-->

المغرب يشتكي من الكركرات و الضربة تأتيه من واشنطن


يظهر أن الحكومة المغربية فائقة الذكاء و حذقة بما فيه الكفاية لتوجه الرأي المغربي كما يحلو لها و تشاء، و هذا الذكاء الخارق ليس حكرا عليها لوحدها بل تشاطرها في ذلك حتى لانقول تنازعها فيه أحزاب الدكاكين السياسية و صحافة البصطيلة. 
منذ الإعلان عن مرور "رالي موناكو- دكار" عبر معبر الكركرات والذي كان موضوعه محل اتفاق مسبق – كما وقع السنة الماضية- بين المنظمين والسلطات الصحراويين يفرض عدم رفع أي علم مغربي أو خريطة تضم الصحراء الغربية أو أي شئ من شأنه أن يستفز الصحراويين الشئ الذي التزم به المنظمون وأبلغوه لكافة المشاركين في السباق الذي هو رياضي بإمتياز وليس سياسي كما يحاول تأويله أذكياء الرباط. منذ الإعلان عن هذا السباق وماكينة الآلة الدعائية المخزنية تتحرك في كل إتجاه لتزيد في "تدويخ" المغاربة وشد انظارهم الى الكركرات حيث هناك تحركات "مزعومة" للبوليساريو، السيد مصصطفى الخلفي الوزير الناطق بإسم الحكومة المغربية يتوعد و يهدد بأنه إذا تم التأكد من تحركات البوليساريو فالمغرب سيقاطع المحادثات القادمة بين المملكة المغربية و جبهة البوليساريو، وأسهبت صحافة البصطيلة في إبراز هذا التصريح ونشره باليافطة الكبيرة على عدد من المواقع بهدف واحد هوالاستمرار بأي ثمن الإبقاء على الشعب المغربي مشغولا عن إهتماماته الحقيقة و إنشغالاته اليومية من فقروقمع و تفسخ أخلاقي وعدم أمن، الذي أصبح اليوم هو القاعدة في المملكة " الشريفة" بدل الإستثناء. 
فالوزير المحترم مصطفى الخلفي كان الأحرى به أن يبلغ المغاربة بأن حكومته من أجل مراقبة البوليساريو إستنفرت القمرين الصناعين محمد السادس1 ومحمد السادس2 اللذين يكشفان دبيب النملة السوداء على الصخرة الصماء في الليلة الظلماء، حسب زعم مسوقي هذه التجارة، ويكون حتما ذكيا بتوجيه أنظار المغاربة الى السماء – و هم الذين سبق أن رسم في ذهنهم أن وجه محمد الخامس ظهر في القمر- وابعادهم عن واقعهم المزري و المشين و الذي عكسته مختلف التقارير الدولية بل يؤكده واقع الحال في المملكة. 
فالوضع الداخلي في المغرب ينذر بالخطرفكل المؤشرات الإقتصادية و الإجتماعية و الأمنية تظهر بأن البلد سائر نحوالإنفجارو عناوينه الإحتجاجات الإجتماعية في كل القطاعات و رهان المواطنين المغاربة أصبح على الهجرة بمن فيهم الإطارات. 
إن المديونية المغربية تجاوزت 91 % من إجمالي الدخل العام و ميزانية سنة 2019 لا يميزها عن سابقاتها سوى الإلتفاف على ما تبقى من مكاسب الشعب المغربي حيث تتم التهيئة لخوصصة السكك الحديدية والخطوط الجوية الملكية واتصالات المغرب و اللائحة مفتوحة لتمس الجامعات و المستشفيات و قطاعات حيوية أخرى خاصة أن المملكة لم تتوصل بالقدر الكافي من الهبات الخليجية حسب ما صرح به السيد محمد بنشعبون و زير الإقتصاد و كانت دول الخليج ترسل هبات مالية الى المغرب على شكل جرعات حتى يدبر أمره في كل مرحلة. وأكثر من ذلك أن المغرب لم يستطع الى حد الساعة إقناع المؤسسات المالية الدولية بمنحه القروض اللازمة لتسيير إقتصاده لأن هذه المؤسسات و منها صندوق النقد الدولي تفرض على المغرب ضمانات أو مايسمى " بخط إئتمان" يفوق ثلاثة ملايير دولار، و هو عادة ما يخصص للدول التي لا تعطي الثقة الكاملة للمؤسسات المالية الشئ الذي يصعب على المغرب الحصول على تسهيلات في القروض. فضلا على أن المصاريف المالية الفرنسية التي كثيراما كانت المنقد السريع للآزمات المالية للمخزن وجدت نفسها اليوم بين سندان " السترات الصفراء" و مطرقة حكومة "ماكرون" هذه الأخير التي طلبت من الأبناك و الشركات أن تتحمل مسؤولياتها في المساهمة في تلبية المطالب الإجتماعية للمحتجين الذين يظهر انهم مواصليين ضغطهم على رأس المال الفرنسي البشع. 
كما هو الشأن الداخلي الآلة الدعائية المخزنية تحاول أن تحجب عن المغاربة رؤية ما يجري حولهم و شدهم مؤقتا الى سباق أغنياء اوربا و مرورهم من الكركرات، التي خدم من خلالها مصطفى الخلفي الناطق الرسمي بإسم الحكومة المغربية، البوليساريو من حيث لا يدري بوضع القضية الصحراوية من جديد في واجهة الأحداث. 
في مطلع هذا الأسبوع الضربة تأتي من "واشنطن" وتأتي أيضا من "امهيريز" الشيئ الذي لم يكشف عنه السيد الخلفي للمغاربة، ففي واشنطن يدرج الكونغرس الأمريكي حكما غير مسبوق في مزانية 2019 يتعلق باستعمال المساعدة الأمريكية في الصحراء الغربية، الشيء الذي يرفض و ينفي " سيادة" المغرب على الأراضي المحتلة من الوطن الصحراوي، و بذلك يكون الكونغرس الأمريكي قد جدد التأكيد على أن المغرب ليس له وضع قوة مديرة بالصحراء الغربية لتسيير المساعدات الأمريكية بهذه الأراضي و خصص في مشروع القانون المقترح فصلا للصحراء الغربية منفصلاعن الفصل المخصص للمغرب و ينص على أن التمويلات برسم المساعدة الأمريكية في الخارج ستمنح للصحراء الغربية. بمشرع القرار الأمريكي الجديد المتخذ على مستوى الهيئة التشريعية التي تضم كلا من الديموقراطيين و الجمهوريين يكون الموقف الأمريكي قد إتخذ مسارا تصاعديا منذ شهر ابريل الماضي بدفعه لمجلس الأمن الدولي الى تقليص عهدة المينورسو مرورا بالضغط في اتجاه إجراء محادثات جنيف و جلوس المغرب و جها لوجه مع جبهة البوليساريو الى خروج السيد جون بولتن مستشار الأمن القومي في تصرحات قوية مضمونها ان الوضع القائم في الصحراء الغربية أصبح غير مقبول و لا بد أن يتم إنصاف الصحراويين، فضلا عن الإهتمام الذي أولته ولازالت توليه الصحافة الأمريكية للقضية الصحراوية. 
في امهيريز جيش التحرير الشعبي الصحراوي الباسل يتحرك في الأراضي المحررة كما كان دائما وكما يشاء و يرغب، و يجري مناورة عسكرية نوعية بقطاع الناحية العسكرية الرابعة، نفذتها و حدات متمرسة على فنون القتال و متحكمة في الإستعمال الجيد للأسلحة المتطورة التي في حوزتها وضابطة للخطط العسكرية لهيئة الأركان والدقة في تنفيذ هذه الخطط، شعارها "فرض الإستقلال سلما أو بالقتال." 
إنه ورغم القوة الدعائية للمخزن و الذي يعترف له بها كأعظم إنجاز " لتدويخ" المغاربة، فإن الوقائع و الأحداث المتسارعة من حول المغرب لاشك بأنها ستفتح أعين الأشقاء المغاربة على أكاذيب حكومتهم المتعددة الأشكال و الألوان ويقولون كفى، حان الوقت لأن نلتفت على حالنا البئيس ونصفي حساباتنا مع من قزم المغرب و جعله في آخر الترتيب عالميا في مؤشر التنمية البشرية بعد الصومال و ادجيبوتي و آخر من يتكلم عن حقوق الإنسان و الأول في تصدير المخذرات و الإرهاب الى اوربا و دول الجوار. حان الوقت ليفهم المغاربة أن " كذبة الصحراء ديالنا" التي منحت للمخزن الإستمرار 43 سنة الماضية في نهب خيرات البلد حتى أصبح كل ما في المغرب معروضا للبيع أرضا بحار سماءا و حتى بشرا، قد إقتربت من نهايتها فعلى الشعب المغربي أن لايضيع الفرصة للتخلص من "الدولة – العصابة" حتى تنعم المنطقة بالسلام ويعود الإستقرار و الرخاء لشعوب المغرب العربي سيجد المغاربة في الشعب الصحراوي خير سند و مؤازر. 
 بقلم: محمد فاضل محمد سالم

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *