-->

المغرب بين سراب السياسة وحقيقة الواقع !


كثيرا ما يسوق النظام الملكي في المغرب عند اليأس ، لمواقف واهية وانجازات لا أساس لها في الواقع ، وقبل تصديق مثل هذه الحبائل ، يتعين على المتتبعين للشأن في هذا البلد الغارق في المتاهات ، تحليل الأمور والوقوف على مقاصدها ونتائجها الملموسة على الارض .
قبل أيام إتهم وزير خارجية هذا البلد ، ايران وحزب الله بتسليح وتدريب مقاتلي البوليساريو ، بدعوى انهما يهددان أمن وإستقرار المغرب ، لكنه وفي المقابل تناسى الجرائم التي نفذها الطيران المغربي ضد الشعب اليمني ، إستجابة لمطالب السعودية التي اوعزت إليه بقطع العلاقات مع أيران ، وأملا من جهة أخرى في التقرب إلى الولايات المتحدة الأمريكية التي هددته ضمنيا من خلال قرار مجلس الأمن الأخير الذي يجبره على التفاوض مع جبهة البوليساريو دون شروط مسبقة ، لا بل وذهبت الولايات المتحدة إلى ابعد من ذلك فيما يخص معاقبة الدول التي ستدعم ملف المغرب لإستضافة كأس العالم 2026 .
في هاتين الحالتين وماسبقهما من جعجعة بلا طحين ، يجد المغرب نفسه باحثا عن تموقع ضمن التحالفات الدولية ولا يملك لذلك من سبيل غير تغطية الشمس بالغربال ، حيث الكذب والنكث بالوعود التي لاينفك عن التشدق بها هنا وهناك ولهذا وذاك كحالة الحياد في أزمة قطر مع كل من السعودية والإمارات ، وبعيدا عن الخلافات الخليجية وقبلها ، سوق المغرب لرغبته في الإنضمام إلى الاتحاد الإفريقي ، وبأنه بلد مستثمر وله تجربة مثالية في التنمية ، ولم يتجل ذلك إلا في تهريب المخدرات وتبييض أموالها في البنوك الإفريقية ، وإلى حد الساعة لم ينفذ المغرب ايا من المشاريع والمعاهدات التي وقع عليها و تعهد بها لعدد من الدول الإفريقية ، كبناء عاصمة جمهورية جنوب السودان مثلا ، ومشروع إنبوب الغاز مع نيجيريا لا الحصر ، لكن الأدهى من هذا هو عجزه التام عن تحقيق أهدافه الكبرى المتوخاة من وراء ذلك كله ، والمتمثلة في إفشال الإتحاد الإفريقي وطرد الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية منه ، وخيبته في تكرار نفس الخطة في القمة التي جمعت الإتحادين الإفريقي والأوروبي بأبيدجان عاصمة حليفته كوديفوار .
إن مصداقية النظام المخزني في المغرب ، أصبحت اليوم في تلاش واضح ، وستنزل الى الحضيض كلما تمادى في غييه المتناقض مع واقعه الداخلي وسياسته الخارجية التي تدار منذ زمن بعيد بدبلوماسية مغالطة لاتخدم إلا مصالح القصر ومن يدعمونه من اجل البقاء ، خدمة لأجنداتهم الخبيثة في شمال غرب إفريقيا .
فبالرجوع الى الوضع المغربي الداخلي فالحال اوضح من السؤال ، حيث حراك الريف والغليان في جرادة ، والفقر المدقع ، حيث التدافع على الطحين وغلاء الأسعار ، والموت في مناجم الفحم وفي أعماق البحار ، والهروب من الظلم والقهر الذي يطال المغاربة في مختلف مجالات الحياة ، وماحالة السماك محسن فكري والصحفيين علي انوزلا ولمرابط والمهداوي وبوعشرين وغيرهم ببعيدة ، وما الإحتجاجات المتكررة ومقاطعة حليب سنترال والماء المعدني وغيره إلا دليلا على تفاقم الوضع المزري في المغرب وبلوغ السيل الزبى بغلاء الأسعار .
أما بالنسبة للسياسة الخارحية ، وسواء تعلقت بالدبلوماسية إو الإقتصاد ، فلم تدر على الشعب المغربي غير المآسي والويلات ، والدليل أن المستفيد الأول والأخير منها هو العرش والهولدينغ الملكي ، أما الحكومة فلاتملك غير التمادي في الفساد ، وبالتالي فلا هي ولا القصر يوفيان بوعودهما التي تتطلب صرف الأموال لتلبية المطالب الملحة التي يضج بها الشارع يوميا في كل أرجاء المغرب ، فالدبلوماسية لا تخدم إلا دوام العرش وثراء صاحبه وحاشيته وعملائه من المخزن ، مقابل الحفاظ على مصالح فرنسا واسرائيل تحديدا وخدمة سيناريوهاتهما معا وخططهم الجهنمية على حساب الأبرياء المغاربة المغلوب على أمرهم ، وهم الذين جهلوا وأرعبوا حتى اصبحوا يعبدون الملك وسلالته من دون الله ، يركعون له ويسبحون بحمده وبنعمه المعدومة التي لا أثر لها غير الشر والبلاء .
اما ما تقوم به الآلة الإعلامية المغربية ، التي سخر لها القصر الأموال الطائلة لتضليل الرأي العام الداخلي والخارجي ، فهو الذي جعل الكثيرين ينساقون وراء السراب ، لكنهم في الأخير لن يشربوا ماء الحقيقة إلا أذا عاينوا الواقع عن كثب ووقفوا على خلفياته بمختلف تجلياتها والدواعي والأسباب التي جعلت كل مايصدر النظام المخزني مجرد خيالات واحلام لاتسمن ولا تغني المغاربة من جوع ، ولاهي تفضي الى حقيقة واضحة تبرز ثمن ونتيجة مواقف النفاق ومشاريع الكذب واجندات الخفاء ، لقد آن للمغاربة ان يدركوا حقيقة نظامهم الذي اعطاه الاعلام المأجور وزنا وقيمة أكثر مما هو عليه في حقيقة الأمر . 
بقلم : محمد حسنة الطالب

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *