-->

قمة ابيدجان: المملكة المغربية والجمهورية الصحراوية على قدم المساواة


بقلم: الديش محمد الصالح
رافق انضمام المملكة المغربية للاتحاد الافريقي الكثير من علامات الاستفهام حول اسباب واهداف العودة المفاجئ للحضن الافريقي بعد قرابة 34 سنة من الغياب. فبعدما خرج الملك الاب الحسن الثاني سنة 1984 من المنتظم الافريقي احتجاجا على قبول منظمة الوحدة الإفريقية انذاك للجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية التي احتلت المملكة المغربية أجزاء من اراضيها ظلما وعدوانا، ها هو الملك الابن محمد السادس يقود بنفسه العودة لهذا الحضن في ظل وجود الجمهورية الصحراوية الان من المؤسسين للاتحاد الافريقي سليل منظمة الوحدة الإفريقية.
ولا شك ان هذا التحول المفاجئ في الموقف المغربي يعود بالإساس للتحولات العميقة التي تشهدها القارة الأفريقية نحو تشكيل كتلة وازنة في المشهد الدولي، كتلة ستكون المملكة المغربية خارجها اذا ما فككتها كهدف اول وكهدف ثاني، في حالة الفشل، الالتحاق بركبها.
لقد ظن النظام المغربي ان أمر تفكيك إفريقيا سهلا ، فوظف أموال الخليج واستعمل نفوذ فرنسا وأساليب إسرائيل لعله يفلح في شراء الذمم أو يهدد أمن واستقرار بعض بلدانها، حيث وقع العديد من بروتوكولات اتفاقيات وهمية وحاول جاهدا عرقلة العديد من تجمعات الشراكة في ملابو، داكار، مابوتو وفي ابيدجان التي تنعقد فيها الآن قمة الشراكة بين الاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي. ولعل تقديم طلب الانضمام للمجموعة الاقتصادية لدول إفريقيا الغربية (إكواس) هو بهدف محاولة تقوية النفوذ الفرنسي في تلك المنطقة من جهة وإضعاف نيجيريا اقتصاديا وسياسيا التي تعتبر إحدى الركائز الأساسية لهذه الكتلة من جهة ثانية ومن جهة ثالثة تعميق حالة اللاستقرار واللأمن من خلال ترويج المخدرات وتشجيع الإرهاب والجريمة المنظمة.
ويبدو أن النظام المغربي غاب طويلا عن إفريقيا، إلى درجة أنه تناسى أمرا في غاية الأهمية وهو المعاناة الطويلة للشعوب الافريقية بسبب الاستعمار والهيمنة، وأن ما حققته هو بفضل تضحيات جسام بغرض التحرر والانعتاق، وأن إفريقيا اليوم واقفة بالمرصاد بالإجماع امام كل من يحاول ارجاعها لماضيها المظلم. فلقد عكس قرار المجلس التنفيذي للاتحاد الافريقي المنعقد باديس ابابا، اثيوبيا، يوم 16 أكتوبر الماضي إرادة القارة السمراء القوية في الدفاع عن مكاسبها وعلى رأسها تصفية الاستعمار التي تعتبر الصحراء الغربية آخر بقاياها.
ان قوة الدعم والمساندة الذي تحظى به الجمهورية العربية الديمقراطية من طرف الاتحاد الأفريقي وفرض هذا الأخير لحضور الدولة الصحراوية في قمة الشراكة بين الاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي المنعقدة الآن بجمهورية كوت ديفوار، رغم المعارضة الشديدة للمغرب وفرنسا، يؤكد بشكل لا يترك مجال للشك تغييرا كبيرا في موازين القوى إلاقليمي لصالح القضية الصحراوية الذي ستكون له تداعيات كبيرة، الشيء الذي جعل الدبلوماسية المغربية تفشل في كل مخططاتها وتصاب بالارتباك إلى حد التسليم بالأمر الواقع المتمثل في الاعتراف بالجمهورية الصحراوية الديمقراطية عبر الجلوس معها ليس في الاتحاد الافريقي وحده بل وفي كل التجمعات الدولية.
فرفع علم الجمهورية الصحراوية خفاقا بين اعلام دول الاتحاد الأفريقي ال55 ودول الاتحاد الأوروبي ال 28 وطاولة الدولة الصحراوية بين طاولات بقية وفود هذه الدول وعليها اليافطة والعلم الصحراوين وحضور الرئيس الصحراوي بين الرؤساء ووزير الخارجية بين الوزراء والسفير الصحراوي بين الخبراء والدولة الصحراوية في قائمة الدول الحاضرة لهذه القمة ، وفي عاصمة دولة حليفة للمملكة المغربية، هو دليل ما فوقه دليل ونصر ما فوقه نصر، يؤكد المكانة التي تحظى بها الدولة الصحراوية والقناعة الراسخة في انها هي الحل.
ان حضور المغرب على اعلى مستوى من خلال الملك محمد السادس هو تسليم بالأمر الواقع وبالحقيقة الصحراوية التي لا يمكنه الهروب عن الاعتراف بها. فهل يستخلص ملك المغرب الدرس ويكون شجاعا في استغلال حدث تواجد القادة الأفارقة والاوروبيين لينهي احتلال بلده اللاشرعي لأجزاء من الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية وإنهاء نزاع ظل عائقا في وجه السلم والاستقرار والتنمية، وبذلك يكون قد ساهم في انجاح هذه الشراكة وأعطاها بعدا متميزا؟

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *