-->

إليك سعيد المرابط

و من خلالك .. الى روح الشهيد حسنة الطالب بويا الوالي .. ذياك الفقد الموجع و
الجرح الذي لا يندمل ..
أكتب هاته الكلمات لتكون اخر ما أكتبه في سنة كتبت رقمها على رفات الشهيد فاستحقت ان يخلدها التاريخ سنة لا تنسى ..
رفيقي العزيز سعيد ..
وصلتني رسالتك قبل أيام محملة بدفء تضامن غزير و نبل علاقة رفاقية ربطنا بها وطن يسكننا و فكرا مشترك يجمعنا و خيبات تجرعناها نيابة عن ارض تئن تحت احذية عسكر غازي ..
لم اجبك فور توصلي برسالتك/صك اعتقالك .. بل قلت لك انتظرني على حافة النزف .. اين ستبوح الابجدية بنبل العلاقة الرفاقية ..
في الحقيقة كنت انتظر ان يشرع العام المنصرم في لفظ ساعاته الاخيرة لألفظ معها حبرا عناوينا بارزة شكلت المنعطف و الحدث الاهم في سنة كانت قاسية علينا عندما قبلت ان يشهد احد ايام ربعها الاخير الرحيل الابدي لواحد من رجالات هذا الوطن الاستثنائيين ..واحد من اخر رجالات هذا الزمن المحترمين .. واحد من شهدائنا الاطهار الصادقين .. 
انه العنوان الابرز و سيد العناوين .. انه الشهيد حسنة الوالي .. حكاية نضالية لا تنتهي و تجربة انسانية فريدة اشتملت كل المعاني و القيم النبيلة ..
حسنة الوالي الرجل الذي ترك كل شيء و اختار اراديا مسلك الصمود و النضال و الاستبسال .. تقدم سامق الهامة مخترقا ظلام السجون بقبس من نور مشتعلا بين جوانحه .. ليعلن الزنازن ساحة للوغى و مساحات متقدمة للفعل الوطني .. لقد خلخل منطق القوة و الضعف لما جعل امعاءه الفارغة سلاحا يواجه به القيد و السجان و الطغيان و الاسوار و الانيار و البرد و المنع و الانتهاء .. فافرد له التاريخ صفحات مجد تدون انبلاج شمس الانتصار من كبد العدم و القهر .. لقد كان يدرك قول الماغوط "ان الموت ليس الخسارة الكبرى .. الخسارة الاكبر هو مايموت فينا و نحن احياء " لذلك احب الموت حب سجانه للحياة و وضع نصب عينيه عناق سلفه النير .. شهداء شعبنا العظماء .. ظل يتغنى بحرية شعبه مواويلا تنشدها حنجرة لم تعرف الا الماء و السكر مذاقا .. رغم انه السجين لكنه لم يرد الحرية له .. ارادها لوطنه .. لان الوطن اولا و اخيرا .. و لان حسنة كاميكاز للوطن .. قاوم الشهم و جابه الى ان اغتالته الايادي الاثمة .. و لانه الشهيد و هم القتلة ..و لان الشهادة ارقى و اسمى و اقدس .. و لانه حقق حلمه بالالتحاق بركب الخالدين .. فلا يهمني هنا ايها الرفيق ان استنطق ايام السنة اللعينة لتصرح لي بأداة الجريمة مادامت الطلقة و السكين و حقنة الكليغوز كلها طرق موت .. و في معجم العظماء كل الطرق تؤدي الى الشهادة..
رحل الشهيد اذن ايتها ال 2014 وسترحلين انت ايضا بعد ساعات و كلاكما سيخلد الى الابد .. الشهيد سيخلد كنبراس و مجد و منارة و قدوة حية لا تموت .. و انت ستخلدين ذكرى وجع و حزن و الم و سأظل ألعنك كلما حل الثامن و العشرين من سبتمبر في اي سنة قادمة ..
رفيقي سعيد .. او الانفجار المدوي قعر الدواة 
و انا اكتب لك كلماتي الاخير في سنة تحتضر .. و حتى لا تجافيني الكلمات و يعاديني اليراع .. لزاما عليا ان اسجل باحرف فخر و اعتزاز اسماء اشخاص رائعين كانو جزءا من هاته السنة و اعتلوا ناصية المحبة و سكنوا القلب .. فحق عليا ان انحني لهم اجلال و اكبارا عرفانا لما قدموه لي كونهم طانوا و لا زالوا و سيظلون ذلك السند و الداعم و المحفز و الحاضن ..
انها والدتي و والدي اطال الله عمرهما.. و جمعني بهما منتصرا لا منكسرا .. انهما المثل الاعلى و الحب الكبير و ينبوع العطاء الذي لا يجف .. نبض قلبي و دم شرياني ..
انهم خالد و البقية .. اخوتي و اخواتي الذين انهكهم غيابي و اتعبهم انتظار قدومي دون ان ييأسوا .. و لم يعزهم الامل و لا الارادة في جعل قساوة السجن .. بيت عنكبوت واهن تذليلا منهم للصعاب عني ..
انهم رفاقي في الاسر الضراغيم و الاشاوس .. اخوتي في القدر و المصير اسود الوغى و صانعي ملحمة اكديم ايزيك .. بيارق النصر الحتمي .. 
انه الماحق الساحق .. السيل الحبري الهادر .. بيتهوفن الابجدية و ارتداد الصرخة من من عمق الزنزانة .. السجين الطليق و رفيق المحنة ابو هديل بشر حيداري .. ايه نعم انه صاح يا صاح الانهراق المذهل و الانسان الرائع .. الغدير المعتق و الماء البدوي العذب العاقل المجنون و المجنون العاقل الذي كانت زيارته لي بمثابة زمن مقتطع من السجن الى الحرية .. 
انها سيدة الدواة .. اميرة الحكاية و بتولها عبق اضرحة الشهداء و عمقنا العميق .. تاريخنا الانساني المشترك و المنا و املنا معا .. سيدة الضفاف و الحرف الرائعة التي تمنحني قوة الاندفاع صوب الغد الزاهر .. البتول المحجوب 
انه المقاتل و الاطار و الكاتب اندكسعد ول هنان .. مدرسة كفاحية تلهم الاجيال و طاقة وطنية خلاقة و النموذج النموذجي للاطار و المثقف العضوي الذي يحمل هموم شعبه .. في وقت يحمل فيه الشعب هموم الكثيرين من اشباه المثقفين ..
انهم رفاقي خارج الاسوار ..رفاق البدايات و الدرب .. الجميلون الذين ولدوا فولدت معهم الاخوة و الاخلاص .. محمد امبارك .. تراد .. براهيم عثمان .. عبد القادر .. حسنة .. عزيز .. اميليد .. عمار .. محمد .. لمبروك .. البشير .. لمهدي .. سيدي .. عبيد .. و الاخرون 
انه مراد الروح .. ابن الكثيب البار الدكتور القادم انبثاقا جديدا لطلائع مثقفة تصنع مجتمع واعي .. منتج .. فعال 
انه ميشو ميشان .. ابن الشهيد .. و المشاكس الذي ينفذ الى الاعماق كنسيم الحرية .. الصحفي البارع و المبدع ..
انها انت .. خيبة دفينة .. حلم مغتال .. اشارة من القدر ...
انه الركيبي .. جمي الذي يحارب ليلا نهارا من اجل عالم جميل .. و عياش الذي عرفته ذات سجن اكحل بئيس فكانت معرفته نقطة مضيئة في حقبة مظلمة ..
انهم كل المتضامنون و المتعاطفون و المآزرون .. كل القلوب التي نبضت لنا بالمحبة حتى دون ان نعرفها .. كل القارئين لهاته الرسالة من بنات و ابناء شعبنا الصامد ..
انه انت يا من انت ..
سعيد المرابط 
انت الذي جئت فجأة لتقاسمني الم القيود .. لتضع معصمك مكان معصمني .. و تنزع عنك غطائك لتدثرني .. ثم تصرخ حاملا المي .. السماء ليست مستطيلا بحجم سقف زنزانة ..
ما انبلك ايها المتمرد .. ضد كل المسوخ
ما انبلك ايها المتفرد .. بكبرياء الشموخ 
يا دنقل بلادي .. و قافية للتحرير ..
يا مسك الختام لهذا العام ..
شكرا لك ..لكلماتك .. لحرارة وفائك .. لنبل التفاتتك .. لسخاء اناملك .. لشخصك الرائع ايها الرائع ..و من خلالك ابعث احر التحايا و اعنفها للشهيد حسنة مفخرة المعتقلين السياسيين الصحراويين .. 
و لك و له و لامي و ابي و اخوتي و رفاقي و كل هؤلاء الرائعون المذكورون بعزة بين ثنايا رسالتي اقول :
كل سنة و انتم الاروع .. الاجمل .. الابهى .. الانبل ...
كل سنة و انا ممتن لكم .. فخور بكم 
دعونا نردد جميعا كوداع لعام مضى ..
السماء ليست مستطيلا بحجم سقف زنزانة .. و انما هي فضاء لا متناهي بحجم الحلم داخلنا ..
معصمك معصمي .. يدك يدي .. و نحن واحد يتجزأ على خارطة التضحيات .. ليتجمع على خريطة الوطن ..
صديقك و رفيقك الشيخ بنكا 
صباح اخر يوم اثنين في سنة 2014
بقلم المعتقل السياسي الشيخ بنكا.

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *