-->

اتجاه الريح الاممية يشى بمراوحة قطار مسار التسوية مكانه

كل هذا الغبار السياسي الكثيف، ووكل ذلك الزحام والضجيج، الذي اثير مؤخرا حول زيارة بان كي مون، وكل تلك المواقف و"تصريحات خلط الأوراق" التي اعلنها مسؤولون مغاربة، وكذا الخرجات الفولكورية لبيادقهم ، رفعت الأقنعة عن الوجه الحقيقي لدولة الاحتلال ، وعرتها للعالم بوجه مكشوف، وأحسب انهم ارادوا الوصول الى هذه اللحظة ، كي يحاولوا تجويف مخطط السلام من جوهره، ويتملصوا من التزاماتهم الدولية، أويغسلوا أياديهم من عملية السلام التي هي في الحقيقة ميتة أو على وشك.
انسداد أفق التسوية السلمية، بدا واضحا ومستديما بسبب سياسة دولة الاحتلال المغربي، وهي سياسة انتهت إلى نتيجة تقول برفض التفاوض، والسعي إلى حل مفروض من طرف واحد.
وفي ظل اقتراب عرض التقرير السنوي للأمين العام للأمم المتحدة حول الصحراء الغربية أمام مجلس الأمن الدولي ، في نييورك اليوم أو غدا ، يزداد الترقب حول الحلول الممكنةّ؟ وكما هو متوقعا ــ برأي ــ وبعد كل ماجرى من كواليس، وسيل المشاورات والمقابلات التي تمت، لن يخرج "الموقف الدولي " عن ما كان منتظرا لأن معطيات الواقع لاتشي بان شيئا ما يمكن ان يتغير، واتجاه الريح الاممية ليس فيها ما يؤشر الى تبني سياسة تفعل مقررات الشرعية الدولية.
من المستبعد أن يتجاوب مجلس الأمن مع ما يسعى بان كي مون ادراجه في تقريره، وفي أكثر الأحوال تفاؤلا، سيجدد مجلس الأمن تمديد عهدة المينورسو لسنة أخرى ، مع استبعاد ادراج مراقبة حقوق الانسان ضمن مأمورية بعثة المينورسو، وسيطالب بعودة المكون السياسي لبعثة المينورسو أو جزءا منها، وسيدعو المجلس طرفي النزاع الى استئناف جولة اخرى من جولات "التفاوض التجريبي والعبثي" الغير محكوم بسقف زمني، والذي لم يجن منه الصحراويون غير الموت والدمار وتجاهل الحقوق.
بالمقابل وبعد كل هذه السنين لايزال من بيدهم الأمر بالبوليساريو يعلقون أملهم على "موقف أممي متعاطف أو عادل أو نزيه"، ولكن الجماهير الصحراوية المترقبة لم تجد أمامها سوى تخاذل أممي، أعطى للمعتدي كل ما يريد ، ولم يعط للصحراويين سوى "وعود خائبة" و"فتات برامج ومساعدات انسانية "، وكأنهم بعد نضالهم الطويل، وبعد تضحياتهم القاسية، مجرد شعب متسول، يتطلع إلى الدقيق والخردة.
الآن يبدو أن على القيادة ــ بما هي أو كما يقتضي أن تكون ــ أن تفكر في طريقة تتجاوز بها هذا الوضع المعقد ، ولعل القرار الراجح في هذه الآونة هو الموازنة الحكيمة والدقيقة بين كافة الخيارات المطروحة في إطار مراعاة عودة السخونة الى كافة الجبهات ، بدون اغفال عامل انحياز الشعب إلى خيار الكفاح المسلح.
في كل الأحوال، وفي ظل استمرار الظروف الإقليمية بالتطور وبالشكل الذي هي عليه الآن، فان ما يهمنا هنا هو تذكير "أصحاب الشأن" ان الوضع الراهن في جموده ومراوحته ورهاناته الخاسرة على مسار التسوية وقطارها، لم يعد ممكنا، وقد نجد أنفسنا أمام تطورات لا يمكن درؤها ولا التنبؤ بعواقبها، الأمر الذي يقتضي علينا جميعا مراجعة أوضاعنا لتلافي أي مفاجآت غير متوقعة، وأول هذه المراجعات هو التخلي عن إدارة مؤسسات الدولة بذات الشروط الحالية، وبما جرت عليه الممارسات في العقود الأخيرة.
اليوم، كل المخلصين مطالبون بالتركيز على ما يمكننا من تجميع صفوفنا، وليس في تفريقها أو تباعدها، كل المخلصين مطالبون بموقف من أعداء الاستقلال الوطني، وفي المقدمة الاحتلال والمرتدين والخونة والمتواطئين مع العدو بمواقفهم المخزية في تبرير عدوانه وتسويغه وتسويقه.
بقلم: محمد لبات.

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *