-->

نظرات في اللهجة الحسانية


تعتبر اللهجة الحسانية نتاج امتزاج لغوي وثقافي عميق للمجموعات العرقية والثقافية الثلاث التي كونت المجتمع البيظاني وهي العربية والبربرية والزنجية، تضاف إليها بصورة طفيفة عناصر لغوية وافدة من لغات أخرى .
والإصطلاحات البربرية في اللهجة الحسانية أغلبها من لغة الملثمين من صنهاجة أكبر المجموعات البربرية التي انتشرت في المنطقة قبل موجة الهجرات العربية ولابأس من الاشارة إلى رأي الباحث المتخصص د.علي فهمي خشيم (1936-2011) الذي خلص في دراساته المقارنة في اللسانيات إلى أن اللغات البربرية والمصرية القديمة هي لغات عربية الأصل.

وقد سبق للنسابة العربي الكلبي أن نسب صنهاجة إلى قبائل حمير اليمانية، وفي ذلك يقول شاعرهم:
قوم لهم نسب العلياء من حمير
وإذا قيل صنهاجة فهمو همو
لما حووا فخار كل عظيمة
غلب الحياء عليـــهم، فتــلثـمـوا.
ونجد في اللهجة الحسانية نسبة لا بأس بها من المفردات الصنهاجية وخاصة في أسماء المناطق الجغرافية مثل "أغيلاس" وهو الشبل و"آغزومال" ومعناها الأسد و"تاغزومالت" ومعناها "اللبؤة" و"أدرار" وهو الجبل و"إمليلي" ومعناها الأبيض ونجد التشابه بين هذا الأخير و"أمليلة" المستعمرة الاسبانية شمال المغرب و"عين أمليلة" المدينة الجزائرية المعروفة، و"أيرني" ومعناها الفيل و"تيرنيت" ومعناها الفيلة و"ميجك" ومعناها على ما قيل النسر، وكذلك "ابيلاي" وهو الصغير من الحيوان و"افوداش" وهو الثور و"تيرس" وهي البئر تحفر أول مرة، حسب ما ذكر شارح ديوان محمد بن الطلبة و"أيج" ومعناها حسبه اللبن و"إنفافن" ومعناها كما يقول الأقماع (لمحاكن).
وعلى الرغم من غياب دراسات متخصصة حول اللهجة الصنهاجية، إلا أننا نشير هنا بإيجاز إلى بعض خصائصها اللغوية، فالاسم المذكر فيها يبدأ بحرف المد "آ" مثل"آكطي" و"آغوينيت" و"آوحيفريت" وغيرها أو بالألف المفتوحة دون مد "أ"، كما في كلمات "أمكرز" و"أساتف" و"أمرسيط" وفي حالات قليلة يبدأ بالألف المكسورة "إ" "إيميم" و "إجيوي" و "إيكيدي" وغيرها بينما يبدأ الاسم المؤنث بحرف التاء وقد ينتهي الاسم المؤنث بحرف التاء الذي بدأ به وقد ينتهي بحرف آخر مثل "تنواكا" و "تازيوالت" و "تاكرزيمت" وغيرها. ويجمع المذكر في الصنهاجية على صورة "أن" مع كسر السابقة الدالة على المذكر "آ" وترد هذه الصيغ من الجمع في الأعلام الجغرافية المحلية كما هو الحال في "إمزان" و"إشركان" و"إقطيان" و"إمطلان" و"إينيان" و"إنيفافن" وغيرها. ولهذه القاعدة اللغوية استثناءاتها بما يشبه جمع التكسير كما في "آواتيل" وغيرها، والواضح أن الجمع في هذه الحالة يخضع للسماع والقياس كما هو الحال مع جمع التكسير في اللغة العربية. ويجمع المؤنث في هذه اللهجة على صورة "اتن" وهذه الصيغة من الجمع شائعة الاستعمال في الأعلام الجغرافية الصحراوية، مثل"تيگسمطاتن" و"تويزرفاتن" و"تيسكيماتن" و"تيمزگناتن" وغيرها كثير.
كما يلاحظ طول بعض الأسماء والكلمات الصنهاجية الصحراوية وتكرار بعض الأصوات في الكلمة الواحدة، كما في تنتاوتالت وأكرزرز وانتاجاط وتيكسماط وغالمان ودرمان وكلها تسميات جغرافية.
ومن المفيد هنا من الإشارة إلى خلو المفردات الصنهاجية الصحراوية من بعض الحروف الأبجدية العربية من قبيل حرف الثاء، بخلاف اللهجات البربرية المعروفة في شمال افريقيا التي تحتوي على هذا الحرف كما في كلمات نايث وإيراثن وغيرها وكذلك حرف الهاء كما في كلمة "وهران" التي تعني الأسود.
ومن نافلة القول أن استعملنا هنا مصطلح "اللهجة الصنهاجية" للدلالة على اللسان البربري المستعمل في اللهجة الحسانية المختلف الى حد ما عن اللهجات البربرية في معظم مناطق الصحراء الكبرى وشمال افريقيا من قبيل إطلاق الجزء على الكل، فمن المعلوم أن المنطقة قد عرفت انتشار قبائل بربرية عديدة غير صنهاجة، مثل لمتونة وزناتة وگدالة ومسوفة ولمطة وغيرها.
مجموعة الركيز التطوعية
بالتعاون مع الباحث الصحراوي و الدكتور غالي ازبير

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *