-->

ماذا يقع في المشرق العربي ؟ وما المأمول من ندوات الخارجية الصحراوية الأخيرة ؟


بقلم : مبارك الفهيمي
ـــ الساحة السورية و الخليجية .
تعيش الخارطة العربية على واقع أحداث ساخنة قد تضع حدا لمجموعة قضايا شائكة خصوصا الازمة السورية التي بدأت تقدم إشارات على أن اللاعبين الرئيسيين في هذه الساحة بدأوا يغيرون من سياستهم , والخاسر طبعا هو الشعب السوري من الناحية الإنسانية , أما الخاسر الغير مأسوف عليه فهي ممالك الخليج التي راهنت على مجموعة من التيارات و الجماعات المسلحة من أجل إسقاط الحكومة السورية وهو ما لم يتحقق بعد مرور سنوات . وهم الذين باعوا الوهم للسوريين ليطلقوا جملتهم الشهيرة في القنوات التلفزية والتي تمثلت أن "النظام السوري سيكون مصيره كنظام القذافي " , فشردوا الملايين وقتل الالاف ودمرت البلد فوق رؤس الأبرياء ولازالت الحكومة السورية في مكانها , بل وأقوى من ذي قبل . فتركيا التي كانت مطارتها تكتظ بالمجموعات الملتحقة بتنظيم داعش الإرهابي القادمين من المملكة المغربية والسعودية وغيرها من الدول العربية , هي اليوم تجني ما زرعته تلك المطارات وتدفع ثمن اخطائها ومواقفها من القضايا الإقليمية و الدولية , فتم التحالف مع الروس وبهذا التحالف أصبحت الطائرات السورية "النظامية " تنسق مع الطائرات التركية مخافة الإصطدام في الاجواء التي تقذف صواريخها لمواقع الدواعش .
أما دول الخليج فهي نفسها تجني ما زرعت , فالوحش الذي صنعت بذوره هو اليوم يوجه لها الضربات تلوى الأخرى , فالعواصم الخليجية تحت تهديد الجماعة الإرهابية الأقوى في المشرق العربي والتي أصبحت تتراجع بفعل تشتت قواتها على الأرض السورية وبدأ معركة الموصل العراقية , واشتداد المعارك ضد النظام وانخفاضها ضد شقيقتها جبهة النصرة التي غيرت أسمها لما يسمى الان "جبهة فتح الشام " بزاعمة أسامة العبسي الواحدي ــ أبو محمد الجولاني ــ في محاولة للتهرب عن الصفة و التصنيف "الإرهابي " الذي كلفها الكثير وجعلها في مرحلة ضعف بمقتل مجموعة من أدمغتها العسكرية و الإعلامية والفكرية . هذان الجماعتان الإرهابيتان اللتان تختلفان حول موضوع انشقاق داعش عن التنظيم الأم "تنظيم القاعدة " بقيادة المصري "الظواهري ", فهذا الإختلاف أنتج معارك طاحنة بين التنظمين فوق التراب السوري في الاشهر الماضية تحت تحليق طائرات بدون طيار أمريكية وروسية ولربما تركية . أمام ما يعرف ب"المعارضة السورية المعتدلة " فقد انكشفت سياستها ووجهها الحقيقي للشعب السوري الذي بعدما كان يتابع برنامج "الإتجاه المعاكس " بين مدافع عن الحكومة و اخر محسوب على المعارضة , أصبح اليوم يتابع ضيفين في نفس البرنامج ومن المعارضة فخلقت لجانب من قاعدة الشعب السوري "معارضة في معارضة في معارضة أخرى " , والأهم أن خرجت "على المكشوف " لتقدم خطة سلام للكيان الصهيوني وتعبر أنه بعد إسقاط الحكومة السورية لن يبقى شيء إسمه عداء لإسرائيل وقضية الجولان سوف تحل بطرق سياسية وبالاتفاق . فيما تسير الاطراف الأخرى بملفات ثقيلة نحو العاصمة الكازخستانية استانا لتنظيم ما يعرف اليوم " مفاوضات أستانة" الذي سيحضره ممثلين عن الحكومة الرسمية وأطراف المعارضة "المعتدلة " دون حضور بعض التيارات المتشددة كجيش الإسلام وغيره من التيارات الإسلامية .
ـــ الوضع الإنساني و السياسي في بوصلة العرب فلسطين .
الوضع السياسي لم يتغير بشكل كبير بين حكومة قطاع غزة وحكومة الضفة الغربية وبين الأطراف السياسية الفلسطينية , فمشكل الكهرباء مستمر بقطاع غزة الذي تسيطر عليه حركة حماس , والتصريحات المكهربة بين زعماء فتح وحماس مستمرة في القنوات التلفزية الفلسطينية الحمساوية و الفتحاوية ,بالإضافة أن مشكل معبر رفح لا زال يغلق ويفتح حسب التوازنات السياسية بين حماس و الحكومة المصرية بتدخل من الكيان الصهيوني , في وقت يكثر فيه الحديث عن عزم الأطراف السياسية فتح "ممر اقتصادي" بين غزة ومصر في الأشهر القادمة في ظل ارتفاع الأصوات من داخل القطاع لوضع حد للوضع الإنساني في هذه الرقعة الجغرافية وإنهاء مشكل الكهرباء وفتح المعبر .وهو الوضع الذي مهد لانفجار شعبي بعد تنظيم المواطنين مظاهرات ومسيرات احتجاجا على هذه الاوضاع واجهتهم السلطات الفلسطينية بالقمع .
وما لم يتوقعه الكثيرون في السنوات السابقة قد حدث وهو أن عدوى الإنشقاق الداخلي انتقلت للعلن بين قيادات حركة حماس خصوصا بين مدرسة إيران و حزب الله والمدرسة المناقضة التي تمثلها قطر , وهو أمر انتقل للإعلام بعدما كانت الجماعات الإسلامية تصفي خلافاتها في الكواليس وربما نرى في الاشهر القادمة نمودج "دحلاني" في حركة حماس . في المقابل يقود تيار دحلان في حركة فتح معارضة لتيار أبو مازن ــ محمود عباس ــ معارضة بملايين الدولارات مدعوما من دول الخليج وخصوصا "الإمارات العربية المتحدة " التي قدم لها خدمات لا يستهان بها في الحرب على ليبيا و الازمة في جمهورية مصر العربية , حيث قاد تيار دحلان حملة مقاطعة لمؤتمر فتح الأخير الذي فاز فيه عباس بالأغلبية ككل مؤتمر , وهي المعارضة التي تفتح لها حركة حماس هامشا لابأس به في قطاع غزة , عبر تنظيم المظاهرات و المؤتمرات و الندوات التي يسهر عليها مساندون لدحلان .
ـــ ما المأمول من ندوات الخارجية الصحراوية الأخيرة ؟
بالإعتماد على عدة معطيات على الأرض , بالإضافة لطبيعة التحالفات في العالم العربي نتأكد أن الساحة العربية ليست بتلك البساطة فهي تتميز بالتعقيد وتقلب المواقف وفق توازنات معينة ,والجامعة العربية الفارغة أصلا ستعرف العديد من التطورات على مستوى الأشهر القادمة خصوصا أن دور هذه الجامعة مغيب وغير مؤثر تماما على المشهد السياسي العربي , والأكيد أن ندوات الخارجية الصحراوية الأخيرة والتي انطلقت في التزامن مع نهاية سنة 2016 تطرقت للإستراتيجية السابقة و المستقبلية المتعقلة بالعالم العربي وما تم تحقيقه و المأمول من حركة التضامن العربية مع الشعب الصحراوي في التعريف بالقضية على الساحة العربية وفتح المجال لتناول الإعلام العربي للقضية الصحراوية وهو ما أنجز بشكل محدود في الأشهر الماضية على مجموعة محطات تلفزية عربية .
إذن فالمطلوب هو العمل على استراتيجية اتجاه العالم العربي , وخلق حركة تضامن "حقيقية و فعالة ومؤثرة " في المشهد السياسي العربي , وإعادة النظر في بعض التحالفات التي لم نجدها عونا في بعض الظروف التي عرفناها في الأشهر الماضية ووضع النقاط على الحروف معها , بالإضافة لإيجاد طريقة وخطط عمل بهدف جعل لجان التضامن العربية مع الشعب الصحراوي فعالة ومتفاعلة مع نضال الشعب الصحراوي ب "الندوات و البيانات "وذاك أضعف الإيمان بدل أن تكون لجان على ورق , وكذا المشاركة في الندوات الفكرية خصوصا في مصر ولبنان وتونس .
وأخيرا , وكما يقولون "الله أعلم "

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *