-->

المشروع الوطني ومآلاته (الجزء الرابع)


في الجزء الثالث من هذه السلسلة،قلنا، أن الوعي الحقيقي للواقع الإجتماعي هو الضامن الأساسي لسير المشروع الوطني في الإتجاه الصحيح ،كما حددنا المصادر المعرفية لهذا الوعي،وربطنا النجاحات الهائلة للجيل الأول لهذ المشروع، بقدرته الهائلة على إنتاج خطاب سياسي واع وواضح ، ولا يقبل التأويل.واعتقد ان كل من قرأ الأجزاء الأولى من هذه المقالات ينتظر منا ان نعالج تحديدا مسألة الوعي،وتحديد موقفنا من النضال الحقوقي،من النضال النقابي، وبل أن نعالج كذلك مسألة الحسم.
و لمباشرة هذا العمل ،لا بد من الإشارة ،إلى أن منهجنا في البحث العلمي ،يعتمد على تحديد خطابنا السياسي ،وعلى التداول المكرر لهذه المفاهيم ، قصد تنظيمها في بناء فكري ،وطني ،شامل،( أي ليس فقط إعلان عن ثموقعنا الإيديولوجي ،بل كذلك ممارسة النضال المعرفي) وقد يكون هذا البناء الفكري مترابطا ومتماسكا وقد لا يكون ،وليس بسبب التناقض في نسقه الداخلي بقدر ما هو بحسب الضرورة السياسية،ومتطلبات الرد على الهجمات السياسية التي يتعرض لها مشروعنا الوطني.
وهو يرتكز على الأساس الإيديولوجي والمادي للواقع الإجتماعي ومن شأنه أن يساعدنا في تسليط الضوء ليس فقط على نوع الوعي بل على مدى انتشاره.
لان النظرة العلمية العميقة الى الواقع الإجتماعي او الوعي العميق الذي لخصنا مضاهره كلها في تطابقه كفكر ذاتي مع الضرورة التاريخية ،لا يمكن أن يكون إلا نخبويا ،ويبقى دور النخبة وممارستها للوعي العميق أي ممارسة المهام النضالية هو ما يمكن من توجيه المجتمع، والعمل الجماهيري لإنتزاع الحق والعدل،ولا بد أن نركز هنا ،على ممارسة النضال بدل ممارسة السياسة.
حينما نقول النخبة الواعية فإنا بالضرورة نقصد, ضمن ما نقصد, منظرين التنظيم السياسي للحركة, والحركة تتقوى بالقدر الذي تكثف الفعل الثوري والصيغ النضالية وتضعف بالقدر الذي تتخلى به عن الفعل الثوري والصيغ النضالية الثورية لصالح العمل السياسي، تماما كما يحدث للرمل والزمن في ساعة الرمل،فتزايد عداد الزمن ينقص الرمل المتسرب تدريجيا من القارورة إلى أن ينتهي نهائيا.وأنه حينما نتمادى في إنتاج الوظائف السياسية،وتقديم السياسيين على المناضلين،فإن الحركة في فترة تاريخية تجتذب طبقة عرضية ،بعيدة عن حمل هموم الفعل الثوري،
واعتقد انه لو عاش الشهيد الولي إلى اليوم لقال:أن نفاد المخزون النضالي ،والصيغ النضالية التي تقوم بها القاعدة الشعبية بقيادة الأطر بالتضحيات بالدموع والعرق والآلام والدم،يؤدي حتما إلى العدمية السياسية.
وهذا يؤدي غالبا إلى الإنشقاق السياسي وضهور طبقة تسير أو تهرول في الإتجاه المعاكس للمشروع،وبما أن هذه الطبقة لا تستطيع إعلان اهدافها الحقيقية فهي تعمد إلى إخفائها بخطاب ووعي زائفين يؤديان إلى انقسامات ولو جزئية حتى على مستوى القاعدة ,إذا أخذنا بعين الإعتبار ما قلناه سالفا ان الوعي نخبوي ولا يمكن أن يصل إلى عامة الناس إلا مشوها،وان القاعدة تخضع نسبيا للنخبة في توجيهها قدما وتثق بها.


هذه الصراعات والانقسامات،هي في مجملها مؤشر على وجود العناصر النفعية ذات الفكر الإقتصادي والانتهازي داخل الحركة والتي يجب دائما التصدي لها بالنضال والردع والتخلص منها وحسم امرها عوضا عن المهادنة،تماما كما يتخلص الجسم من الخلايا السقيمة والمييتة ،وذلك يعيد للحركة نشاطها وقوتها التي لا تستعيدها إلا بممارسة الفعل الثوري والعمل النضالي.
كما قلنا سابقا ،وكما أخذنا على عاتقنا،ورغم الخصومات و الجدالات السياسية التي تستوجب منا ردا حاسما عليها،إلا ان فكرنا يجب ان يخضع دائما للموضوعية ،متغلبا على العوائق الإبستمولوجية،ومتخلصا من العواطف التي تفسد الفكر،وكما يقول الفيلسوف هيدڭر: مع العواطف النبيلة ينشأ الأدب الرديئ وكذلك الشأن بالنسبة للفلسفة.
ولا اتكلم هنا على المستوى الخاص ،بل على كل الباحثين الصحراويين والمنتجين في الحقل المعرفي ،خصوصا المختصين في إنتاج الآراء والقرارات السياسية ،بل كل هؤلاء عليهم الاحتياط أثناء استنباط الأحكام من الواقع الإجتماعي ،نظرا لقيمة هذه الأحكام وارتباطها الجدلي بالفترة التاريخية،ولأنها تشكل القاعدة الأساسية للعمل السياسي الذي ،عادة ما يقصد من خلاله إحداث تغييرات مهمة في الواقع الاجتماعي والتاريخي بمفهوم أوسع، كتجسيد لسمة الثورية في المشروع الوطني الثوري،وهذه البناء ينتج عنه أن نعتبر أن الجبهة الشعبية لتحرير الساڭية الحمراء وواد الذهب ،والتنظيم السياسي خصوصا مطالب ومسؤول عن إنتاج إيديولوجية موجبة تطابق المرحلة التاريخية وتستجيب لخصائصها.
والرفاق في التنظيم السياسي يفهمون أكثر من غيرهم أن كل مرحلة تاريخية تساهم في تكوين الشروط الأساسية المحددة للمرحلة التي تأتي بعدها ،وعليه فكل عملية كبيرة وناجحة تعطي وقودا ودفعا للمشروع الوطني ،ويشكل به قوته لزمن معين ،وان التخلي عن الفعل الثوري العميق المتمثل في العمليات الكبيرة والناجحة ينتج عنه كذلك ضعف الحركة ،ولكي توجه الجماهير وقيادتها للقيام بهذه المهام النضالية العميقة لا بد من قيادتها بنخبة واعية وقادرة،وتمتلك الأدوات الفكرية لمعرفة الحركة الفعلية السيرورات ,الاقتصادية ,والإيديولوجية ,والسياسية.


وحتى لو سلمنا أن سمات الواقع الإجتماعي في الحاضر،والشروط الأساسية المحددة له كانت قد تشكلت في الماضي ،فإنه لا يمكننا أن نفهم معطيات الواقع الاجتماعي اليوم بمفاهيم المرحلة السابقة ،وذلك ناتج عن مجموع الأدوات الفكرية والمادية التي ينتجها التطور الحضاري بشكل مستمر وهذا الإنتاج الفكري والمادي الجديد لا تشمله المفاهيم الفكرية السابقة ولا تستطيع أن تعبر عنه ولذلك يمكننا فقط أن نفهم التاريخ بالمفاهيم الفكرية للحاضر و بأحداث الماضي وليس العكس.
وقد ركزنا على المفاهيم الفكرية للحاضر ،حتى لو تطلب الأمر انتاجها، وحذرنا القارئ بأننا نتعامل مع المفاهيم بمعناها المفهومي المتغيير تاريخيا ،وليس الإصلاحي الجامد :سجين صفحات القواميس اللغوية.
هذه الأدوات الفكرية ، وحدها، بإمكانها أن توضح الرهانات الحقيقية التي تجابه الخطاب السياسي المرحلي والتي نوجزها ،في الوحدة، والتعدد. وهما رهانين نتجا عن الفعل العميق لجريمة الاحتلال، الذي خلق واقع التقسيم الذي يعاني منه الشعب الصحراوي ولم يكن هذا الوقع سائدا إبان انطلاق الثورة بما هو عليه اليوم،هذا التقسيم الذي أنتج تواجدات شعبية صحراوية، كل منها، بواقع اجتماعي ،وبشروط حياتية وعلاقات إنتاج اقتصادية خاصة، في كل من ، المخيمات ،المناطق المحتلة والجاليات.
ويصبح مفروضا على الخطاب السياسي أن يتناول كل تواجد شعبي صحراوي بخصوصيته، إنطلاقا من واقعه الإجتماعي و مطابقا للضرورة التاريخية التي يعيشها أفراده وفي التعبير، عن إرادتهم الذاتية و آمالهم في التحرر،ومن هنا ينمو رهان التعددية في الخطاب السياسي،الذي كان يوجه فقط الى المناطق والذي كان يبدأ دائما في برنامج الإذاعة بعبارة ــ ياجماهيرنا في المناطق المحتلة ــ
ولا بد للخطاب السياسي أن يجد المصدر المعرفي والأدوات التواصلية ليبرز فكرتين أساسيتين:
أولهما :أن الإرادة الذاتية للشعب الصحراوي في الكرامة، التحرر، وفي عودته إلى أرضه ،وتشبته بكيانه المستقل الذي يضمن كل مصالحه بما في ذلك المصلحة الإقتصادية والتمتع بخيرات أرضه وثرواته الطبيعية هو الأمر الملح على تكثيف النضال حتى نيل الإستقلال تتوفر الثقافة الصحراوية والكونية على مصادر معرفية هائلة لإنتاج هذا الخطاب.
وثانيهما: أن لكل تواجد شعبي صحراوي مسؤولياته في إنجاح المشروع الوطني ،ودورا نضاليا تحفزه معطيات واقعه الاجتماعي الخاص به ،فتصبح الأمال المعبر عنها في الخطاب السياسي :دستورا اخلاقيا يلتزم به كل أفراد الشعب الصحراوي.
التعبئة الشاملة للصحراويين المرابطين في المناطق المحتلة،والصامدين في مخيمات اللجوء وفي الجاليات: دواعي كافية لإنتاج خطاب سياسي تخصصي ,لكل تواجد بشري بواقع اجتماعي خاص،وخطاب سياسي عام لتوحيد الإرادة الذاتية للشعب الصحراوي من اجل التحرر على أسس الوحدة في وحدة الأرض،والدين،واللغة،والتاريخ،والمصير المشترك،والأمال المستقبلية في نجاح المشروع الوطني.
وفي معالجة مسألة النضال الحقوقي والنقابي وتحديد موقف منه ,فلا بد أن نتكلم عنها في إطار شامل لأن النظام العالمي المسيطر; الإمبريالي الذي اعتمد حرية التنافس الاقتصادي وحرية الملكية الفردية على حساب الضعفاء،وجعل ثروة الأرض هدفا للتكديس والتخزين في ايادي أقلية مسيطرة،ودعم استعمار بعض القوى الكبيرة للشعوب الضعيفة تحت مسميات واهية :الحماية،والتعاون،في وقت كانت الشعوب أحوج فيه إلى من يحميها من الإستعمار نفسه...... الحماية ممن إذن؟؟؟
هذا النظام الذي وصفناه والذي تتزعمه أمريكا ،وهي ليست من مجموع سبع وأربعين دولة المكونة لمجلس حقوق الإنسان،هذا النظام هو من فصل نظام حقوق الانسان على مقاسه ،ونظام حقوق الإنسان اليوم لا يعدو كونه اداة التوافق المجتمعي والدولي من أجل تكريس علاقات الإنتاج القائمة ونهب ثروات الشعوب المغلوبة على أمرها ،ولعل مشاريع الأجندات الإقتصادية 2030 و21 ، وقفزها على حق الشعوب في تقرير مصيرها،وتعارضها الصارخ مع روح القانون الدولي فيما يتعلق بمبدأ السيادة لهو أكبر دليل على ما نقول.
إذن لو أسقطنا هذا الفهم ،على واقعنا الاجتماعي في المناطق المحتلة، لوجدنا ان المطالبين بالحقوق الاجتماعية والحريات الأساسية،والذين يطالبون النظام المغربي كسلطة احتلال مفروضة عليهم بالقوة ان يضمن هذه الحقوق. فإن السؤال الذي يطرح نفسه هنا: هو من ينتهك هذه الحقوق إذن؟؟؟ وهل نريد ان يبقى هذا الاحتلال جاثما على صدورنا لكي يضمن لنا هذه الحقوق؟؟؟
مرة اخرى لن اجيب على السؤالين لأن شرح الواضحات من المفضحات......
إذا كان المغرب كقوة احتلال غير شرعية:كان قد أمره مجلس الأمن بسحب المكون العسكري والمدني لما يسمى المسيرة الخضراء من الصحراء الغربية في قراره التاريخي رقم 377 ل 22 أكتوبر 1975 ،ولا أريد هنا ان اعكس البحث نحو التفسير القانون بقدر ما ارغب ان اسأل من ينتهك هذه الحقوق إذن؟ إذا كان هذا الجسم الغريب، الغير شرعي ،هو من ينتهك كل حق الصحراويين في المناطق المحتلة فالأقرب للصواب هو طرده وليس مطالبته بضمان الحقوق.
ما ينطبق على النضال الحقوقي ينطبق على الشق النقابي لأن هذ الجسم الغريب الذي سيطر بالقوة العسكرية على ثروة الشعب ومواردها الطبيعية ومنع أهلها من التمتع بها، يجب فقط طرده وتحرير الثروة منه, لأن مطلب حق العمل في هذا السياق يبدو مضحكا،وهذا ما أشرنا إليه في المقال الأول من سلسلة المشروع الوطني ومآلاته ،وقلنا بضرورة توجيه النضال الحقوقي والنقابي لكي يكون نضالا سياسيا صرفا
وهذا هو الخطاب الذي يتطابق مع الضرورة التاريخية ،وكلما كان هذا التطابق كبير ومتكاملا فإنه يعمق الفجوة في توجهنا نحو الإستقلال وتوجه الإحتلال بتكريس الواقع وهو الخطاب الذي يمكن أن ينتج مفاهيم مرحلة الحسم التي من سماتها قطع كل صلات الترابط مع الإحتلال وتبقى العلاقة الوحيدة معه هي النضال.
تبدو هذه الافكار واضحة حينما نفهم الإرتباط الجوهري بين الخطاب السياسي(الإيديولوجي الموجب)وبين الممارسة الثورية وتطابق فكرها مع الضرورة التاريخية التي تنتجها،ومن الضروري أن يكون لهذا الفكر معرفة علمية دقيقة بقوانين التطور في الواقع الاجتماعي المتغير بشكل مستمر،لأنه في غياب هذه المعرفة نفقد بوصلة الوعي، الذي يعبر بشكل حقيقي أي بمصداقية وعلمية عن الواقع الإجتماعي،وهو مانسميه تطابق الفكر مع الضرورة التاريخية وإبراز شروطها الملحة على التغييرــــ الدوافع الحقيقية للثورة ـــــ الوعي الذي قلنا سابقا بأنه يسير به في الإتجاه الصحيح،وبذلك يسقط في منطق الضحية المتأرجح بين خطاب ذاتي لا واعي يقود فقط في اتجاه المغامرة، وبين خطاب الانتهازية والنفعية ،وبهذا التحليل نكون قد برهنا كذلك على مقولتنا السابقة ،في دور الوعي الحقيقي الذي يطابق الضرورة التاريخية،في قطع الطريق أمام الانتهازيين،وفي تقليل احتمالات المغامرة اللا محسوبة، وفي قيادة المشروع الوطني الثوري نحو الحسم.
ولكي نتكلم عن مرحلة الحسم لا بد ان نقول للقارئ أن هامش الخطأ في هذه المسألة يمكن أن يكون
حتى اكبر من هامش الصواب،لأننا نتكلم عن تجربة تاريخية خاصة لم تحدث قط،ورغم هذا التحذير إلا اننا سنبقى أوفياء للمنهج العلمي الموضوعي الذي حددنا مبادئه و بناءه الفكري وسنرى إلى أين سيتوقف بنا هذا التحليل الأكسيوماتيكي.
ولكي نتكلم عن مرحلة الحسم،وتحديد سماتها لا بد ان نعود قليلا إلى الوراء، و نستحضر ماقلنا سابقا ان انطلاق الثورة كحركة تغيير شاملة، نتج عن تطابق الضرورة التاريخية بشأنها ،مع الوعي الحقيقي الذي ميز الإرادة الذاتية للقيام بها.
يعني إلحاح الواقع الإجتماعي المادي ،تحت سيطرة الإستعمار ،بكل وسائل وأشكال الإجحاف التي يمارسها على الشعب الصحراوي،وإرادة التحرير التي بلورت المفاهيم الفكرية التحررية ،وشكلت خطابا سياسيا جديدا يتطابق مع المرحلة التاريخية ،ينتقد الممارسات الظالمة التي يسير بها المستعمر العملية الإجتماعية ويطرح المشروع الوطني الثوري كبديل لها،(وهذا ما وصفناه بتطابق فكر الشهيد للضرورة التاريخية) والنسبة الكبيرة لهذا التطابق جعلت الشعب الصحراوي يلتف حول التنظيم الذي يعبر بشكل حقيقي عن رغبته في التحرر،إذن انطلاقا من هذه النظرة ،يتوقف خلق شروط مرحلة الحسم ،على رفع درجة تطابق فكرنا المعبر عنه بالخطاب السياسي مع الضرورة التاريخية إلى مستوى يقترب من الكمال
لكي ينصهر الفكر والواقع في إنتاج شروط مرحلة تاريخية طبيعية ،بانتمائها للسيرورة التاريخية ، ولكنها لا تقبل الإرتداد الرجعي،اي تبرز شروط مرحلة،إنتقالية عنيفة،تكون الثورة فيها متجانسة وقوية بالدرجة التي تتجاوز بها العراقيل التي يضعها الاحتلال أمام الحسم .
ومرحلة الحسم هذه يكون لها وصفان:
الأول:هو التطابق الكلي بين الإرادة الذاتية للتحرير على المستوى النظري الفكري والخطاب السياسي وبين الضرورة التاريخية الملحة على التغيير.
والثاني أن يكون لها ضحايا من أبناء المشروع الوطني الذين يضحون لأجله،ومن الأعداء لأن قوة المشروع الوطني الثوري في مرحلة الحسم ستجرف كل من يقف في وجهه.
المجد والخلود للشهداء الأ برار ــــــ وكل الوطن أو الشهادة ـــــــ
بقلم حسان ميليد علي

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *