وقفة تاملية مع عمليتي البطرويات الاسبانية 1975
تتعلم الشعوب من تاريخها وتجدد الامل والثقة في مقدراتها الذاتية من خلال استحضار
امجادها , ولان التنظيم الوطني الصحراوي ممثلا في الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء وواد الذهب شكل الديوان الجامع للتاريخ الوطني المعاصر.
امجادها , ولان التنظيم الوطني الصحراوي ممثلا في الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء وواد الذهب شكل الديوان الجامع للتاريخ الوطني المعاصر.
في هذا الاتجاه وتكريما لبطولات مناضلين خلصت سريرتهم للشعب والوطن في وقت كان الاستعمار يحسب عليهم وكانت لحاظ المناضلين ترمقهم بنظرات يختلط فيها العتاب والرجاء والاسف , اسف على كل صحراوي يتاخر عن قومه او يشتري في معاناتهم ثمنا قليلا, ولكنني اتحدث هنا عن رجال اسروا النضال في نفوسهم واختاروا الانضمام الى الوحدات الاولى لجيش التحرير الشعبي الصحراوي , لكنهم انما (مددو الغيبة لتتضاعف لمجيبة), انما اتحدث عن مجموعات المقاتلين الذين نفذوا عمليتي السمارة والمحبس من داخل (البطرويات) الاسبانية الاستعمارية العام 1975 وبالتحديد في 11و12 ماي .
وتدور الاحداث حول قوتين تابعة للاستعمار الاسباني اصطلح علهم انذاك اسم (البطرويات) تتكون الاولى من ما يقارب 28 مجندا صحراوي تحت امرة 06 من العساكر الاسبان مدججين بلاسلحة ويتنقلون على 10 سيارات مجهزة باجهزة الاتصال الاسلكي وتتمركز في مدينة السمارة, والثانية تتمركز في بلدة المحبس وتكاد تكون مساوية لسابقتها من حيث العدد والعتاد وتضم هي الاخرى ما يقارب 09 من العساكر الاسبان , هذه البطرويات شهدت تمسيقا في غاية السرية والاخلاص بين افرادها من المناضلين الصحراويين وتم تنفيذ عملية الاستيلاء على قيادة البطروية وتحويلها الى وحدات جيش التحرير , الجمل بما حمل , هي العبارة الانسب , فوحدات جيش التحرير التي تتنقل على الجمال وتعتمد التناوب على اسلحة تقليدية وتتخذ من البدو وسيلة اتصال واستطلاع , تتفاجأ بمدد من المقاتلين الصحراويين المدربين باسلحتهم واجهزة الاتصال واسرى اسبان كان وقع اسرهم على اسبانيا مربكا وفاضحا,
اربعون عاما مرت على هذه الاعمال البطولية التي كان لها عظيم الاثر الرمزي واللوجيستي لوحدات جيش التحرير حيث نفذت العمليتين في توقيت حساس كانت فيه اسبانيا الاستعمارية على وشك مغالطة الرائي الدولي من خلال استعراض شعبيتها امام بعثة تقصي الحقائق التي زارت المنطقة في ذلك التاريخ وهي اللعملية التي سرعان ما تحولت الى مظاهرات عارمة انقلب فيها السحر على الساحر واحتلت فيها اعلام الجبهة الشعبية سماء مدينة العيون بعد ان افترشت اقدام الجماهير الثائرة الاعلام الاستعمارية التي وزعت ذاك اليوم بالكمية والمجان ليستخرج كل مناضل ومناضلة علمه الخاص باحجام مختلفة على اقمشة او رسما على الاوراق المهم انها اعلام الجبهة الشعبية امام انظار البعثة الاممية وضباط وجنود الاستعمار الاسباني.
هي ملحمة بطولية قلبت هي الاخرى مخططات اسبانيا الاستعمارية.
لكن التسلسل الزمني الاحداث وبشهادت مناضلين ومناضلات ممن عايشوا تلك الحقبة تثبت ان عمليتي (البطرويات ) كان لهما الاثر البالغ في رفع معنويات الجماهير وساهمتا في تعزيز ثقة الصحراويين في تنظيمهم الوطني الفتي.
حينما حضرت حفل التكريم الخاص بهذه المجموعة والذي اشرف عليه الاخ محمد عبد العزيز رئيس الدولة القائد الاعلى للقوات المسلحة و بتنسيق من المحافظة السياسية لجيش التحرير الشعبي و الذي احتضنته ولاية العيون وسط حضور واسع لقيادات سامية عسكرية ومدنية بالاضافة لعائلات الشهداء ومقاتلين من المنفذين للعمليتين , ممن لازالوا على قيد الحياة, والذين تبين ان بعضهم لازالوا يقدمون خدماتهم لجيش التحرير الشعبي بكل تفاني واخلاص.
وتجسد التكريم في اوسمة رئاسية ,ميداليات شجاعة ومبالغ رمزية ولأعظم , قيمة معنوية وفاء وعرفان , حرص الاخ رئيس الدولة في كلمته يومها على ان يؤكد ان التكريم لجيش التحرير كافة وان التتويج الحقيقي انما يكون بالاستقلال الوطني التام ,وتذكر الرجل بكل تاثر واعتزاز (رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبدبلا), وتفرق الجمع على هذا الشعور .
بقيت اتامل الحدث فهو اعمق مغزا من كونه تكريم لابطال وحقبة ناصعة من تاريخنا المجيد, ثم اعدت القصة في ذهني مرات عدة بمشاهد اتخيلها.
كيف شعر الاستعماري عند ورود الخبر ..احاقد هو ام يشعر بشيئ من الاحترام لقوم استهتر بهم وظن الرتب والرواتب غايتهم.
ونحن... وهو سؤال وجهته لمناضلين فاجئهم الخبر ساعتها فلم تمنحهم نشوة النصر فرصة للتأمل, هلا ادركنا ان الصحراوي رهان رابح لقضيته ووطنه , وانه قريب وإن بعد ...
ثم انتابتني موجة امل عارمة.
الم يصدم الاحتلال المغربي يوم ملحمة اكديم ايزيك, الم يوحد المشهد الصحراويين في المناطق المحتلة ولو للحظات.. فكل الذين لم يشاركوا شعروا بالحمية او استنكروا وحشية التعامل مع بني جلدتهم في اقل الاحوال... أو ان الامر اخرسهم على الاقل..خوفا او طمعا (والي افلخلاق ما ينتهظلوا).
وخلاصة القول انه في تاريخنا التحرري عبر يجب ان نتوقف عندها ولعل العبرة من ملحمتي البطرويات انه علينا كلما استحضرنا لحظة تاريخية مشابهة ان نراهن على كل الصحراويين سواء الذين استهوتهم المناصب والمناظر أوالذين لازالوا تائيهن ولن اقول خائفين لان عقدة الخوف تجاوزناها مع بزوغ فجر انتفاضة الاستقلال... ففي النهاية كلهم صحراويين وهي حقيقة ستنفجر عندما نسموا جميعا بفكرنا وخطابنا ونلغي البينية من تعابيرنا وندرك حجم المسؤولية في جمع شتات كل الصحراويين ولحظة نعمل بجد على تعزيز ثقتهم بالمشروع الوطني الذي يتسع لنا جميعا ووحده الكفيل بحفظ كرامتنا.
بقلم :الدحه احمد محمود عمار
13/05/2015 مخيمات العزة والكرامة