-->

لا تكذبوا على والدتي / بقلم : سعيد زروال.

“لا تخبروا والدتي” هو عنوان لشريط وثائقي يبث على قناة “ناشيونال جيوغرافيك ابو
ظبي”، تذكرت هذا الشريط أثناء حديثي هاتفيا مع والدتي بمخيمات اللاجئين الصحراويين في شهر مارس الماضي، أي قبل شهر من شهر “الحسم” كما سمته القيادة، وفي إطار تجاذب اطراف الحديث اخبرتني والدتي ان احد اعضاء الامانة اخبرهم في اجتماع بمقر الدائرة ان شهر ابريل هو موعد لاستقلال الصحراء الغربية. وقال لهم باللهجة الحسانية “اشهر اربعة، الى ماقلتلكم عنو الاستقلال اراني اكذبت اعليكم”.
وسالتني والدتي هل صحيح ما قاله عضو الامانة الوطنية؟ فقلت لها بأن كل المؤشرات تقول عكس ذلك، وان القرار المرتقب لن يختلف عن سابقيه، اما الحسم فلازال بعيدا، قاطعتني بالسؤال : وهل يعقل ان يكذبوا علينا؟، قلت لها ان شهر ابريل ليس ببعيد وسنرى ما وعدكم به عضو الامانة، لكن كل المؤشرات تقول ان عضو الامانة قال لكم ما يحلم به فقط.
وبعد انقضاء شهر ابريل وصدور قرار مجلس الامن رقم 2218 المخيب للأمال، وتأكد الجميع من زيف شعار “الحسم” الذي رفعه بعض اعضاء النظام الصحراوي ممن راهنو على تصريحات للامين العام الاممي لم يجزم فيها بحسم القضية الصحراوية لان الهيئة الاممية عاجزة عن حسم أي قضية دون الرعاية الامريكية. وهو مايعني ان الحسم كان امنية خيالية وغير مسندة على أي معطيات واقعية.
ليست المرة الاولى التي يحصل فيها اختلاف في وجهات النظر بيني وبين والدتي حول المواضيع السياسية بسبب اختلاف مصادرنا، فوالدتي مثلها مثل الكثير من المواطنات بمخيمات اللاجئين الصحراويين تعتمد على مصدرين للخبر لا ثالث لهما : وكالة انباء الادارة. ووسائل الاعلام الرسمية. وهي مصادر تزيد الاختلاف في نظرتنا للأمور. واثناء عملي بوزارة الاعلام الصحراوية كانت والدتي تسألني عن تطورات القضية الوطنية من وجهة نظر وسائل الاعلام العالمية، وهي وسائل اعلام تقدم حقائق ومعطيات بعيدة ومتناقضة في بعض الاحيان مع ما يتم تمريره للمواطنين البسطاء في الندوات والمهرجانات الرسمية، وفي احدى المرات احرجتني والدتي بالسؤال : لماذا لا تقولون هذه الحقائق في الاذاعة الوطنية حتى يصبح المواطن على اطلاع بحقيقة الوضع؟، فقلت لها ان الاذاعة هي اذاعة رسمية ومفروض على العاملين بها ان يكرروا ما يأتيهم من الجهات الرسمية حتى ولو كان مجانبا للحقيقة.
والدتي هي نموذج من ألاف اللاجئات آلائي يصدقن كل ما تقوله القيادة منذ 38 سنة ، لذا اطلب من قيادتنا الرشيدة ان تحترم عقول مواطنيها ولا داعي لتذكيرهم بان العالم لم يعد عالم السبعينات والثمانينات بل اصبح قرية صغيرة ومن يكذب على المواطنات بدوائر المخيمات يمكن لأمة محمد ان تعرف كذبه عبر شبكة الانترنت.
لا اريد في هذا المقام ان اتحدث عن مستقبل التسوية الاممية حتى لا اصدم والدتي بالمستقبل المظلم لهذه القضية خاصة بعد القرار الاخير لمجلس الامن الدولي، لكني ساترك الحديث لتجار الحسم وزعماء الثروة ممن لازالوا لا يجدون حرجا في التلاعب بمشاعر وعقول مواطنيهم.
في الاخير لا اطلب من قيادتنا عدم الكذب على المواطنين، لان ذلك مستحيل، فالكذب هو المحرك الرئيس للسياسة الصحراوية منذ عام 1991 لكن اطلب منهم فقط احترام عقول مواطنيهم ويكفي تلاعبا بمشاعرهم وآمالهم. وبما ان تصريحاتهم لها انعكاس مباشر على مستقبل ومصير شعب باكمله، لايسعني الا ان اقول لهم “اصمتوا يرحمكم الله”.
بقلم: سعيد زروال

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *