-->

دلالات زيارة وفد الكونغرس الامريكي الى جبهة البوليساريو والدولة الصحراوية وانعكاساتها على حل القضية الصحراوية


تاتي زيارة وفد الكونغرس الأمريكي الذي يقوده رئيس لجنة الدفاع في الكونغرس الامريكي السيناتور جيمس إينهوف إلى الدولة الصحراوية محملة برؤية إستراتيجية تقدم من خلالها الولايات المتحدة الأمريكية وجهة نظرها في اتجاه إيجاد حل عادل يحترم إرادة الشعب الصحراوي في الحرية وتقرير المصير، وفق المعايير التي ضبطت من خلالها مأمورية بعثة الامم المتحدة لتنظيم الاستفتاء في الصحراء الغربية المينورسو بستة أشهر سعيا لتجميع سبل الضغط الكفيلة بترويض المملكة المغربية وإجبارها على التسليم بحق الشعب الصحراوي في الحرية والاستقلال.

كما تأتي الزيارة غداة الذكرى الثالثة والأربعين لإعلان الجمهورية الصحراوية وسط حضور دولي وازن جمع بين السياسة والرياضة والتضامن ، مع اهتمام أمريكي متزايد بالقضية الصحراوية قصد إعادة ضبط إيقاع الحل السياسي وفق مؤشرات عريضة وعناوين للمرحلة القادمة.
الرسالة الجوهرية من زيارة وفد الكونغرس الأمريكي في هذه المرحلة تتحدد بمشهد الاهتمام الدولي الواسع بتكريس الحل السياسي لمشكل الاحتلال وتصفية الاستعمار من الصحراء الغربية بما يتسق ومبادئ الشرعية والقانون الدوليين، وتعبير واضح عن ملل المجتمع الدولي من طول أمد العرقلة المغربية ووقوفها حجر عثرة أمام تجسيد الإرادة الدولية التي تستمد عوامل قوتها من وعيها بضرورة حل القضية الصحراوية وفق تحريك آليات وضوابط الضغط السياسي والاقتصادي ، والتفرد في هذا النهج، يشكل بدوره الدعامة الحقيقية لمصداقية مجلس الأمن في فرض السلم والأمن ، باعتبارهما مسؤولية تدرك الولايات المتحدة الأمريكية أهميتهما ودورهما في التنمية والاستقرار والأمن بالمنطقة.
زيارة وفد الكونغرس الأمريكي للدولة الصحراوية والذي يضم لأول مرة ستة أعضاء بارزين من الكونغرس الهيئة التشريعية الأمريكية وعدد هام من مساعديهم الإداريين ، تعتبر مقدمة لفهم أمريكي جديد لصمود وتضحيات الشعب الصحراوي وثمرة نضاله المرير في سبيل استرجاع حقوقه المشروعة ودعما بارزا للتضامن والمؤازرة المتنامية التي تحظى بها قضيته عالميا ؛ مما قد يعيد الأمل في المجتمع الدولي لوضع حد لمعاناة الشعب الصحراوي في اللجوء وتحت الاحتلال المغربي.
وبخصوص الموقف الامريكي من الطاولة المستديرة اكد عضو الوفد الصحراوي المفاوض، المشارك في الطاولة المستديرة التي احتضنتها جنيف أن الولايات المتحدة الأمريكية قد أبدت اهتماماً واضحاً بالملف، خاصة منذ شهر أبريل الماضي وأعادت تأكيده شهر أكتوبر الماضي، وهي ترافق المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة، هورست كولر، في مسعاه الذي بدأه منذ توليه الملف سنة 2017. وأثنى المسؤول الصحراوي على مجهودات هورست التي شرعها منذ تعيينه، حيث قادته جولات مكوكية للمنطقة بما فيها زيارة المناطق المحتلة من الصحراء الغربية والبلدان المجاوران ولقاءاته مع مسؤولين في الاتحادين الإفريقي والأوروبي وكذا دول أخرى. كل تلك المجهودات خلقت نوعا من الأمل لدى الأطراف في أن تثمر عن إيجاد حل عادل يحترم حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير.
وخلال الشهر الماضي اقترحت غرفة النواب للولايات المتحدة إدراج حكما غير مسبوق في الميزانية يتعلق باستعمال المساعدة الأمريكية في الصحراء الغربية, و الذي يرفض و ينفي "سيادة" المغرب المزعومة على الأراضي المحتلة للصحراء الغربية.
و رفع هذا الحكم المدرج ضمن مشروع الميزانية الفيدرالية 2019 و الذي هو موضوع مفاوضات مكثفة بين الديمقراطيين والجمهوريين, الترخيص المقدم للمغرب بخصوص استعمال المساعدة الأمريكية بالأراضي الصحراوية المحتلة.
ومن خلال هذا الإلغاء, جدد الكونغرس تأكيده على أن المغرب ليس له وضع قوة مديرة بالصحراء الغربية لتسيير المساعدة الأمريكية بهذه الأراضي.
و ينتظر الترتيب الجديد الذي صوتت عليه غرفة النواب حل الانغلاق ليتم التصديق عليه نهائيا, حيث يواجه الاتفاق حول الميزانية الفيدرالية صعوبات بخصوص تمويل الجدار على الحدود مع المكسيك الذي طلبه ترامب.
كما خصص الكونغرس في مشروع القانون هذا فصلا للصحراء الغربية منفصلا على الفصل المخصص للمغرب و ينص على أن التمويلات برسم  المساعدة الأمريكية في الخارج ستمنح مباشرة للصحراء الغربية.
ستمنح الأموال للصحراويين بعد استشارة بين كتابة الدولة والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية ولجنتي المالية لغرفتي الكونغرس.
و يؤكد مجلس النواب أنه لا يمكن تفسير أي جزء من القانون الحالي على أنه تغير للسياسة الأمريكية إزاء القضية  الصحراوية والمتمثلة في دعم مسار و جهود الأمم المتحدة لمراقبة وقف إطلاق النار والتوصل لحل سلمي و مستدام  في الصحراء الغربية يكفل حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره.
و  يذكر أن الترخيص الذي تم منحه للمغرب قد تم إدماجه منذ سنة 2014 في قوانين المالية التي صادق عليها الكونغرس, بإيحاء من الجماعة الضاغطة المغربية بمجلس النواب.
إذا كانت هاته القوانين السابقة, قد جعلت التمويلات المخصصة للمغرب متوفرة لمساعدة الصحراء الغربية, غير أنها أخضعت هذا الترخيص إلى الضوء الأخضر للإدارة الأمريكية.
و لطالما أعربت كتابة الدولة الأمريكية للشؤون الخارجية عن رفضها في تنفيذ هذا الحكم القانوني الذي يشكل اعتراف ضمنيا بوضع "القوة المديرة" للملكة المغربية.
و  بالرغم من هاته التوضيحات, استمر المغرب, خلال هذه السنوات الأخيرة, في تلفيق أكاذيبه الصارخة بشأن هذا الترتيب و الذي يريد المغرب تفسيره بشكل مضلل على كونه "دعم من الكونغرس لخطته التي تكمن في الحكم الذاتي",معتما بذلك الموافقة المطلوبة من الإدارة الأمريكية لأجل تطبيقه.غير أن الحكم الجديد واضح و يرفع كل لبس بهذا الخصوص.

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *