-->

المغرب قد ينتهج سياسة المهادنة مع أوروبا


في سنة 2004م، حين كان بوش الإبن المتعجرف يحكم ربط توقيع اتفاق تجارة حرة مع المغرب بعدم شمول ذلك الاتفاق للصحراء الغربية. رضخ المغرب لمطالب بوش المتعجرف ولم تشمل الاتفاقية الصحراء الغربية المحتلة بسبب ان الولايات المتحدة الأمريكية لا تعترف للمغرب بالسيادة عليها.
نفس الأمر حدث مع هولندا. حين قامت الحكومة الهولندية بمراجعة كل اتفاقياتها، الاقتصادية والاجتماعية، مع المغرب أكتشفت أن هناك اتفاق يخص الضمان الاجتماعي للمغاربة في هولندا يشمل الصحراء الغربية. جمد البرلمان الاتفاق وتم حتى إلغاؤه حتى يتراجع المغرب ويعلن أنه يحذف الصحراء الغربية منه. رفض المغرب في البداية، لكن بسبب ضغط آلاف المغاربة في هولندا، والذين تظاهروا ضد الملك في زيارته لهذا البلد، قرر المغرب في الأخير أن يرضخ لمطالب الحكومة الهولندية، ويوقع الاتفاق بعد حذف الصحراء الغربية منه. توقيع الاتفاق حدث بسرية تامة وبدون ضجيج إعلامي ولا سياسي وأخفته الحكومة حتى عن إعلامها الرسمي..
قد يكون المغرب استفاد من مواجهاته ومعاركه الخاسرة مع أوروبا؛ فكل المواجهات التي لها علاقة بقضية الصحراء الغربية التي خاضها المغرب مع البلدان الأوروبية خسرها، ويعتقد أن مضيه في أتجاه التصعيد والمعاكسة لن يجني منه سوى وجع الرأس والمزيد من الصدمات واللكمات.. ففي نظر المغرب الآن أن التصعيد والمناكفة لن تجدي نفعا ومن الأفضل عدم الخوض في أية منازلة لها علاقة بقضية الصحراء الغربية. فالمحللون المغاربة يعتقدون الآن أن النرفزة والغطرسة مع البلدان الأوروبية في قضية الصحراء الغربية هي خاسرة دائما، ومن الأفضل تجنبها بانتهاج سياسة التنازل بصمت سياسي وبدون ضجيج إعلامي. فهؤلاء المحللون المغاربة يرون أن المعركة مع هولندا حول اتفاقية الضمان الاجتماعي، التي طلبت هولندا أن يتم حذف الصحراء الغربية منها، ما كانت لتصل إلى ما وصلت إليه من التوتر لو أن المغرب قبِل بصمت ووقعها وحذف منها الصحراء الغربية. لو كان فعل ذلك كانت الأمور ستمر بسلام ولن تكون هناك تداعيات، لكن غلظ الرأس المخزني والخطأ السياسي قاد إلى الصدام وإلى التراجع والانهزام في الأخير. فالمعركة مع هولندا لم تفعل أكثر من أن جلعت الدول الاوروبية الأخرى تنبته للقضية وتأخذها في الحسبان، وتبدأ هي الأخرى ترتيبات مماثلة لمراجعة اتفاقياتها مع المغرب التي لها علاقة بقضية الصحراء الغربية المحتلة. من جهة أخرى جعلت تلك المعركة المغاربة يحسون مرة أخرى ان بلدهم لا قرار سياسي له، وأنه منهزم في كل معاركه. هؤلاء المغاربة الذين يفكرون هذا التفكير يعتقدون أن رضوخ المغرب وحذفه للصحراء الغربية من الاتفاق مع هولندا قد يكون خطوة متقدمة لرضوخ أكبر مع الاتحاد الأوروبي. فرأي محكمة الاتحاد الاوربي الذي يقول أن الاتفاق الاقتصادي بين المغرب والاتحاد الأوروبي هو باطل وغير شرعي وغير قانوني ما دام يشمل الصحراء الغربية المحتلة يمكن التحايل على نتائجه بإعادة توقيعه بصمت وحذف الصحراء الغربية منه.. فاعتراف المغرب لهولندا، الدولة الاوروبية، العضو في الاتحاد الاوروبي، أن الصحراء الغربية ليست جزاءا منه يجعل ذلك الاعتراف يشمل كامل دول الاتحاد الأوروبي.
هذا يجعلنا أمام سيناريو هو الأقرب للمنطق، وهو أن يقبل المغرب في الأخير، وبصمت أيضا وبدون ضجيج إعلامي، نزع الصحراء الغربية من الاتفاق مع الاتحاد الأوروبي حتى يعود الوضع لما كان عليه من قبل. . في نظر المغرب أن حذف الصحراء الغربية من الاتفاقيات مع الاتحاد الأوروبي لن تغير في الأمر شئا ما دامت لا تؤثر على تواجده في الإقليم، وما دامت لا تقود إلى أعتراف دول هذا الاتحاد بالجمهورية الصحراوية..
السيد حمدي يحظيه

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *