-->

هل كان محمد عبد العزيز "مراكشيا"؟


بقلم: د.غالي الزبير
الإجابة عن هذا التساؤل بديهية بالنفي عند الصحراويين الذي عاش محمد عبد العزيز بين ظهرانهم وبديهية بالايجاب عند معظم المغاربة بسبب الدعاية المخزنية التي تكرر هذه الأسطوانة من عقود.
يقول الصحراويون أن محمد عبد العزيز ولد في مدينة السمارة بشرق منطقة “الساقية الحمراء” بالصحراء الغربية سنة 1948 (وهو مايتطابق مع تصريح والده للصحافي علي أنوزلا المنشور بجريدة الشرق الأوسط سنة 2002) ثم انتقل هو وعائلته إلى المغرب بعد التحاق والده مثله مثل العشرات من الصحراويين بصفوف الجيش المغربي عقب فشل جيش التحرير إثر عملية “إيكوفيون” المشتركة بين إسبانيا وفرنسا سنة 1958 الموجهة ضد المقاومة الصحراوية والتي دفعت عناصر جيش التحرير إلى مغادرة الصحراء الغربية واللجوء إلى منطقة “الطرفاية” الحدودية في جنوب المغرب قصد إعادة التنظيم ورص الصفوف، بعد أن حصلوا على وعود بمدهم بالسلاح من المغرب البلد المسلم الحاصل على استقلاله حديثا، غير أن انقلاب النظام المغربي على وعوده جعل تلك المهمة مستحيلة، فرجع بعض المجاهدين إلى الصحراء الغربية في حين بقي الرافضون للعودة إلى الأرض المحتلة من طرف إسبانيا البقاء في المغرب الذي سعى إلى ضم الكثيرين منهم إلى صفوف قواته العسكرية وشبه العسكرية.
الرواية المغربية التي يتناقلها المسؤولون وأشباه المثقفين تقول أن محمد عبد العزيز ولد بمراكش المغربية سنة 1948 وأن والده انضم للقوات الملكية المغربية ثم استقر بـ”قصبة تادلة”، ولكنها لا تقول لنا متى انتقل إلى مراكش ولماذا ترك دياره وقومه في منطقة ‘”السمارة” بشرق الصحراء الغربية وهي عملية كانت في ذلك الزمن من النوادر.
لقب “المراكشي” الذي يرافق اسم الراحل محمد عبد العزيز في وسائل الإعلام المغربية والذي يقدم كدليل على “مغربية” الصحراء ظهر فجأة في الخطاب الرسمي ثم الحزبي والاعلامي المغربي في في أواخر الثمانينات من القرن الماضي، ولا نجد أية إشارة إليه في أي خطاب رسمي مغربي أو وسيلة إعلام مغربية قبل هذا التاريخ.
ترى كيف اكتشف المغاربة ملكا ورعية أن زعيم البوليساريو الذي ظل يحاربهم لمدة طويلة ليس إلا مواطنا مغربيا من مراكش؟ الإجابة عن هذا السؤال وعن السؤال الذي بدأنا به هذه المقالة نجده عند الصحافي المغربي المعروف “علي المرابط” الذي منع من الكتابة والنشر في بلاده منذ عام 2005 وحظرت عليه ممارسة مهنة الصحافة لعشر سنوات متتالية، على إثر مقال نشره بجريدة “إلموندو” الإسبانية قال فيه “إن الصحراويين المقيمين في المخيمات لاجئون وليسوا محتجزين، خلافاً للأطروحة الرسمية المغربية” بناء على مشاهداته ضمن زيارة قادته إلى مخيمات اللاجئين الصحراويين. ففي لقاء جمعه بالرئيس الصحراوي الراحل محمد عبد العزيز حضره عدد من إطارات الجبهة وفي سياق الدردشة قال “علي المرابط” موجها الحديث إلى الرئيس: “كنت أعتقد أنك مراكشي.. من مراكش ” فرد عليه الرئيس بابتسامته المألوفة: وكيف عرفت أنني لست مراكشيا؟ رد “علي المرابط” بعفوية: -قال لي إدريس البصري أنه مخترع ذلك اللقب. وقال “بعد خطاب عبد العزيز في اجتماع منظمة التحرير الفلسطينة الذي أعلنت فيه عن قيام الدولة الفلسطينية، أصيب الحسن الثاني بموجة غضب شديد على السيد ياسر عرفات، فنصحته أن يوجه خطابا إلى الشعب المغربي يقول فيه لعرفات أنه لم يلتق سوى مع مراكشي.. وهكذا ولدت الكذبة التي صدقها المغاربة وتحمس الكثيرون منهم لجعلها يافطة للدفاع عن “مغربية” الصحراء الغربية في غياب أية أدلة مقنعة أخرى.

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *