-->

مسلسل الإحتجاجات الشعبية متواصل في المغرب جراء تردي الاوضاع المعيشية في البلاد


الرباط 27 ديسمبر2017 (وكالة المغرب العربي للانباء المستقلة)ـ تبقى الاحتجاجات الشعبية والاجتماعية تصنع الحدث بالمغرب ولا تنطفئ, فبعد ما عرفه حراك الريف بشمال البلاد, والذي انطلق قبل سنة ومازال مستمرا في ظل تواصل فصول المحاكمة الجائرة ضد قادة الحملة الاحتجاجية, تعيش مدينة جرادة (شرق المغرب) إحتقانا شعبيا غير مسبوق تنديدا بالأوضاع الهشة التي تعيشها المنطقة, لا سيما بعد مقتل شابين داخل منجم لاستخراج الفحم.
وذكرت تقارير إعلامية مغربية اليوم الأربعاء, أن موجة الإحتجاجات لازالت متواصلة في المدينة وذلك بعد مصرع شقيقين في عقدهما الثالث تحت الأنقاض على مستوى حي المسيرة بمدينة جرادة فيما نجا شخص ثالث بأعجوبة من موت محقق, وذلك أثناء عمليات التنقيب على مادة الفحم الحجري داخل بئر قبل أن تجرفهما المياه نحو المجهول, الجمعة الماضي.
وهو الامر الذي أثار من جديد, غضبا شعبيا ترجمه سكان المدينة في مسيرة حاشدة صوب عمالة (بلدية) جرادة, احتجاجا على محاولة السلطات المحلية الإسراع بدفن العاملين للتكتم على الأحداث, و هو ما رفضه أهل الضحيتين وإصرارهم على تولي مراسيم الدفن, و تلى هذا حشد مظاهرة استنكارية ضد السلطات و رفع شعارات مطالبة بفتح تحقيق في القضية.
و كانت هذه الحركة الاحتجاجية الساخطة فضاء جديدا لتنديد السكان ب"الإقصاء والتهميش" و مطالبتهم ب"توفير الكرامة" لهم بضفتهم كمواطنين مغاربة لهم الحق في التنمية و التكفل بانشغالاتهم اليومية.
ونقلت مجلة "ميم المغربية" على موقعها على الانترنيت أنه ليست المرة الأولى التي تنتفض فيها مدينة جرادة, فقبل أسابيع شهدت المدينة غليانا بسبب ارتفاع فواتير الماء والكهرباء, إذ رفضت عدد كبير من السكان أداء فواتير الكهرباء ردا على ارتفاع الاسعار, لكن بعد وفاة الشقيقين وهما يحاولان استخراج الفحم من أحد الآبار, تأجج غضب أبناء المدينة, ودعوا إلى اضراب مفتوح إلى أن تتحقق مطالبهم الاجتماعية.
وأضاف الموقع أن المجتمع المدني استجاب لدعوات الغضب بما في ذلك المركز المغربي لحقوق الإنسان, وفي هذا السياق يقول عبد الإله الخضري, رئيس المركز ضمن حديثه لـ"مجلة ميم" مؤكدا "إنها ليست المرة الأولى التي تشهد فيها مدينة جرادة غضبا شعبيا, فالمدينة تعيش وضعا اجتماعيا مزريا, ويمكن أن نقول إنها منطقة جرداء اقتصاديا على الرغم من أنها تتمتع بثروات طبيعية هامة من بينها مخزونها من المياه الجوفية".
و يرى حقوقيون أن سكان المدينة يلجؤون في ظل اهمال السلطات لهم و غير مبالاتها بمعانتهم و احتياجاتهم اليومية, صاروا ي يعتمدون على أنفسهم للاسترزاق ك"محاولة التنقيب عن هذا الفحم لكسب قوتهم و ركون المخاطر التي قد تشكلها مثل هذه المغامرة".
ومن جهته, نقل موقع المغرب اليوم عن الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية في مجلس النواب المغربي, تحذيره من "خطورة الأوضاع الاجتماعية" والاقتصادية بإقليم جرادة, مشيرا إلى أن "ما زاد من قسوتها هو استمرار مقتل أبناء جرادة, بحثا عن لقمة عيش أليمة عز إيجادها في جميع مناطق الإقليم, نظرا للغياب الكلي لفرص الشغل".
وأضاف النائب البرلماني ياسين دغو, عضو الفريق الاستقلالي بمجلس النواب عن دائرة جرادة أن الإقليم يعيش على وقع "احتجاجات شعبية" منذ مدة تنوعت أسبابها بين ضعف مؤشرات التنمية البشرية بالإقليم, وارتفاع نسب الفقر والهشاشة, وضعف البنية التحتية, وانتشار البطالة القسرية, وغلاء فواتير الماء والكهرباء.
وأشار النائب البرلماني, إلى "عدم تطبيق الحكومة للاتفاقية الاجتماعية والاقتصادية المبرمة مع الممثلين الاجتماعيين لعمال المناجم, بعد تصفية شركة "مفاحم" في 27 فبراير1998, وخاصة مشكل الحجز على منازلهم".
وتأتي أحداث جرادة في الوقت الذي لم يطو بعد ملف حراك الريف الذي لازالت فصول محاكمة ناشطيه الجائرة متواصلة حيث رفعت من جديد جلسة المحاكمة, مؤخرا بسبب خلافات بين النيابة العامة وهيئة الدفاع, لاسيما بعد الاحتجاجات التي صدرت من أعضاء الدفاع على ردود النيابة العامة بخصوص أعمال التعذيب الذي يتعرض له الموقوفين بالسجن المحلي عكاشة, بفعل الممارسات غير القانونية التي يرتكبها في حقهم مسؤولو السجن.
ونقلت مواقع مغربية, أن المعتقل ناصر الزفزافي القيادي بحراك الريف هز قاعة الجلسات بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء, مؤكدا إستعداده للإعدام لكن بشروط تنفيذه", صارخا بقوله: "عجلوا بتنفيذ الإعدام, وسأكون شهيد الوطن", قبل ان يسترسل قائلا "أي انتصار أكثر من هذا يا من تدعون الوطنية, طفل له عشر سنوات تم تعذيبه في مخفر الشرطة", وختم كلامه بالقول: "لقد تركنا شبابا وأطفالا ونساء سينتصرون للوطن".
ولمواجهة الوضع بالمناطق المهمشة, يعمل النظام المغربي, في محاولات لذر الرماد في أعين االرأي العام, على ارسال مهمات تفتيش أوكلت لوزارتي الداخلية والمالية, للتحقيق في "أسباب عدم تنفيذ المشاريع المبرمجة, وتحديد المسؤوليات".
لكن و بالموازاة مع هذه المحاولات اليائسة للنظام المغربي, تتواصل الإحتجاجات سواء في الحسيمة وجرادة التي لا تمثل سوى غيض من فيض في مسلسل الغبن الذي يعاني منه الشعب المغربي الذي لازال يفقد حياته في رحلة البحث عن لقمة العيش, كما كان الحال من قبل في موجة غضب "العطش" التي شهدتها بني ملال "وسط المغرب" وزاكورة "جنوب المغرب", دون أن نسيان المأساة التي عاشها سكان مدينة الصويرة بسبب وفاة نساء جراء ازدحام, بعد توزيع معونات غذائية لا تقل عن 10 دولارات.

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *