-->

الأزمة المصرية مع حركة حماس ماذا تخفي خلفها


9 اكتوبر 2016 (وكالة المغرب العربي للانباء المستقلة)ـ يأتي إدراج اسم حركة المقاومة الإسلامية حماس والتي تعتبر حركة مقاومة فلسطينية في وجه الاحتلال الصهيوني واتهامها بتهم لا أساس لها من الصحة والتي تمثلت في الإشارة إلى ضلوعها في تنفيذ عمليات إرهابية تشكل تهديدا مباشرا لأمن مصر القومي واختراقه واتهامها بل وتلفيق التهم لها من اجل الزج بها في قضية اغتيال النائب المصري هشام بركات والذي قتل أمام مرأى ومسمع أجهزة الأمن المصرية وفي عقر ا لقاهرة,التي من المفروض أن تكون فيها الإجراءات الأمنية مرتفعة ومشددة إلي الحد الأقصى ,وهذا ما لم يقم به اللواء محمد إبراهيم الذي كان وزير الداخلية في ذلك الوقت,ورغم تطمينات الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لدول كالسعودية وتركيا بعدم إدراج اسم حركة حماس ضمن لوائح الإرهاب الدولي إلا أن تلك كانت وعودا ومجاملات دبلوماسية لا أكثر ولا اقل,فالمؤتمر الصحفي الذي عقده وزير الداخلية المصري الحالي اللواء مجدي عبد الغفار واتهم هذه الحركة المقاومة والتي من المعروف بأنها توجه سلاحها منذ نشأتها إلي صدر العدو الإسرائيلي ولم يثبت غير ذلك عنها,اتهامها بأنها من دربت 6 ممن اغتالوا النائب المصري هشام بركات والذي يعتبر أهم مسئول مصري تمت تصفيته لحد ألان منذ الإطاحة بالرئيس المصري المنتخب محمد مرسي عبر انقلاب عسكري في جوان2013,وهذا الاتهام لم يقف عند هذا الحد بل اتهمت حركة حماس من قبل الدولة المصرية بأنها الجناح المسلح لحركة الإخوان المسلمين التي يصنفها الكونغرس الأمريكي فضلا عن الحكومة المصرية كمنظمة إرهابية وهذا ما عملت أجهزة الإعلام المصري وأجهزة الأمن علي تلقينه للرأي العام المحلي قبل الدولي منذ خلع الرئيس الاخواني محمد مرسي,وتحميل الجماعة فشل سياسة الدولة ورئيسها عبد الفتاح السيسي في وقف الهجمات الإرهابية التي تستهدف مناطق واسعة منها وبالتحديد صحراء سيناء التي تعتبر مليئة بالبؤر الإرهابية النشطة,فمصر التي فشلت أجهزتها الأمنية في إخراج البلاد من هذه الدوامة الأمنية تحاول أن تجد المبررات لذلك ولن تجد أفضل من شماعة الإخوان المسلمين التي ترفض تركيا تسليم قياداتهم الذين هربوا إليها بعد موجة الاعتقالات التعسفية والتصفيات الجسدية التي طاولتهم.
فالأزمة الأمنية والاقتصادية وبل حتى السياسية التي أجبرت الرئيس عبد الفتاح السيسي علي اتخاذ إجراءات كانت تعتبر خطا احمر في كل الحكومات التي قادت مصر طوال 40سنة وقام برفع الدعم الأساسي عن سلع رئيسية وتخفيض بطاقات التمويل التي كانت المصدر الرئيسي للحصول علي السلع الاستهلاكية الضرورية وبأسعار رمزية وأحيانا بالمجان,وكذلك فان هناك أنباء من داخل البيت المصري بان العسكر باتوا يضيقون ذرعا بممارسات وزير الدفاع السابق والرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي ولأنه فشل في امتصاص غضب ملايين المصريين وذلك من خلال تضييعه لمليارات الدولارات في مشاريع غير مجدية كمشروع قناة السويس الجديدة أو مشاريع وهمية كانجاز مليون وحدة سكنية أو استصلاح مليون فدان و غيرها من المشاريع التي أصبحت مثار سخرية واستهجان حتى لدي مستشاريه ووزراءه,وقد بات القضاء المصري في دائرة الاستهداف والانتقادات الدولية علي مدار الأعوام الثلاثة الماضية وذلك بسبب أحكام الإعدام الجماعية الجائرة والزج بعشرات الآلاف من المعتقلين في السجون وحتى بدون محاكمات وهذا ما دفع بمنظمات دولية كمنظمة صوت حر والتي مقرها باريس ومنظمة كالائتلاف الأوروبي لحقوق الإنسان والذي يتخذ من بروكسل مقرا له وكذلك المركز الدولي للعدالة وحقوق الإنسان والذي مقره في جنيف السويسرية إلي إصدار بيانات استنكار وتنديد شديدة اللهجة لهذه الانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان ومن ضمنها إصدار أحكام بالإعدام في حق ستة مواطنين في السنة الماضية 20ماي2015,والتي عرفت بقضية عرب شركس,وهذا ما زاد من حجم الضغوط الدولية الممارسة علي النظام المصري الذي تربطه علاقة إستراتيجية مع النظام الصهيوني والذي كان حسب تسريبات صحيفة هارتس الإسرائيلية همزة الوصل بينه وبين إدارة الرئيس الأمريكي باراك اوباما من اجل اعتماده كنظام حكم نهائي في مصر المحروسة وإطلاق يده في معاقبة حركة الإخوان المسلمين التي كانت السند والداعم لحركة حماس وقطاع غزة خلال العدوان الإسرائيلي علي القطاع سنة2012وبرغم أخطاء حركة حماس المرتكبة في هذا القطاع أو علاقتها المتوترة مع حركة فتح ولكن لا يجوز بالمطلق اتهامها بالإرهاب أو محاولة تشويه سمعتها إلا إذا حدث كل ذلك بدعم ومباركة أمريكية وإسرائيلية فرئيس الموساد الإسرائيلي الحالي يوسي كوهين يؤكد في كل خرجاته وتصريحاته علي ضرورة أن تصبح حركة حماس خارج دائرة الصراع الفلسطيني ويجب أن تعمل إسرائيل وجهازه علي القضاء علي قدراتها القتالية وبان الأولوية المصرية الإسرائيلية ستكون بالضغط علي قيادات الحركة للقبول بالشروط الإسرائيلية فمصر قد تحولت إلي منفذ للسياسات الإسرائيلية وهذا ما أكده واحد من قادة الانقلاب والنائب المطرود من البرلمان المصري توفيق عكاشة بسبب نشره لصور استضافته للسفير الإسرائيلي في بيته والذي أكد من خلال برنامجه في قناة الفراعين بان تل أبيب هي من تدير السياسة المصرية وهي من أوعزت للرئيس السيسي بان يصنف حماس كحركة إرهابية ويتهمها بالضلوع في اغتيال هشام بركات وقد كان لهذا الكلام الصادر عن إعلامي مصري يوصف بأنه كان من اكبر داعمي الرئيس المصري الحالي ومن اشد مناصريه,صدي واسع فهو له شبكة علاقات واسعة داخل إسرائيل ومطلع علي شؤون ما يطبخ من سيناريوهات لحركات المقاومة العربية.
وليس غريبا بأنه بعد القرار المصري بأيام أن يدرج وزراء الداخلية العرب أو جلهم حتى لا نعمم لان هناك دولا امتنعت عن ذلك .حزب الله اللبناني كحركة إرهابية أيضا,فالنظام الرسمي العربي المتآمر والذي أضحت مصر السيسي أهم ركائزه لا يريد لأي صوت مقاوم أن يكون له دور يلعبه مستقبلا في ملفات المنطقة فحركات المقاومة ضد إسرائيل وفق هؤلاء قد انتهى زمنها ولم يعد لها مكان أو وجود علي خارطة التوازنات الإقليمية في الشرق الأوسط وعلي قادة هذه التنظيمات ومنها حركة حماس أن يقبلوا بذلك ويتخلوا عن النضال المسلح ويتحولوا إلي النضال السلمي السياسي وهذا ما يراه سامي أبو زهري الناطق الرسمي باسم الحركة الفلسطينية المقاومة حماس بأنه أمر عبثي وغير مقبول فالشعب الفلسطيني ومن وراءه العربي قد جرب الحلول السياسية ولم يجني من وراءها إلا الخزي والعار والهزائم فلا خيار أخر لهم سوي التثبت بقيمهم ومبادئهم وهذا الخيار المقدس والذي تعمل مصر وأمريكا ودول الخليج العربي وإسرائيل علي قمعه ومحاولة استهدافه,بل إن مصر لم تكتفي بهذا القدر من التضييق والحصار والمطاردة بحق قيادات حماس والتي تري بان ما تقوم به القاهرة يضرب في مقتل العلاقات الثنائية بين مصر وحماس والتي ضربت بها هذه الدولة عرض الحائط.
فالقاهرة باتت تطالب بتدخل الانتربول الدولي لجلب قيادات حركة حماس المتهمين ومحاكمتهم أمام القضاء المصري المشكوك في نزاهته دوليا إذ متى كان القضاء في أي دولة حرا تحت حكم جنرالات العسكر حتى ولو لبسوا مسوح المدنيين وزيهم,فالحكم العسكري في مصر والذي تضمن إسرائيل وأموال الخليج بقاءه يجب عليه أن يقوم بخطوات كهذه من اجل الاستمرار في منصبه وإلا فان سياسة الانقلابات العسكرية في مصر متبعة من ثورة يونيو 1952عندما أطاح ما يمسي بالضباط الأحرار بالملك فاروق وعينوا محمد نجيب كأول رئيس عسكري في جمهورية مصر العربية ليقوم جمال عبد الناصر بخلعه والجلوس علي العرش بدلا عنه,فهذه السياسة والتي تعتبر فعالة وناجعة في الحالة السياسية المصرية تستفيد منها تل أبيب وتطوعها لخدمة أهدافها فبدل أن تأخذ القاهرة دورها الريادي في الوقوف إلي جانب الفلسطينيين ودعمهم تأخذ منحى أخر بدلا عن ذلك وتقوم بتوجيه خناجر مسمومة وتتناسى العمق العربي وعلاقات الإخوة والصداقة والتعاون التي يجب أن تسود بينهما.فحركة حماس قامت بعرض عسكري خلال الأشهر القليلة الماضية,وكشفت فيه عن أسلحة حديثة ومتطورة وأكد خلالها المتحدث باسم كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لها أبو عبيدة بان الحركة عندها القدرة العسكرية والجهوزية الكاملة لدخول في حرب جديدة مع الكيان الصهيوني والقي كلمته من فوق دبابة ميركافا إسرائيلية غنمتها الكتائب خلال مواجهاتها سنة2014مع الاحتلال الإسرائيلي عندما قام باجتياح القطاع وقتها,وتكبدت قواته ومنها لواء جولاني الذي يحوي قوات النخبة في الجيش الصهيوني خسائر مهولة في الأرواح والعتاد وهذا ما دفع الجنرال الإسرائيلي دان حالوتس الذي كان رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي ومهندس خطة الانسحاب من قطاع غزة سنة2005,إلي القول بان حماس تعتبر قوة عسكرية قلبت المفاهيم العسكرية التكتيكية واعترف بأنهم تكبدوا خسائر غير متوقعة,فرغم قيام الجانب المصري بإغراق الإنفاق مع قطاع غزة بالمياه وتشديد الخناق والمراقبة الأمنية علي بوابات معبر رفح علي الحدود مع القطاع وبناء حوالي 80مزرعة للسمك علي الحدود معه إلا أن حماس استطاعت رغم كل الخنق والتأمر المصري الرسمي والإعلامي أن تبقي مسيطرة علي القطاع وبالعكس زادت من قوتها ونفوذها رغم الرسالة السرية التي سربتها القاهرة إلي تل أبيب والتي طالبت فيها الحكومة المصرية الجانب الإسرائيلي بعدم تطبيع العلاقات مع تركيا وبالتالي رفع الحصار علي قطاع غزة وتعزيز مكانة حركات المقاومة الموجودة فيه بما فيهم حركة حماس وبناء ميناء للصيد البحري ومطار حديث مما سيساهم بالتأكيد في فقدان مصر السيسي لأي سلطة سياسية وأمنية علي المنافذ البرية مع القطاع وفقدانها لورقة المساومة الرابحة التي تضغط بها علي قادة حماس ومن وراءهم حركة الإخوان المسلمين التي تعتقد القاهرة وبدون تقديم أدلة ملموسة بأنها تدرب كوادرها في القطاع وعلي أيدي قادة حماس العسكريين.
فإسرائيل التي لم تعد راضية علي الأداء المصري الذي فشل لحد ألان في لجم الحركة وإضعاف دور حركة حماس المحوري في التأثير علي القرار السياسي في غزة قد تري في التخلي عن الرئيس عبد الفتاح السيسي خطوة ضرورية بعد أن نجحت في تطبيع العلاقات مع تركيا والاعتماد علي اردوغان الذي له تأثير علي بعض قادة الحركة هذا إذا أخذنا بالحسبان بأن تركيا تقوم باستضافة عدد من رموز الحركة وقادتها العسكريين والمطلوبين إسرائيليا وبالتالي فكلما زاد الضغط المصري علي حركة حماس وفشل فكت إسرائيل ارتباطاتها مع نظام القاهرة السياسي وربما ساهمت في إسقاطه ,وهذا سيناريو متوقع في ظل ازدياد السخط الشعبي وحتى الرسمي من جراء تدهور الأوضاع المعيشية والجدل الواسع الذي أثاره قرار تصنيف حماس كمنظمة إرهابية لدي النخب الإسلامية والعلمانية والقومية الناصرية العربية علي السواء,وحتى لو أجبرت المخابرات المصرية تحت ضغط الرياض على استقبال وفد عنهم مؤخرا والتباحث معهم حول عدة قضايا خلافية ولكن هذا لا يعني أبدا بان العلاقة مع القاهرة باتت على ما يرام لان إسرائيل في نهاية الأمر هي من يحدد معالم السياسة المصرية في التعامل مع الحركات المعادية لها المنطقة.
عميرة أيسر –كاتب جزائري

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *