الكركرات الخرق المغربي الذي حولته الارادة الشعبية الى انتصار
لا تزال الجماهير الصحراوية المرابطة بثغرة الكركرات تسطر ملاحم يومية اعادت الروح الثورية للقضية الوطنية، واعطت الزخم السياسي والاعلامي لتأثيث المشهد أمام المرحلة الجديدة التي اعلنتها جبهة البوليساريو وفي مقدمتها مراجعة العلاقة في تعاطيها مع الامم المتحدة واعادة النظر في استراتيجيتها في التعامل مع بعثة الاستفتاء المشلولة بفعل التدجين الممارس على مهامها منذ توقيع طرفي النزاع (جبهة البوليساريو والمملكة المغربية) على اتفاق وقف اطلاق النار ومخطط التسوية الاممي لاجراء استفتاء تقرير المصير لشعب الصحراء الغربية سنة 1991م.
وقد حاولت جبهة البوليساريو على مدار ثلاثة عقود الانخراط بجدية في مخطط التسوية الاممي وتقديم تنازلات قصد تذليل العقبات امام وفاء الامم المتحدة بالتزاماتها تجاه الشعب الصحراوي بالاشراف على عملية الاستفتاء التي تفسح المجال امام الخيار الديمقراطي في حل النزاع بشكل سلمي، عادل، دائم ومقبول ومتماشي مع القانون الدولي وقرارات الامم المتحدة والراي الاستشاري لمحكمة العدل الدولي ويجنب المنطقة شبح الحرب من جديد ويمنحها فرص التكامل الاقتصادي والتعاون البيني في شتى المجالات، وتغاضت جبهة البوليساريو عن الجزئيات والهوامش التي حاول المغرب افتعال معاركها الجانبية، في محاولات مكشوفة للابتعاد عن جوهر العملية السياسية وافشال تنظيم الاستفتاء ووضع العقبات والعراقيل التي انتهت بطرد المكون المدني والسياسي لبعثة الامم المتحدة لتنظيم الاستفتاء في الصحراء الغربية، والابقاء فقط على العنصر العسكري المعني بمراقبة وقف اطلاق النار والذي تحول هو الاخر مع الزمن الى مهمة تنظيم المرور وحراسة تجارة الاحتلال عبر الثغرات اللا شرعية بالجدار المغربي الذي يقسم الصحراء الغربية، ارضا وشعبا.
وفي خضم الانتكاسات التي تسجلها الامم المتحدة في التعاطي مع القضايا العادلة والفشل الذريع الذي منيت به في تثبيت الشرعية الدولية وإحقاق الحق وانصاف الشعوب المكافحة من اجل حقها في تقرير المصير والعيش بحرية.
سجل الشعب الصحراوي خيبة امل من ازدواجية المعايير التي تتعامل بها المنظمة الاممية مع القضية الصحراوية، ففي الوقت الذي تعترف بحق الشعب الصحراوي في تقرير المصير وعدم سيادة المغرب على الاقليم باعتباره اقليم خاضع للاستعمار، تتقاعس عن الاضطلاع بدورها في تحريره وتمكين شعبه من هذا الحق الغير قابل للتصرف.
جاءت الهبة الشعبية لاغلاق ثغرة الكركرات لتنسجم والقرار السياسي لرائدة الكفاح الصحراوي الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب بمراجعة تعاطيها مع الامم المتحدة، فاغلقت الجماهير الصحراوية الثغرة غير القانونية بمنطقة الكركرات واقامت على مشارفها مخيما ينبض بالحرية والمعاني الثورية و ملحمة تؤرخ للمبادرة الشعبية التي تأسس عليها الكفاح الوطني بالصحراء الغربية، فهل تؤسس المحطة لنضالية لوضع مسمار في نعش مخطط التسوية الذي ولد ميتا، وحسم النزاع لصالح كفاح الجماهير ؟
بقلم : الدبلوماسي حدي الكنتاوي