-->

الذكرى 40 للوحدة الوطنية : مقدمات

يهل علينا شهر المكاسب الكبرى والمنعرجات الحاسمة في تاريخ القضية الصحراوية، منها ملتقى
الوحدة الوطنية،تقرير لجنة تقصي الحقائق الذي اماط اللثام عن ارادة الصحراويين المطلقة في الحرية والاستقلال والتشبث بجبهة البوليساريو ممثلا شرعيا وحيدا، راي محكمة العدل الدولية الذي اكد حق الصحراويين غير القابل للتصرف في تقرير المصير والاستقلال..
في نهاية شهر اكتوبر 1975، كانت صور الصمود التي اظهرها كل الشعب الصحراوي في مواجهة التوسع ومسيرة الاجتياح .. في الشهر الفضيل نتذكر مواعيد تاريخية وملاحم كان لها الاثر في مسار الكفاح على غرار ازمول النيران 1984، اخر المعارك العسكرية مع القوات الغازية 1989،واخيرا وليس بالاخر تحرير مدينة السمارة 1979 . وقبل ذلك العملية الفدائية ضد الحزان الناقل للفوسفاط 20 اكتوبر 1974
كل ذلك مجرد غيض من فيض،نتذكره والشعب الصحراوي يتفئ ظلال مكاسب حققها الدماء والدموع ، وهو يستعد لتقييمها في ذكرى الوحدة الوطنية وفي المؤتمر 14 مؤتمر الفقيد الخليل سيدامحمد ذلك الرجل الذي لاتفارق محياه الابتسامة.
وفي الحدث رغم الرهانات العظيمة والخطيرة، لكن القضية الوطنية تظل عصية على الاحتلال واذنابه، و تحظى بمزيد من الاهتمام الدولي خاصة على مستوى الجمعية العامة للامم المتحدة في دورتها 70 وفي مواقف دولية بدأت تزلزل فرائص الاحتلال وتخرجه عن رشده رغما عن انفه بحسب المراقبين .
وقبل ذلك كان المؤتمر الثاني لجبهة البوليساريو المنعقد نهاية غشت 1974،مقدمة لتأسيس العمل الوطني،حيث كان مكملا للمؤتمر التأسيسي للجبهة خاصة فيما يتعلق باستراتيجية العمل في ابعادها السياسية والدبلوماسية والعسكرية،منها تبني شعار "حرب التحرير تضمنها الجماهير" المكمل لشعار الاول ب"البندقية ننال الحرية" ، واعتماد "الوان" العلم الوطني و"كلمات" النشيد "انا الرفيق المستحيل"، وتبني برنامج عمل وطني على المدايين القريب والبعيد،ثم الدعوة ل"رص الصف" والتعبئة لمواجهة الحرب النفسية وسياسة "فرق تسد" في الداخل،والتصدي لمطامع التوسع ومؤامرات الاستعمار والرجعية،خاصة في التوسع الذي رفعته وقتها كل المغرب وموريتانيا برفع القضية لمحكمة العدل الدولية، واعلان مجلس الامن، افاد بعثة لتقصي الحقائق ديسمبر1974،في افق تنظيم الاستفتاء الذي اقرته الامم المتحدة،في ظل "حرب باردة" وسباق محموم بعد مصادقة الجمعية العامة على لائحة تدعو فيها الى ضرورة تقصي الحقيقة على الارض ..
كل ذلك جعل اسبانيا وقتها تقدم على تشكيل "حزب البونس" في افق "منح الاستقلال الداخلي" او ما عرف وقتها بوثيقة 20 فبراير1974، في خطوة مناقضة للدستور الاسباني،شبيهة بتلك التي يسوقها هذه نظام الرباط على مسمع الراي العام الدولي .
يومها كان يجري على الارض "تصاعد" المعارك المسلحة بين جيش التحرير الشعبي الصحراوي والقوات الاستعمارية الإسبانية. بل ان الانتصارات العسكرية المتتالية التي حققها المقاتلون الصحراويون الإدارة الإسبانية،فرضت على مدريد محاولة " استنساخ وتقليد الاستراتيجية" التي اتبعتها فرنسا في مستعمراتها الإفريقية، والمتمثلة في طرح مقاربة "حكم ذاتي داخلي" يخفي نواياها من خلال ما عر ب "الحزب التقدمي الثوري" ليتم تغيير اسمه الى "الاتحاد الوطني الصحراوي" الذي أنشئ حسب المزاج الاستعماري وبدعم منه بحسب تقييم البوليساريو في مؤتمرها الثاني
لكن الحزب المذكور لم يعمرطويلا بعد ان "انفضح امره وتكشفت أوراقه عقب المظاهرات العارمة يونيو 1974 التي دقت اخر مسمار في نعش هذا الحزب الاستعماري، حيث لم يتريث انصاره في التخلي عنه، بل ان بعضهم انضم إلى جبهة البوليساريو ومنهم من فر إلى المغرب، محتذيا بأمينه العام وقتها و البعض الاخر التحق بموريتانيا." بحسب ادبيات البوليساريو المنشورة وقتها .
وكان رد جبهة البوليساريو، "واضحا قويا" في البيان السياسي للمؤتمر الثاني ،رافضا "كل خيار غير خيار الاستقلال التام"، كما أورد تحذيراً هذا نصه: "إن فكرة الحكم الذاتي ليست سوى مناورة استعمارية، تحاول إسبانيا من خلالها تغطية فشلها والتشبث بالبقاء مسيطرة على وطننا ونهب خيراته".
كما وجه المؤتمررسالة قوية لملك المغرب، الحسن الثاني يحذر فيها من "مغبة اي عمل يستهدف الشعب الصحراوي ويقحم الشعب المغربي في حرب توسعية خاسرة في الصحراء الغربية".
وتميز المؤتمر الثاني باصدار برنامج "عمل وطني" للحركة، مشددا على أهمية العمل في الداخل موجها نداء إلى كل الصحراويين بدون "تمييز" في العمر أو الجنس أو في المكانة الاجتماعية، من أجل الالتفاف حول الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب، بصفتها "الممثل الشرعي والوحيد" للشعب الصحراوي منذ ذلك الوقت.
ووجه المؤتمر عديد الرسائل والتوصيات منها "رسالة مفتوحة" لملك المغرب الحسن الثاني،"التقرير السياسي وبرنامج العمل والقانون الداخلي"، اضافة لتوصيات حول ما يتعلق ب"التحريف الاستعماري للدين"،اخرى عن "الاخطاء المرتكبة" بالنسبة لاطر جبهة البوليساريو وثالثة حول "العلاقات بحركات التحرر الديمقراطية" في العالم ورابعة "ازاء الالتزام السياسي والاخلاقي في مختلف مناح حياة المناضل."
وكان رد جبهة البوليساريو قويا على كل تلك "المؤامرات" من خلال،العمل التعبوي عبر الفروع والخلايا والذي برز في استقبال "غير مسبوق" للجنة تقصي الحقائق عندما وطأت اقدامها مدينة العيون يوم 12 ماي 1975، حيث كانت المفاجأة:الجماهير الصحراوية تخرج عن بكرة ابيها وتعلن تشبثها بخيار الاستقلال وبجبهة البوليساريو ممثلا لها، معلنة رفضها الانضمام لاي من الدول،خاصة المغرب وموريتانيا.. وتلك حقيقة دونتها البعثة الاممية في تقريرها الذي نشر 16 اكتوبر 1975.
وبالتوازي مع ذلك كانت العمليات الفدائية التي نفذها مناضلو البوليساريو داخل القوات الاسبانية فيما عرف ب"الدوريات" التي استولى عليها مناضلوها شهر ماي 1975،وقع في الاسر 15 جنديا وضابط صف اسباني،والذي شكل ضربة "قاتلة" للدعاية الاسبانية فيما تزعمه وقتها من ولاء مزعوم للصحراويين لادارتها الاستعمارية، بحسب ادبيات جبهة البوليساريو..
اذا كان مؤتمر عين بنتيلي قد اسس لمواجهة المخاطر المحدقة بالقضية الوطنية والتوجيد للاتي،فان حل الجماعة يوم 28 نوفمبر1975 واعلان الغالبية العظمى من اعضائها الانضواء تحت لواء جبهة البوليساريو، كان الرد "الحاسم" على اتفاقيات مدريد،كما هو مبين في وثيقة القلتة التاريخية التي حملت توقيع 65 في المئة من اعضاء الجماعة من بينهم ثلاثة اعضاء بالكورتيس الاسباني،كما اوضحت قيادة البوليساريو في اكثر من مرة.

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *