-->

المقاتل الصحراوي من المرابطة في خطوط النار الى مهمات (ضبط الوضع الداخلي)

الى عهد ليس بالبعيد كانت المؤسسة العسكرية (مفخرة الشعب  الصحراوي ويده المسلحة) هي الجهة الوطنية الأوسع حجما، والأكثر تنظيما وانضباطا وجاهزية، بحكم موقعها في وجدان الصحراويين من جهة، وبحكم أولويتها أيضا في سلم الهيكلية التنظيمية، وكذلك بما حققته من مآثر وتراكم في الانجاوات والخبرة الميدانية. حتى ان سمعة جيش التحرير وشعبية ابطاله وقياداته من أمثال الشهداء : سيدي حيذوك ، جمبلا، محمد لمين ولد اباعلي ، ميشان ، سيدي عثمان، هداد، سعيد الصغير.. قد تجاوزت دائرة السلطة، وعبرت الحدود، واستجابت للمخيلة الشعبية الطامحة إلى الالتفاف حول أبطال ورموز وطنيين سكنوا قلوب كل الصحراويين.

اليوم ينظر الصحراويون بشئ من الريبة و الاستياء وعدم الرضا والامتعاض الشديد من استنزاف جهد المقاتل الصحراوي بعيدا عن مهامه الاساسية، بدءا من انتدابه لحراسة بعض المؤسسات المدنية وليس انتهاءا بتفريخ عديد“الوحدات العسكرية الخاصة” تحت مسميات مختلفة، وربطها بشبكة من الولاءات .. التي تغدق على تلك “الاقطاعات الصغيرة“ بالرعاية وارتفاع الرواتب والألقاب والترقيات ؟على حساب التركيز على تحسين كفاءة وضمان جاهزية الأمام كونه خط الدفاع و حصن الأمان . وان بقي الأمر على ماهو عليه الآن ، فقد لا نستغرب غدا نقل “بعضالصلاحيات العسكرية ” و “موازناتها الأمنية” الى مكاتب وزارية مدنية نافذة? .من المقلق جدا تزايد الحالات التي يتم فيها الاعتماد على المقاتل في مهمات )ضبط الوضع الداخلي( حتى أضحت -أو تكاد- تكون مهمة جيش التحرير الشعبي الصحراوي أمنية داخلية كرديف قوي لمختلف الأجهزة الأمنية في الخلف الآمن?و لدرجة أن طبيعة تدريب المقاتل وموقع ثكنات جيش التحرير ، و تمركز تشكيلاته أصبح مرهونا بالهواجس الأمنية الداخلية وليس لأولويات ومخاطر المواجهة المحتملة مع العدو المغربي مع بعض الاستثناءات ..

إن حالة اللاحرب واللاسلم التي طال وقتها ، حوّلت نخب الجيش الصحراوي إلى مجموعة من الموظفين الإداريين "­المورطين" في وحل السياسة الداخلية، بعيدين عن الاحتراف وإتقان فنون القتال والاستعداد لإدارة المعارك.

لايختلف اثنان ان عوامل كثيرة ومتشعبة قد طرأت على الساحة الوطنية، تستدعي المزيد من الحيطة والحذر والحزم منها سعي العدو المتواصل لضرب اللحمة الوطنية ، وصعوبة ضبط الحدود ، وخطر الآفات السامة ، الشئ الذي يفرض علينا جميعا مراجعة أوضاعنا، وهو ما جعل رأي كبير من الشارع الصحراوي يرغب في رمي أي حجر من أحجار الاصلاح و التغيير في هذه البحيرة الراكدة والآسنة، علّه يجد سبيلا لوقف حالة - الهشاشة الوطنية - وتلك التشوّهات في الانتماء الوطني؟ لتفادي وتيرة الانحدار إلى قعر الهاوية.

يتحسر الشارع الصحراوي اليوم على غياب دور الطليعة التي يفترض فيها ان تلتحم بالشعب، وتخفف من أوجاعه وتتفاعل مع قضاياه ، وأولها قضية تحرير الوطن ومن يعيش عليه من مواطنين.

يتألم الصحراويون اليوم لتشتت الاطارات وهامشية دور القيادات، وعجزهم عن رسم السياسات الناجحة التي تخدم الحفاظ على الوحدة الوطنية وتحدث الاصلاح اللازم? وتذكّره يوميا سياسة غطرسة الاحتلال في المدن المحتلة وجنوب المغرب بحالة المهانة و الإذلال التي يعيشها، ولا يجد أمامه من يحاول ردع هجمة الغزو المغربي الشرسة غير أجساد العزل من النساء والأطفال والشيوخ؟

بقلم :محمد لبات

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *