-->

شتان ما بين الزيارتين

 


يحل بمخيمات اللاجئين الصحراويين وفد من مشايخ موريتانيا الشقيقة ، حاملا معه أملا لن يخيب في من حباهم الله بجرأة قول الحق ، ولو كان على أنفسهم .... {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَتَمَ شَهَادَةً عِندَهُ مِنَ اللّهِ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ} (البقرة: 140) ، وقبله كان وفد من محامي هذا البلد قد زار المدن المحتلة من الصحراء الغربية تحت يافطة التوريط ، {فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَذَّبَ بِآيَاتِ اللّهِ وَصَدَفَ عَنْهَا سَنَجْزِي الَّذِينَ يَصْدِفُونَ عَنْ آيَاتِنَا سُوءَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُواْ يَصْدِفُونَ} (الأنعام: 157).
فلم تغب صورة تدفق هذين الوفدين عن ذهن الشعب الصحراوي الذي يكن لموريتانيا من ألفها إلى يائها احتراما وتقديرا تعجز عن حمله الجبال الراسيات ، لكنهما زيارتان فاصلتان بين الحق والباطل ، تأتيان في منعطف يكاد يسدل الستار مع ما مضى، ويبحث في الأفق عن سيل متدفق من التقارب الوجداني بين أبناء شعب واحد في وطنين متجاورين.
ويبدو أن زيارة وفد المشايخ ، حماة الحق والدفاع عن المظلوم للاجئين الصحراويين ، وان جاءت متأخرة ، عسى الله أن يعفو عنا وعنهم ، تشكل منعطفا حجز موقعه ليس في ذاكرة الصحراويين الفردية والجمعية فحسب، بل في صفحات نصرة الأخوة على امتداد وجودها، وهي تحاكي في مفرداتها زيارة ذوي القربى ، بصلة أرحام تئن تحت وطأة ظلم جائر من قبل النظام الملكي في المغرب ، الذي يتقاطع اليوم مع الاحتلال الإسرائيلي الجينات نفسها.
المسألة ليست شاعرية ولا هي محاكاة رومانسية لعواطف وأحاسيس من نتوسم فيهم الخير، بقدر ما هي دعوة وبقلوب مفتوحة لرسم خطوط عرض وطول على امتداد خارطة مجتمع البيظان ، كي تعيد إلى الخريطة الجغرافية إحداثياتها الإنسانية والحضارية، وإلى امتداداتها وتوابعها الاهتزازية هويتها المتميزة ، التي ما تخلت يوما عنها، ولا قَبِل الوجدان الصحراوي والموريتاني للحظة أن تكون خارجها.
نعم أقول بالفم الملآن ، شتان ما بين زيارة وفد المحامين ، الذين كنا نأمل فيهم خير ولا زلنا كذلك ، كي يرافعوا عن الحق ، وأن لا تنزلق أقدامهم عن قسم المهنة ، وبين زيارة وفد من حفظة كتاب الله يجمع في المحصلة النهائية على تقديم لوحة وطن، كللته رغبة المصير المشترك ، ووضع حد لألسنة تجاوزت حدودها، ونطقت بما لم تخول به يوما، وتحدثت بما هو غير مسموح النطق به، وحاولت مرارا وتكرارا أن تصادر إرادة الصحراويين في الحرية والاستقلال .
حللتم أهلا ونزلتم سهلا ومرحبا بين ظهران إخوانكم وأشقائكم ، والصمت عما جرى ويجري في الصحراء الغربية تحت لواء الحياد الايجابي ، لم يكن واردا ، بل حان الوقت أن تقول موريتانيا الرسمية ، عفوا أيها الشعب الصحراوي فحيادنا لم يكن في نطاق عدم الاهتمام أو عدم الاكتراث، بقدر ما كان الصمت أكثر تصريحا من الموقف ذاته، لكننا نستدرك الأمر بجرأة ، بعد أن شعرنا أن سياسة الحياد غير المحكوم بجدول زمني تزيد الطين بلة، وأن هناك ما يستحيل تجاهله.
بينما يرى الصحراويون أن العلاقة الصحراوية الموريتانية أكبر من أن تفتح شهية المتربصين بمستقبل أجيالنا ، بل لا بد من سد الثغرات أمام حالة الإفلاس في التعاطي مع قضية عجزت كل المؤامرات المغربية والإسرائيلية عن اقتناص مفردة واحدة تصلح للمحاججة عن أطروحة التوسع واغتصاب أرض الجيران بعنجهية استصغار حقهم في العيش الكريم ، واغتصاب حرائرهم ، والزج بأبنائهم خلف القضبان ، ونهب خيراتهم ، فيما تعيش المنطقة حالة من الحنق والغيظ جراء التطاول الإسرائيلي ، وتمدده باستطالة مغربية .
بقلم عالي أحبابي

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *