-->

مجـــــــلس الأمن: الحرب هي المخرج الوحيد في الصحراء الغربية


يتطلع العالم عامة و الصحراويون خاصة الى قرار مجلس الامن في كل سنة، حول الصحراء الغربية، الملف الذي ملأ الدنيا و شغل العالم كتسابيح يرتلها كل ابريل لأزيد من اربعين عاما دون ان نرى دخانا أبيضا، حتى ان البعض اصبح يوصى الامم المتحدة بضرورة اعتبار الواحد ابريل و الثلاثين يومين عالميين لنفس العيد لكون ان القضية التي من صلاحيته البت في مصيرها ماتزال معلقة منذ ستينيات القرن الماضي كآخر مستعمرة في افريقيا الى اليوم.
تقرير الامين العام: بين الحياد والحقيقة ، الشعب الصحراوي الضحية.
ينتظر الصحراويون ان ينصفهم الامين العام للامم المتحدة ليس فقط بعاطفته التي فاضت حتى استشاط المحتل المغربي غضبا و جنّ جنوه بسب تعبير الاخير عنها، وان لم يضف الجديد للامم المتحدة في قاموسها طيلة تاريخ تعاطيها مع الملف حينما ذكر المغرب بانه دولة احتلال و دعى للشعب الصحراي بالنصر بعدما وقف على صبره الاسطوري في مخيم يستحيل على اكثر الشعوب تحديا وتطويعا للطبيعة ان يقيم في ظروفه حتى ولو كان من ذوي البشرة الصفراء، مشاطرا اياه قوة الصبر و الشجاعة بنصب شارة النصر باصبعيه، و امام ابهة الدولة الصحراوية بكل تفاصيل البرتوكول وحسن الضيافة لم يجد الامين العام للامم المتحدة بدا من الانحناء احتراما وتقديرا لأهم رموز دولتهم العلم الوطني الصحراوي، و التأكيد على ان النصر حتمى وان الدولة الصحراوية حقيقة تمليها الواقعية السياسية التي فرضها الشعب الصحراوي بالرغم من التعنت المغربي.
المربع الأول : البوليساريو وتأثير افيون الرشوة
السيناريو الأول: ان الشطحات الاخيرة للمغرب، قد تسبب حرجا لمجلس الأمن، فالمحتل يعتمدها وسيلة للابتزاز و يستثمرها في محاولة منع استصدار قرار جدي يسمي الاسماء بمسياتها و يعلن القطيعة مع تلميع صورة الاحتلال الوقحة التي لم تعد اجود المساحيق و اكثرها تأثيرا، قادرة على إخفائها بحكم عمرها الذي تجاوزت فيه الزمن الطويل، فالعجوز الشمطاء او كما سماها سفير فرنسا بالامم المتحدة العشيقة المخلصة لفرنسا لم تعد تلك الفتاة المغرية بحكم كل التحولات.
ان فرنسا و عشاقها الاخرون محرجون امام العالم في تبرير تصرفات العشيقة التي وصلت الى سن اليأس، وباتت تعبث بجميع عشاقها من خلال تعاملها مع المنتظم الدولي، و لعل ابرز مظاهر العبث قرارها الاخير الذي ستندم عليه طويلا بعد عودة المكون السياسي لبعثة الامم المتحدة لتطبيق الاستفتاء في الصحراء الغربية، مع صلاحيات اضافية كمراقبة حقوق الانسان لان الامم المتحدة لا يمكنها ان تعيد البعثة لتمارس الركود الذي خبرته ازيد من خمس وعشرين سنة من العبث و التفسح، لكون البوليساريو كقوة متأهبة لكل الاحتمالات ستلعب الدور هذه المرة في لي ذراع الامم المتحدة، اذا لم تعد بعثة المينورسو بصلاحيات مراقبة حقوق الانسان، وهو ما يمكن ان يكون افيونا للبوليسايو في المدى المنظور.
المغرب و الرهان على الخيار المتاهة

السيناريو الثاني: وهو ان تبقى الامور على ما هي عليه ، بعد القرار المغربي الخطير وهو طرد المكون المدني من المينورسو ، مما يعنى ان البوليساريو تحصلت على الضوء الاخضر من الامين العام للامم المتحدة ومجلس الامن بالعودة للكفاح المسلح وهو ما يعني اشعال المنطقة المشتعلة اصلا في عدة جبهات غير انها هذه المرة ستكون حربا شاملة ستصل شظاياها الى العمق المغربي و كل دول المنطقة وهو ما لم ترغب فيه الدول الكبرى وخاصة امريكا التي تخوض صراعا مريرا ناعما مع الصين على المنطقة وترى حليفتها الاسستراتيجية فرنسا غير قادرة على حسم الامور و السيطرة على ما تسميه بهوها الخلفي، مما يفتح المنطقة على عدة مآلات ، و هي ما تعتبره القوة الصامتة في البوليساريو بالفرصة الذهبية التي انتظرتها طويلا لتحسم الامور بلغة النار و الحديد.
الشباب الصحراوي: القوة الخفية
تعتمد البوليساريو على عدة خيارت وهي التي اكتسبت مناعة تؤهلها للتكيف مع كل المستجدات مهما كانت درجة حدتها ومفاجئتها،و خاصة المتعلق منها بادارة الصراع مع المحتل المغربي و حلفائه، لكن ما قد يفاجئ البوليساريو قبل المحتل المغربي هي ردة فعل الشباب الصحراوي الذي بات يرى ان الحل السلمي غاب قوسين او ادنى من افول نجمه ليسطع نجم الحرب ملعلعا صوت الرصاص في سماء المنطقة و معجلا بنهاية اطول صراع و اشرسه مع القوى التقليدية الاستعمارية التي يبدو انها لم تحفظ الدرس و حافظت على درجتها التي منحها الجنرال الفيتنامى جياب الذي قال ان المستعمر تلميذ غبي.
فالشباب الصحراوي القوة الصامتة في الصراع و التي لم تقل كلمتها بعد باتت تردد بصوت متزايد اخر شئ نصدقه، هو ان تنصفنا الامم المتحدة كمعطى دولي و سياسي للحل و هو الذي تاثر كثيرا بالدور الذي لعبته الحمائم من قيادة البوليساريو الذين اعتلوا المشهد السياسي في الاونة الاخيرة، وراهنوا على الخيار السلمي من اجل ان يعطى مزيدا من الوقت وهو ما بات الشباب يرفض مجرد الحديث عنه بعد ما اقر الامين العام للامم المتحدة بصعوبة اخضاع المحتل المغربي للقرارات الدولية، مما سيفتح الباب لصقور البوليساريو و خاصة القيادة منها لتنتزع زمام المبادرة مدفوعة بضغط الاغلبية الصامتة ممثلة في غالبية الشباب و قدامى اطارات جيش التحرير، بالعودة للحرب، مبررهم في ذلك استكانة جيل الثورة وانتظار انفراج سياسي يبدو مستحيلا و لا يمكننا ان ننتظر الزمن و نحن نضيع المزيد من الفرص الاستراتيجية الواحدة تلوى الاخرى مع جيل يهرم وآخر لم تتح له الفرصة بعد.
بين التكتيك و التحول الاستراتيجي:هل بدأت القوى الكبرى في رسم معالم مستقبل المنطقة ؟
ان هشاشة المنطقة و ما يحفها من مخاطر تجعلنا نكاد نكون جازمين على براءة الذئب من دم يوسف ، بل ان هناك شئ ما يطبخ على نار هادئة !!! و ما الصراع “المسرحي” بين الاحتلال المغربي و الأمين العام للأمم المتحدة إلا للفت الانتباه عن ما هو أهم ، و تأجيل الخوض في تقرير الامين العام للأمم المتحدة امس إلا اشارة اخرى قبل ان يتفاهم كبار القوم على التخريجات النهاية في اعادة ترتيب مفاعيل اللعبة على خارطة المنطقة و تحديد الادوار بين الثابت و المتغير في منطقة لم تعد شعوبها هي ابرز الفاعلين في رسم معالم حاضرها و مستقبلها بل قوى نادي كبرى كالصين الولايات المتحدة الامريكية روسيا و فرنسا وهي التي تتصارع على تقاسم ما تزخر به بواطنها بعدما اسال لعابها في التاريخ القريب قبل ان ترحل مكرهة ، سلاحها اليوم محركات تحكم عن بعد، بقفزات تنتمى للغة وثقافة بل عرق ما فوق الارض نفسها، فجبل الجليد ثلاث أرباعه في الماء و الربع الرابع فوق الماء.
فهل نحن جزء من مخطط أكبر من القضية ؟ و ما نحن إلا العشب الذي سيتصارع عليه الثيران وسندفع نحن الثمن وبذلك يتم تسخيننا من أجله من دون وعي منا حتى وإن كان في بعض الأحيان يتقاطع مع شعاراتنا التي قدمنا من أجلها الغالي و الثمين.
فهل ساعدنا أحدكم في فك طلاسم اللغز الذي يبدو أنه يشبه كرة الرمل ،و لا أخفيكم سرا أنني بدأت أتوجس من الموضوع وقد أكون مبالغا في تتبع كل التفاصيل التي بدأت منذ أشهر و ارتباط بعضها بما يحدث في المغرب و تشكيل مجلس الوصاية في المغرب مرورا بترتيب المشهد في سوريا و ليبيا و مالي…..
و بين صراع الاجنحة داخل البوليساريو بين الصقور و الحمائم، هل من المعقول في منطق الواقعية السياسية اليوم أن ترتب كل أوضاع المنطقة ونحن نركن في زاوية بين التهميش الممنهج و التأجيل المفروض، ام ان الفرصة التي انتظرها الصقور باتت اكثر واقعية ، و نجح رهانهم على قنص الفرصة في اعادة الكرة الى ملعب الكبار و الدخول في معركة الحسم .
هل دقت ساعة الحقيقة وآن الأوان لتكون المنطقة في أجندة الكبار لرسم معالم المنطقة من جديد.؟
في خضم كل هذا أين نحن ؟ وهل سنكون فاعلا أم مفعول به، بحكم عدة معطيات موضوعية مؤسسة على كوننا جزء اساسي من المعادلة الإقليمية والتي شعارها لا مكان للصبيان.
بقلم : حدي الكنتاوي

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *