الصحراء الغربية ...آخر مستعمرة إفريقية ..!!
عماره بن عبد الله - كاتب من الجزائر
مما لا شك فيه أنه من المبادئ الأساسية للدبلوماسية الجزائرية منذ ثورة التحرير هو حق تقرير مصير جميع الشعوب والاوطان المستعمرة ودعم حركات التحرر فيها، ولكونها آخر مستعمرة في القارة السمراء تعد قضية الشعب الصحراوي من أهم القضايا التي تدافع عنها الجزائر سواء على المستوى الإقليمي أو على المستوى الدولي.
وفضلا عن كونه موقف مستند الى القرارات التي أصدرتها لجنة تصفية الاستعمار التابعة للأمم المتحدة والمتمثلة في ضمان الجمعية العامة لحقوق الشعب الصحراوي، فهو في ذات الوقت نابع من مبادئ ثورة الفاتح نوفمبر الخالدة والتزاماتها تجاه قضايا التحرر، ومن ثم فالجزائر لديها مبادئ ثابتة تجاه حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره، وهو المبدأ الذي نادت بها الأمم المتحدة حتى تحل هذه القضية في إطار مواثيقها وقراراتها وهو موقف يتداخل ويشترك بصلابة وثبات الموقف الأفريقي الداعم للقضية الصحراوية العادلة واستكمال مسار تصفية الاستعمار في إفريقيا، بعيدا عن أية مناورات تسويفية وعن سياسة الأمر الواقع، والتحايل السياسي الذي يسجل اليوم من خلال إقدام بعض البلدان الإفريقية على نقل سفاراتها إلى مدينة العيون المحتلة ، إنما يترجم ذهنية اللاقانون المستشرية بقوة لدى كل من خوّل لنفسه فتح سفارة له في إقليم محتل بالحديد والنار من أجل استكمال دائرة المؤامرة المكشوفة التي تحاك على أكثر من صعيد، وان كان عمل أحادي الجانب إلا أنه منافا للقوانين الدولية المعمول بها والسارية المفعول، وبالتالي يعد لاغيا وباطلا ولا يعتد به أبدا، كونه يندرج في إطار تواطؤ متعدد الأطراف قائم بين دول فشلت فشلا ذريعا في التآمر على الصحراويين لمحاولة حرمانهم من المشاركة في المحافل القارية والعالمية هذا من جهة، ومن جهة أخرى يعد إستفزاز للمؤسسات الإفريقية الناشطة، والتي تتحرك وفق ما تمليه عليه التزاماتها تجاه الآخر.
ولعل ما دعنا لتخصيص هاته الكلمات ولو "تطفلا"، وهو عندما تطرقت النخبة الوطنية الجزائرية بمناسبة انعقاد ملتقاها بالمركز الجامعي بولاية تندوف بحر هذا الأسبوع، الى هذا ملف آخر مستعمرة إفريقية وهو ملف قضية الصحراء الغربية، مقيمين في ذلك الجهود الاممية في هذا الشأن، فضلا عن المساعي العربية والافريقية والدور الذي تقدمه الجزائر في إطار التوجهات الكبرى لدبلوماسيتها الحكيمة، فعلا هو عمل أكاديمي في شكله لكن موضوعا ومضمونا وعقيدة يترجم المقاربة والتوجه المتعلق بموقف الجزائر إتجاه هذا الملف الجد حساس، وهو موقف يدعم القضية كمسألة تصفية استعمار على حد قول رئيس الجزائر الجديدة عبد المجيد تبون، موقف واضح يشدد على حق الشعب الصحراوي الثابت في تقرير مصيره، من خلال تنظيم استفتاء حر ونزيه يتماشى مع المواثيق والقوانين الدولية، التي صادقت عليها الأمم المتحدة وقرارات الشرعية الدولية هذا من جهة، ومن جهة أخرى هذا الموقف ومن ورائه موقف مختلف شرائح وفعاليات المجتمع الجزائري، يقوم على قناعات تاريخية وقانونية مثلما تقره الشرعية الدولية كما سبق ذكرها وسردها .
ونحن نستذكر الذكرى الـ31 لتأسيس الاتحاد المغاربي، ونتطلع لبعثه من جديد لما يخدم شعوب المنطقة، يستوقفني قول لاحد رجال الجزائر عندما قال: الصحراء الغربية "هي إسمنت الوحدة المغاربية"، ومن ثم لابد من بذل جهود صادقة وبنية حسنة في سبيل البحث عن حل لقضية تصفية الاستعمار الوحيدة التي تبقى معلقة في افريقيا، وهو حل يضمن حق الشعب الصحراوي الثابت في تقرير مصيره، من خلال تنظيم استفتاء حر ونزيه يتماشى وقرارات الاتحاد الافريقي والأمم المتحدة ذات الصلة.
المصدر: البوابة