إستقالة كوهلر تثبت أن الحل ليس أمميا..
لابد من التوقف عند احاطة هورست كوهلر الشاملة لحيثيات القضية واحاطته كذلك لوضعية المنطقة، مبعوث الأمين العام الخاص الى الصحراء الغربية السيد كوهلر والذي كان صادقا مع نفسه وتجاه معاناة الصحراويين نتذكر كلام الرجل خلال زيارته الأولى لمخيمات اللاجئين الصحراويين اين أكد أنه اذا لمس أي تجاوز من أحد الأطراف سيرمي المنشفة.
هذا ما يمكن أن نستشفّه من اللهجة اليائسة للبيان الأممي الذي تحامل ولم يكن صادقا البتة ، حيث كان البيان مقتضب واصفا مرحلة كوهلر بالجيدة والمثمرة ، البلاغ لم يتوقف عند صرخات العجوز الالماني واستغاثاته التي جابت العالم ولم تستثني أي أحد لكنها في اخر المطاف ذهبت ادراج الرياح ، الى حد الساعة لم يؤكد كوهلر اي شي عن الإستقالة أو حتى الطرف الذي خذله وأساء جهوده التي ولدت أصلا ميتة.
الحقيقة التي أدركها الرجل ربما متأخرا نوعاً ما هي أن السلام في الصحراء الغربية ليس أولوية دولية وليس هدفا محلّ إجماع لدى مجموعة أصدقاء الصحراء الغربية ، ولايوجد اي خيار مستقبلي ، للحالة الصحراوية ، مدام النزاع لايتوفر على الإرادة الدولية و لآن هو محلّ شدّ وجذب والمراهنة على حله سياسيا رهان خاسر يتكبد فيها الشعب الصحراوي معاناة اطول و أصعب والأكثر ايلاما ..
القضية الآن بهذا المفهوم الضيق يُراد لها نهاية أو خيار ليس أمميا أو بشروط اقلّ يكون فيها أحد الأطراف قابل للهزيمة أمام الاخر حسب طبعا رؤية الفريق الأقوى إقليميا ودوليا…لايبدو أننا سنرى مساعي جدية وفعالة نحو السلام في ظل هذا التعنت و خذلان المجتمع الدولي والمجموعة المشلولة لاصدقاء الصحراء الغربية في مجلس الأمن لمسار السلام في الصحراء الغربية ، اختلف كوهلر عن روس من خلال تشخيص لاوضاع المنطقة أو حتى التنبؤ بنهايتها التي اعتبرها المبعوث الأمريكي آنذاك قد تؤول و تتعقد أكثر فأكثر اذا لم يكون هناك بحث دائم عن حل سلمي الذي يبدو بعيد المنال ، وهذا ما يبعث بالقلق و التساؤل بشأن دور المجتمع الدولي والأمم المتحدة في هذا النزاع الذي يتعثر مع كل مبعوث أممي واحتمالات التوصل إلى مخرج غير وارد مع وجود معطيات عديدة.
ربما كان تصور كوهلر الذي يرافقه بعض الأمل، أو ربما كان يعتقد وجود ملامح أو فرصة ساسية لتسوية النزاع الذي طال أمده وعاثت به المصالح الدولية وسؤ التصرف والتقدير ، اظهر الرجل الالماني نوع من الحنكة وبمظهر الدبلوماسي المتفائل، لكن من المؤكد أن مساعيه قد خابت بأكثر حرقة كون الرجل في نهايته السياسية وهو الان يشعر بمعاناة الصحراويين ومرارة الفشل و منسوب التردي والخذلان الذي سيرتفع إلى مستويات أدنى بكثير مما نراه، ومما وصفه بيان تمثيلية الجبهة الشعبية بينيورك عن حالة الرحيل المفاجئ أو حتى توقّعه، أو أن هناك ماهو أبلغ وأبعد وذلك مما لا نتمناه.
المطلوب الآن هو البحث عن حلول خارج دائرة الأمم المتحدة أو نقل الملف للاتحاد الافريقي يكون فاعل بثقله مؤسس لادبيات النزاع المعمول به افريقيا والتي سبق وان جسدت في الكثير من البلدان الإفريقية ، غير ذلك لا أراه مجدي في مبعوث جديد قد يعلمه الصحراويون متأخرين، حينئذ قد يفاجئون بسذاجتهم في التعامل مع قضيتهم وبنتائج حسن نواياهم، التي اضاعت عقود في سنوات المنفى الطويلة…
بقلم : م اليساعة لبصير.