-->

يومياتـــــــي بمدينة السمارة 2


بقلم : مبارك الفهيمي
تمر سيارة شرطة ويلتفت جميع من فيها صوب طفل صغير يحمل حجرا يرميه اتجاه مجموعة كبيرة من الحمام متمركزة فوق المؤسسة التي سميت على شقيق الملك , فالشرطة في هذه المدينة تتحسس من الحجر , فكما في فلسطين هناك أطفال الحجارة هنا يوجد أطفال وشباب وشيوخ يناضلون كل بريطقته . أستمر في السير أتأمل المارين في هذا الشارع , سيارات الشرطة كـ"الغربال " الأكيد أنها شاهدة على مواجهات بين الساكنة والقوات المغربية . جلست في المقهى وأخذت لي ركنا على مقعد أستعمل الأنترنيت وأطلع على آخر الأخبار التي تدور في المنطقة والشرق من خلال الهاتف . تفاجئني النادلة 
ــ كما العادة 
ــ نعم كما العادة قللي السكر لو سمحتي
مالكي المقاهي يكرهون الذي يجلس دون أن يطلب شيئا . "اليوم مباراة واعرة لاهي نربحو نشاء الله " , هكذا يقول أحدهم وهو يدخل للمقهى , حينما نطق كلمة "لاهي نربحو " ظنيت أنه أحد اللاعبين المعروفين والمشهورين في أوروبــا ولكن ماذا يفعل في هذه المدينة ؟ قبل أن أكتشف أنه مجرد مشجع لفريق إسباني , عقلي يسألني عن معنى كلمة "لاهي "نربحو" " كما لو كان يلعب معهم . أحيانـا ينطق عامة النــاس مصطلحات في نظري لا يتقبلها العقل السليم .
يقلب صفحات الجريدة , شعــره يتدلى على جبينه يكاد يدخل عينه .يدخن ويضع أمامه قهوة سوداء اللون كالواقع تماما , يرتشفهــا بين الفـينة والأخرى , فجــأة يقوم ويضرب جريدتـه على الطــاولة وينسحب غاضبــا (ربمــا السبب ارتفاع أسعــار البيــض ) , النادلة تتبعه لتطلب منه الحســاب . عدت لأتابع الأخبار عبر الهاتف فإذا بصديقي "عبدو " يجلس دون حتى أن يلقي السلام ,فهو جاء لهذه المدينة لنفــس هدفـي المرحلي , "عبدو" شاب عشريني لا يهتم للسياسة ما يهمه هو الهـاتف والقهقهة مع النســاء في مواقع التواصــل , من يدري فقد يساهم في تكاثر هذا الشعب . لا يروقني هذا النمط من التفكير الذي يتميـز به صديقي "عبدو " , ولكنه يبقى صديـق عزيز على قلبـي نظــرا لإخلاص مشاعره ونكتـه التي لا تنتهـي .
أخرج من المقهى بمفردي في اتجاه المنزل , صوت الطائرات الحربية فوق رأسي يضايقنـي صوتها كحشرة "الناموس " التي تنتشر هنا بشكل مخيف , فمن خلال ما تصفحته في هاتفي المكسورة شاشته, فإن الوضع قد تـأزم بين منظمة الأمم المتحدة والمملكة المغربية والسبب كلمة "احتلال " , من كان يظن أن هذه الكلمة التي تتكرر على مسامعنا لسنوات من جميع الجهات هي السبب في طرد المغرب لموظفي "المينورسو " .
تحت أشعة الشمس الحارقة التي تستطيع تذويب "الزبدة " المجمدة ,وحركة الطائرات المستمرة التي تنذر بحرب وشيكة , والمرور المتكرر لشاحنات كبيرة تحمل الجنود المغاربة أحس بما يعــانيه الجندي المغربي المغلوب على أمره . فتجد "حــاميد " يلعن قائد الجيش ويلعن كلمة "احتلال" وذلك الذي نطق بها رغم أنه لا يعرف من هو ويلعن الشمس الحارقة , فقد كان هذا الجندي في إجازة ولكن تطورات الأوضاع دفعت بدعوته للخدمة . "حــاميد " يعشق "الحريرة " اضطر إلى الدخول في "الخدمة العسكرية " المغربية ,والسبب الأول في ذلك أنه لم يجد عمــلا , والثاني أنه شاهد محبوبته "خديجة " ستتزوج وهو عاجر مما دفعه للدخول خدمة "السمطة " ويكون لسنوات طويلة "تحت السباط " .
دموعي تسيــل وأمسحها بيدي في ثانية وأفرك عيني بشكل مستمر ...
يتبع ..

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *