-->

محمد كريشان يسوق لتوسيع مساحة الركوع في المنطقة المغاربية

رد على مقال الصحفي محمد كريشان:
محمد كريشان يسوق لتوسيع مساحة الركوع في المنطقة المغاربية إن المتصفح لمقال صحفي الجزيرة محمد كريشان المنشور في جريدة القدس العربي المؤرخة في 11 نوفمبر 2014 تحت عنوان " قضية الصحراء الغربية المهملة "سيتملكه و دون أدنى شك شعور بالشفقة على معلومات ومهنية هذا الإعلامي، بل وحتى على طريقة تفكيره و تسويق رؤياه فيما يتعلق بقضية الصحراء الغربية ، فلا هو أظهر من الإطلاع ما يليق بمستواه الأكاديمي و المعرفي حول هذه القضية من زواياها التاريخية و القانونية و السياسية أو واقع حالها اليوم من حيث الحضور والإنتشار ومساحة التأييد ، كما لم يكن موفقا في عرضه لوجهة نظره بفعل غياب الحياد و سيطرة الموقف المؤيد لنظام المخزن المغربي في مخيلته.
لقد إختار صحفي الجزيرة ــ و لن أقول الصحفي التونسي ــ لأن تونس الشابي و البوعزيزي و شرارة ثورة الربيع العربي لن تقبل مني ذلك، إختار أن يجعل من نفسه عارضا و مسوقا " لوجاهة " الإحتلال و التوسع و الضم بالقوة التي هي عقيدة النظام الملكي في المغرب على حساب قيم الحرية و العدالة واحترام حق الشعوب في تقرير مصائرها، ليرتكن بذلك إلى أطروحات الإحتلال التي ينتجها و يصدرها نظام اساء للعروبة و للإسلام، بل ولكل قيم البشرية بفساده و استهتاره بمبادئ أمته واحتقاره لشعبه و ظلمه وإزعاجه المستمر لجيرانه. 
أخي كريشان كنت لا أخالك إلا رجلا مطلعا وملما من رجلات هذه الأمة المنهكة المتعبة بما أصابها الله به من بلاء حكم و ظلم وسؤ تدبير ، رجل طلع على مشاهديه اكثر من مرة ليهين زين العابدين و مبارك و القذافي و لا زال يهين الأسد إلى يومنا هذا بحجة ديكتاتوريتهم و تسلطهم على رقاب شعوبهم ،فإذا بك تذوب أمام مشاهديك و قرائك في وحل محاباة تلك الديكتاتورية و ذلك التسلط الذين طالما مثلتم دور الرافض لهما، إني أخشى ــ لا قدر الله ــ أن تكون ممن يؤمنون ببعض الكتاب و يكفرون ببعض 
لقد حكمت اخي كريشان بإستحالة إجراء الإستفتاء عمليا في الصحراء الغربية و هو الحكم المستوحى من الطرح المغربي المبني على الخوف من كل استشارة تشرك الصحراويين في إختيار مستقبلهم وتقرير مصيرهم بكل حرية، فعلى ماذا إستندت حينها ؟ وكيف اخترت تجاهل إرادة ونداءات الصحراويين ومن ورائهم كل قرارات المنتظم الدولي الداعية لإحترام هذه الإرادة؟
إن جزمكم النابع من وحيكم الخاص بأن الأمم المتحدة قد سئمت هذه القضية إنما يعني ترجمة لشعوركم الشخصي الذي طالما تمنيتم ان يكون شعورا أمميا، فالقضية الصحراوية ليست اطول عمرا و لا اكثر تعقيدا من بقية القضايا التي ذكرتم والتي و لله الحمد لم يطالها سأم الأمم المتحدة من سودانية و كردية و فلسطينية. 
أليس الأجدر بكم عدم التجني على هذه القضية و عدم الإحلال محل الأمم المتحدة لإصدار احكام بإسمها عارية عن الصحة؟.
إن عرضكم لتفاصيل مخطط بيكر لسنة 1997 قد أماط اللثام عن مستوى مؤسف من الجهل بتطورات القضية برمتها و حالة مخجلة من عدم الحياد والميل للظالم إذ كيف نفسرقولكم:
" وأبرزهم وزير الخارجية الأمريكي الأسبق جيمس بيكر الذي كان متحمسا عام 1997 لفكرة الحكم الذاتي الموسع كمخرج معقول وحل وسط ممكن بين وضع قائم على الأرض من قبل المغرب لم تظفر بتزكيته قانونيا على الصعيد الدولي، وحلم استقلال لم يعد أحد، عدا الجزائر، متحمسا له أو عاملا من أجله. 
قد يجوز لك الإنحياز والتفريط في مهنيتك هنا أيضا في الحكم على مغالطة "مخطط الحكم الذاتي الموسع" لكن لن يكون بمقدورك نكران أزيد من مائة دولة في العالم تعترف بالجمهورية الصحراوية و جبهة البوليساريو و تقيم لهما سفارات و تمثيليات، و في المقابل عدم وجود دولة واحدة في العالم تعترف للمغرب بسيادته على الصحراء الغربية ، لتبقي على الجزائر وحيدة في دعم هذه القضية.
و حتى و إن سلمنا جدلا بهذا الطرح فقد شرفت الجزائر دون قصد منك، فما كان الوقوف إلى جانب المظلوم إساءة أوعيبا قط.
لقد أوردت مكرها :" صحيح أن قضية الصحراء هي من آخر ملفات تصفية الاستعمار التي لم تقع تسويتها دوليا بعد" أفلا تكفي هذه الحقيقة القانونية و التاريخية لإنتزاع موقف تأييد من مثقف عربي واع بدل التطبيل و التزمير لموقف إستعماري عفى عليه الزمن. 
و تضيف: "المغرب دولة قائمة وكبيرة وقادرة على التحمل والاستمرار بينما قد تتلاشى «بوليساريو» وتندثر إن لم يكن ذلك ما أصابها فعلا. 
ليتك قبل إقدامك على كتابة هذا المقال قد إطلعت على تقارير منظمات ومؤسسات التنمية العالمية، او وقفت على حال المواطن المغربي، أو مرر ت بخطب رئيس الحكومة المغربية لترى كيف ان المغرب بلد مسير بالغروض و الهبات وليس بالحال الذي صورته ، لكن عموما جزاك الله خيرا عن ملك المغرب و ادامك عليه لتظل حالما عنه مثل هذه الأحلام الجميلة، و سامحك الله في حق الشعب الصحراوي الذي جسدت فيه قول المثل الشعبي الصحراوي :
" اللي ما يبغيك يحلم عنك حلم شين".
لقد ختم كريشان مقاله بفتوى عدم وجاهة قيام دولة في الصحراء الغربية مكررا التذكير بعزلة الجزائر في مسعى دعم وجود هذه الدولة، و مستندا لمقومات جديدة في قيام الدول لم يعهد بها احد من قبله، وهي المقومات التي لخصها في : العرقية و الدينية و القبائلية و التاريخية و كأننا لازلنا في عهود التنظير و التأسيس لشروط قيام الدول ولسنا امام حالة غزو و انتهاك لحرمة شعب و وطن تنطق بها و تدينها كل المواثيق و الأعراف الدولية ، كما أن كريشان و من باب "الحرص و المسؤولية" يخاف أن تشكل هذه الدولة في حال قيامها عبئا على الدول المانحة وهو ما يبدي للأسف جهلا صريحا و شحا فاضحا في معلوماته حول هذا البلد و ما يزخر به من خيرات كانت و لا تزال السبب الرئيسي في غزوه و تشريد شعبه. 
هنا تجدر بنا مساءلة المفتي كريشان أي الأمرين أكثر وجاهة في نظره: قيام دولة مستقلة تحترم أدمية الإنسان و تصون الجوار و تحمي القيم أم تمديد خارطة الظلم والإعتداء و المتاجرة بالأعراض و تصدير الأزمات والأفات الإجتماعية و اكثر من ذلك التسويق لتوسيع مساحة الركوع في منطقتنا المغاربية. 
أخي كريشان إن مقاومة الشعب الصحراوي الضاربة في جذور التاريخ و التي أرغمت الإستعمار الأسباني على الخروج صاغرا و مرت عليها إلى الأن أربعين سنة في مواجهة الإحتلال المغربي البغيض كفيلة بتصحيح كل الرؤى المنحازة أو المتحيزة و لأدل على ذلك قول الشاعر التونسي أبو القاسم الشابي:
إذا الشعب يوما أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر
و لا بد لليــل أن ينـــجلي و لا بد للقيــد أن ينكسر
بقلم : محمد الشيخ محمد لحبيب

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *