-->

لا حل لأزمة المغرب سوى الخروج من الصحراء الغربية

سافر ملك المغرب إلى روسيا العظمى مستنجدا بها، ومتناسيا مواقفه المترنحة والعمياء، بحثا عن موطئ قدم لاحتلاله للصحراء الغربية. تلك الزيارة التي تم تأجيلها لسنتين تحت مبررات متعددة، من أبرزها المشي في ظل المملكة السعودية وبعض الممالك الخليجية، التي مولت الإرهاب في الكثير من أماكن في العالم، بما في ذلك الحرب المغربية الظالمة ضد شعب الصحراء الغربية، وباركت احتلاله لجزء من أراضيه، وأشعلت نار الفتن في شمال أفريقيا والشرق الأوسط .
والأخطر من هذا كل هو أن محمد السادس ذهب إلى روسيا بعدما أشعل فتيل الحرب مع الأمم المتحدة ولم يحترم ميثاقها ولا حصانة أمينها العام بان كي مون، وأطلق العنان للتطبيل والتغريد وتحريك الشارع المغربي للمشاركة في رفع شعارات الزور والظلم للمطالبة بالوهم والسراب … ولاشك أن هذا التصرف يوحي بغياب الحكمة، وهذا في أحسن الأحوال، إن لم تكن إصابة بمرض العظمة.
روسيا حقيقة دولة عظمى وتعرف أين تسبح وتميز بين الصديق والحليف وبين الحق والباطل ومعترف لها كذلك باحترامها للشرعية الدولية وحماية ميثاق الأمم المتحدة والقرارات الصادرة عنها، وتدعو إلى السلم والاستقرار والبحث عن الحلول السلمية بين الجهات المتنافرة وترجح العقل على العاطفة.
في ظل التوتر القائم بين دولة الاحتلال والمنظمة الدولية تترك روسيا موقفها واضحا بالوقوف إلى جانب الأمم المتحدة، بدعمها للمبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة في نزاع الصحراء الغربية، حيث تم التأكيد في البيان المشترك دعم روسيا: “لجهود مجلس الأمن والمبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة كريستوفر روس، من أجل التوصل لحل سياسي مقبول من كلا الطرفين لمشكل الصحراء الغربية، وفقا لمبادئ وأهداف ميثاق الأمم المتحدة”، ولم يتطرق الجانب الروسي لما يسمى بمقترح الحكم الذاتي، واكتفى بعبارة بحل متفق عليه.
أليس هذا تأكيدا على أن روسيا الاتحادية تدعم مجهود الأمين العام ومبعوثه الشخصي؟
لم يغب عن الموقف الروسي انسياق المغرب وراء السعودية وبعض الممالك الخليجية، وتأييده لإطاحة النظام السوري والتدخل العسكري السعودي … في سوريا، وكذا مشاركته في الحرب الظالمة ضد الشعب اليمني، وعدم احترامه للميثاق الأمم المتحدة وقراراتها وختم تطرفه بالتهجم على شخصية الأمين العام لهذه المنظمة الدولية.
وهنا نتساءل: ما هي العلاقة أو الشراكة التي يريدها المغرب من روسيا العظمى؟!
كل المعطيات السابقة تجعل من المغرب دولة تقف في الصف الموازي لروسيا، يضاف إلى هذا انخفاض المبادلات التجارية بينهما في سنة 2015 إلى 1,1 مليار دولار أمريكي، بسبب القيود الاقتصادية التي فرضتها بعض الدول الغربية على روسيا. الرئيس الروسي أثناء لقائه بملك المغرب لم يخفي استغرابه من هذا التراجع، غير المبرر بالنسبة إليه، متسائلا، لماذا التراجع المغربي؟!، حيث أعرب: “عن استغرابه لتراجع التبادل التجاري بين روسيا والمغرب في الآونة الأخيرة، بما في ذلك تراجع الصادرات المغربية التقليدية إلى روسيا، ومنها البرتقال والطماطم وأنواع أخرى من الخضروات والفواكه، وذلك على الرغم من أن القيود التي فرضتها روسيا على استيراد تلك السلع من دول الاتحاد الأوروبي مازالت قائمة”.
لا شك أن الزيارة كللت باتفاقيات اقتصادية، لكن هل سيوفي المغربي بها ؟ أم أنه سيحتاج لاستشارة من يملك مفاتح القرار؟
من أبرز هذه الاتفاقيات نية روسيا الاتحادية ومملكة الاحتلال تعزيز التعاون الثنائي في مجال الطاقة وبناء بنية تحتية للغاز، وفي مجال التنقيب عن الهيدروكربونات. كما وقع الجانبان على اتفاقية للتعاون في مجال الصيد البحري، وزيادة حصص الصيد الروسية في المنطقة الاقتصادية الخاصة بالمغرب من 100 ألف طن إلى 140 ألفا طن سنويا، بالإضافة إلى التوقيع على العديد من الوثائق، مثل اتفاق لحماية المعلومات السرية المتبادلة في المجال العسكري والتقني العسكري واتفاقات حول النقل الجوي، والتعاون في مجال حماية البيئة، وترشيد استخدام الموارد الطبيعة، وبيان مشترك لمحاربة الإرهاب الدولي …
هذا لن يجعل من روسيا الاتحادية حليفا استراتيجيا لدولة الاحتلال المغربية، كما أنها لن تقف أبدا في صف المتحايلين على الشرعية الدولية. الموقف الروسي كان واضحا وصارما، روسيا تحترم الشرعية الدولية، المغرب عكس ذلك، روسيا مع الحلول المتفق عليها بين أطراف النزاع، المغرب غير ذلك.
المغرب يسبح في الخيال. المغرب يتكلم عن وحدة مغرب عربي وشمال أفريقي، ويتناسى أنه هو المعرقل الوحيد لهذه الوحدة بسبب احتلاله لجزء من تراب الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية. إنها الجدلية المغربية الملتوية: وحدة الشعوب وفي نفس الوقت احتلال الشعوب!!!
كل هذه التصرفات تجعل المغرب يغرد في صرب آخر. كل ما يمكن لروسيا أن تقدمه لملك المغرب هو نصيحته بالرجوع إلى الصواب والاعتماد على الذات وترك الصحراويين وشأنهم لكي يبنوا دولتهم كخطوة هامة في بناء المغرب الكبير، مغرب الشعوب، لأن استمرار المغرب في سياسته الحالية لن تجلب للشعب المغربي سوى الذل وتشويه الصورة والسمعة السيئة والمؤشرات القائلة بذلك كثيرة.
حل أزمة المغرب لا تحتاج إلى عصا سحرية، كل ما في الأمر هو أ ن يحكم العقل مكان العاطفة والتوجه نحو الحقيقة الكامنة في: تمكين شعب الصحراء الغربية من حقه في تقرير المصير واختيار مستقبله بكل حرية طبقا لميثاق الأمم المتحدة والقرارات ذات الصلة بالقضية الصحراوية، المؤكدة لهذا الحق منذ بداية ستينيات القرن الماضي.

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *