-->

المصالحة الفلسطينية وافق سياسي مسدود رهانات السياسة الفلسطينية


تشهد الساحة السياسية الفلسطينية حاليا عدة تجاذبات سياسية وخلافات علي آلية العمل السياسي المشترك في ظل انسداد في الأفق السياسي وتعنتت الجانب الإسرائيلي وعدم الرغبة الصهيونية في إيجاد أرضية تفاوضية مشتركة وتوقف وفشل للمفاوضات بين الفلسطينيين والصهاينة لأزيد من عامين,فالحصار الخانق المفروض علي قطاع غزة منذ أكثر من 10سنوات عندما فازت حركة المقاومة الإسلامية حماس بأغلب مقاعد المجلس التشريعي الفلسطيني في الانتخابات البرلمانية التي جرت في سنة2006,وعدم اعتراف المجتمع الدولي وإسرائيل بنتائجها رغم أنها جرت في جو ديمقراطي شفاف وبإشراف دولي,ومنذ ذلك التاريخ وقطاع عزة يعيش حصارا سياسيا واقتصاديا وإنسانيا غير مسبوق,وحسب مجلة المجتمع الكويتية فان هناك حوالي 70بالمئة من السكان فيه يعانون من نقص في المياه ,وأزيد من 60بالمئة يعانون من انعدام الأمن الغذائي وما بين 12الي 16ساعة معدل حرمان المواطنين في القطاع من الكهرباء و45بالمئة يعانون من البطالة خلال سنة2015,وحوالي 85بالمئة من العائلات تجد صعوبة بالغة في توفير الحاجيات الأساسية و50بالمئة من الأطفال يحتاجون دعما نفسيا و100الف مشرد بدون مأوي,و20الف وحدة سكنية دمرها الاحتلال خلال الحرب الأخيرة,و24يوما فقط فتح خلالها معبر رفح الحدودي عام 2015,و13الف من أصل 300الف سمح لهم بالسفر عبره.
-السلطة الوطنية الفلسطينية وحركة فتح التي تم طرد عناصرها وقياداتها من القطاع بشكل نهائي سنة2007بعد الاقتتال الدامي بين عناصر جهاز المخابرات الفلسطينية الذي كان بيد محمد دحلان القيادي المفصول من حركة فتح والذي صدرت ضده أحكام قضائية وهو مقيم في الإمارات العربية المتحدة,والتي لطالما تم اتهامها من جانب حركات المقاومة المتمركزة في القطاع بأنها ليست سوي عصي غليظة في يد أجهزة الأمن الصهيونية لاعتقال المناضلين المحسوبين علي تيارات وحركات المقاومة الإسلامية في قطاع غزة والضفة الغربية ,ولذلك ليس هناك ثقة تامة من جانب قيادات الحركة في تصريحات وما يصدر عن قيادات السلطة الوطنية الفلسطينية ,فالأوضاع الداخلية المتأزمة التي يمر بها القطاع وعجز السلطة عن إيجاد حلول شاملة ونهائية لهذه القضية وفشل مسارات السلام وانهيار اتفاقيات أسلو وما ترتب عليها من نتائج كل ذلك دفع حماس والجهاد الإسلامي وفصائل فلسطينية عدة إلي الاعتقاد الجازم الذي يصل إلي حد القناعات الجوهرية بان العدو الصهيوني لا يريد حل سلميا للقضية الفلسطينية علي أساس حل الدولتين وإنما يريد كسب مزيد من الوقت من اجل إقامة مزيد من الكتل الاستيطانية إذ أن حجم الكتل الاستيطانية في الضفة الغربية يقدر بحوالي 40بالمئة من أراضي السلطة الوطنية الفلسطينية المتفق عليها في اتفاقات السلام الدولية.
- فرغم أن المجتمع الدولي قد اعترف بالدولة الفلسطينية إذ أن هناك أكثر من 138دولة قد اعترفت بها,وساندتها في الأمم المتحدة في التصويت الذي أعطي فلسطين منصب دولة مراقبة في هذه الهيئة الأممية الدولية,وبذلك خسرت إسرائيل جولة قانونية وسياسية حاولت تعويضها من عن طريق التحرش بحركة حماس في القطاع وابتزاز السلطة الوطنية في رام الله تارة من خلال عدم تسليمها لأموال الضرائب التي تخصها والتي تمر عبر إسرائيل أو التضييق علي حركة الأفراد والسلع عبر المعابر الحدودية التي تسيطر عليها بشكل كامل,وإيقاف المفاوضات السياسية وفشل كل المساعي الدولية لتفعيلها اكبر دليل علي أن تل أبيب تحاول الالتفاف علي جهود المجتمع الدولي والتملص من أي التزامات مستقبلية في ما يخص إحراز تقدم في هذا الملف وحتى المبادرة الفرنسية التي طرحتها باريس والتي كان الهدف من وراءها إحياء عملية السلام والتي كما يقول أمين سر اللجنة المركزية لمنظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات كان يمكن لمؤتمر باريس أن يقوم بصياغة خطوطها العريضة والتطبيق المرحلي لها ,وبالتنسيق بين طرفي الصراع,ولكن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الذي يعتبر أسوء رئيس وزراء في التاريخ الإسرائيلي من حيث فشله في إدارة الملفات ألكبري أو فشله الذر يع في إيقاف العمليات التي يقوم بها شباب انتفاضة السكاكين في الخط الأخضر,والذي اشترط لحضور أو عدم عرقلة المؤتمر الباريسي اعتراف السلطة الفلسطينية بيهودية دولة إسرائيل والتنازل عن القدس عاصمة أبدية للدولة.
-وهذا ما يعتبر خطا احمر بالنسبة لفصائل العمل الوطني التحرري الفلسطيني لا يمكن التنازل عنه أو حتى مناقشته,فالفلسطينيون قد أدركوا بان القضية الفلسطينية والتي تخلي عنها النظام العربي الذي أصبحت بعض دوله من اقرب حلفاء إسرائيل ويريدون تصفية القضية التاريخية في الوجدان العربي وبأي ثمن فقد ذكرت القناة العبرية العاشرة أن هناك دولا عربية صديقة لإسرائيل وافقت علي تعديل مبادرة السلام العربية وإسقاط شرط حق العودة وإعادة الجولان السوري المحتل في مقابل استئناف مفاوضات السلام وهذه تعد خيانة كبري لا تغتفر ولكن موقفها ليست مستغربا في ظل واقع عربي مزري واقتتال عربي أصبحت كثير من دولنا مسرحا له وبدعم صهيوني غربي واضح لكل المساعي الرامية إلي تفتيت الدول العربية وإنهاء الوجود الفلسطيني وتصفيته,وهذا الشيء لم يعد يخفي علي كافة القوي الوطنية الفلسطينية وعلي رأسها حركة حماس التي ترفض الاعتراف بدولة إسرائيل وتبني ترسانة عسكرية صاروخية لمواجهة الجيش الصهيوني عسكريا لان هذا العدو لا يعترف إلا بسياسة اليد الحديدية وهذا ما تخشاه المنظومة الصهيونية السياسية والعسكرية .
-وحسب ما ذكره ايال زيستر من مركز ديان للدراسات الإستراتيجية فحماس تحاول محاكاة ردع حزب الله وقد قامت بتطوير صواريخ تصيب مركز تل أبيب وتحاول وضع قواعد جديدة للعبة وكذلك فان حماس تريد المحافظة اليوم علي عملية وقف إطلاق النار لتجهز للجولة المقبلة,وتريد أن تقدم نفسها كحركة مقاومة تلتزم الكفاح المسلح العسكري,وقف إطلاق النار عند حماس مهم لان حوالي مليوني مواطن يعيشون تحت سيطرتها بحاجة إلي الهدوء ويريدون حياة طبيعية في مواجهة الضائقة الاقتصادية التي يعاني منها الجميع في القطاع,وأضاف بان قرار حماس ليس بيد القيادة السياسية وأعطي نصائح للكيان الصهيوني بان لا يسمح لإسرائيل بجرها إلي حرب استنزاف يدفع ثمنها سكان غلاف قطاع غزة,فالصهاينة متخوفون من حرب شاملة مع حماس لان الظروف غير مواتية فإسرائيل لا تريد الانجرار إلي مواجهة مفتوحة قد تمتد لتصيب جسد المجتمع الصهيوني وسط دعوات سياسية وتصريحات نارية أطلقها قادة صهاينة كافيغدور ليبرمان رئيس حزب إسرائيل بيتنا ووزير الخارجية في حكومة بنيامين نتنياهو منذ سنة2009والذي أصبح وزير الدفاع الصهيوني الحالي.
-إذ هدد باستهداف قادة حركة حماس واغتيالهم وهو تصريح غير مسئول ردت عليه الحركة بان إسرائيل إن نفذت تهديداتها فان ردها سيكون عنيفا وغير مسبوق ,فالحرب إن نشبت هذه المرة فمن المحتمل أن تنتقل إلي إسرائيل وتقوم الحركة باستغلال انتفاضة السكاكين وتوظيفها لضغط عن الكيان الصهيوني لتقديم تنازلات تستفيد منها لتقوية نفوذها سياسيا وعسكريا,فحملة المقاطعة التي أصبحت عالمية ولا تقتصر علي بلدان أوروبية أو أمريكا اكبر حلفاء إسرائيل التاريخيين والتي أثرت سلبا علي صورة إسرائيل في هذه المجتمعات وانتقلت عدواها إلي الجامعات الأمريكية والغربية وغيرت الكثير من أنماط التفكير والمفاهيم الراسخة حول علاقة دولهم مع إسرائيل وكذبت ادعاءاتها التي صنعها الإعلام الغربي المسيطر عليه من طرف الصهاينة, وبالتالي فان نتنياهو وأركان قيادته العسكرية لا يريدون الدفع باتجاه تبني قرار عدواني,يراكم من هذه الصور التي لا تخدم الأجندات الإسرائيلية,فهي دوما تريد أن تظهر نفسها علي أنها دولة ديمقراطية وحرة وتمثل قيم الغرب في وسط محيط عربي إرهابي,وعلي الجانب الفلسطيني فان علي الكل الالتفاف حول مشروع وطني فلسطيني موحد ونبد الاختلافات الحزبية والفصائلية والمذهبية جانبا لان الانقسام الحاد بين هؤلاء حول الرؤية لكيفية إدارة الصراع مع هذا العدو هي التي تعطيه الحق في الادعاء بان السلام مستحيل مع الفلسطينيين لأنهم منقسمون علي أنفسهم وليس هناك برنامج سياسي أو وطني متفقون حول بنوده وخطواته.
- ومن أهم هذه الخطوات العاجلة التي يجب اتخاذها توقيف كافة أشكال التنسيق الأمني مع الصهاينة وهو القرار الذي اتخذته اللجنة المركزية لحركة فتح وصادقت عليه كذلك اللجنة المركزية لمنظمة التحرير الفلسطينية ورفعت توصية إلي الرئيس محمود عباس من اجل تنفيذه وهو قرار للأسف الشديد لم يؤخذ بعين الاعتبار من طرف السلطة الوطنية وهو ما عمق من الخلافات البينية داخل البيت الفلسطيني , حكومة الوحدة الوطنية المشكلة من طرف مختلف الأطياف السياسية الفلسطينية والتي يعمل في قطاع غزة 4من وزراءها بتسهيلات قانونية وإجرائية وإدارية وأمنية كاملة وبتعاون من سلطات حماس هناك باعتبارها من يسيطر عليه,وقد أعلن قادتها ومنهم غازي حمد بان حماس ترحب بان تسلم كل سلطاتها فيه إلي حكومة رئيس الوزراء السيد رامي الحمد الله وبدون شروط وهو شيء لم تأخذه سلطات رام الله بعين الاعتبار والذي استقال احتجاجا على الانقسامات والفشل في حل المشاكل التي تجذرت بين السلطة في رام الله إلى منصبه بعد ضغوطات كبيرة مورست عليه من جانب حركة فتح .ومختلف فصائل العمل النضالي الفلسطيني .
-وهذا ما يؤكد علي الخلاف بين الجانبين حول من يفرض سيطرته علي القرار السياسي الفلسطيني فالخطوات الحمساوية بتسليم السلطة في القطاع لحكومة وفاق وطني بقيادة فتحاوية يري فيه القادة الفتحاويون محاولة ومناورة من قبلها لتلميع صورتها سياسيا وإعلاميا وتسجيل النقاط علي الحركة,وهذه الخلافات دفعت بعدد من رموز الحركة الوطنية المعتقلين في السجون الإسرائيلية ومنهم مروان البر غوثي فرسالته التي جاءت في مجلة دراسات فلسطينية والتي حمل عبرها السلطة في رام الله مسؤولية تدهور الأوضاع في أراضيها ودعاها إلي إنهاء الانقسام الداخلي وكذلك طالب ببروز قيادة فلسطينية فتية شابة تعمل علي تجاوز خلافات الماضي والأحقاد الشخصية التي تطبع تصرفات القيادات الحالية لمختلف الفصائل الفلسطينية ,فالقضية الفلسطينية اليوم فرضت عليها تحديات كبيرة جدا تستوجب من الكل البحث عن مخرج لهذا التو هان السياسي الذي تعيشه لان الانقسام الذي بات اللغة السائدة في العملية السياسية ستكون له نتائج كارثية علي ما تبقي من خريطة فلسطين الجغرافية التاريخية التي يسيطر عليها العنصر العربي الفلسطيني بمختلف مكوناته وتوجهاته فلن يستطيع احد أن يساعد الفلسطينيين ما لم يساعدوا أنفسهم أولا.
عميرة أيسر-كاتب جزائري

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *