-->

من الزملة الى معطلا عبق التاريخ وجغرافية الإنتفاضة.


كانت الزملة حي شعبي بالنسبة للصحراويين، يقع خارج المدار الحضري للعيون الإسبانية، التي كانت تتوسع في الجانب الاخر بمحاذاة وادي الساقية الحمراء.
وكانت الزملة في ذلك التاريخ تحاكي حي معطلا حاليا، حيث مكان التظاهرات وتمركز الصحراويين في زمن الاستعمار الإسباني، معقل الوعي السياسي الشعبي الصحراوي وحاضنة تنظيمات الحركة الوطنية السرية.
تعتبر الزملة الحي الشعبي الصحراوي الذي يضم مخيم (الفيلة) والحي الحجري و خط الرملة ولاحوهم، كلها كانت تعتبر الضواحي الشرقية و الجنوبية لمدينة العيون، ومعظم سكانها من الصحراويين وعمال شركة كوبيرتا والبدو الرحل الذين لم يقرروا بعد استقرارهم بالمدينة.
اذا ما تاملنا تلك الجغرافيا و ذلك المكان الذي انطلقت فيه تظاهرة الزملة، وربطنا الجغرافيا بالتاريخ، سنجد ان حي معطلا حاليا في مدينة العيون المحتلة يقع في جغرافية حي الزملة انذاك، وحسب بعض العارفين بجغرافية المنطقة يرى ان مكان انطلاق انتفاضة الزملة يمتد في رحاب حي معطلا حاليا في العيون المحتلة، ليثبت التاريخ و الجغرافيا ان انتفاضة الاستقلال الإبن الشرعي لانتفاضة الزملة 1979، و ستظل تتوالى الانتفاضات في كافة مناطق تواجد الشعب الصحراوي حتى يتحقق الهدف الأسمى لأم الانتفاضات، الا وهو ان الصحراء الغربية للصحراويين و الصحراويين فقط.
وفي مقال بعنوان "حي اسمه معطلا" يؤكد الاخ الغيث امبيريك صاحب المقال، ان:
**حي معطلا له قصة مع التاريخ، فلقد بني على أنقاض مخيم (الفيلة) الذي التحق معظم سكانه بمخيمات العزة والكرامة، إبان دخول المحتل المغربي وعلى مكان سمي آنذاك (الردم) قبالة مقر حزب (البونس) أثناء الاستعمار الاسباني ومحاذيا للمكان الذي انطلقت منه انتفاضة الزملة التاريخية 1970** 
كانت سلطات الاستعمار الإسباني تحضر لإحياء مناسبة في ذلك المكان الذي كان سيحضره الحاكم الاسباني، وتحضره بعض الفرق الشعبية وحشود من المستوطنين الإسبان انذاك.
استغل ابطال ومخططوا حركة تحرير الساقية الحمراء، بقيادة محمد سيد ابراهيم بصيري هذه المناسبة، ودعو انصار الحركة من ابناء الصحراء الغربية سرا للحضور للوقفة التي ستعلن خلالها مطالب الشعب الصحراوي، وعلى راسها المطالبة بخروج اسبانيا والتاكيد على ان الصحراء للصحراويبن.
في ذلك المساء الصيفي الحار وبعدما جهزت ساحة افريقيا بالقرب من ضواحي حي الزملة بحلة الاحتفالات، ونصبت الخيم وتوافد الكثيرون و وصلت حشود لم تكن متوقعة، رافعة الشعارات الوطنية والمطالبة برحيل الاستعمار كأول حركة تشهدها المنطقة عامة ومدينة العيون كعاصمة للاقليم. 
سارع الحاكم الاسباني الى المكان، وكان وقتها Pérez de Lema الذي تفاجئ بالمطالب السياسية للمتظاهرين السلميين، وبعد مد وجزر غادر المكان وتاكد ان الشعوب لاتقهر، وان أبناء الصحراء الغربية فاقو من سباتهم وبدأوا ينظمون انفسهم، واقتنع، ان قادم الأيام قد يكون اشد وطاة على إسبانيا من ذي قبل، إستلم الضابط Carlos Díaz Arcocha قائد فرقة الترسيو المرافقة للحاكم زمام الامور في الساحة، و امر بتدخل فرقته لفض المعتصمين بالقوة وعدم السماح للمتظاهرين بالوصول الى مقر الحاكم في وسط المدينة، ومن اجل تفريق المتظاهرين اطلقت الفرقة بعض العيارات النارية في الهواء وكان الرد الجماهيري شديد بمزيد من الشعارات و اللافتات المطالبة صراحة بالاستقلال، و جلاء المستعمر الاسباني من الصحراء الغربية، و القاء الحجارة على قوات الترسيو، فردت الفرقة الاسبانية بتصويب اسلحتها على الجماهير الصحراوية المتظاهرة بسلمية، واردت شهداء و عشرات الجرحى و المصابين، وبدأت الادارة الاسبانية في ملاحقة اعضاء الحركة الصحراوية للتحرير، وفي ساعة متاخرة من تلك الليلة تم اعتقال الفقيد محمد سيدابراهيم بصيري الى يومنا هذا، ولازالت جبهة البوليساريو تطالب إسبانيا بالتحقيق في خبره، حيث كانت هي من اعتقلته ولم تبلغ لابوفاته ولا بإطلاق سراحه.
هكذا كانت احداث شرارة انتفاضة الزملة الصحراوية التاريخية منذ نصف قرن، ولازالت الاجيال تحمل مشعل الحرية، والتي تولدت من خلالها حركة التحرير الوطنية ممثلة في الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء و وادي الذهب رائدة كفاح الشعب الصحراوي، و ممثله الشرعي و الوحيد، في مواجهة مؤامرة اسبانيا في تقسيم الصحراء الغربية، و اتفاقية مدريد المشؤومة، وحملت السلاح ضد المستعمر و ضد ازلامه من محتلين مغاربة وغزاة طامعين بعد رحيل اسبانيا.
و سيبقى الابناء و الاحفاد يتوارثونها جيلا عن جيل حتى تحقيق النصر و الاستقلال على كامل تراب الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية.
بقلم بلاهي ولد عثمان

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *