-->

مجلس الامن الدولي: اما خيار السلم او خيار الحرب

لطالما انتظر الصحراويون ان يسلك النظام المغربي جادة الصواب بالانصياع للشرعية الدولية من خلال احترام حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير والاستقلال، والكف عن اطماعه التوسعية وينظر الى مستقبل الشعبين المغربي والصحراوي في ظل تدهور الاستقرار والامن العالمين.
لقد قدموا الصحراويون الكثير من التنازلات وتحملو الكثير من المعاناة من اجل استتباب السلام، حيث قبلوا بتوقيف اطلاق النار سنة 1991 حرصا منهم على حقن دماء الاشفاء، والتزمون بشروط التهدئة التي مر عليها اكثر من 25 سنة، رغم ما تعرض له ولازال ابناء الشعب الصحراوي من قمع وترهيب يومي في المناطق المحتلة من الصحراء الغربية ورغم النهب المستمر للخيرات الصحراوية، وتحملوا قساوة اللجوء ومرارة النفي عن الوطن لاجل حل قضيتهم المشروعة بالطرق السلمية.
لقد استبشروا الصحراويون خيرا سنة 1991 توصل طرفي النزاع المملكة المغربية وجبهة البوليساريو الى اتفاق ينص على تنظيم استفتاء لتقرير مصير الشعب الصحراوي، ورحبوا بقدوم القبعاة الزرق، باعتبارهم يمثلون المنتظم الدولي، للاشراف على تطبيق نصوص هذا الاتفاق. ورغم أن نية النظام المغربي كانت واضحة في التملص من التزاماته عندما عرقل تنظيم الاستفتاء في موعده الذي كان محددا شهر فبراير 1992 ، الا ان الصحراويين صبروا وصابروا ولم يستعجلوا في الرد على الموقف المغربي قبل ان يقف المنتظم الدولي على حقيقة النظام المغربي الغازي وسياساته الاستعمارية ضد الشعب الصحراوي واستهزائه بالارادة والجهد الدولين من اجل حل القضية الصحراوية عن طريق الاحتكام للشرعية الدولية.
ان تواجد بعثة الامم المتحدة من اجل الاستفتاء في الصحراء الغربية (مينورسو) في المنطقة على مدى اكثر من 25 سنة هو تعبير عن ارادة المجتمع الدولي في التمسك بالحل الذي جاءت من اجله هذه البعثة في الوهلة الاول الا وهو تنظيم استفتاء لتقرير مصير الشعب الصحراوي انطلاقا من قناعة دولية بان الحل الوحيد يكمن في احترام حق شعب الصحراء الغربية غير قابل للتصرف في تقرير المصير والاستقلال. كانت كل المحاولات الجادة، خلال كل هذه الفترة، تصطدم بالموقف المتعنت للنظام المغربي، وظل الحال هكذا الى ان تأكد المنتظم الدولي اليوم من عدم وجود اية ارادة سياسية لدى هذا النظام في حل يعتمد على الشرعية والقرارات الدولية.
ان ما عبر عنه الامين العام للامم المتحدة السيد بان كي مون، خلال زيارته الاخيرة للمنطقة بان المغرب بلدا محتلا للصحراء الغربية هي رسالة واضحة من المنتظم الدولي تؤكد على قرارات الامم المتحدة ذات الصلة خاصة قراري الجمعية العامة 34/37 في 21 نوفمبر 1979 و 35/19 في 11 نوفمبر1980، وان التعامل المستقبلي مع المملكة المغربية سيتم على اساس تصفية الاستعمار من الصحراء الغربية عن طريق تمكين شعبها من حقه في تقرير المصير والاستقلال.
إننا الآن نحصد ثمار سنوات من الصبر والمعاناة لتتعزز بذلك قوة حقنا المشروع في الكفاح من اجل الحرية والاستقلال ويصبح عدونا في قفص الاتهام. إن قرار النظام المغربي من جانب واحد تفكيك بعثة الامم المتحدة من اجل الاستفتاء في الصحراء الغربية ( مينورسو)، وتملصه من التزامته الدولية والاخلاقية، هو تمرد على المنتظم الدولي وعلى قرارات مجلس الامن وخرق سافر للاعراف الدولية وبالتالي هو اعلان رفضه للسلام ومقابل ذلك الرجوع بالقضية الى مربعها الاول الا وهي هي الحرب التي اصبحت قاب قوسين او ادنى والتي ستكون مخاطرها بلا شك مضاعفة على أمن واستقرار المنطقة.
ان مجلس الامن الدولي الذي يعقد جلسات اجتماعه السنوي الان من اجل تجديد عهدة المينورسو، مطالب بتغيير اسلوبه الذي ظل يدلل به المغرب خلال اكثر من 40 سنة، الى درجة ان هذا الاخيراصبح يتحدى المجلس وقراراته ويفعل ما يشاء بشأن بعثة الامم المتحدة من اجل تنظيم الاستفتاء في الصحراء الغربية.
ومن جهة اخرى يجب ان يدرك مجلس الامن ان صبر الصحراوي قد نفذ وسوف لن يقبلوا باستمرار الوضع على ما هو عليه في الوقت الذي هم فيه اصحاب الحق ويتعرضون لابشع انواع القمع والتنكيل والترهيب وقساوة ظروف اللجوء والشتات.
إن الصحراويين، الذين تضاعفت قوتهم عددا وعدة، جاهزون لرفع التحدي من اجل انهاء احتلال المملكة المغربية لبلدهم بالقوة، التي هي قوة ايمانهم بعدالة قضيتهم وشجاعتهم قبل ان تكون قوة السلاح، فايمانهم بشرعية كفاحهم يشجعهم على خوض معارك تزلزل الارض وتلقن العدو دروسا لن ينساها، يستحضرون فيها المعارك الباسلة لمقاتلي جيش التحرير الشعبي الصحراوي في لبيرات، بئر انزران، الكلتة، السمارة، الطنطان، امحاميد الغزلان، اساسا، اقا، لمسيد، المحبس وغيرها من الملاحم التي اظهر فيها اسود جبيش التحرير الشعبي الصحراوي ان القوات الجرارة والاسلحة المتطورة لاتقف في وجه قوة الايمان والشجاعة. كما يستحضرون فيها ايضا نضالات الجماهير الشجاعة في 17 يونيو 1970 ومظاهرات ماي 2005 واكديم ازيك وغيرها من العمل السلمي، الراقي والحضاري.
اننا نعيش ساعات اتخاذ القرارات الحاسمة من طرف مجلس الامن الدولي، والتي من اجل ان تكون صحيحة وفي الاتجاه الصحيح كما يريدها الشعب الصحراوي، لابد ان يجعلها الصحراويون معركة فاصلة مع العدو. فلابد من مواجهة السيناريوالخطير الذي نسجه العدو وحلفائه داخل مجلس الامن او خارجه، والتي تعتبر المواجهة الحالية مع الامين العام وطرد افراد من بعثة المينورسو وتضييق الخناق على المناطق المحتلة جزءا منه، بهدف اجهاض اي موقف يدفع بعجلة حل يضمن حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره مثلما اكده الامين العام للامم المتحدة خلال زيارته الاخيرة للمنطقة. ولمواجهة هذا السيناريو وفرض على مجلس الامن الدولي ان تحمل كامل مسؤولياته وعدم الانجرار وراء المناورات المغربية، يجب استعمال ما امكن من اوراق الضغط مثل المواقف الدولية المتقدمة كالاتحاد الافريقي وفي امريكا اللاتينية والدول الاسكندنافية وللعديد من منظمات المجتمع المدني واحزابه والمنظمات الانسانية، ودعمها باستنفار للجسم الوطني الصحراوي واجراءات ميدانية تظهر بشكل جلي قوة الصحراويين ونفاذ صبرهم من خلال استعداد تام لجيش التحرير الشعبي الصحراوي وتعبئة شاملة للقواعد الشعبية في المخيمات والمهجر، ومظاهرات عارمة تكتسح كل الشوارع في المناطق المحتلة وجنوب المغرب من امحاميد الغزلان الى لكويرة. إن الشعب الصحراوي يتطلع الى مجلس الامن من اجل وضع نهاية للاستعمار المغربي في اقرب وقت وفسح المجال امام ترتيب اوضاع المنطقة بما يخدم السلم والامن، والا فالصحراويين لن يبقوا مكتوفي الايدي للدفاع عن حقوقهم المشروعه بكل الوسائل الممكنة بما في ذلك الكفاح المسلح.
بقلم: الديش محمد الصالح

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *