-->

المؤتمر و روح الاصلاح


بقلم الاستاذ: خطري الزين 
تعد المؤتمرات و الندوات الوطنية في ثقافة الاحزاب و الحركات، محطة لتقييم التجارب و دراسة مختلف الصيغ و الاساليب و استعراض المعطيات و الاحداث لبناء الاستراتيجيات و الخطط التي تُتخذ على ضوئها القرارات و تبنى على اساسها السياسات، انسجاما مع الاهداف التي يرجى تحقيقها، و بما اننا معنيون نحن ايضا – كحركة تحرير بهذا النهج و الاسلوب الذي دأبت عليه مختلف الحركات و الاحزاب، ملزمون ايضا بإحداث الاصلاح المطلوب و التغيير الواعي الذي ينسجم مع التطورات الجارية و التفاعل معها و التكيف مع مقتضياتها، بما يخدم القضية الوطنية و يدفع بها الى الامام ، لكي لا نبقى رهن الماضي الذي انحسر تفكيرنا فيه، حتى بقيت معظم تجاربنا شبه مكررة حتى الملل، و تفتقد الفاعلية بسبب اجترارها و اعادة تكرارها، فالى أي مدى يمكن للمؤتمر الخامس عشر ان يكون محطة انتقال جدية في الاصلاح و تجديد اساليب ادارة الشأن العام؟ و هل يمكن ان يُفَّعل من صيغ التفكير و يطور اساليب العمل و يعالج الاختلالات و النقائص التي شابت عمل المؤسسات و اصابتها بالركود؟ 
الاصلاح مهمة ليست بالسهلة و لكنها حتمية، و ضرورة ملحة للبناء و اعادة الحركة الى مسارها الحقيقي، و الطبيعي كحركة تحرير لا مكان فيها للانتهازيين و لا المتمصلحين الذين اجلوا و اعاقوا دينامية الاصلاح و ركبوا ظهر الثورة و حولوها الى ملكية خاصة، رغم الارادة الصادقة و النوايا الحسنة لزعامة الحركة و ثلة من الوطنيين في احداث التغيير الواعي و اشراك الشباب و احتواء الكفاءات و القدرات، الا ان ارادة التعطيل و التأجيل تغلبت على روح الاصلاح و نوايا التغيير، حتى عمَّ الفساد كل مناحي الحياة العامة، و صودرت احلام الطامحين في خدمة المشروع الوطني من طاقات قادرة و كفاءات مؤهلة،حتى بقيت المؤسسات جسم بلا روح، و اصيبت بالشلل و الركود، زد على ذلك نرجسية بعض المسؤولين و عدم تحليهم بالمثالية، تلك الاساليب و الممارسات اثرت على نزاهة الحركة و حولت امكانية التطوير فيها الى تدمير لمكتسباتها و انجازاتها العظيمة. 
و لتفويت الفرصة على اصحاب المعاول الهدامة و لضخ دماء جديدة في الحركة للحفاظ على صيرورتها و استمراريتها حتى النصر و الاستقلال، نعرض بعض الافكار للمساهمة في تجديد و تفعيل هيئات الحركة و تطويرها، و هي كالآتي: 
- رسم سياسة اصلاحية تنسجم مع واقع الحركة و التغيرات المحيطة بنا ( عالميا، اقليميا، جهويا_ (تعرض بالمؤتمر) . 
- التحلي بالارادة السياسية الصادقة في اشراك الشباب الوطني الكفؤ، لانه هو الضامن لاستمرارية و ديمومة المشروع الوطني. 
- منح المناصب لمن يستحقها لا لمن نريد. 
- تحديد فترة شغل المناصب العليا لمدة 10 سنوات ، تمدد للتكنوقراط فقط. 
- استحداث هيئات استشارية و مجالس وطنية لاصحاب المناصب العليا، بعد 10 سنوات عمل او اكثر. 
- ايلاء المؤسسة العسكرية اولوية خاصة( تجهيز، عتاد، تدريب..). 
- تطوير اساليب التحريض و التعبئة لتواكب التغيرات المجتمعية و تساير الاساليب الحديثة. 
و بناء على هذه الافكار و الاختيار الامثل للادوات الوطنية الغيورة على مصير شعبها، و المسؤولة عن ترجمة هاته السياسات الى افعال على ارض الواقع، يمكننا ان ندفع بحركتنا الى الامام و نساهم في انتقالها الى الافضل. 
و لابد للمؤتمر ان يكون أيضا مؤتمرا لنخبة الحركة عندما يتعلق الامر بالتنظير و صناعة السياسات و رسم الابعاد الاستراتيجية المتعلقة بالشأن العام داخليا و خارجيا، و عدم تمييع الامور و جعلها محل استفتاء شعبي عشوائي، يعتمد مبدأ التصويت على سياسات حساسة و برامج تخصصية لا يفقهها معظم المؤتمرين، هذا ليس من باب اقصاء و تسفيه قواعد التنظيم الذين شكلوا دوما منبع الصمود و الاخلاص و عنوان الثبات على العهد، و لكن لاعطاء الفرصة للخبراء و المختصين لإبداء الرأي و الاخذ من خبرتهم و مشورتهم في حقل اختصاصهم، و اختبار افكارهم و تطبيقها على ارض الواقع، و نبتعد عن الاحكام المسبقة و القوالب الجاهزة التي تسببت في عدم استغلالنا للكثير من الطاقات و اهمالها، ، و يبقى التحدي الاكبر في أي عملية اصلاح هو في الكيفية و الطريقة التي يمكننا بها تحديث الاساليب و تطويرها، و تقدير معطى الواقع و تحدياته و الامكانيات المتاحة لتجسيد تلك السياسات. 
بغض النظر عن المبررات فإن عملية التحديث اصبحت اكثر من ملحة في جميع المجالات و على كافة الاصعدة، لان حالة "الستاتيكو" ، السكون و الجمود لا تدفع الى الاحسن بل الى الاسوأ، كما يقال فإن لا شيء سيتغير و هو باق على حاله.

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *