-->

الجزائر تكسر الحصار السياسي على سورية.. وزيارة مساهل اول الردود على الانحياز السعودي الخليجي الكامل للمغرب..


بدأت سياسة الاستقطاب السياسي المتصاعدة حاليا في المشرق العربي تنتقل الى مغربه، وبسرعه النار في الهشيم، فبعد الزيارة التي قام بها ملك الاحتلال المغربي محمد السادس الى الرياض الاسبوع الماضي لحضور قمة مجلس التعاون، والدعم السعودي للمغرب في احتلال “الصحراء الغربية”، والنزاع المغربي مع امين عام الامم المتحدة بان كي مون، الذي وصف الوجود المغربي في الصحراء الغربية بانه “احتلال”، ها هو السيد عبد القادر مساهل وزير “الشؤون المغاربية” والاتحاد الافريقي وجامعة الدول العربية، يزور دمشق، ويؤكد على “تضامن بلاده الكامل مع سورية في محنتها التي تمر بها”.
دعوة العاهل المغربي لحضور القمة الخليجية في الرياض تأتي في اطار المسعى السعودي لاقامة مجلس تعاون “للملكيات العربية”، فهل تأتي زيارة الوزير مساهل لاقامة تحالف مضاد للجمهوريات، او ما تبقى منها؟
بعض المسؤولين الجزائريين يجيبون بالنفي القاطع، ويؤكدون ان هذه الزيارة لوزيرهم تأتي ردا على زيارة السيد وليد المعلم وزير الخارجية السوري الى الجزائر قبل شهر على الاقل، ومبرمجة في حينها، وليس لها علاقة بزيارة العاهل المغربي للرياض.
هذا التبرير ينطوي على الكثير من الوجاهة، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هو عن اسباب عدم قيام وزير الخارجية الجزائري رمطان العمامرة بنفسه بالقيام بهذه الزيارة ردا على زيارة السيد المعلم، وعلى اساس المعاملة بالمثل؟
في الجزائر كل خطوة محسوبة بشكل جيد، وبدقة متناهية، فالوزير مساهل يحمل حقائب ومهام عديدة في وزارة واحدة، ومن بين هذه الحقائب “الشؤون المغاربية”، وكذلك “جامعة الدول العربية”، احد مصادر “الداء” في سورية، ويوصف الرجل بالقوة والخبرة في المجالات السياسية والدبلوماسية، واختياره لهذه المهمة لم يكن عشوائيا، حسب ما قاله مصدر جزائري رفيع.
المملكة العربية السعودية حاولت استقطاب الجزائر، واوفدت الامير محمد بن نايف، ولي عهدها، في زيارة الى عاصمتها وحمل الامير السعودي في جعبته عروضا بالاستثمار بعدة مليارات من الدولارات، ولكن يبدو ان هذه العروض لم تثر شهية الحكومة الجزائرية، ووقفت الجزائر مع سورية في مواجهة قرارات الجامعة بعزلها، كما رفضت ادانة “حزب الله” بتهمة “الارهاب”.
من الواضح، ومن خلال البيان الذي اصدره العاهل السعودي باسمه، واسم قادة مجلس التعاون الخليجي، ترحيبا بالعاهل المغربي، واكد فيه “نحرص ان تكون علاقة دول الخليج مع المغرب على اعلى المستويات في مختلف الجوانب السياسية والاقتصادية والامنية”، واضاف “ان دول الخليج قررت دعم المغرب في "احتلال الصحراء الغربية" وخلافه مع الامين العام ورفض اي مساس بالمصالح العليا بالمغرب”، من الواضح ان السعودية ودول الخليج الاخرى قررت ان تضع كل بيضها في سلة المغرب، وتدير الظهر كليا للجزائر الذي رفض تأييد الحلف الاسلامي، والتحالف العربي في اليمن، اللذين اسستها السعودية بقيادتها.
توقيت زيارة الوزير مساهل، وبعد اسبوع من القمة الخليجية المغاربية، يعكس رسالة جزائرية واضحة الى دول الخليج، ابرزها خروج الجزائر من حالة “البيات الشتوي” التي لازمتها طوال السنوات الماضية، وتفضيلها سياسة الصمت، والبدء في تحرك سياسي ودبلوماسي في المنطقة والعالم، ويتضح ذلك ايضا من الزيارة التي سيقوم بها السيد عبد الملك سلال رئيس الوزراء الى موسكو يوم الاربعاء المقبل (بعد غد)، لبحث مواضيع متعددة بينها مشاريع طاقة، وبنى تحتية، ومواصلات، وزراعة وغيرها.
الوزير مساهل تحدث عن معاناة بلاده من الارهاب، ولكنه اكد ايضا على انها، اي الجزائر، عاشت المصالحة الوطنية والحوار وتبني الحل السياسي، وربما يقول ذلك في رسالة الى المضيف السوري لكي يسير على النهج نفسه.
لا يخامرنا ادنى شك في ان القيادة السورية استفادت كثيرا من التجرية الجزائرية في الاعتماد على الحلول العسكرية كخيار وحيد، مثلما استفادت ايضا من تجربة الروس والارض المحروقة في الشيشان، وهذا يتضح في تأكيدها، وعلى لسان السيد المعلم، ان “مقام الرئيس″ خط احمر، وتبني الوفد السوري المفاوض لتعلميات صارمة في هذا الخصوص.
الرئيس الاسد يتبنى الحل العسكري الجزائري لازمة بلاده الحالية، ويريد الاستهداء بالحلول السياسية لها، وابرزها الحوار مع المعارضة، والشراكة معها في حكومة موسعة، ولكن في حقائب ثانوية، وتحت خيمة النظام، ويبدو ان موسكو حليفة الدولتين، اي الجزائر وسورية، توافق ضمنا على ذلك، ونجحت ولو جزئيا في اقناع واشنطن وعواصم غربية اخرى بها.
الوزير مساهل سيحمل في جعبته بعض النصائح الجزائرية حول الحل السياسي والمصالحة الوطنية، وربما نصائح عسكرية ايضا، والامر الآخر الاكثر اهمية ان زيارته هذه كسرت حصارا عربيا على دمشق هي في امس الحاجة اليه من قبل دولة كبرى مثل الجزائر.
راي اليوم ـ بتصرف

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *