-->

هل المغرب ضد إسرائيل ؟ .


مبارك الفهيمي .
اخترت أن أنشر جانبا من كتاب "الأجهزة السرية في المغرب ـــ الإختطافات و الإغتيالات ـــ " لكاتبه الضابط السابق في جهاز المخابرات المغربية "الكاب 1 " أحمد البخاري , والذي تناول فيه جرائم المخابرات المغربية في حق المعارضين وقيادات جيش التحرير الذين هدفوا لأسقاط النظام المغربي , وكيف كانت المخابئ السرية يسيرها عناصر من المخابرات الأمريكية و الفرنسية بالإضافة لمحسوبين على جهاز الموساد الصهيوني, بالإضافة للقصة الكاملة لاغتيال المهدي بن بركة وشيخ العرب وغيرهم من المعارضين .
... باختصار فقد ظهر أن الجيش لا يمكن المس به كما جاء في التقرير السري للموساد الذي لم يتغير منه شيئا , ومع ذلك يمكننا الإصغاء إلى أسير هاريل جيدا , لقد وضع هذا الجهاز حياة الحسن الثاني في الخطر مرتين, مرة في الصخيرات سنة 1971 وأخرى حين تم اعتراض سبيل طائرة البوينغ 727 في العام الموالي .
كان المسؤول في الموساد محللا ممتازا للوضعية المغربية . فقد أنذر بخطر الجيش و المعارضة معا . بالنسبة للسلالة العلوية فإن النقط الثمانية تلخص مختلف الأخطار المتوقعة.
اهتمت المصالح الإسرائيلية بالمغرب عن قرب لسببين , يتمثل الأول في الوجه السياسي الخالص , بحيث كانت إسرائيل تبحث عن حليف مسلم يعمل على السلام في الشرق الأوسط , والثاني لوجود مجموعة يهودية قوية بالبلد .فقد رأت إسرائيل أن هذه الجماعات اليهودية تعتبر كخزان يمكنه أن يضاعف من عدد سكانها في الدولة العبرية , فحتى لو كان الأمريكيون هم من باشروا إعادة الإصلاح بالمخابرات السرية فإن الإسرائيليين لم يكونوا بعيدين عنها . فقد كان "إسير هاريل " يزور المغرب مرات عديدة في السنة , وفيما بعد فعل نفس الشيء خلفه مايير أميت .
كنت أذهب إلى المطار لأرحب بهؤلاء الرجال الذين يعيشون في الظل ونقلهم إلى الفيلات السرية "للكاب 1 " بحي السويسي . فقد احتضنا كل من الجنيرال موشديان ونعوم كلد مان رئيس المؤتمر العالمي لليهود , فهما معا جاءا ليبحثا عن الوئام بين إسرائيل وجيرانها العرب .
كان زوار المغرب يقيمون جلسات عمل مع محمد العشعاشي وعبد القادر صاكا و الكولونيل ماريان الذي كانت له معرفة قديمة برجال الموساد .
وقد تلقى هاريل أو ميت بأعيان المملكة كالوزراء الأقوياء مثل كريم العمراني وعبد اللطيف الفيلالي , وهم لا يعانون من فتح ملفاتهم للإستفادة من تجربة هؤلاء .
أما فيما يخص أوفقير فإنه كان قريبا جدا من الإسرائيلين , فقد كان مدعوما ومنصوحا ومسيرا من قبل رجال الموساد , على الأقل من أجل مكانته هو . لم يترددوا في إعطائه دفعة إذا ما رغب في ذلك .
كانت خبرة رجال أمن تل أبيب فيما يتعلق بالأمن تستعمل في كل ندوة عالمية تعقد في المغرب . القمم العربية و الإسلامية و الإفريقية , كانت تحضرها الموساد في الصف الأول ! كان رجال "الكاب 1 " من قسم العمليات التقنية وزملائهم الإسرائليون يعملون يدا في يد للتحضير للحدث . يوفرون الأمن لرؤساء الدول و الوزراء المنتدبين في العالم العربي أو من القارة الإفريقية الذين جاؤا للمشاركة في المملكة الشريفة الظروف المناسبة . ليس من المدهش أن يسمح المغرب في هذه الشروط بمناهضة الصهيونية في هذه التجمعات .
فالقرارات تولد ميتة بالنسبة لإدارة الرباط , تلك التي اتخذها الإخوة المسلمون . فالكوميديا التي يلعبها قوادنا أثناء هذه الإجتماعات , القمم , لا تستهدف سوى إخماد وتنويم دولة الإخوة.
وبالمقابل فالحلول المؤيدة سواء من قبل المصالح الخاصة الإسرائيلية أو المغرب تخصص لها تقارير مهمة على جميع المستويات . فهذا التعاون المستمر لم يعرف أية أزمة سواء سنة 1967 خلال حرب الستة أيام أو سنة 1973 .
لتبادل أساليب جديدة , كان المغاربة يزورون إسرائيل باستمرار . محمد أوفقير زارها مرات عديدة ما بين 1960 و1965 , ونفس الشيء بالنسبة لمحمد العشعاشي وعبد القادر صاكا , وتوالت زيارتهما السرية حتى بعد انتهاء خدمتهما في نهاية التسعينيات . كان رجال "الكاب 1 " ينقلون الرجال إلى فيلات فاخرة بتل أبيب مصحوبين بفتيات شابات , من دون شك أنهن من أجهزة الموساد .
ناقش المغاربة مع إسرائليي القضايا الأمنية العامة بشكل أساسي و الإستعلاماتية . وهناك شخصيات شريفة تتوجه إلى تل أبيب عبر فرنسا لا يهم السياسي ولا دقة الإستخبار , بل ما يهم بالأساس هو الإطلاع عن كثب على المناهج الزراعية التي طورها المهندسون الزراعيون الإسرائليون .
زار الوزير الأول كريم العمراني ما بين 1960 و 1980 إسرائيل عدة مرات . وكان يزور عن قصد الضيعات الفلاحية وفي نفسه حاجة إلى تطبيق هذه التقنيات الجديدة في ضيعاته الخاصة . وقام بنفس الشيء كل من عباس القباج القيادي في الإتحاد الوطني للقوات الشعبية وعبد الرحمان سميرس , رئيس نقابة أرباب المعامل ., وأخيرا أحمد الدليمي مصحوبا بأبيه لحسن الدليمي . جميع هؤلاء الأغنياء أصحاب الأراضي و المواشي بالمغرب كانوا يتمنون ما تمناه كريم العمراني .
تسربت الموساد في المغرب من أجل الحصول على المعلومات , لكن كذلك , من أجل تنظيم الهجرة السرية للمجموعات اليهودية المحلية إلى إسرائيل . في سنة 1960 بلغ عددهم مائتين وخمسين الفا كانوا يعيشون بالمملكة , ولم يبق منهم الان سوى أقل من عشرين ألف فقد تم هذا التهجير المنظم بمساعدة قياديين كبار تسلموا رشاوي على ذلك .

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *