جنيف تتكلم صحراوي
هذا الإنسان الصحراوي -المعجزة- يشبه طائر العنقاء ،وبكل معاناته المستمرة ينهض منتفضا ثائرا متحديا مرة بعد أخرى ليذهل العالم من جديد. هبّة بنات الساقية وأبناءها بالشتات هي هبة أبناء صرخوا بأعلى أصواتهم أن رحم الصحراء الغربية لم يكن يوماً رحماً عاقراً ، وأن ساعة نداء الوطن لن نكون الأبناء العقوقين بل الأوفياء الذين لا يتنكرون لوطنهم و يتنافسون في بره ويتسابقون ذوداً عن حياضه.
ليوم كامل كانت جنيف السويسرية الهوية والأرض- صحراوية اللسان من خلال تلك المظاهرة النوعية لجالياتنا بأوروبا التي دعت إلى تنظيمها مجموعة بنات الساقية ، وحضرت القضية الصحراوية : ثقافة وعادات وانتماء ووجود تاريخي وحق مشروع ،ليرتفع صوت الجميع من أجل تحرير وطن حملوا حتمية نصره هماً مقدساً، ووحدته معتقداً أصيلاً، وحريته هدفا ثابتا. من جنيف يأتي البرهان من جديد أنه مازال النبض الصحراوي العاشق لهذا الوطن كما هو ،بل ازداد حبا وهياما وطهرا على إيقاع انجازات شعبنا في كل الساحات .من جنيف بعث شعبنا رسائله الوطنية والدولية التي كشفت وأظهرت للملأ من هم الصحراويون في لحظات النداء للواجب .
فبهدوء وتنظيم حضاري محكم وباصرار وعزيمة لا تحد منها أي عوائق ،توجهت جالياتنا بزيها التقليدي وبأعلامها الوطنية حاملين رسالة سلام إلى عاصمة السلام جنيف ،ليتكلم الجميع وفي تناغم واضح وإنسجام بين وبلغة واحدة وحيدة وحال لسانهم يقول لا بديل لا بديل عن تقرير المصير ، و يقدمون الهوية الصحراوية في أرقى صورها وبشكل هادئ متناسق بين كل المناضلين والمناضلات ، ليرسموا قوس نصر جديد لقضيتنا ويوكدوا أن الإنسان الصحراوي لا يعرف المستحيل وان المبادرة والاعتماد على الذات تصنع المعجزات
أخيرا وبعد التحية لكل من ساهم في هذا الحدث النوعي ، فمن المؤكد أن النصرلا يبنى على جزئية واحدة فقط، بل هو كل متكامل على جميع الجبهات ،وإذ نعلم أن العودة إلى الوطن حرا مستقلا لم تغب لحظة واحدة عن روح الإنسان الصحراوي طيلة زمن المنافي و الهجرة ،فأظن أنه بتواجد هذا الكم الهائل من جالياتنا في العالم فما كان مستعصيا بالأمس أصبح ممكنا اليوم ، فما علينا الا العمل وان المرحلة الراهنة من كفاحنا تحتاج إستثمار كل طاقاتنا ، وعلى الجهات الرسمية ان تقدم كل اشكال الدعم المادي والمعنوي و تحويل جالياتنا إلى احتياطي استراتيجي يصب في عروق الوطن وليكون الناتج احتياطياً ضخماً لصمود أهالينا بالأرض المحتلة وبمخيمات العزة والكرامة ، وليس نزيفاً متواصلاً منها حتى يُردد العالم كله معنا وليس فقط جنيف : صحراوي صحراوية أيدي فيدك للحرية.
بقلم: لحسن بولسان