-->

في استراتيجية الاحتلال لضرب المشروع الوطني الصحراوي


بقلم: محمد هلاب
تُكثف أجهزة المخابرات المغربية في الآونة الأخيرة من تحركاتها لدراسة طرق التصدي للجهود التي تقوم بها جبهة البوليساريو في كشف الوجه الحقيقي للنظام المغربي وفضح جرائمه في الجزء المحتل من الصحراء الغربية من انتهاكات لحقوق الإنسان إلى نهب الثروات الطبيعية ثم عرقلة المساعي الأممية للتوصل إلى حل للقضية.
ولتشتيت انتباه الرأي العام وصرفه عن حقيقة النزاع حول الصحراء الغربية، خاصة في المدة الأخيرة مع تعيين الرئيس الألماني الأسبق، هورست كوهلر، مبعوثا أمميا خاصاً إلى الإقليم، ومع الاهتمام المتزايد للولايات المتحدة الأمريكية بالقضية، بدأ المغرب يستبق الزمن عله يجد من شيء يُعطل به هذه الجهود ويعرقلها؛ ولم يبق له من بُد في ذلك إلا محاولة تأليب الرأي العام الداخلي على جبهة البوليساريو والتأثير على نشاطاتها بالحرب الدعائية (البروباغاندا) وبث الاشاعة والركوب على أي تحرك مطلبي مهما صغر حجمه داخل مخيمات اللاجئين الصحراويين.
وبهذا الصدد، كشفتْ معلوماتٌ دقيقة من داخل المغرب أن أجهزة المخابرات المغربية عقدت مؤخراً اجتماعاً تناولت فيه مواضيع مختلفة تصب في مجملها في ضرب وحدة الشعب الصحراوي عن طريق التشكيك في تمثيل جبهة البوليساريو، بل إنها -حسب نفس المعلومات- ذهبت إلى تحديد سنة 2019 كسقف زمني لتفكيكها والقضاء عليها نهائياً (أي الجبهة).
وبعد أن توصلنا بهذه المعلومات التي تكشف النية المبيتة لنظام الاحتلال المغربي، والتي بالمناسبة لا نعتبرها إلا “زوبعة في فنجان”، في محاولة للتشويش على نضال الشعب الصحراوي وممثله الشرعي والوحيد جبهة البوليساريو من أجل الاستقلال الوطني وبسط سيادته على كامل تراب الجمهورية الصحراوية، ارتأينا من باب الواجب الوطني، أنه لا بد من إبرازها والمخططات التي مهدت لها، والتي نتذكر منها دون أن نعود إلى الوراء كثيرا المغالطات التي روجت لها هذه المخابرات وتداولتها صحافتها لربط الجبهة بالإرهاب، بزعمها توقيف المكتب المركزي للأبحاث القضائية التابع للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني المغربية، بتاريخ 15 فبراير 2018، ثلاثة عناصر وصفتها ب”الخطيرة” موالية لـ”داعش”، تتراوح أعمارهم بين 24 و30 سنة، وينشطون بكل من العيون وسلا ومراكش، وأن أحدهم -على حد تعبيرها- “سبق له أن التحق بمخيمات البوليساريو بتندوف، كان في طور الإعداد للقيام بعمليات إرهابية داخل المملكة”.
ومع محاولتنا البحث بالإعتماد على وسائل الاعلام المغربية نفسها والابحار فيها قليلا -على الأقل في الثلاث سنوات الأخيرة الماضية-، وجدنا ما يمكن أن يكون “دليلا” على ما يُحيكه هذا النظام التوسعي بشكل متسلسل ومتسارع من أجل الوصول إلى أهدافه الخبيثة، ومنه على سبيل المثال لا الحصر”:
ــ ديسمبر 2016: افتتاح “الدورة الأولى للجامعة الموسمية لحقوق الإنسان بالعـيون” (19-22-23 ديسمبر) بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية-أكدال، واختيار لها موضوعا تحت عنوان: “تقنيات الترافع عن قضية الصحراء في ضوء الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان”؛ وقد حرص المنظمون على أن تكون امتدادات هذه الجامعة من العاصمة المغربية الرباط إلى العيون المحتلة، مع العمل على “الدفع بضرورة إسهام الجامعة المغربية في المحافل الوطنية والإقليمية والدولية، كصوت رابع، للتأسيس لدبلوماسية علمية هادفة، بمختلف أبعادها الحقوقية والقانونية والاقتصادية والسياسية والجغرافية والتاريخية والتنموية والاستراتيجية؛ خدمة لقضية الوحدة الترابية (..) مع التفكير في التعاون مع الشركاء في تسطير محطات مستقبلية واستشرافية للترافع عن القضية الوطنية في العمق الأفريقي، وعلى مستوى أجهزة الاتحاد الأوروبي، وكذلك على مستوى منظومة هيئة الأمم المتحدة، ولاسيما مجلس حقوق الإنسان بجنيف، تفاعلا مع هيئات المعاهدات وآليات الاستعراض الدوري الشامل والإجراءات الخاصة”.
ــ أكتوبر 2017: رئيس الحكومة المغربية، سعد الدين العثماني، يصرح خلال جلسة مساءلة في مجلس النواب أن “الحكومة تعتزم تكوين فئة من الشباب وتأطيرهم من أجل الترافع الرقمي حول قضية الصحراء”، موضحاً أن “هذا المشروع يهدف إلى امتلاك الشباب المغربي لآليات المرافعة، وتعبئتهم بشأن الدفاع عن قضية الصحراء عبر مختلف الوسائط الرقمية والتكنولوجيات الحديثة”، مشيراً أيضاً إلى أن “هذا المشروع سيمكن الشباب من التكوين الذي يُقوي ويعزز مهاراتهم ومعارفهم النظرية والعلمية حول قضية الصحراء بمختلف جوانبها، التاريخية والسياسية”.
ــ ماي 2018: الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني الناطق الرسمي باسم الحكومة المغربية، مصطفى الخلفي، يعطي من قصر المؤتمرات بمدينة ورزازات انطلاقة برنامج الملتقيات الأكاديمية الجهوية لتكوين “السفراء الشباب من أجل الترافع عن قضية الصحراء”؛ ويؤكد استمرار العمل على التكوين في هذا المجال وفق برامج تشتمل -حسب قوله- على “ندوات علمية وورشات عملية في مواضيع متنوعة تتمحور أساسا حول الأبعاد التاريخية والسياسية لمغربية الصحراء، والإطار التنموي والاقتصادي بالأقاليم الجنوبية، ووضعية الحقوق والحريات بالأقاليم الجنوبية، وكذا المنظومة المؤسساتية الإقليمية والدولية والقضية الوطنية، بالإضافة إلى اكتساب مهارات وآليات الترافع المنبري والترافع الرقمي حول القضية”.
ــ يونيو 2018: مصطفى الخلفي يُشرف على إطلاق منصة إلكترونية للتكوين عن بعد في مجال الترافع عن ما أسموهُ “مغربية الصحراء”، حيث تهدف هذه المنصة إلى تمكين “النشطاء الجمعويين” من آليات الترافع وتعبئتهم من أجل الدفاع عن قضية الصحراء، باستعمال مختلف الوسائط الرقمية والتكنولوجيات الحديثة.
ــ فبراير 2019: المنظمة المغربية للشباب (منظمة شبانية تأسست في 04 سبتمبر 2016) تعلن بالشراكة مع الوزارة المنتدبة لدى رئيس الحكومة المكلفة بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني المغربي، عن فتح باب التنافس لجائزة “الترافع المدني حول ملف الصحراء”، بالإضافة إلى الإعلان على أن النسخة الثانية من الأكاديمية الجهوية لتكوين “السفراء الشباب في قضايا الصحراء” ستكون فرصة للمنظمة المغربية للشباب من أجل إطلاق “مشروع ترافعي وطني” الأول من نوعه بالمغرب يمتد إلى غاية ديسمبر 2022.
ــ مارس 2019: تنظيم الملتقى الجهوي الأول لـ”الترافع المدني عن مغربية الصحراء” يومي 2 و3 مارس، بمدينة طنجة، تحت شعار “من أجل مجتمع مدني مواطن شريك وفاعل ومتملك لآليات الترافع”؛ حيث يتضمن برنامج هذا الملتقى المنظم بشراكة بين الوزارة المنتدبة لدى رئيس الحكومة المغربية المكلفة بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني و”الجمعية الصحراوية للدفاع عن حقوق الإنسان” (رئيسها ماء العينين أحمد الهيبة)، ثلاث جلسات تتمحور حول ما أسموه “كرونولوجيا القضية الوطنية الأولى”، و”المحور الاقتصادي التنموي كآلية للترافع المدني عن مغربية الصحراء”، و”البعد الحقوقي كآلية الترافع المدني عن مغربية الصحراء”.
ــ أبريل 2019: تنظيم ملتقى تحت عنوان “نموذج الأمم المتحدة بالعيون من أجل الترافع على قضية الصحراء”، أيام 09-10-11 أبريل بمدينة العيون المحتلة، بشراكة كل من الوزارة المغربية المكلفة بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني ممثلة في رأسها مصطفى الخلفي و”منتدى الشباب من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان بالعيون”، وبدعم من وزارة الداخلية المغربية؛ وقد تمحورت أشغال هذا الملتقى حول إجراء محاكاة لعمل الأمم المتحدة (الجمعية العامة، اللجان، البروتكول…)، حيث تم العمل طيلة الأيام الثلاث على ما تمت تسميته “تقوية قدرات الشباب على الدفاع عن قضية الصحراء، عبر التعرف على المؤسسات الدولية التي تتابع القضية وطريقة عملها”، وقد أطر هاته الورشات شبابٌ من مدينة طنجة المغربية (عبد الحكيم الشباني، نجم الدين حاجي وأميمة التومي).
وقال مصطفى الخلفي في كلمة افتتاحية للدورة “إن التحولات التي تعرفها المنظومة المؤسساتية على المستور العالمي تفرض على المجتمع المدني تملك آليات اشتغالها من أجل ربح قضيتنا العادلة، طبقا للمقترح المغربي القائم على حكم ذاتي في إطار السيادة المغربية”، ثم يضيف بخصوص موضوع “التمكين الدبلوماسي للشباب من أجل ترافع فعال عن القضية الوطنية”، أن “الترافع عن مغربية الصحراء مسؤولية الجميع (..) وينبغي أن يكون مبنيا على معرفة علمية في المجالات السياسية والتاريخية والثقافية والاقتصادية والحقوقية وغيرها، مع امتلاك المهارات اللازمة لذلك”، مشددا على ضرورة “تملّك آليات المرافعة في العالم الرقمي، واستثمار ما يتيحه من إمكانيات هائلة في التأطير والتفاعل مع الرأي العام وكسب مواقف مؤيدة”.
ــ 19 أبريل 2019: إنطلاق فعاليات الأكاديمية الجهوية الثانية لـ”تكوين السفراء الشباب في قضية الصحراء”، بمدينة ورزازات المغربية، والتي امتدت أشغالها لثلاثة أيام، تحت شعار: “إذكاء الحس المعرفي للشباب رهان كسب عدالة الصحراء”، بمشاركة حوالي 50 شابا وشابة يمثلون العديد من الجمعيات المدنية المهتمة بقضية الصحراء، وكذا شخصيات علمية وأكاديمية؛ وقد أكد مصطفى الخلفي الذي كان حاضرا، ارتفاع عدد “المنصات الترافعية ذات الصلة بقضية الصحراء”، مبرزا أن “الفاعل المدني يشكل عنصرا أساسيا في هذا المجال، وينبغي أن يتسلح بالمعرفة اللازمة والمهارات المناسبة من أجل التصدي للخطابات المضللة”.
كما ناقش المشاركون في هذا الملتقى أربعة محاور تهم “قضية الصحراء ومسار المفاوضات الأممية”، و”اتفاقية الصيد البحري والفلاحي”، و”وضعية الحقوق والحريات بالأقاليم الجنوبية ومخيمات تندوف”، و”الثقافة الصحراوية بالأقاليم الجنوبية”.
ــ مايو 2019: مرصد “الصحراء للسلم والديمقراطية وحقوق الانسان” (رئيسته عائشة الدويهي) ينظم بتاريخ 03 مايو بمدينة العيون المحتلة، وبشراكة مع الوزارة المنتدبة لدى رئيس الحكومة المغربية المكلفة بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني، ينظم “الملتقى الجهوي للترافع المدني عن مغربية الصحراء”، تحت شعار: “تمكين الشباب من آليات الترافع.. من أجل شراكة فعالة”، وقد شهدت فعاليات هذا الملتقى، الذي شارك فيه مصطفى الخلفي، تنظيم مجموعة من العروض والجلسات والورشات التكوينية حول مواضيع “آليات الترافع والرصد” و”استراتيجيات التسويق الرقمي”، و”مدخل للآليات غير التعاقدية المعنية بحماية حقوق الإنسان، ومهام الآليات التعاقدية” و”دور المنظمات غير الحكومية في التفاعل مع الآليات الدولية”.
خـــــلاصة:
كما سبق وأن أشرنا إلى أن كل محاولات الاحتلال المغربي وكل أجهزته بمختلف تلاوينها ضرب مصداقية كفاح الشعب الصحراوي وقضيته العادلة وممثله الشرعي والوحيد جبهة البوليساريو، لا تعدو كونها “زوبعة في فنجان”، إلا أنه في المقابل لا يمكننا أن ننكر أنه -استطاع إلى حد ما- الوصول بحربه النفسية وعمله الاستخباراتي إلى مخيمات اللاجئين الصحراويين، وبدأ يعمل على محاولة ضرب هيبة الدولة والتنظيم السياسي للجبهة، مُستخدما أسلوب التشهير بالمناضلين والمسؤولين، والتشكيك في تمثيل الجبهة وقدسية المؤسسات الوطنية، بهدف صرف الانتباه عن هزائمه التي أصبحت بادية للعالم.
وعليه، فإنه أصبح من الواجب الآن وأكثر من أي وقت مضى الانتباه لموضوع الحرب النفسية التي تشن علينا كشعب بشكل ممنهج، والانتباه أكثر إلى عدم إعطاء أي مصداقية لدعاية الاحتلال وعملائه بيننا.

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *