسي الإفريقي، ونقل كبار القادة إلى مناطق أمانة في شمال النيجر وعلى الحدود التونسية الجزائرية والجنوب الليبي وشرقها حيث إمارة درنة التي أصبحت تشكل الخطر الأكبر .
القائد الجديد لفرع القاعدة المغاربي " المرابطون"، غير معروف في المنطقة، ولا تعرف جنسيته، وصل إلى ازواد قبل فترة قادما من افغانستان ، شارك في الحرب ضد الاتحاد السوفياتي في ثمانينيات القرن الماضي "من نفس نهج وتكوين وسيرة بلمختار"، لكنه يتفوق في كونه شاب وشارك في الحرب ضد القوات الأمريكية في أفغانستان، سنة 2002 أي انه خبير بالأساليب الجديدة التي تتبعها القاعدة في عملياتها وطرق التخفي من ملاحقات الأجهزة الإستخبارتية العسكرية المتعددة الجنسيات و عمليات ملاحقة المجموعات الجهادية بواسطة الطائرات بدون طيار، وهي إمكانيات فرضت على الحركات الجهادية في شمال مالي، تغيير أساليب العمل وطرق التواري والتخفي.
القائد المجهول الاسم ،شارك في المواجهات الاخيرة في شمال مالي ،وترجح المصادر ألا يكون قائد التنظيم الجديد “المرابطون” من جنسية جزائرية، بخلاف قادة معظم التنظيمات المسلحة في المنطقة، وهو ما يؤشر على تحول نوعي وتغييرات كبيرة تكون قد وقعت داخل الحركات المسلحة في الساحل، عقب الضربات التي تلقتها سواء في الحرب ضد القوات الفرنسية، والتي خلفت مقتل القيادي عبد الحميد أبو زيد، أو في عملية الاعتداء على المنشأة الغازية بتيڤنتورين، حيث تم القضاء على أعضاء من كتيبة “الموقعون بالدم” التي أرسلها بلمختار لتنفيذ العملية الإرهابية.
وجاء في بيان بلمختار، نشرته وكالات للأنباء، أنه يعتقد أن “الوقت قد حان للتمكين لجيل جديد من أجل قيادة العمل الجهادي في المنطقة”، في إشارة عن تخليه عن زعامة التنظيم الجديد، مؤكدا أن قرار الوحدة كان “مصيريا، وقد اتخذ بإجماع الشورى "انسجاما مع رؤيتنا لواقع التنظيمات والجماعات”. وحسب قوله، فإن اتحاد الجماعتين جاء “تتويجا لجهود متواصلة بذلها الأمراء والجنود من الطرفين” مما يعني بأن الحركات الجهادية كانت واعية بالمتغيرات الجديدة،قناعة أفرزت تصورا وإستراتيجية جديدة للعمل، كانت ثمار لقاءات ومشاورات بين أمراء ومجالس شورى تلك الحركات، وهو دليل على ان الوجود الفرنسي الإفريقي في الشمال المالي لم يحد من قدرة تلك الحركات على مواصلة تحركاتها في المنطقة ولو بشكل اقل من الماضي وهو ما عبر عنه بيان جماعة التوحيد والجهاد في غرب إفريقيا، بالقول إن الوحدة تأتي “سعيا منها لجمع شمل المجاهدين عموما، وفي هذه المنطقة خصوصا، ضمن استراتيجية تأخذ بعين الاعتبار المتغيرات القادمة على المنطقة وآفاق العمل الجهادي باستخلاص الدروس والعبر من التجارب الماضية، وانطلاقا من مشروع أكثر شمولية”.
وجدد التنظيم الجديد، في بيانه كالعادة، تهديده لفرنسا وحلفائها في المنطقة، مؤكدا أن من سماهم “المجاهدين باتوا أقوى، وقد اجتمعوا وتعاهدوا على دحر جيوشكم، وتدمير مخططاتكم ومشاريعكم”. كما دعا التنظيم الجديد إلى “استهداف المصالح الفرنسية أينما وجدت، وضرب المصالح الصليبية المتواجدة في كل مكان.
يلاحظ في بيان بلمختار، انه استخدم مصطلح ازواد بدلا من شمال مالي، ولهذا مغزى واضح ،وهو ما تمثله هذه التسمية لسكان المنطقة من معان ،لعل من أهمها أنها هي المميز لهم عن سكان جنوب مالي، كما ان لها دلالة عاطفية و ثقافية ومناطقية واضحة، وهو بالتالي يلعب على هذا الوتر لجذب مؤيدين للتنظيم الجديد " المرابطون"، وهو معطى كان حاضرا لدى بلعور عندما أعلن قيام تنظيمه " الملثمون".
كما أن بيان التنظيمين المندمجين " الملثمون" وحركة التوحيد والجهاد في غرب افريقيا، يعطي أهمية كبرى لمنطقة ازواد، كمنطلق للعملية الجهادية ضد المصالح الفرنسية، مما يعني أن التدخل الفرنسي لم يفقد المنطقة أهميتها ، لعدة أسباب تدركها الحركات الجهادية التي تعايشت لفترة مع سكان المنطقة: أولا أن الطموحات الانفصالية لا زالت تدغدغ مشاعر الازواديين، ثانيا وجود حواضن لهذه العناصر في غياب أية مؤشرات للقطع مع تعامل السلطات مع سكان المنطقة، ليس سلطات مالي فقط ، بل فرنسا ودول المنطقة "الجزائر و ليبيا والنيجر" ثالثا انفتاح المنطقة على عدة دول وضعف المراقبة الأمنية، وان وجدت فان تكاليفها باهظة،سهولة اختراق الأنظمة نتيجة للفقر وغياب المحاسبة وانتشار الجشع، كل ذلك يمكن الحركات الجهادية من العمل بحرية أكثر وبتحقيق أهدافها ، خاصة التمويلية حيث تنتشر عمليات تهريب المخدرات بكل أصنافها والسجائر والبضائع، بالإضافة إلى المعطى الجديد المتمثل في تجارة الأسلحة المهربة من ليبيا.
تحول ثقل الحركات الجهادية في الساحل من الجزائر لصالح موريتانيا ومن ثم ليبيا، يرجح ان يكون الأمير الجديد لقاعدة الساحل ، موريتانيا، وكذا تحول الحركات الجهادية الى العمل ضمن الأجندة الوطنية ، استراتيجيا وعملياتيا، دون التخلي عن الولاء الفكري للقاعدة ، بالإضافة إلى الدور المهم الذي قام به الموريتانيون خلال مرحلة سيطرة الحركات الجهادية على الازواد، وخبرتهم ومعرفتهم بالمنطقة وشعبها.
علي الأنصاري
عن تنحيه وحل تنظيمه وانصهاره مع جماعة “التوحيد والجهاد في غرب إفريقيا”، التي يقودها الأزوادي “أحمد ولد عامر” المكنى “أحمد التلمسي”، في تنظيم جديد يسمى “المرابطون”، بالمراجعة العسكرية وليس الفكرية، مما يعني أن أمراء الحركات الجهادية المعروفين آثروا التواري عن الأنظار لصالح قيادات جديدة غير معروفة في المنطقة، والتموقع في مناطق "جهادية" غير التي عرفوا فيها، في إطار هيكلة جديدة تستلزمها المتغيرات التي تعرفها المنطقة الصحراوية الرابطة بين حدود مالي، النيجر،تونس،الجزائر ،ليبيا، بعد التدخل الفرنسي، والمعلومات الدقيقة التي أصبحت تتوفر عليها الأجهزة السرية الإقليمية والفرنسية عن أمراء القاعدة وتحركاتهم، بفضل معلومات قدمها من لهم صلات بهم والأجهزة الالكترونية والوثائق التي تم العثور عليها، وتجنيد أعداد كبيرة من الأعوان " اغلبهم من طوارق وعرب المنطقة"لملاحقتهم.
الوصول الى مخبأ أمير القاعدة أبوزيد في شمال مالي ،من ثم قتله تم بعد استجواب مصالح الأمن الجزائرية لثلاثة أشخاص ، وتم نقل نتائج البحث الى الفرنسيين مما مكّنهم من الوصول إلى عبد الحميد ابوزيد، ويلاحظ اهتمام القوات الفرنسية في شمال مالي بمخلفات الجماعات الجهادية، خاصة ما يتعلق بأجهزة الاتصال الفضائي.
وتهتم عدة أجهزة مخابراتية بتعقب أمراء القاعدة في المنطقة، بل ان هناك صراع من اجل الوصول الى " الكنز" ، وهي المخابرات الجزائرية والفرنسية والأمريكية بالتعاون مع البريطانيين وتحرص هذه الجهات على الوصول للهدف حيا، وتفيد مصادر مطلعة في شمال مالي بأن خلافا نشب بين الفرنسيين والتشاديين بسبب مقتل ابوزيد، كان الفرنسيون بحاجة الى اعتقاله وليس قتله وهو ما لم يفهمه التشاديون.
وساهم مخبرون من المتعاونين مع القاعدة في تسهيل عملية تعقب الفرنسيين لأبوزيد، والآن مختار بلمختار في حملتهم على شمال مالي .
وتحقق مصالح الأمن الجزائرية في تورّط جزائريين في تعقب أمراء القاعدة لصالح القوات الفرنسية بالتعاون مع ليبيين، وتشير المعلومات الى أن الفرنسيين جنّدوا المتعاونين معهم عن طريق وسطاء ليبيين، أثناء عقد صفقات سلاح لصالح القاعدة قبل عامين .
تنازل زعيما التنظيمين المنشقين عن القاعدة، مختار بلمختار وأحمد ولد عامر، عن قيادة التنظيم الجديد " المرابطون" وإسناد تلك المهمة إلى شخصية لم يكشف عن هويتها"يرجح أن تكون موريتانيا"، تفرضه تعدد جبهات القتال، جبال الشعانبي في تونس ، وفي ليبيا، بالإضافة إلى معركة شمال مالي التي يبدو ان الحركات الجهادية تعد لها العدة، إن لم تكن مستمرة، حيث اتهم مصدر في الحركات الجهادية في ازواد، القوات الفرنسية بالتكتم على خسائرها في مواجهات وقعت يوم 17 أغسطس الجاري مع عناصر من جماعتي التوحيد والجهاد والملثمون .
وقال المصدر في اتصال هاتفي مع وكالة للأنباء إن سرية مؤلفة من سيارتين اشتبكت مع دورية من القوات الفرنسية عند بلدة "اجنينات اتواجي" قرب "تيمدغين" في وسط أزواد، مضيفا أنهم تمكنوا من تدمير وإعطاب بعض الآليات الفرنسة وقتل وإصابة عدد من الجنود . واعترف المصدر بمقتل أربعة من المسلحين الإسلاميين خلال تلك المواجهات، ينحدرون من منطقة أزواد، مضيفا أن فرنسا تكتمت على الحادث ولم تعلن عنه، رغم سقوط قتلى وجرحى في صفوفها.
كما تشير معطيات أمنية ، أن بلمختار وعبد السلام طرمون قائد "حركة أبناء الصحراء الكبرى من أجل العدالة" يخوضان المعارك إلى جانب جهاديي تونس في جبال الشعانبي ، وتفيد المصادر أن هناك علاقة جيدة بين حركة الموقعون بالدم وأبناء الصحراء والعناصر الجهادية التونسية، وتستدل على ذلك بمشاركة عدد كبير من التونسيين في الاعتداء على القاعدة الغازيّة في تيڤنتورين شهر يناير الماضي، كما أن جماعتي طرمون وبلعور عملتا على تزويد المتحصنين في الشعانبي بالسلاح والمواد المتفجرة لتنفيذ عمليات إرهابية في تونس والجزائر، عبر المعابر والمسالك المحاذية للحدود بين الجزائر وتونس، انطلاقا من الأراضي الليبية التي أصبحت ملاذا لهما بعدما أرغمتهما فرنسا على الهروب من مالي، مشيرة إلى أن اغتيال الجنود التونسيين الثمانية بالتنسيق مع بلمختار، وبأسلحة ليبية مهربة .
إعادة الهيكلة والتموقع ،تفرضه أيضا الإجراءات الأمنية والعسكرية الجديدة في عموم المناطق الحدودية، حيث نشرت السلطات الفرنسية والجزائرية العشرات من الأعوان في المنطقة ، بحثا عن الرهائن الفرنسيين وأعضاء القنصلية الجزائرية بغاوا المختطفين، بالإضافة إلى التعاون الوثيق بين الجيش الفرنسي والحركات الطوارقية، الحركة الوطنية لتحرير ازواد، والمجلس الموحد لأزواد، القريب من بعض الجهات الجزائرية ، وفي وقت أطلقت فيه السلطات المالية، بدورها عملية كبيرة لإعادة مخبريها وموظفيها إلى شمال مالي، عبر عملية "تحفيز" بتمويل فرنسي، يحصل بمقتضاها كل موظف يعود او يوقع على تسلم عمله في الشمال ، على مبلغ 200 دولار شهريا، ومنحة لكل لاجئ عائد تقدر ب300 دولار.
التدخل الفرنسي والتنسيق الإستخباراتي الدولي" قاعدة أمريكية لطائرة بدون طيار في شمال النيجر، تنسيق مخابراتي مغاربي بقيادة فرنسية"، الذي صاحب العملية في الشمال المالي،صعب على التنظيمين ، حرية التحرك كما كان خلال السنوات الماضية بفضل الأموال المتحصل عليها من فدى وعمليات تهريب، وعقد علاقات تعاون مع أطراف محلية تربطهم بهما مصالح مالية :حركات الطوارق و قيادات من الجيش المالي ومن أركان نظام الرئيس المالي السابق توماني توري، لكن ذلك قل بعد الحرب الأخيرة وان كانت صلات الوصل لا زالت قائمة، إما طمعا في استئناف عمليات التهريب، والتي تدر أموالا طائلة على الطرفين معا،او الخوف من الا تثمر العملية التفاوضية في شمال مالي عن نتائج مرضية بالنسبة للإطراف الازوادية، تقنعهم بالاستمرار في قطع العلاقات ومحاصرة العناصر الجهادية على الأقل في محيط المدن الكبرى.
تسعى الحركات الجهادية في الساحل إلى إعادة هيكلة نفسها، ولملمت أعضائها الذين تواروا عن الأنظار بمجرد التدخل الفرنسي الإفريقي، ونقل كبار القادة إلى مناطق أمانة في شمال النيجر وعلى الحدود التونسية الجزائرية والجنوب الليبي وشرقها حيث إمارة درنة التي أصبحت تشكل الخطر الأكبر .
القائد الجديد لفرع القاعدة المغاربي " المرابطون"، غير معروف في المنطقة، ولا تعرف جنسيته، وصل إلى ازواد قبل فترة قادما من افغانستان ، شارك في الحرب ضد الاتحاد السوفياتي في ثمانينيات القرن الماضي "من نفس نهج وتكوين وسيرة بلمختار"، لكنه يتفوق في كونه شاب وشارك في الحرب ضد القوات الأمريكية في أفغانستان، سنة 2002 أي انه خبير بالأساليب الجديدة التي تتبعها القاعدة في عملياتها وطرق التخفي من ملاحقات الأجهزة الإستخبارتية العسكرية المتعددة الجنسيات و عمليات ملاحقة المجموعات الجهادية بواسطة الطائرات بدون طيار، وهي إمكانيات فرضت على الحركات الجهادية في شمال مالي، تغيير أساليب العمل وطرق التواري والتخفي.
القائد المجهول الاسم ،شارك في المواجهات الاخيرة في شمال مالي ،وترجح المصادر ألا يكون قائد التنظيم الجديد “المرابطون” من جنسية جزائرية، بخلاف قادة معظم التنظيمات المسلحة في المنطقة، وهو ما يؤشر على تحول نوعي وتغييرات كبيرة تكون قد وقعت داخل الحركات المسلحة في الساحل، عقب الضربات التي تلقتها سواء في الحرب ضد القوات الفرنسية، والتي خلفت مقتل القيادي عبد الحميد أبو زيد، أو في عملية الاعتداء على المنشأة الغازية بتيڤنتورين، حيث تم القضاء على أعضاء من كتيبة “الموقعون بالدم” التي أرسلها بلمختار لتنفيذ العملية الإرهابية.
وجاء في بيان بلمختار، نشرته وكالات للأنباء، أنه يعتقد أن “الوقت قد حان للتمكين لجيل جديد من أجل قيادة العمل الجهادي في المنطقة”، في إشارة عن تخليه عن زعامة التنظيم الجديد، مؤكدا أن قرار الوحدة كان “مصيريا، وقد اتخذ بإجماع الشورى "انسجاما مع رؤيتنا لواقع التنظيمات والجماعات”. وحسب قوله، فإن اتحاد الجماعتين جاء “تتويجا لجهود متواصلة بذلها الأمراء والجنود من الطرفين” مما يعني بأن الحركات الجهادية كانت واعية بالمتغيرات الجديدة،قناعة أفرزت تصورا وإستراتيجية جديدة للعمل، كانت ثمار لقاءات ومشاورات بين أمراء ومجالس شورى تلك الحركات، وهو دليل على ان الوجود الفرنسي الإفريقي في الشمال المالي لم يحد من قدرة تلك الحركات على مواصلة تحركاتها في المنطقة ولو بشكل اقل من الماضي وهو ما عبر عنه بيان جماعة التوحيد والجهاد في غرب إفريقيا، بالقول إن الوحدة تأتي “سعيا منها لجمع شمل المجاهدين عموما، وفي هذه المنطقة خصوصا، ضمن استراتيجية تأخذ بعين الاعتبار المتغيرات القادمة على المنطقة وآفاق العمل الجهادي باستخلاص الدروس والعبر من التجارب الماضية، وانطلاقا من مشروع أكثر شمولية”.
وجدد التنظيم الجديد، في بيانه كالعادة، تهديده لفرنسا وحلفائها في المنطقة، مؤكدا أن من سماهم “المجاهدين باتوا أقوى، وقد اجتمعوا وتعاهدوا على دحر جيوشكم، وتدمير مخططاتكم ومشاريعكم”. كما دعا التنظيم الجديد إلى “استهداف المصالح الفرنسية أينما وجدت، وضرب المصالح الصليبية المتواجدة في كل مكان.
يلاحظ في بيان بلمختار، انه استخدم مصطلح ازواد بدلا من شمال مالي، ولهذا مغزى واضح ،وهو ما تمثله هذه التسمية لسكان المنطقة من معان ،لعل من أهمها أنها هي المميز لهم عن سكان جنوب مالي، كما ان لها دلالة عاطفية و ثقافية ومناطقية واضحة، وهو بالتالي يلعب على هذا الوتر لجذب مؤيدين للتنظيم الجديد " المرابطون"، وهو معطى كان حاضرا لدى بلعور عندما أعلن قيام تنظيمه " الملثمون".
كما أن بيان التنظيمين المندمجين " الملثمون" وحركة التوحيد والجهاد في غرب افريقيا، يعطي أهمية كبرى لمنطقة ازواد، كمنطلق للعملية الجهادية ضد المصالح الفرنسية، مما يعني أن التدخل الفرنسي لم يفقد المنطقة أهميتها ، لعدة أسباب تدركها الحركات الجهادية التي تعايشت لفترة مع سكان المنطقة: أولا أن الطموحات الانفصالية لا زالت تدغدغ مشاعر الازواديين، ثانيا وجود حواضن لهذه العناصر في غياب أية مؤشرات للقطع مع تعامل السلطات مع سكان المنطقة، ليس سلطات مالي فقط ، بل فرنسا ودول المنطقة "الجزائر و ليبيا والنيجر" ثالثا انفتاح المنطقة على عدة دول وضعف المراقبة الأمنية، وان وجدت فان تكاليفها باهظة،سهولة اختراق الأنظمة نتيجة للفقر وغياب المحاسبة وانتشار الجشع، كل ذلك يمكن الحركات الجهادية من العمل بحرية أكثر وبتحقيق أهدافها ، خاصة التمويلية حيث تنتشر عمليات تهريب المخدرات بكل أصنافها والسجائر والبضائع، بالإضافة إلى المعطى الجديد المتمثل في تجارة الأسلحة المهربة من ليبيا.
تحول ثقل الحركات الجهادية في الساحل من الجزائر لصالح موريتانيا ومن ثم ليبيا، يرجح ان يكون الأمير الجديد لقاعدة الساحل ، موريتانيا، وكذا تحول الحركات الجهادية الى العمل ضمن الأجندة الوطنية ، استراتيجيا وعملياتيا، دون التخلي عن الولاء الفكري للقاعدة ، بالإضافة إلى الدور المهم الذي قام به الموريتانيون خلال مرحلة سيطرة الحركات الجهادية على الازواد، وخبرتهم ومعرفتهم بالمنطقة وشعبها.
علي الأنصاري
المصدر: أقلام حرة