-->

المغرب، الصحراء الغربية ودول الخليج: توظيف الأموال من أجل شرعنة الاحتلال.


ما فتئت دول مجلس التعاون الخليجي تبدي دعما واضحا وصريحا للمغرب على كافة المستويات والأصعدة بشقيها السياسي والاقتصادي ولو كان ذلك على حساب الشرعية الدولية والقانون الدولي وخصوصا عندما يتعلق الأمر بمشكل الصحراء الغربية. هذا الموقف الخليجي وخصوصا الدولة السعودية والإمارات كان دائما مؤثرا خصوصا على مستوى حشد الدعم الدولي لمساندة المغرب، ولتخليصه من الأزمات الاقتصادية والسياسية. هذا الشيء مكن المغرب من مساندة غير مشروطة وبدعم طائل من حلفائه الخليجيين الذين ما فتئوا يساعدونه ويضخون الأموال نحوه لدعم الملكية في المغرب، خصوصا بعد الربيع العربي، ولدعم خطة الحكم الذاتي في الصحراء الغربية التي لا يزال المغرب يحاول جاهدا فرضها بدون نجاح يذكر على المستوى الدولي.
بالنسبة لدول الخليج، المغرب هو حليف استراتيجي ودائرة حيوية في شمال إفريقيا، وهو أيضا حصن منيع للدفاع عن مصالح الدول الخليجية، وشريكا اقتصاديا وسياسيا وعسكريا مهما. كما أنه الوجهة السياحية المفضلة للسياح الخليجيين، نظرا لما يقدمه المغرب من تسهيلات وخدمات لنظرائه الخليجيين على كافة الأصعدة. هذه الصفات جعلت من الدول الخليجية والمغرب يدخلان في شراكة متينة علنية تتشابك وتتداخل كل القضايا المصيرية والاستراتيجية، فالتحالف الأميري الملكي جعل هذا النوع من الشراكة سهلا ومتطابقا بين هذه الدول منذ 1975 إلى يومنا هذا. تكللت ه الشراكات والتحالفات من تمتين الروابط وتفعيل اتفاقيات عسكرية، دبلوماسية، اقتصادية وسياسية أتت بالنفع على كل هذه الأطراف، فتدفقت الأموال والاستثمارات الخليجية على المغرب، خصوصا في مجال التصنيع، الطاقة، النقل الجوي، البضائع، صيد الأسماك، الغاز، النفط واليد العاملة. كما أن المغرب حظي بدعم مهم على المستوى السياسي لخطته الرامية إلى شرعنة وجوده في الصحراء الغربية عن طريق مبادرة الحكم الذاتي؟؟ وفي الأشهر الأخيرة، عرفت الأمور تطورا حين أعلن وزير الخارجية السعودية "عادل الكبير" عن رغبة رجال الأعمال السعوديين في التوجه إلى ضخ رساميل مهمة للاستثمار في الصحراء الغربية، هذا الدور السعودي والإماراتي للالتفاف على حقوق الشعب الصحراوي ليس بالجديد، مرورا بدورهم في تمويل والمشاركة في المسيرة الخضراء، إلى تمويل بناء الجدار العازل في الصحراء، ودورهم الكبير في إجهاض المشروع الأمريكي سنة 2013 لتوسيع صلاحيات مهام المينورسو لتشمل مراقبة حقوق الإنسان بالصحراء الغربية.

في منتصف سنة 2014، صرح "محمد البوسعيدي" وزير المالية المغربية أن المغرب خلال السنوات الأربع الأخيرة تلقى هبات من دول الخليج بقيمة 50 مليار درهم لتمويل مشاريع تنموية بالمغرب. كل ذلك تم من خلال شراكة إستراتيجية. هذه الهبات قدمت لكل من المغرب والأردن عام 2012 بعد أن تقدمت دول مجلس التعاون الخليجي بطلب للمغرب والأردن للانضمام للمجلس باقتراح من السعودية عقب اندلاع شرارة الربيع العربي.

ان المغرب بالنسبة لهذه الدول يلعب دورا متناميا في الحملة الخليجية ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" وضد تنامي الشيوعية. ولقد استثمرت الإمارات وقطر بشكل مستمر في المغرب وخصوصا في قطاعي العقارات والسياحة. ولقد كان ولا يزال المغرب على وفاق مع الإمارات، في حين أن علاقاته مع قطر كانت تشوبها بعض الاختلالات نظرا لاختلاف الرأي حول منهجية ونوعية تغطية قناة الجزيرة للمغرب وللصحراء الغربية. أما السعودية فكانت دائما توفر الدعم السياسي والاستثمارات والنفط وفرص العمل للمغرب، نظيرا لخدماته على المستوى الجهوي والدولي، ولكون المغرب بعد انهيار نظام مبارك في مصر، صار هو حلقة الوصل بين السعودية وإسرائيل كما أن المغرب ايديولوجيا وعسكريا دعم السعودية وخصوصا في حروب الخليج. نفس الشيء انتهجه المغرب مؤخرا حين اتجه إلى دعم التكثيف العسكري والاستخباراتي الذي يقدمه إلى دولة الإمارات ودلك في إطار تحالفه العسكري سنة 2014.

دول مجلس التعاون الخليجي والمغرب يتقاسمون الحرص الشديد على تقويض أي جهود أممية لحل المشكل الصحراوي ولتمكين الشعب الصحراوي من حقوقه. ومؤخرا صرح السفير السعودي لقناة CNN :" حرص المملكة السعودية على تنمية الأقاليم الجنوبية للمغرب، وأن الملك محمد السادس والملك سلمان عبد العزيز ضامنان للاستقرار في الوطن العربي ككل، وأن البلدين يتقاسمان نفس الرؤى السياسية والاقتصادية". كل هذا يوضح جليا أن هناك نية مبيتة لدى السعودية ومن يدور في فلكها لمنع قيام دولة صحراوية في شمال إفريقيا.

الحقيقة أن العديد من الأمراء السعوديين وغيرهم من أمراء ووجهاء الخليج يجدون التسهيلات الكثيرة من طرف المغرب للاستجمام والراحة والصيد البري في الصحراء الغربية بمباركة ملكية وتحت حراسة مشددة لتسهيل استنزافهم وتدميرهم للحياة البرية في الصحراء الغربية. حيث أن السعوديون منذ عهد الحسن الثاني إلى الآن يأتون دائما إلى الصحراء الغربية ويمكثون الأشهر يصطادون الحيوانات البرية ويستنزفون خيرات الصحراء دون حسيب ولا رقيب.

بعد صدور قرار محكمة العدل الأوروبية (10/12/2015)، صارت الشركات الأوروبية متخوفة من الاستثمار في الصحراء الغربية خوفا من رفع دعاوى قضائية ضدها مستقبلا. هذا المعطى الجديد فرض على المغرب أن يوقف استجداءه للشركات الأوروبية وأن يتجه إلى دول مجلس التعاون الخليجي للاستثمار في الصحراء الغربية. ولقد رأينا هرولة وزير الداخلية المغربية "محمد حصاد" ووزير المالية "محمد البوسعيدي" إلى دول الخليج محملين برسائل ملكية وبضمانات قوية للمشاركة في المشاريع التي أعلنها ملك المغرب في الصحراء.

كل هذه الهرولة أتت للتغطية على الخصاص المهول في تمويل المشاريع ونظرا للأزمة الاقتصادية والمديونية الذين يتخبط فيهم المغرب. المقابل معروف جدا ألا وهو المشاركة في الحرب على سوريا واليمن وتوفير الغطاء الجوي و المشاركة بالقوات البرية والمعلومات العسكرية لقوات التحالف. هذه الخطوة أثمرت منذ أسابيع قليلة عن زيارة وفد سعودي متكون من رجال أعمال إلى الصحراء الغربية بمباركة ورعاية مغربية.

كان يقود ا الوفد نائب شركة "جازع" بالإضافة إلى 20 مديرا لمؤسسات اقتصادية واستثمارية، تمكنوا من زيارة العيون والداخلة وذلك لاستكشاف القطاعات التي يمكن الاستثمار فيها والفرص والإمكانيات المتاحة أمامهم هناك.

كما أن البيان الختامي الصادر عن الاجتماع الوزاري المشترك الخامس بين وزراء خارجية ودول الخليج والأردن والمغرب بالسعودية في شهر مارس الماضي، و الذي يؤكد على دعم "مبادرة الحكم الذاتي: الجدية وذات المصداقية التي تقدم بها المغرب، كأساس لأي حل تفاوضي لإنهاء النزاع". ما يكشف الدعم الواضح لدول الخليج للموقف المغربي من قضية الصحراء الغربية.

إن البيانات المتاحة تشير إلى أن الاستثمارات الخليجية بالمغرب ارتفعت نسبة 24% عام 2012 بالمقارنة من 2011، ويتوقع أن تتجاوز سقف 120 مليار دولار في السنوات العشر القادمة، مرتفعة بذلك عن الإجمالي الاخير المسجل والمقدر ب 49 مليار درهم هذا كله بفضل استثمارات الصناديق السيادية الخليجية والتي أسست شركة "وصال كابيتال" عبر شراكة بين مؤسسات تابعة للصناديق السياسية لكل من قطر ، الأردن، الكويت والمغرب. وهذه المؤسسات تشمل :

1. قطر القابضة.

2. آبار للاستثمار التابعة لصندوق أبو ظبي.

3. صندوق الاحتياطي للأجيال الكويتي.

4. الصندوق المغربي للتنمية السياحية.

ويشير تقرير حديث لمكتب الصرف المغربي التابع لوزارة المالية إلى أن 89.7% من الاستثمارات الخليجية في المغرب، في قطاع العقار، مصدرها السعودية، بينما الإمارات لديها 41% من الاستثمارات في الطاقة والمعادن. كما تستحوذ شركة اتصالات إماراتية على 53% من رأسمال شركة اتصالات المغرب، في حين صندوق الاستثمار الكويتي "أجيال" يستثمر كثيرا في مجال العقار والسياحة والأبناك.

أما شركة "طاقة" التابعة لحكومة أبو ظبي فهي ضالعة في إنتاج الكهرباء، في حين السعودية من خلال شركة "أكوا" تستثمر في مشاريع الطاقة الشمسية في المغرب.

ان قرارات واستثمارات دول مجلس التعاون الخليجي في المغرب لهو إقرار صريح بدعم لا مشروط للمغرب من أجل فرض سيطرته على الصحراء الغربية، ومن اجل شرعنة تواجده بالمنطقة المتنازع عليها. كل هذا يأتي بمثابة إعلان حرب على الصحراويين والتفاف على الشرعية الدولية والقانون الدولي.

فهذه الاستثمارات والزيارات الرسمية هي انتهاك صارخ للشرعية الدولية و تقوض الجهود الأممية من أجل إيجاد حل للقضية الصحراوية، كما أنها لا تساهم بتاتا في إحراز أي تقدم في المفاوضات التي ترمي إلى اتفاق بشأن استفتاء تقرير المصير الذي يطالب به الصحراويون على اعتبار أن قضية الصحراء هي قضية تصفية استعمار وأن المغرب ليست له أي سيادة عليها ولا على شعبها. 

يتبع .......



عن جمعية مراقبة الثروات وحماية البيئة في الصحراء الغربية






نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *