-->

قراءة في اللائحة 2440 لمجلس الأمن الدولي حول الصحراء الغربية


بعيدا على لغة العواطف وصناعة الانتصارات من مضامين تخفي بين سطورها اخفاقات القائمون على ملف التعاطي مع الامم المتحدة في تثبيت جوهر النزاع كقضية تصفية استعمار، تقاعس المنتظم الدولي عن تطبيق مبدأ حق تقرير المصير لحلها، جاء القرار الاممي الاخير حول الصحراء الغربية ليؤكد على هذا الحق كمبدأ ثابت لا تزال المنظمة الاممية تتمسك به في حل النزاع الذي تجاوز اربعة، دون ان يبرر القرار الاممي سبب اخفاق مجلس الامن الدولي والامم المتحدة عن فرض تطبيقه بعد عقود من معاناة الشعب الصحراوي مقسما بين الملاجئ والاراضي المحتلة وفي الشتات، بسبب التواطؤ الغربي مع الاحتلال المغربي ومن خلال استعراض القرار الاممي 2440 يمكن ان نسجل بعض النقاط الايجابية التي حملها القرار والتي يمكن ان تسجل قاعدة للنضال من اجل تصحيح النقاط السلبية الاخرى وهنا يمكن ان نسجل بعض النقاط:
اعرب مجلس الامن الدولي عن دعمه لجهود المبعوث الاممي الى الصحراء الغربية السيد هورست كولر رئيس المانيا سابقا من اجل التوصل الى حل سياسي يضمن حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير.
ورحب القرار بتواصل الطرفين والدولتين المجاورتين معه في جهوده الرامية الى تيسير المفاوضات
ورحب مجلس الامن الدولي بقرار المبعوث الاممي الى الصحراء الغربية بعقد اجتماع مائدة مستديرة بجنيف السويسرية يومي 5 و6 ديسمبر 2018 لتقييم التطورات الاخيرة ومعالجة المسائل الاقليمية ومناقشة الخطوات التالية في العملية السياسية المتعلقة بالصحراء الغربية
كما رحب مجلس الامن الدولي بقرار كل من المغرب وجبهة البوليساريو والجزائر وموريتانيا قبول دعوة المبعوث الشخصي الى المشاركة في اجتماع المائدة المستديرة في جنيف دون شروط مسبقة وبحسن نية
ورحب القرار بالمشاورات التي جرت بين طرفي النزاع والبلدين الملاحظين في هذا الصدد
واكد القرار "من جديد التزامه بمساعدة الطرفين على التوصل الى حل سياسي عادل ودائم ومقبول للطرفين، يكفل لشعب الصحراء الغربية تقرير مصيره في سياق ترتيبات تتماشى مع مبادئ ميثاق الامم المتحدة ومقاصده، وإذ يشير الى دور الطرفين ومسؤولياتهما في هذا الصدد".
فمن خلال الفقرات التالية يتبين ان القرار يحدد بوضوح طرفي النزاع (جبهة البوليساريو والمغرب) ويدعوهما إلى استئناف مفاوضات مباشرة دون شروط مسبقة و بحسن نية تحت إشراف الأمين العام للأمم المتحدة بغية التوصل إلى حل سياسي عادل ومستدام يقبله الطرفان يكفل لشعب الصحراء الغربية تقرير مصيره.
ويضع المغرب في احراج كبير بعد فشل محاولاته اليائسة من الزج بالجزائر في النزاع كطرف للتغطية على احتلاله غير الشرعي للصحراء الغربية والمخالف للقانون الدولي وميثاق الامم المتحدة.
ومثلما سجلت اللائحة 2440 لمجلس الأمن الدولي التاكيد على حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير دون تحديد بوضوح الطرف الذي يعيق تمتع الشعب الصحراوي بهذا الحق المعطل في الصحراء الغربية منذ اكثر من اربعة عقود، واتخاذ مواقف رادعة او على الاقل تحميله المسؤولية، جاء القرار الاممي ليحمل الكثير من النقاط السلبية الاخرى والتي تتماهى الى حد بعيد مع دعاية الاحتلال المغربي ما جعل لغة القرار بعيدة عن خطاب "الانتصارات" التي يسوقها البعض ممن يكسب من معاناة الصحراويين والدفع في سياسة استمرار اللا حل، التي تنتهجها القوى النافذة في مجلس الامن الدولي وتعمل على الحفاظ على الوضع القائم بكل الطرق والاساليب، وهو ما يضفي على القرار الاخير صبغة الاحتلال ومحاولات الالتفاف على سيادة الشعب الصحراوي على اراضيه المحررة بعدما فشل المغرب المدعوم عسكريا من الولايات المتحدة وفرنسا ودول الخليج في احتلالها عسكريا هذه المناطق التي حررت بالدم والبارود اصبحت تغض مضجع الاحتلال المغربي بعدما اضحت الجمهورية الصحراوية العضو المؤسس للاتحاد الافريقي والتي تجلس جنبا الى جنب معه وعلى قدم المساواة داخل الاتحاد الافريقي تمارس سيادتها على اجزاء كبيرة تشكل قرابة ثلث الصحراء الغربية المحتلة ولديها ضمن التشكيلة الحكومية وزارة لاعمار الاراضي المحررة لتطوير البنيات الادارية والهيكلية للبلديات هناك، من هناء نجحت فرنسا التي تقف وراء الاحتلال المغربي وتوفر له الحماية بمجلس الامن من اي ادانة او تحميل مسؤولية لواقع الاحتلال بالصحراء الغربية في تمرير فقرات في القرار الاخير تروم الالتفاف على السيادة ومنها : دعوة مجلس الامن جبهة البوليساريو الى التقيد التام بالالتزامات التي قدمتها الى المبعوث الشخصي فيما يتعلق ببئر لحلو وتفاريتي والمنطقة العازلة في الكركرات"
وهي تاكيد لما اشار اليه تقرير الامين العام الاممي من مؤشرات خطيرة و محاولة القفز على معطيات الميدان والتقليل من رمزية واهمية المناطق المحررة التي تقدر بثلث مساحة الوطن حين اشار الى انه "وفي 26 حزيران/يونيه 2018، قدم الأمين العام لجبهة البوليساريو تأكيدات لمبعوثي الشخصي بشأن اعتزامه عدم نقل هياكل إدارية إلى الإقليم، امتثالا للقرار 2414 (2018). ومع ذلك، ففي أوائل أيار/مايو ٢٠١٨، أكدت البعثة سير أشغال بناء هيكل كبير من طابق واحد بالقرب من تيفاريتي، يتألف من حوالي ٣٦ غرفة. وأبلغ الممثل العسكري المحلي لجبهة البوليساريو المراقبين العسكريين التابعين للبعثة أن البناية هي منشأة مدنية. غير أن أفرادا عسكريين تابعين لجبهة البوليساريو يحرسون البناية منعوا البعثة من الوصول إليها. كما تم رفض عدة طلبات لاحقة للدخول إلى الموقع، وأحيلت المسألة إلى الفريق العامل المعني بالانتهاكات باعتبار ذلك انتهاكا لحرية التنقل. وفي هذه المرحلة، لا يجري استخدام البناية، ولم يتسن تحديد وظيفتها المقصودة.
واضاف تقرير الامين العام :" وفي ٢٤ آذار/مارس ٢٠١٨، أبلغت جبهة البوليساريو البعثة اعتزامها إنشاء تسعة مراكز عسكرية جديدة بالقرب من بير لحلو، شرق الجدار الرملي، وبررت ذلك بأنها تحتاج إليها للتصدي لازدياد الاتجار بالمخدرات في المنطقة. وقامت البعثة فورا باستطلاع المواقع الجديدة المقترحة، وفي ٢٧ آذار/مارس ٢٠١٨ وجهت رسالة إلى جبهة البوليساريو تحذر فيها من أن المواقع الجديدة المقترحة تشكل انتهاكا للاتفاق العسكري رقم ١. وفي ٣ أيار/مايو ٢٠١٨، تلقت البعثة إخطارا ثانيا يتضمن اقتراحا بإقامة ستة مراكز مراقبة جديدة فحسب. وبعد استطلاع ثان، كاتبت البعثةُ في ٥ أيار/مايو ٢٠١٨ جبهةَ البوليساريو، وحذرت من أن المراكز الجديدة المقترحة سوف تنتهك هي أيضا أحكام الاتفاق العسكري رقم ١. ولم يتم حتى هذا التاريخ أي عمل لإقامة أي مراكز جديدة، ولكن البعثة تواصل رصد تلك المواقع.
واضاف تقرير غوتيريس : "وبعد وقت قصير من اندلاع الأزمة في الكركرات في عام ٢٠١٦، أنشأت جبهة البوليساريو أربعة مواقع عسكرية صغيرة داخل القطاع العازل، على بعد ٢٠ كيلومترا تقريبا صوب الجنوب الشرقي من منطقة الكركرات، وهي مواقع أعلنت البعثة أنها تشكل انتهاكات. وبعد تلقي إخطار من قائد القوة، انسحبت جبهة البوليساريو من ثلاثة من هذه المواقع، وأبقت على وجود عسكري صغير في موقع ”النقطة ٦“ (على بعد 16.6 كيلومترا شرقَ طريق الكركرات و4 كيلومترات جنوبَ الجدار الرملي)، ولا يزال ذلك الوجود يشكل انتهاكا. ونازعت جبهة البوليساريو في موقع المركز داخل الشريط العازل، وبررت الإبقاء عليه بسبب الحاجة إلى مواصلة رصد التطورات في الكركرات والحفاظ على الاستعداد للرد في حال قرر المغرب استئناف أشغال بناء الطريق داخل الشريط العازل. ودعت البعثة جبهة البوليساريو عدة مرات إلى إزالة ذلك المركز من الشريط العازل".
ومن خلال ما تقدم يحاول مجلس الامن تقليص التواجد الصحراوي بالاراضي المحررة وتعطيل سياسة الاعمار المتعثرة اصلا بسبب غياب الرؤية الاستراتيجية لاهمية تلك المناطق وضرورة فرض امر واقع الجمهورية الصحراوية بمؤسساتها داخل الجزء المحرر.
هذه السياسة ورغم ضعف تطبيقها إلا ان الشهيد محمد عبد العزيز لم يرحل حتى أقنع أعلى سلطة في الأمم المتحدة بان الوجود المغربي في الصحراء الغربية تواجد غير شرعي وقوة احتلال وتجسد ذلك بزيارة الأمين العام السابق بانكيمون لبئر لحلو المحررة والتصريح من عمق الأراضي المحررة بأن المغرب قوة احتلال ما جعله يدخل في صراع مباشر مع الاحتلال المغربي الذي استعان بأسلوب البلطجة وتنظيم مظاهرات منددة بتصريحات بانكيمون ... التقرير الاخير لغوتيريس وبعده قرار مجلس الامن الدولي عصف بكل تلك الجهود وأعاد القضية للمربع الأول ممعنا في نسف أسس مخطط السلام وتحجيم دور بعثة الأمم المتحدة لتنظيم الاستفتاء في الصحراء الغربية في مراقبة وقف إطلاق النار وكشف تصريحات وتعهدات القيادة المناقضة لتوجه الرأي العام وحلم الشعب في تجسيد السيادة وفرض مشروع الدولة التي أصبحت حقيقة لا رجعة فيها.
وهو ما يجعل القيادة الوطنية مطالبة بتفسير هذه الفقرة من قرار مجلس الامن الدولي بشكل لا لبس فيه: "وإذ يحيط علما بالتأكيدات التي قدمتها جبهة البوليساريو الى المبعوث الشخصي بعدم نقل الهياكل الادارية الى الاقليم وكذلك تعهدها بالوفاء بالتزاماتها فيما يتعلق بالمنطقة العازلة في الكركرات" وهل هذه التأكيدات تعني التخلي عن اعمار الاراضي المحررة؟ 
التقرير تحدث عن الحل السياسي الذي ورد في القرار ثلاث مرات بدون ضمانة حق تقرير المصير التي تعتبر جوهر هذا الحل وهي العبارة التي وردت مرتين فقط في القرار، حيث يشدد القرار على ضرورة التوصل الى حل سياسي واقعي وعملي ودائم لمسالة الصحراء الغربية على اساس من التوافق، 
ليرحب القرار بما وصفها "بجهود المغرب التي تتسم بالجدية والمصداقية للمضي قدما بالعملية صوت التسوية" في استفزاز لمشاعر الصحراويين في تحريف للحقائق وتزوير للمسار السياسي المتعثر بسبب العراقيل المغربية فمن رفض التعاطي مع المبعوث الاممي كريستوفر روس واتهم الامين العام الاممي السابق بالانحياز ونظم المظاهرات ضد الامم المتحدة في رفض واضح لقراراتها والتعامل معها، ومن وضع من مقترحه للحل قاعدة للنقاش ورفض مناقشة المقترح الصحراوي او اي خيارات اخرى ومن استعمل المظلة الفرنسة لتشريع احتلاله ونظم المنتديات الدولية في اقليم محتل ووقع الاتفاقيات الاقتصادية لنهب خيراته.
وفي الوقت الذي التزمت جبهة البوليساريو بالمسار السلمي وقدمت تنازلات كثيرة وصلت حدود التفريط في السيادة لم يرحب قرار مجلس الامن بهذا التجاوب في حين اشاد بجهود معكوسة لمحتل لا يتقن سوى وضع العراقيل والعثرات في طريق اية جهود اممية من شانها ان تحرك المياه الراكدة في قضية كتب لها ان تظل في ادراج النسيان. 
وفي مجال حقوق الانسان حمل التقرير ايضا اشارات الى ضرورة احترام حقوق الانسان في المناطق المحتلة من الصحراء الغربية ومخيمات اللاجئين الصحراويين والحث على السماح بانشاء الجمعيات واحترام حرية التعبير لكن تبقى هذه الاشارات خجولة مالم تترجم في الية اممية خاصة لمراقبة والتقرير عن حقوق الانسان في المناطق المحتلة من الصحراء الغربية كاقليم خاضع للاستعمار وتمارس فيه ابشع انتهاكات حقوق الانسان والاجهاض على الحقوق خارج القانون. 
حيث جاء في القرار الاممي : "وإذ يشجع الطرفين على مواصلة جهود كل منها من اجل النهوض بتعزيز حقوق الانسان وحمايتها في الصحراء الغربية ومخيمات تندوف للاجئين بما في ذلك حرية التعبير وحرية تكوين الجمعيات"


دون الاشارة الى حالات الطرد التي طالت العشرات من الاجانب الذين حاولوا زيارة الاقليم والاطلاع على الوضع الحقوقي هناك وتقارير المنظمات الحقوقية الدولية والصحراوية والتي توثق الانتهاكات المغربية بشكل لا يدع مجال للاشادة التي اوردها القرار وترحيبه بما وصفه بالخطوات والمبادرات ..."وإذ يرحب في هذا الصدد بالخطوات والمبادرات التي اتخذها المغرب وبالدور الذي تؤديه لجنتا المجلس الوطني لحقوق الانسان اللتان تعملان في الداخلة والعيون وبتفاعل المغرب مع الاجراءات الخاصة لمجلس حقوق الانسان التابع للامم المتحدة" هذه الدعاية المجانية للاحتلال المغربي تعكس دعم مجلس الامن للمزيد من الانتهاكات خارج القانون في الصحراء الغربية وتشجيع للمغرب على المضي في سياساته الاستعمارية والقبضة الامنية التي حولت المناطق المحتلة الى سجن كبير.
وفي الاخير يبقى القول ان مجلس الامن الدولي تجاهل جوهر القضية وصلب عمل بعثة الامم المتحدة لتنظيم الاستفتاء في الصحراء الغربية حيث لم يتطرق الى عملية الاستفتاء ولو مرة واحدة ولا العراقيل التي تواجه بعثة تنظيمه في الصحراء الغربية وركز على النقاط الهامشية المتعلقة بوقف اطلاق النار ومحاولة الالتفاف على السيادة الصحراوية على الاراضي المحررة وتحجيم دور الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب والدولة الصحراوية في تلك المناطق باستعراض تعهدات وتاكيدات القيادة الصحراوية، متجاهلا ايضا الوضع السياسي والقانوني الذي تتمتع به الجمهورية الصحراوية داخل الاتحاد الافريقي وعلاقاتها الدبلوماسية داخل وخارج القارة الى جانب التقليل من اهمية لقاء جنيف ووصفه بطاولة مستديرة ودعوة الطرفين والبلدين الملاحظين بنفس الخطاب في التعاطي مع دعوة المبعوث الاممي وتبقى هذه النقاط السلبية وصمة عار في جبين مجلس الامن الدولي والامم المتحدة ومن يعتبر مثل هذه القرارات انتصار يطيل به معاناة الشعب الصحراوي لكسب مصالح ذاتية.

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *